سلام مسافر
لوح بجواز سفر أمريكي، ردا على السؤال؛ كيف يرى آفاق جنيف في طبعته الرابعة؟
والمعارض السوري الذي التقيناه في مطار العاصمة الأوروبية للأمم المتحدة؛ قادما من واشنطن، أراد أن يقول إنه يراهن على الدولة التي يحمل جوازها الأزرق الداكن، فقط.
ومنذ جنيف الأول في حزيران/يونيو عام 2012، جرت انهار الدماء في سوريا، يبدو أن نزيفها، لم يقنع المراهنين على العم سام، بحقيقة أن واشنطن، ومنذ اندلاع الأزمة في بلاد الشام، ربيع 2011، باعتهم أوهاما. بل وبلغ الحد بشقراء الدبلوماسية الأمريكية آنذاك، هيلاري كلينتون، أن تقدم لأول وفد سوري معارض التقاها في واشنطن، عرضا غريبا.
فقد أبلغت صاحبة الابتسامة الهوليودية التي لم تعينها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الوفد المؤلف من سوريين يحملون الجنسية الأمريكية؛ أن الحل يكمن في انقلاب عسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ونوهت بالقلم العريض "اتصلوا بضباط تخرجوا في المعاهد العسكرية الروسية واتفقوا معهم"!
في حينها؛ أخبرنا أحد المشاركين في اللقاء، ان الجماعة التي لم تكن بحاجة الى مترجم؛ لم تفهم ما قصدته (هيلاري)، خاصة وان معظم ضباط الجيش السوري، الدارسين في الخارج، دخلوا دورات في المعاهد والأكاديميات العسكرية السّوفيتية، وليس كشفا لكلينتون!
وتساءل مستغربا "كيف سنصل لهم، ولماذا بالذات من تدرب في روسيا؟!". ولفت المعارض الى ان اللقاء مع الوزيرة كلينتون، اقتصر عليها، وكانت نفسها تسجل الملاحظات على ورقة صغيرة.
ما لم يفهمه السادة المجتمعون من السيدة التي أرادت دخول البيت الأبيض على جواد الرئاسة، فأخفقت، أن وزيرة خارجية باراك حسين أوباما، أبلغتهم ان الإدارة، لن تصدع رأسها بالهم السوري، قالت لهم بوضوح "روحوا دبروا حالكم". هذا باختصار مضمون اللقاء الذي استغرق أقل من نصف ساعة مع المجاملات وترتيب الكراسي!
وفِي كل مرة، التقت المعارضة السورية، التي تكاثرت وفودها وفصائلها ورؤساؤها مثل الفطر بعد يوم ممطر، استمعت الى، نصائح، ووعود، تراوحت درجة تركيزها، وفقا لتقلبات أمزجة هيلاري كلينتون؛ الشهرية، وخليفتها جون كيري، الذي لفت نظره مرة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف في أحد المؤتمرات الصحفية المشتركة الى انه يطنب بالحديث. وعلى طريقته قال لافروف بصوت مسموع "خلّصنا وقتنا ضيق!"
وليس نادرا ان اعترف محبطون، بعد عمر طويل من الأوهام، بان الإدارة الأمريكية ، تخدع المعارضة السورية، بل ذهب بعضهم الى انها تتآمر عليهم. وهنا فقط يلتقون مع القيادة السورية التي لم تتوقف عن القول إن سوريا، الشعب، والدولة، وطبعا النظام؛ تتعرض الى "مؤامرة كونية" تقودها واشنطن.
أما عدا ذلك، فإن فرقاء الأزمة السورية، يختلفون في كل شيء. حتى في تعريف لقاءات جنيف، الدورية؛؛
مفاوضات؟ مباحثات؟ مشاورات؟.
ويصرف المبعوثون الأمميون، منذ انطلاق جنيف الأول صيف 2012 الكثير من الوقت والجهد في ترتيب طريقة جلوس الوفود المتخاصمة الى طاولات اللقاء!
ليس فقط بين الوفد الحكومي ومعارضيه، وإنما بين وفود المعارضة نفسها؛ الحال الذي دفع بدبلوماسي أجنبي لأن يصفهم بـ"روضة أطفال".
ولعل ورطة موسكو، أكبر مع وفود المعارضة، لأنها تصرف الكثير من الوقت في تلبية "دلع" المعارضين، المعترضين على الجلوس الى طاولة واحدة مع أقرانهم من فصائل المعارضة المختلفة.
قد لا يتحقق جديد في جنيف الرابع، وإذا كان المبعوثون الأمميون، بدءا من الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، جربوا كل مهاراتهم في التقريب بين الفرقاء، وعجزوا؛ فان المبعوث الحالي، ستيفان دي ميستورا، المغرم بتوظيف، مساعدين من الجنس اللطيف، قد يعتقد ان نظرية، حل تشابك العقدة السورية، يشبه أكلة "السباغيتي" على الطريقة الإيطالية!
المحنة السورية التي أدرك المبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي أنها عصية على الحل، بسبب المواقف الخشبية للقيادة السورية، وتشظي معارضيها، لا يمكن ان " تهضم" ما لم يتحقق وفاق دولي وإقليمي. يفرض الحل على الفرقاء ويعيد لسوريا سلاما صار حلما بعيدا لشعبها المبتلى.
712 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع