عدنان حسين
" الهجمة الشرسة" (التعبير لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري) الجديدة ضد مجلس النواب، التي أطلقها الإعلاميون الوطنيون ونشطاء التواصل الاجتماعي، المدنيون على وجه الخصوص، في اليومين الأخيرين ليس لأصحابها الحق في ما يكتبون ويقولون .. كان عليهم أن يتحمّلوا بعض الشيء وينتظروا بضع ساعات.
لو انتظروا قليلاً، قبل أن "يأخذوا راحتهم" بإغراق الفضاء الإعلامي والإلكتروني بهجمتهم "الشرسة" بشعارات الويل والثبور وعظائم الامور ضد "ممثلي الشعب" والدعاء عليهم والتظاهر تنديداً بما قرّروه، لسمعوا الكلام المفيد والرأي السديد من أحد أعضاء المجلس، هو النائب عن ائتلاف دولة القانون - كتلة حزب الدعوة الإسلامية، حيدر الكعبي.
السيد الكعبي أعلن في تصريح واضح وصريح، أنه لن تكون بأثر رجعي زيادة المليون دينار على الراتب الاسمي الشهري لعضو مجلس النواب ( ما يعادل الراتب الكلي لموظف خدم في الدولة نحو عشرين سنة بعدما نال الشهادة الجامعية الأولية التي لا يحملها الكثير من أعضاء البرلمان أنفسهم، وقد يتبيّن في يوم ما أن بعضهم دخل المؤسسة التشريعية بشهادات مزوّرة أو شبه مزوّرة، أي مأخوذة بالواسطة)، فالزيادة يبدأ دفعها اعتباراً من شهر شباط الحالي، بحسب ما أفاد به النائب!!! (السومرية نيوز).
مع هذا الإعلان علينا أن نتقدّم إلى السيد النائب بوافر الشكر والتقدير عن هذا التطمين، بل لا مناص من أن نوسّع دائرة التقبيل، فأعضاء المجلسن جميعاً، نساءً ورجالاً، وعلى رأسهم رئيسهم، يستحقون منّا أن نقبّل جباههم وأكتافهم وأيديهم لأنهم تواضعوا وتنازلوا فتفضّلوا علينا بعدم جعل الزيادة المهولة في رواتبهم بأثر رجعي.
ما كان للإعلاميين الوطنيين ونشطاء التواصل الاجتماعي المدنيين أن يتحوّلوا إلى ضوارٍ شرسة (كما رآهم السيد رئيس المجلس) ليأكلوا من لحم النواب، فهؤلاء المساكين ( نواب الشعب) يمضون كل أوقاتهم بين ناخبيهم، يستمعون منهم إلى شكاواهم ويعملون معهم على حل مشاكلهم، مما يجعلهم ينفقون الملايين على مضافاتهم وتنقلاتهم من قرية إلى قرية ومن دربونة إلى دربونة. أما الكلام عن السفرات الأُسبوعية السياحية للنواب إلى عمان وبيروت ودبي والقاهرة وما وراء البحار، فليست سوى "تخرّصات" ( والتعبير للسيد الجبوري أيضاً في تصريحه أمس) من "أعداء الشعب" ( لابدّ أنّ رئيس المجلس يستحضر ما يردده الرئيس الاميركي دونالد ترمب هذه الأيام في حق الإعلاميين من منتقدي مواقفه وسياساته العنصرية).
إذا كان صحيحاً ما أورده البخاري عن النبي محمد من أنه قال "إذا لم تستح ِفاصنعْ ما شئت"، فلابدّ أن الرسول كان يعرف على نحو محدد بأنه سيأتي زمان يكون فيه للعراق مجلس نواب لا يستحي أعضاؤه فيصنعون ما يشاؤون من دون وازع اجتماعي أو وطني.
787 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع