بثينة خليفة قاسم
على مدار السنوات التي مضت، ومن خلال الأحداث التي وقعت ونوعية هذه الأحداث ونتائجها على الأرض، بدت لنا ليبيا الدولة وكأنها أصبحت شيئا من الماضي، وأن ما يوجد على أرضها هو عشرات الكيانات والقبائل التي يصعب أو يستحيل تجميعها من جديد في كيان واحد،
فليبيا كجغرافيا وتاريخ وتركيبة سكانية يصعب تجميعها ودمجها، خصوصا بعد التناحرات والدماء الكثيرة على أراضيها، وبعد أن تعددت وتناقضت الجهات الخارجية التي تمد أصابعها في الشأن الليبي. كل هذا جعلنا نشعر باليأس حول إمكانية التئام الجرح الليبي وعودة ليبيا الدولة التي تحكمها حكومة واحدة ويدافع عنها جيش واحد من جديد.
ولكن قبل أيام قليلة بدأنا نرى ضوءا في نهاية النفق الليبي الطويل، وهو أن إرادة ثلاث دول عربية اجتمعت على رأي وخطة واحدة لمداواة جرح ليبيا الغائر، ولحسن الحظ هذه الدول هي دول الجوار الليبي، مصر وتونس والجزائر، فقد قام سامح شكري وزير الخارجية المصري ونظيره التونسي خميس الجهيناوي ووزير الشؤون المغاربية والأفريقية الجزائري عبدالقادر مساهل، بالتوقيع على وثيقة إعلان تونس الوزاري للتسوية الشاملة في ليبيا.
نص إعلان تونس على مواصلة السعي لتحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا دون إقصاء، وفي إطار الحوار الليبي-الليبي، ورفض أي حل عسكري للأزمة، وأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية لليبيا، والتأكيد على أن يضم الحوار كل الأطراف الليبية مهما كانت توجهاتها أو انتماءاتها، وتضمن الإعلان مواصلة الدول الثلاث التنسيق مع مختلف الأطراف السياسية الليبية لتذليل العقبات، قبل رفع الوزراء الثلاثة نتائج اجتماعهم للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، تمهيدًا لقمة ثلاثية في العاصمة الجزائرية، على أن يكون “إعلان تونس” أرضية لتعزيز الحوار.
نتمنى أن تنجح هذه الثلاثية في جمع الشمل الليبي لتكون فاتحة خير لاستعادة الأمة العربية ذاتها مرة أخرى. نعلم أن المشوار سيطول وأنه سيواجه عقبات كثيرة، فما هدمه تناحر السنوات الماضية لن يتم بناؤه في يوم وليلة، ولكن علينا أن نتفاءل باتفاق الدول العربية الثلاث المجاورة لليبيا على شيء واحد وهو لم الشمل الليبي.
822 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع