السيدة إيمان البستاني مع التقدير..

                                         

                    عبد الرضا غالي الخياط

بعد قراءتي للمقال الذي نشر في مجلة الگاردينيا الرائدة الموسوم ب " جقماجي " وجدت من الضروري أن أسجل تعليق أعجاب على المقال المنشور أعلاه، وذلك لحيوية الموضوع وأهميته وما أثاره في نفسي من ذكريات شتى أخذتني إلى زمن بعيد، حيث وجدتني في استرسال طويل لا يسع المساحة الممنوحة في خانة " أنظم إلى المناقشة..."

لذا وجدت من الضروري أن أتركه هنا كموضوع مستقل يعبر عن دواعي الإعجاب والامتنان بمقال السيدة الفاضلة إيمان البستاني الطيبة المنبت والذكر والأصل، وكعادتها دائما تتحفنا وتأخذنا إلى ما هو جميل وأصيل في سطوع سطورها المشرقة نحو ذاكرة تقترب من تاريخ روح الجمال والتراث والأصالة، حيث شكلت مؤسسة جقماجي طفرة نوعية في السبق والتأسيس ليس في العراق فحسب بل وفي عموم الوطن العربي، وهذا يدلل على قيمة وأهمية الغناء والفنون الموسيقية اللذان حضيا بالذائقة العراقية على مدار الزمن والحقب التاريخية لبلاد الرافدين. ومما يؤسف له لم تجد مؤسسة جقماجي من الرعاية والاهتمام من قبل المؤسسات الرسمية الحكومية المتعاقبة وغيرها ممن تهتم بالتراث الغنائي والعلوم الموسيقية في البلاد، مما جعلها في مطاوي الاندثار والنسيان على الرغم من أهميتها كتراث وأرشيف حفظ  صفحات مضيئة من تاريخ العراق الحديث والمعاصر يمكن الباحث والدارس والمؤرخ من الرجوع إليه. فقد زود جقماجي الإذاعة العراقية بعشرات التسجيلات المتنوعة من الأغاني والوصلات النغمية والموسيقية فضلاً عن الإذاعات العربية والمراكز الفنية في الوطن العربي ومنها خاصة الإذاعات الخليجية في بداية تكوينها يومئذ. ولو قدر لستوديو " جقماجي " أن تكون في بلد آخر غير العراق، لنالت من الدعم والاهتمام ما يفوق التصور، وقد سبق ليّ أن اطلعت على ما في خزانتها من ثروة فنية لا تقدر بثمن. وفي منتصف السبعينيات من القرن المنصرم قدر ليّ أن أذهب إلى جقماجي للبحث عن التسجيلات النادرة التي لم أجدها في بقية محلات التسجيلات المنتشرة في عموم بغداد في كرخها ورصافتها، وخاصة أغاني التراث ومنها مقامات الرواد، إضافة إلى تسجيلات القرآن المرتل منها والمجود لقراء عراقيين وعرب من مصر المحروسة، حيث وجدت ضالتي المنشودة، ومن يومها أخذت أتردد باستمرار إلى أستوديو جقماجي، وكنت في كل زيارة أخرج منها فرحاً مسروراً على ما حصلت عليه، وقد تجمع ليّ من التسجيلات الأصلية ما يربو على المئات من أشرطة " الكاي " والأسطوانات وبأحجام مختلفة، ومن يومها توسعت ذائقتي الموسيقية والقرائية، ومما يؤسفني اضطررت في يوم ما من عام 1987 أن أبيع مكتبتي الموسيقية بالكامل؛ والتي تقدر بما يقارب أكثر من ألف " كاسيت " و شريط " اكاي " و " أسطوانة كرامفون " مع ألبومات صور فوتوغرافية وطوابع  تقدر بأكثر من خمسة ألاف صورة وطابع؛ بعضها ألتقطت بكاميرتي الشخصية التي كانت ترافقني أين ما كنت وحيث ما حللت، وبعضها اقتنيتها من أستوديو المصور" الأهلي " في شارع الرشيد لصاحبه عبد الرحمن، وتمثل معظم أعلام العراق في كافة اختصاصاتهم واهتماماتهم من شعراء وأدباء وفنانين ومطربين وموسيقيين وكتاب وباحثين في مناحي الأدب والتاريخ والفلكلور، وبعضها صور لجميع الشواهد والشواخص الحضارية لمدن العراق التي زرتها في سني شبابي، والتي سجلت قسم منها بكاميرتي الشخصية، ومن طريف ما حصل ليّ وأنا أصور بعض أعلام العراق المدفونين في بعض المقابر تعرضت إلى سين وجيم من عدة جهات، وقد تكرر هذا الأمر معي حتى في بداية الحرب العراقية - الإيرانية عام 1980 حينما حاولت أن أصور بعض المشاهد في " قصر شيرين " حيث تعرضت للمسائلة من قبل منتسبي حظيرة الأمن في وحدتي العسكرية بعد ما تم مصادرة الكاميرا. وفي النهاية كل ما قمت بجمعه طوال سنين عديدة عرضته في لحظة مجنونة للبيع إلى  محل " خردة "  في سوق " الهرج " بساحة الميدان ببغداد.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1674 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع