لانه جلال چرمگا
خبز و ورود
باريس ١٧٩٣، خرجت الملكة ماري أنطوانيت من شرفة قصرها و اندهشت من هتافات الجماهير التي خرجت الى ميادين باريس و تجمهرت امام مقر أقامتها تطالب بالخبز .
التفت الملكة الى احد وصيفاتها و قالت لها : لماذا هؤلاء الناس متجمهرين امام القصر .؟
قالت الوصيفة : إنهم يا مولاتي ، يهتفون يريدون خبزاً !
قالت لها الملكة : خبز !؟ الخبز في كل مكان لماذا لا يشترونه ؟
الوصيفة : لإنهم لا يملكون ثمن شراء الخبز .
تعجبت الملكة من حديث وصيفتها، و ختمت حديثها قائلة : طالما لا يملكون الخبز ، فلماذا لا يأكلون الكعك !؟
و دفعت الملكة ثمناً باهضاً لهذا الخبز،عندما تدحرج رأسها الجميل من اعلى المقصلة ،الخبز كالحرية ،يكون ثمنه باهظاً عندما يُطالب به ، مع العلم أن كلاهما حق و ليس هبة.
يعتبر الخبز أهم غذاء رئيسي معيشياً ، و من الأغذية الأساسية لإنه المساهم الرئيسي للآسر في المعيشة و الإقتصاد ، في أغلب البلدان لايمكن تقديم وجبة إلا ويرافقها الخبز .
و نجد في الكثير من الثقافات في الغرب و الشرق الأدنى و الأوسط أن للخبز أهمية تتجاوز مجرد التغذية ، فهو يكون بمثابة الصلاة الربانية لدى بعض الديانات و الثقافات ، كما في الديانة المسيحية حيث يقدمون الخبز كأحدى الطقوس و يسمونه الخبر المقدس أو سر التناول المقدس .
تقول بعض الروايات أنه ي عام ١٩١٧ كان الإتحاد السوفيتي يعد الشعب بتحقيق ( السلام- الأرض- الخبز )، أما في الهند فيعد الخبز من ضرورات الحياة الأساسية ( الخبز- القماش - المنزل ).
يعتبر خليط الدقيق و الماء المكونين الرئيسيين للخبز بمثابة العصا السحرية ، لإن اي أزمة تعصف على اي مكان ، اول شيء يتطلعون جاهداً الحصول عليه هو الدقيق. و يعد الخبز العنصر الأساسي الذي وجودهُ و رائحته يكونان مصدر الأمان و الذكريات .
وحده الخُبز كفيل بأن يُشبع الأفواه الجائعة و الجميلة ،بمختلف اشكاله و أنواعه من خبز القمح الكامل المخلوط مع الرمل و الحصى الذي يُصنَع منه أرخص انواع الرغيف الذي يعد ملاذ الفقراء و قوت يومهم ، إلى افخر انواع الخبز و الكعك الفرنسي الممزوج بفتنة الزبدة و السُكّر .
يُقال إنه يوجد اكثر من سبعة الآلاف نوع من الخبز بألوان و أشكال مختلفة ، جمعيها مكونة من الدقيق و الماء مع بعض الإضافات بحسب طبيعة و تقليد كل بلد وكيف يفضلونه.
لا يجود أشهىٰ من رائحة الخبز في الصباح ، حيث تحمل معها ذكريات شهية تشبه رائحة الاوطان على ثياب المسافرين .ولا يوجد أروع من ان تبدأ صباحك عندما تأخذك خطواتك أمام مخبز يصنع الخبز الطازج و تملأ رئتيك برائحة هذا الخبز الساخن ، و يكتمل روعة هذا الصبح لو صادفت بطريقك و وقعت عيناك على محلٍ يبيع الورد .
الورد !؟
نعم ، الورد .. رسول المحبين ، تقول ما تخشى السنتهم التفوه به ، تلك النعمة الجميلة التي لها قدرة عجيبة على تهدئة الإنسان ، ليس فقط لمنظرها و الوانها الجميلة ، و إنما لرائحتها الفواحة.
اُستخدمت الأزهار منذ مئات السنين كعلاجات فريدة للروح و الجسد ، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير ، حيث توجد علاجات عديدة تستخرج من الأزهار لتحسين حالة المرء النفسية و رفع معنوياته ،و توجد اخرى لمساعدة المرء من الناحية الجسدية .
ينتج من الورد ثلاثة منتجات فعالة ، هي الزيت ، ماء الورد و البتلات المجففة أو مهروس البتلات الطازجة المنقوع بالماء الساخن .
تحتوي زيوت الورد العطرية على مركبات لها خصائص علاجية متعددة ، أما تستخلص بالتقطير من الأزهار أو عن طريق العصر و التبخير ، حيث لها خاصية تمد الجسم بنوع معين من القدرة الشفائية و ذلك عن طريق تحفيز و تثبيط قدرات الجسم العلاجية الذاتية الكامنة فيه ، سواء عن طريق الاستنشاق او الجلد .
لهذه الزيوت تأثيراً فعالاً و مباشراً على الخلايا الدماغية ، خصوصاً تلك المختصة بالذاكرة و العواطف ، مما يؤدي الى تحسن في الجسم ، النفس و العواطف . زيت الورد ( Rose essential oil) ، يعتبر من اكثر الزيوت أناقةَ ، حيث يساعد في تلطيف المزاج خصوصاً في حالات الحزن و التوتر ، كما إنه ينشط القلب و الدورة الدموية بالإضافة الى أنه ملطف للبشرة و رائحته محببة.
تبين مؤخراً ان للورد مفعولاً مباشراً على الذاكرة ، حيث انه يعززها و يساعدها على ربط الأحداث ، و يؤكد الباحثون انه إذا كنت ترغب في تذكر أشياء مهمة في حياتك ، إستعن بالورود ، لإن عبيرها ينشط ذاكرتك و يساعدها على إسترجاع أحداث كانت قد غابت عن بالك .
لم يتفق بنو البشر على لغة مثلما اتفقوا على لغة الورود ، فهي إن لم تكن محكية يفهمها الجميع عن ظهر قلب، ناهيك عن شكلها الجميل بألوانها و أنواعها المتعددة ، التي تبعث البهجة و السرور على القلب و ترسم إبتسامة بلون بتلاتهِ عندما تتلقى باقة جميلة تغازل بألوانها و عبيرها من وقعت عيناهُ عليها ، و بالأخص المرأة.
المرأة !؟
نعم، المرأة .. ذلك الكائن الرقيق الذي أكرمها الرب و أوصى بها في كتابه الكريم و أنزل سورة كاملة بإسمها و جعل الجنة تحت أقدامها، هي مفتاح الجنة ، نصف الدين، دفء القلب و البيت ، هي شمس النهار التي لا ينطفئ نورها و لا يقل ، هي بشر ولكن على هيئة رحمة ، محبة و نفحة من روح الرحمٰن ، وهي النصف اللطيف للمجتمع و من تعد نصفه الثاني من أجل أن يكتمل بالنهضة و العمران .
هي تشبه الخبز بدفئهِ ، ضرورته، آمانه و حاجتهِ ، و لها من الورد كله بعبيرهِ ، جمالهِ، رقتهِ ، عذوبتهِ و سحرهِ ، أن المرأة و الزهرة توأمان يضيفان السعادة و البهجة على الكون بأكملهِ.
هي وحدها التي تقدر أن تكون خبزاً و ورداً بذات الوقت ، فيها من الآمان و الجمال ما لا يمكن إيجاده في اي شيء آخر ، كل ما ذكرتهُ سلفاً عن الخبز و الورد ما هو إلا جزء بسيط من صفات تحملها المرأة التي نحتفل بعيدها اليوم .
٨ مارس ،
هو اليوم العالمي للمرأة ، للإحتفال بإنجازاتها الإجتماعية ، السياسية و الاقتصادية ، في بعض الدول مثل الصين، روسيا ، فلسطين ، كوبا ، فيتنام ، أوكرانيا ، غينيا ، زامبيا ، و دول آسيا الوسطى تحصل النساء على إجازة في مثل هذا اليوم .
يرجع تاريخ هذا اليوم الى مظاهرات عام ١٨٥٦ حين خرجت الآلاف النساء في شوارع نيويورك للإحتجاج على الظروف اللإنسانية التي كُنٓ يجبرن على العمل تحتها ، و رغم ان المظاهرات قد فضت بطريقة وحشية من قبل الشرطة ، إلا أن مطالبهم أُخذت بعين الإعتبار ، و في ٨ مارس ١٩٠٨ عادت الآلاف من عاملات النسيج للخروج و التظاهر من جديد في شوارع نيويورك الأمريكية ، ولكن هذه المرة غير عن المرة التي سبقتها ، حيث حملنٓ قطعاً من الخبر اليابس و الورود في خطوة رمزية لها دلالتها و اخترن الخبز و الورود شعار لحركتهن الإحتجاجية ، و طالبن بتخفيض ساعات العمل و وقف تشغيل الأطفال و منح النساء حق الاقتراع .
كانت مظاهرة الخبز و الورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة ، خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة الى موجة مطالبات بالمساواة و الإنصاف و على رأسها الحقوق السياسية و حق الإنتخاب.
و بدأ الإحتفال بالثامن من مارس كيوم عالمي للمرأة الامريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك ١٩٠٨ ، و قد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية الى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة، غير أن يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة ، لإن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تلك المناسبة سوى سنة ١٩٧٧ ، عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو العالم الى إعتماد يوم من السنة يختارونه للإحتفال بالمرأة ، فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس .
و عليه عُقد اول مؤتمر للإتحاد النسائي الديمقراطي في باريس عام ١٩٤٥.
بالرغم من كل ما توصلت اليه المرأة و رغم التطور الحاصل على جميع الأصعدة ، مازالت تلك القارورة الجميلة تتعرض للعنف الجسدي و النفسي في بلدان العالم شتى ، تارةً تتعرض للزواج القسري و تارة اخرى تُقتل تحت اسم ( جرائم الشرف) ، او تحوز على أدنى المراتب في الحصول على ابسط حقوقها ، رغم أن مطالبها حقوق تماماً كخبز الفرنسيين عندما طالبوا به من الملكة .
سيدتي الجميلة ، أينما كنتِ تقرأينني ، لا تتعثري بحجر العادات و التقاليد التي لم تقم سوى بوأد أحلامك و أحلام العديد من النساء و أودى بِهنٓ الى دفن أنفسهن و أحلامهن في صندوق مظلم و محكم عائم في بحر النسيان ، إنهضي و إنفضي عنكِ و عن شعركِ غبار الحزن و العادات التي ربطت أحلامك و حُبكِ لذاتكِ بحبلٍ من الخوف و التردد و كلام المجتمع .. عيشي لذاتكِ ، تجملي لكِ و حبي نفسك لكي تستطيعي نثر الحب لمن حولك ، كوني أنتِ بتفاصيلك ، أحلامك ، لمعة عينيكِ و دفء قلبكِ .
كوني لنفسك أولاً و من ثم كوني للغير ، كوني عظيمة بذاتكِ لإنك النصف الأجمل و الألطف في هذه الحياة ، كوني سيدة نفسك و لا تجعلي من نفسك سجادة تحت اقدام الأخرين.
دللي نفسك و اشتري لكِ الورد و الشوكولاتة و عطور الياسمين و زهر الليمون و البرتقال ، إصنعي لنفسك فنجان قهوة بلذة الحب ، إلبسي لنفسك احلى ثيابك و ضعي زينتكِ لكِ .. إضحكي ملء القلب و إستمتعي بكل شيء تحبينه، إصنعي قالب حلواكِ المفضل و أكثري من الشوكولاتة لإنها صديقة القلب ، اقرأي كتابك المفضل بحُب و إستمعي الى روائع Julie London ،فيروز ، وردة ، Margaret Whiting، نجاة، Kitty Kallen ، شادية ,Doris Day، صباح و Jo Stafford و غيرهن من أساطير الزمن الجميل اللواتي يسافرنٓ بكِ الى عصورهنٓ الذهبية.
و أنت يا سيدي ، إمنحها قليلاً من وقتك حباً و حضناً دافئاً و لا ضرر من باقة وردٍ ، لإنها ستكون سُكر خُبزك ، عبير عطركٓ و زهرة حياتك كلها ، ستكون لكٓ خبزاً، سكراً و وطناً.
يقولون : إذا كان معك قرشان ، فإشتري بواحد رغيفاً و بالآخر وردة...
كل عام و أنتِ بخير سيدتي الجميلة ، كل يوم و أنتِ كالزهرة تنبض حباً ، جمالاً و عذوبةً ، و بهذهِ المناسبة لا يسعني إلا أن اقدم لكِ وصفة تشبهكِ مضموناً و شكلاً ، فيها منكِ الكثير و لو قمتِ بإعدادها للاحظتِ إنها منكِ.
إسمحي لي أن أُهديكِ وصفة ( خبز مربى الورد ) ، هي فتنة لا تقاوم، عبارة عن قطع هشة ، غضة و ذات قوام مخملي من عجينة قطنية بيضاء ،تحتضن بدفء ترف الجبن الكريمي الممزوج مع لذة مربى الورد المتوجة بشرائح الفستق و بتلات الورد ..اخبزيها بحُب و تمتعي بها في كل وقت مع فنجان قهوة او شاي.
خبز مربى الورد:
لعمل هذه الوصفة تحتاجين إلى :
١- يديكِ الجميلتين .
٢- ٤٥٠ غم / ٣ أكواب من الطحين .
٣- ٦٠ مل / ربع كوب زيت نباتي .
٤- ٢٥ غم / ملعقتا طعام سكر .
٥- ١٥ غم/ ملعقة طعام خميرة + ملعقة كوب بيكنغ باودر.
٦- ٣٠٠ مل / كوب و ربع حليب دافئ.
٧- ٣٢٥ غم / كوب مربى الورد + ٣ ملاعق ماء الورد .
٨- ٢٢٥ غم/ كوب جبنة كريمية.
٩- رشة ملح.
١٠- ملعقة طعام عسل + ملعقة طعام سمسم.
١١- ١٠٠ غم/ كوب فستق حلبي شرائح.
١٢. نصف كوب من بتلات الورد الدمشقي او المحمدي ، حسب التسميات .
١٣- بيضة مخفوق مع ملعقة طعام حليب و قطرات من الخل الأبيض.
طريقة التحضير :
١- في إناء عميق ذوبي كريستالات السكر مع نصف كمية الحليب و أضيفي لهم الخميرة و حركيهم جيدا إلا ان يذوب السكر.
٢- أضيفي الزيت و حركيهم ، انخلي الطحين مع الملح و البيكنغ باودر ثم أضيفي خليط الطحين فوق المكونات السائلة و اخلطيهم برفق مع ماتبقى من الحليب الممزوج بماء الورد و استمري بعجنها الى ان تحصلي على عجينة ملساء ، ناعمة و غير لاصقة .
٣- دعي قطعة الغيم هذه ترتاح في إناء ممسوح بملعقة زيت و غطيها جيداًبقطعة قماش و اتركيها تنام بمكان دافئ لمدة ٤٥ دقيقة او الى أن يتضاعف حجمها.
٤- في إناء صغير أمزجي الجبنة الكريمية مع مربى الورد و نصف ملعقة من شرائح الفستق و ضعيهم جانباً.
٥- حضري قالب دائري قطره ٢٥ سم أو اي قالب متوفر لديكِ لكي يحتضن قطع العجين تلك ، قسمي العجين من بعد ان تختمر جيداً الى ١٧ قطعة ( أكثر أو اقل بحسب الحجم الذي ترغبين) ، أفردي العجين قليلاً و ابدأي بحشوها بخليط المربى و الجبنة و اغلقيها بإحكام شديد ، ثم إبدأي برصها في الصينينة إلى ان يكتمل كل العجين، اتركيها في الصينية مغطاة لمدة نصف ساعة اخرى لكي ترتاح
٦- سخني الفرن على درجة حرارة ١٨٠/ ٣٥٠ و بعد نصف ساعة ادهني وجه العجينة بمخفوق البيض و الحليب و الخل لتأخذ العجينة لمعة الشمس ، ثم انثري عليها حبات السمسم و ادخليها قلب الفرن ل ٣٠ دقيقة أو إلى أن تتحول الى قرص من الشمس بلمعانها و لونها الذهبي.
٧- عند خروجها من الفرن ، أمزجي ملعقة العسل مع ملعقة صغيرة من ماء الورد و امسحي وجنة الخبز بهذا الخليط ليكسبه طعم العسل و الورد ثم توجيها بسخاء بشرائح الفستق و بتلات الورد .. اتركيها تبرد و إنعمي بتناغم النكهات .
السعادة ، قد تكون قطعة حلوى .. فنجان قهوة أو أنتِ.
الگاردينيا: كل الشكر للعزيزة / لانه چرمگا.. ننتظر جديدكِ...
1700 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع