قاسم محمد داود
مشاهير ماتوا في أرض الرافدين :
الإسكندر الثالث المقدوني، المعروف بأسماء عديدة أخرى أبرزها: الإسكندر الأكبر، والإسكندر الكبير، والإسكندر المقدوني هو أحد ملوك مقدونيا الإغريق، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ. وُلد الإسكندر في مدينة پيلا قرابة سنة 356 ق.م، وتتلمذ على يد الفيلسوف والعالم الشهير أرسطو حتى بلغ ربيعه السادس عشر. وبحلول عامه الثلاثين، كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم، والتي امتدت من سواحل البحر الأيوني غربًا وصولاً إلى سلسلة جبال الهيمالايا شرقًا. يُعد أحد أنجح القادة العسكريين في مسيرتهم، إذ لم يحصل أن هُزم في أي معركة خاضها على الإطلاق .اختلفت الروايات حول سبب وفاة الإسكندر المقدونيّ، فمنها ما عزت سبب الوفاة إلى حمّى قويّة، قد ألمّت به إثر شربه للخمر بإسراف، في ليلة أمضاها إلى جانب نيار خوس، ويُقال إنّه قد قُتل على يد الأرستقراطيين المقدونيّين، وتضاربت الروايات عن إصابته بأحد الأمراض التي انتقلت إليه أثناء سفره وترحاله دون علمه، وكان قد فارق الحياة في العاشر من شهر يونيو من عام 323م، في قصر نبوخذ نصّر في مدينة بابل في العراق وتم تكريمه بعد وفاته تخليداً لبطولاته بوضع جثمانه بتابوت مصنوع من الذّهب الخالص على هيئة جثّته، وتم وضعه في ناوس مصنوع أيضاً من الذهب
وصل الإسكندر إلى مدينة بابل في ربيع 323 ق.م في بلدة الأسكندرية على نهر الفرات في بلاد ما بين النهرين اي العراق حاليا, حيث قام الإسكندر بنصب معسكره بالقرب من نهر الفرات في الجهة الشرقية منه, لذا سميت هذه المنطقة باسمه بعد موته.
وهو على فراش الموت نطق بجملة غامضة بقي أثرها أعواما كثيرة حيث قال عبارتة الشهيرة( إلى الأقوى)
يعتقد أنها قادت إلى صراعات شديدة استمرت حوالي نصف قرن من الزمن
ويـذكـرالمؤرخ بـلـوتـارخـوس أنّ أمـوراً حـدثـت تـطـيّـر مـنـهـا الإسـكـنـدر، فـقـد أطـاحـت ريـح عـاتـيـة بـتـاجـه مـن عـلى رأسـه وهـو يـشـقّ طـريـقـه في إحـدى قـنـوات الـفـرات. ويـبـدو أنّـه نـهـض مـن عـرشـه في يـوم مـن الأيّـام، ومـا أن سـار خـطـوات حـتّى ركض مـجـنـون لـم يـره أحـد مـن قـبـل وجـلـس في مـكـانـه عـلى الـعـرش ويـبـدو أنّ كـهـنـة بـابـل فـسّـروا هـذه الأحـداث بـغـضـبٍ مـن الإلـه بـعل (مـردوخ) يـهـدد الإسـكـنـدر..
أنّ هـذه الأحـداث أقـلـقـت الإسـكـنـدر وأخـافـه هـذا الـتّـكـهـن حـتّى : “امـتـلأ الـقـصـر بـتـضـحـيـات لـلآلـهـة، وبـطـقـوس تـطـهـيـر وبـتـنـبـؤات”. ثـمّ أقـيـمـت الإحـتـفـالات، وكـان الـمـلـك يـقـضي وقـتـه بـيـن الـتّـضـحـيـات لـلآلـهـة وبـيـن الـسّـكـر والـعـربـدة مـع قـوّاد جـيـشـه.
وقـد أقـام الإسـكـنـدر ولـيـمـة في الـسّـادس عـشـر مـن الـشّـهـر لـتـكـريـم الـقـائـد نـيـارخـوس وشـرب نـبـيـذاَ حـتّى سـاعـة مـتـأخـرة مـن الـلـيـل. وبـعـد أن اغـتـسـل ونـام في الـيـوم الـسّـابـع عـشـر، سـهـر مـع الـقـائـد مـيـديـوس حـتّى سـاعـة مـتـأخـرة مـن الـلـيـل.
وفي صـبـاح الـيـوم الـتّـالي، أي الـثّـامـن عـشـر مـن الـشّـهـر، إغـتـسـل وتـنـاول وجـبـة خـفـيـفـة ونـام في الـحـمّـام فـقـد بـدأت الـحـمى تـرتـفـع في جـسـده. ثـمّ حـمـلـوه بـعـد ذلـك عـلى سـريـره إلى الـمـعـابـد وضُـحّي لـه عـلى مـذابـحـهـا كـمـا كـانـت عـادتـه كـلّ يـوم، وعـادوا بـه إلى غـرفـتـه لـيـنـام. ونـام حـتّى حـلّ الـمـسـاء.
وبـعـد أن اسـتـيـقـظ ، جـمـع قـوّاده وأعـلـمـهـم بـمـا كـان قـد خـطـط لـه مـن مـسـيـرة الـجـيـش في الـبـرّ والـبـحـر. وحـدد تـاريـخ تـحـرّك الـجـيـش بـرّاً بـعـد ثـلاثـة أيّـام مـن ذلـك الـيـوم، وبـحـراً بـعـد أربـعـة أيّـام. ولا يـذكـر الـمـؤرّخـان إلى أيّـة جـهـة كـان الـمـقـدوني يـنـوي تـوجـيـه الـجـيـش، إلى جـزيـرة الـعـرب أم إلى مـكـان آخـر.
ثـمّ حـمـلـوه عـلى سـريـره حـتّى ضـفـة الـفـرات، وأركـبـوه قـاربـاً أوصـلـه إلى الـحـدائـق الـمـلـكـيـة. وهـنـاك اغـتـسـل وأعـادوه إلى سـريـره لـيـسـتـريـح.
وفي الـيـوم الـتّـاسـع عـشـر مـن الـشّـهـر، إغـتـسـل مـن جـديـد وذبـحـت لـه الـتّـضـحـيـات الـمـعـتـادة، ثـمّ اسـتـلـقى في الـغـرفـة الـمـعـقـودة الـسّـقـف بـالـحـجـر، وتـجـاذب أطـراف الـحـديـث مـع الـقـائـد مـيـديـوس، ولـعـبـا بـالـزّهـر. وأمـر أن يـجـتـمـع قـوّاده في الـيـوم الـتّـالي. وتـعـشّى بـعـد ذلـك عـشـاءً خـفـيـفـاً وأعـادوه إلى غـرفـتـه لـيـنـام، ولـكـنّ الـحـمى هـزّت جـسـده كـلّ الـلـيـل.
وفي الـيـوم الـعـشـريـن مـن الـشّـهـر، إغـتـسـل وذبـحـت لـه الـذّبـائـح وألـقى بـأوامـره عـلى قـوّاده وحـدد مـوعـد تـحـرّك الأسـطـول في الـغـد.
واغـتـسـل وضُـحّي لـه في الـيـوم الـحـادي والـعـشـريـن، ولـم تـتـركـه الـحـمى طـيـلـة الـنّـهـار، ومـع ذلـك جـمـع قـوّاده وأمّـر بـإعـداد مـغـادرة الأسـطـول. واغـتـسـل في الـمـسـاء واشـتـدّت آلامـه.
وحـمـلـوه في الـثّـاني والـعـشـريـن مـن الـشّـهـر إلى الـمـعـبـد الـمـحـاذي لـلـحـمّـام وذبـحـت لـه الـتّـضـحـيـات ورغـم شـدّة آلامـه جـمـع قـوّاده لـيـلـقي بـأوامـره.
وحـمـلـوه بـصـعـوبـة في الـيـوم الـتّـالي، الـثّـالـث والـعـشـريـن مـن الـشّـهـر لـيـقـدم ذبـائـحـه ولـكـنّـه لـم يـجـمـع الـقـوّاد.
وسـاءت حـالـه في الـرّابـع والـعـشـريـن مـن الـشّـهـر وقـدّم ضـحـايـاه رغـم ذلـك، وطـلـب مـن ضـبـاطـه أن لا يـتـركـوا الـبـلاط، وأن يـبـقى الـقـوّاد أمـام بـابـه.
وتـدهـورت حـالـه في الـيـوم الـخـامـس والـعـشـريـن وحـمـلـوه إلى حـديـقـة الـقـصـر. وبـعـد أن أرجـعـوه إلى غـرفـتـه دخـل عـلـيـه الـقـواد ولـكـنّـه لـم يـسـتـطـع الـكـلام فـقـد فـقـد الـقـدرة عـلى الـنّـطـق. ولـم تـفـارقـه حـمى رهـيـبـة طـيـلـة الـلـيـل ولا في الـيـوم الـتّـالي.
وهـاج الـجـنـود في الـيـوم الـسّـابـع والـعـشـريـن يـطـلـبـون رؤيـتـه فـقـد كـانـوا يـخـشـون أن يـكـون قـد مـات وأُخـفى عـنـهـم مـوتـه. ودخـلـوا الـقـصـر، وأجـبـر صـيـاحـهـم وهـرجـهـم الـحـجّـاب عـلى فـتـح بـاب غـرفـتـه. ودخـلـهـا الـجـنـود الـواحـد بـعـد الآخـر بـلا سـلاح ومـرّوا أمـام سـريـر الـمـلـك الـمـسـتـلـقي الـعـاجـز عـن الـنّـطـق. وحـيّـا الإسـكـنـدر كـلّ واحـد مـنـهـم بـهـزّة رأس رغـم آلامـه الّـتي لا تـطـاق.
وقـبـل حـلـول مـسـاء الـيـوم الـثّـامـن والـعـشـريـن مـات الإسـكـنـدر الـمـقـدوني في قـصـر مـلـوك بـابـل عـلى ضـفّـة الـفـرات.
ويـعـادل ذلـك الـيـوم : 13 حـزيـران 323 قـبـل الـمـيـلاد (ويـعـادل وفـقـاً لـحـسـاب آخـر 11 حـزيـران). وكـان الإسـكـنـدر في الـثّـانـيـة والـثّـلاثـيـن أو الـثّـالـثـة والـثّـلاثـيـن مـن عـمـره.
ولـم يـتّـفـق الـمـؤرّخـون عـلى سـبـب مـوتـه، هـلّ سـمـمـه أعـداؤه كـمـا أرادتـه الـشّـائـعـات الّـتي سـرت في ذلـك الـزّمـن أم أصـابـه مـرض مـثـل الـمـلاريـا مـثـلاً، والّـتي يـمـكـن أن تـشـبـه أعـراضـهـا حـمّـتـه الّـتي نـقـلـتـهـا الـيـومـيـات الـمـلـكـيـة.
وبـعـد أن حُـنـط جـثـمـان الإسـكـنـدر ووضـع في نـعـش مـن الـذهـب وضـع داخـل نـعـش آخـر، وقـرر قـواده أوّلاً أن يـدفـنـوه في عـاصـمـتـه في مـقـدونـيـا، ولـكـنّ الـقـائـد بـطـلـيـمـوس اسـتـولى عـلـيـه وحـمـلـه إلى مـمـفـيـس في مـصـر قـبـل أن يـدفـنـه في الإسـكـنـدريـة
وفي رواية أخرى: أنه قد مات مسموما بسم دسه له طبيبه الخاص الذي يثق به ثقة عمياء وسقط مريضا حوالي أسبوعين وكان قد سلم الخاتم الخاص به لقائد جيشه بيرديكاس وهو على فراش المرض وطلب من الجنود زيارته في فراشه ويبدو أن المحيطين به في تلك الفترة كانوا متآمرين نظرا لتصرفاته وسلوكياته الغريبة حيث أنه في أواخر أيامه طلب من الإغريق تأليهه في الوقت الذي كان عنيفا مع الكثيرين بالإضافة إلي إكثاره في شرب الخمر. كل هذه العوامل جعلت البعض يتربصون به ومحاولتهم للفتك به كانت وفاة الإسكندر المقدوني من أكبر المفاجآت الّتي هزّت البلاد، حيث إنّه بدأ يتراجع ويُصاب بفتور الهمة بعد موت صديقه المقرّب (هيفسيتيون)، وأخذ يشرب الخمر بكثرة لينسى أحزانه وهمومه، وفي نفس الوقت كثرت المكائد الّتي كانت تُكاد للتخلّص منه، وقد أصبح كثير الهواجس والاعتقاد بأفكار الكهنة والعرافين قبل وفاته بعشرة أيام أُنهك جسده بالكثير من الشعائر، ومع وجود الحمّى لديه فإنّ جسمه انهار سريعاً وتوفي بصورةٍ مفاجئة في 13 حزيران من عام 322 قبل الميلاد في قصر نبوخذ نصر الواقع في بابل العراق عن عمر اثنين وثلاثين سنة
______________
لـم يـعـثـر الـمـنـقّـبـون عـلى آثـار تـركـهـا الإسـكـنـدر في بـابـل. ولـكـنـهـم عـثـروا عـلى لـوحـيـن بـالـكـتـابـة الـمـسـمـاريـة وصـلانـا مـن الـفـتـرة الـسّـلـوقـيـة الّـتي تـبـعـت مـوت الإسـكـنـدر، أولـهـمـا مـحـفـوظ في الـمـتـحـف الـبـريـطـاني: مـقـتـل الـمـلـك داريـا ومـقـتـل الـمـنـجّـم الـبـابـلي كـيـديـنـو. والـلـوح الـثّـاني مـحـفـوظ في الـمـتـحـف الـبـريـطـاني وعـلـيـه قـائـمـة الـمـلـوك الإغـريـق الّـذيـن حـكـمـوا بـابـل بـعـد مـوت الـمـقـدوني..
قاسم محمد داود / أربيل
4021 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع