اليابان تستورد الكهرباء قريبا من العراق

                                         

                       خالد حسن الخطيب

         اليابان تستورد الكهرباء قريبا من العراق

 

في عام 2005 سافر صديقي المهندس فؤاد الى دولة اليابان من خلال وفد حكومي  للأطلاع والتعرّف  على الشركات اليابانية المنتجة وسير العمل وطرق الانتاج  ودخول دورات تدريبة علمية وعملية  مع الكوادر الهندسية  اليابانية  , وكانت معظم هذه الدورات تتركز على الايزو 9000  ISO هي عائلة معايير أساسية عالمية ، تتضمن مجموعة من المعايير ضمن نظام إدارة الجودة.   وقد خلصت هذه الدورات على نقطتين اثنتين اولهما تقليص المواد  او الموارد الاولية الداخلة في الانتاج وثانيا ان يكون المنتج النهائي ذو فوائد وامتيازات كثيرة وكبيرة .
 وكانت فترة الاقامة طويلة نسبيا حيث مكث الوفد العراقي ما يقارب الشهرين في العاصمة طوكيو , لكن  حدثت صدمة لصديقي وهو يتجول في شوارع العاصمة اليابانية الرئيسية حيث مقر الشركات الكبرى العملاقة  مثل شركة  تويوتا لصناعة السيارات وشركة  باناسونك لصناعة الاجهزة  المنزلية الحديثة  و شركة سوني لصناعة التقنيات  وشركة براذر وغيرها الكثير فقد لاحظ امرين مزعجين  بشكل كبير الاول انخفاض قوة الانارة في شوارع طوكيو وقد لف الظلام  أحيائها  المكتظة وشوارعها الكبيرة وكانت المسافة بين  عامود الانارة والعامود الذي يله  خمسون مترا وقد تدلى من اعلى قمته مصباح لا يكاد  يعطي اربعون واط لا اكثر وقد اعتلت قمة العامود  خلية شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية  من خلال تحويل ضوء الشمس الى كهرباء  فكانت الانارة في شوارع طوكيو رديئة للغاية حتى لا تقدر التعرف والتميز من في الشارع ان كان ذلك الماشي رجلا ام امرأة , والشئ الثاني هو الاقتصاد والترشيد باستخدام الكهرباء  الى حد التقتير والبخل فكانت التقاطعات الرئيسية على اربعة شوارع في العاصمة طوكيو  مربكة  ومحيّرة  لغير اليابانين   فهل من المعقول ان تتحكم اشارة  ضوئية واحدة  بمرور السيارات والشاحنات وعبور الاشخاص على  خطوط العبور لجميع المستويات كبارا وصغارا بهذه الشوارع الاربعة  وعلى ايت حال فقد اثارة  الانارة الرديئة حفيضة  صديقي واخذ يفكر مليا  بهذه الشحة في انارة الشوارع  وبهذا المصباح الذي لا يقدر من اضاءة نفسه  فتوجه بالسؤال للمهندس الياباني المشرف على الدورة عن سبب الضلام وسوء الانارة في شوارع طوكيو  فكان جواب  الياباني  صادما لصديقي  وقال له بالحرف الواحد ( دبّر حالك ) اي اعتمد على
نفسك  فان الدولة لا تقدر من زيادة قوة الاضاءة لمصابيح الشوارع  لان اقتصاد اليابان مبني على الاقتصاد في كل شئ لذلك كانت وما زالت الحكومات اليابانية المتعاقبة لا تجرء على زيادة اضاءة الشوارع ليلا تحسبا  من انهيار اقتصادي قد يقع لاحقا , فكانت ردّة فعل صديقي فؤاد لجواب المهندس الياباني صادما ايضا  وقال له  .. وهل من المعقول ان تنهار دولة اليابان الاقتصادية الكبرى  جرّاء  زيادة انارة الشوارع .. فطأطأ  المهندس الياباني رأسه ارضا وقال.... لا يبدو هذا شيئا بعيد الوقوع .. ففهم صديقي المهندس فؤاد ما قاله الياباني  والعاصمة طوكيو وشوارعها  تشوبها العتمة والانارة القليلة  وهي التي  تتربع على عرش الصناعات العاليمة .
واخذت وشائج العلاقة الحميمة تتوثق بين صديقي فؤاد والمهندس الياباني  لحسن سلوك واخلاق صديقي واتقانه للغة الانكليزية وعلى ايت حال فقد كان التقارب بينهم كبيرا  وحدث ذات ليله ان جلس صديقي في غرفة الفندق متعبا واخذ  يقلب بين يديه البوما للصور قد جلبه معه من بغداد وقد امتلئ بالصور الكثيرة  التي التقطها هو بنفسه مع عائلته واصدقائه في بغداد النور حيث كانت هذه الصور تظهر شوارع بغداد المحبة مثل  منطقة حي الكرادة والمنصور والاعظمية والكاظمية وغيرها الكثير ,  وفي هذه الاثناء طرق المهندس الياباني باب غرفة صديقي فؤاد فوجده يقلب في البوم الصور فكانت نظرات الياباني قد شابها الاعجاب واللهفة وقد مد يده من اجل سحب البوم الصور من يد صديقي بدون استأذان ففهم  صديقي فوائد ما حدث للياباني  فأخذ المهندس الياباني يقلب البوم الصور وكانت دهشته كبيرة للغاية حيث وقع بصره على شوارع بغداد العظيمة  حيث الانارة تزين شوارعها  المقدسة  واضواء المصابيح المتوهجة تعطي  شوارع بغداد  شعورا بالحب والمحبة تجعل من يسير فيها كانه يطير في السماء فالتفت الياباني على صديقي فوائد وقال له متعجبا .... اهذه بغداد ؟؟؟  .. الف ليلة وليلة ... فأجابه صديقي .. نعم هذه  حبيبتي بغداد  رائعة الدنيا حاضرها وماضيها  حيث الحضارة والاصالة ملهمة الشعراء والادباء فكم من شاعر تغنى ببغداد وجمال بغداد وحضارة بغداد وقد صدق الشاعر الكبير كريم العراقي وكاظم الساهر فنان العرب حينما قالا ( وهل خلق الله مثلك في الدنيا اجمعها ؟؟؟)  فنهض المهندس الياباني وعينه تذرف الدموع وضم البوم الصور الى صدره وقال ليتني ازورك يا بغداد واستمتع بجمال ووجهك الحسن فذرت عيون صديقي فؤاد الدموع اشتياقا ولهفة وحب وجنون لحبيبته بغداد , وقبل سفر الوفد العراقي بساعات قام صديقي بتقديم هدية بسيطة للمهندس الياباني وقد اعجب بها كثيرا وقال بالحرف الواحد ... اتمنى ان تكون شوارع طوكيو المعتمة والموحشة  ليلا  مثل شوارع بغداد  التي ترقص على انغام النور والحياة حتى نخرج ونستمتع مع الاصدقاء  بعد عناء يوم طويل فضحك صديقي المهندس فؤاد وقال له مازحا .. سوف تستورد اليابان الكهرباء قريبا  من العراق فلا تحزن ... فضحك الاثنان معا ورجع صديقي الى بغداد .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

947 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع