قاسم محمد داود
مشاهير ماتوا على أرض الرافدين : المارشال كولمار فون در غولتز (غولتز باشا)
كانون الأول 1915م على جادة خليل باشا في بغداد كان المارشال الألماني كولمار فون در غولتز في المقعد الخلفي للسيارة الخاصة التي تسير بأتجاه البيت المطل على نهر دجلة الخالد الذي خصص له بعد ان كلف بقيادة الجيش العثماني السادس الذي كان يقوده (أنور باشا )،كانت السيارة الوحيدة على تلك الجادة البغدادية .اول سيارة دخلت العراق كان يوم 5 تشرين الأول 1915م .
رحلة طويلة للبارون البروسي الذي ولد في مدينة أدليغ في بروسيا الشرقية لعائلة نبيلة فقيرة في 12آب 1843 ونشأ في منزل العائلة في فابيانسفيلد الذي اشتراه والده الذي أمضى مايقارب التسعة عشر عاماً في الجيش البروسي دون ان يرتفع فوق رتبة ملازم واستسلم في النهاية الى الكوليرا أثناء رحلة الى دانزيغ (غدانسك الآن ) عندما كان كولماريبلغ من العمر ست سنوات .
دخل غولتز المشاة البروسية في عام 1861م كملازم ثاني مع فوج المشاة 41في كونيغسبرغ (كالينجراد الآن ) ،وفي عام 1864 م شارك في مهام قتالية على حدود بروسيا في (تورو) ،وبعد ذلك دخل أكاديمية برلين العسكرية لكن تم سحبه مؤقتاً في عام 1866م ليشارك في الحرب النمساوية البروسية التي جرح فيها .
في عام 1867م انضم الى القسم الطوبوغرافي وفي بداية الحرب الفرنسية البروسية (1871-1870 ) الحق بقيادة الأمير فريدريك تشارلز القائد العام للجيش الثاني البروسي ،حيث شارك في معارك فيونفيل وغرافيلوت وفي حصار متز .
شارك بعد ذلك في حملة اللوار ومعارك اورليانز ولومان .
عين غولتز استاذاً في الاكاديمية العسكرية في بوتسدام في عام 1871م ورفع الى رتبة كابتن والحق بقسم التاريخ في الاكاديمية ،حيث كتب العديد من البحوث العسكرية التي نشرت عام 1873.في عام 1874م تم تعينه بمنصب ضابط ركن الفرقة البروسية السادسة كما انه استمر في كتابة البحوث التاريخية العسكرية التي نشرت في 1875-1877 على التوالي وترجم قسم منها الى اللغة الفرنسية ويعتبره العديد من المؤرخين من اكبر المساهمين في الادب والتاريخ العسكري .
في عام 1878م عين غولتز محاضراً في التاريخ العسكري في الاكاديمية العسكرية في برلين حيث بقي لمدة خمس سنوات وحصل على رتبة كبرى .وسرعان ما أصبحت مؤلفاته من الكلاسيكيات العسكرية المهمة .
طلب السلطان العثماني عبد الحميد الثاني العون من المانيا لاعادة تنظيم الجيش العثماني ،فأرسلت له غولتز لانجاز هذه المهمة التي امضى فيها 12 سنة ونجح فيها نجاحاً كبير ومنح بعدها لقب باشا وفيلد مارشال .
عند اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 استدعي غولتز للخدمة وعين بمنصب الحاكم العسكري لبلجيكا التي احتلتها القوات الألمانية .
اعفي غولتز من منصبه هذا بعد رفضه لقمع السكان المدنيين وارسل مرة أخرى الى تركيا حليفة المانيا في الحرب في تشرين الثاني 1914 ليصبح مساعد للسلطان محمد الخامس .
تسلمم غولتز قيادة الجيش العثماني السادس في تشرين الأول 1915 واصبح تحت قيادة تلميذه السابق أنور باشا وزير الحربية وبدأ يخطط لمهاجمة القوات البريطانية في العراق .
أوقفَ غولتز بعد معارك طاحنة القوات البريطانية بقيادة السير تشارلز تاونسند الزاحفة بأتجاه بغداد بالقرب من اطلال (طيسفون ) المدائن او ما يسمى (سلمان باك )واجبرها على التراجع نحو مدينة الكوت حيث فرض عليها الحصارالذي استغرق 143 يوم لينتهي الحصار بأستسلام تاونسند في 29 نيسان 1916 بعد نجاح غولتز في في صد القوات البرطانية الكبيرة التي أرسلت لفك الحصار .
لم يعش غولتز ليتذوق انتصاره ،في 19 نيسان 1916 وقبل أسبوعين من استسلام القوات البريطانية المحاصرة في الكوت كان الموت بالمرصاد للمارشال كولمار فون در غولتس او غولتز باشا في الدار التي يبدو ان الموت كمن فيها ليقضي على الجنرال الغازي ستنالي مود قائد الجيش البريطاني الذي مات بالكوليرا في نفس الدار بعد دخوله بغداد في 18 تشرين الثاني 1917 .الرواية الرسمية لوفاة غولتز تذكران المارشال توفي بسبب مرض التيفوس ،وهناك رواية أخرى تفيد بأنه مات مسموماً من قبل مجموعة من الضباط الشباب ،دفن المارشال غولتز في المقبرة المجاورة لكنيسة الأرمن قرب ساحة الطيران في بغداد ،وهناك مصدر آخر يذكر انه وحسب وصيته فقد دفن في فناء القنصلية الألمانية في طربية إسطنبول المشرفة على البسفور ،السؤال هل كانت وفاته طبيعية ام ان هناك من تأمر لقتله وفتح المجال للبريطانين لاحتلال العراق .
3177 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع