د. ضرغام الدباغ
أكتشافات الأسد المتأخرة
وأخيراُ أكتشف الأسد أنه عربي، وأن سورية عربية، وإن كل ما حققته سورية ومنجزات آل الأسد هي بفضل الخط العروبي وليس بفضل الفرس ولا الروس ولا الأمريكان، أكتشف أن لا منجي له من الطوفان الحالي أو المقبل سوى الأنغماس في النهر الذي يطهر الأنفس والأبدان من الجراثيم والأدران ..!. نهر العروبة المقدس الغفور الرحيم ...
بشار أكتشف هذه قبل يومين فحسب (22/ نيسان) فأعاد الحياة (هكذا بإرادته) إلى مومياء كانت مركونة في قبو (سرداب) إحدى البنايات المهجورة في الشام، وأجرى تعديلات وتشطيبات ضرورية، فالكثير من الأنصار والأتباع قد هجروا الدار، بل وبعضهم قاتلهم وقاتلوه، ورش عليهم المبيدات الكيمياوية (بطيبة خاطر) وقذفهم بالصواريخ البالستية التي كان قد أعدها للأيام السود، وجلب لهم المرتزقة ليقتلهم من أصقاع الأرض، من الصايعين والباحثين عن هوية تعوزها فقرة مهمة، والآن أفتكر أن الخط العروبي هو أصلح الخطوط، لماذا هذا الأكتشاف المتأخر ...؟
هو أدرك تمام الإدراك أن اللعبة شارفت على نهايتها، وبالعامية نقول (قفلت الدومنة) فالفرس سيقبلون بصفقة تلوح لهم وكلاعبي البوكر، يقبلون بهزيمة جزئية على خسارة شاملة، ولكنهم (الفرس) يتمتعون بأخلاق الضباع يريدون الكثير، بضعة قواعد جوية وبحرية، وممر إلى مستعمرتهم لبنان التي يدور التداول هي الأخرى بشأن مصيرها الحاسم، (تحت شعار يكفى لعبتم أكثر من اللازم)، وإنهم لم يكونوا قط بهدف مساعدته وآله ومحازبيه من شلة القتلة والحرامية (وعلى حد علمي لم يكن الموضوع صراع طبقي !) وحتى تلك الشلة المغامرة من أنصاره في الشمال السوري (؟) قد ملوا اللعبة والكل يبحث عن مهجر مريح، ليس من بينها ا طهران لبتة، فهم هاربين من تنور ليس من أجل أن يقذفوا بأنفسهم في حفلة لطم بالزناجيل ..!
الروس فعلوا الكثير لينالوا بقدر ما بذلوه ( فقد حسبوها على داير القرش الواحد)، وربما أكثر قليلاً، فهم لديهم لغة مشتركة مع القوى العظمى في التعامل، فهم يعتبرون هذه الأرجاء (ومنها سوريا) ملاعب ثانوية، ومساحات للعب والسجال الاستراتيجي، وعلى رأي المثل : " كل شيئ له نهاية " ويبدو أن النهاية بدأت تلوح في الأفق، فمصلحة روسيا السياسية والاقتصادية هي في التفاهم مع الأوربيين الرافضين بتاتاً أي مستقبل سياسي للأسد، وكذلك المعسكر الأمريكي (الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا). وأوربا الشرقية لها أولوية مؤكدة في حسابات الروس، والعقوبات الاقتصادية والعزل السياسي منهك في مداه الطويل (إبعاد روسيا من جماعة الثمانية)، مقابل نظام لا يعمل شيئاً سوى تأجيج الانقسام في مجتمعه، ومواصلة القصف بالبراميل والرش بالكمياوي، والمؤشرات تدل أن الروس على وشك التفاهم مع من يهمه الأمر بصدد الشأن السوري.
بشار الأسد أدرك هذه الملامح، رأها بعينه، وسمعها بأذنه، وأدرك أن المخارج التي كان يظن أنها آمنة، لم تعد كذلك، فقرر أحياء المومياء، ولم شعث ما تبقى من الباقين تحت شعار : إلى أين وكل الأفاق مغلقة ..؟ وأتكل وعقد ما يشبه المؤتمر القطري(لم يسموه هكذا، وهنا حقهم فهم نسوا النظام الداخلي وما يمت للحزب بصلة)، وبآخر ما يمكن من القدرات قرروا العودة للخط العروبي، على أمل أن يجدوا من يقبل بعودة الأبن الضال (مع الأعنذار لهذا العمل الفني الرائع).
وهنا فالناس سيطالبون النظام ورأسه : أي خط عروبي تقصد ونحن في حفلة قتل وتدمير من جوقة حسن نصرالله وفيلق بدر، وفرقة شذر مذر، وولاية الفقيه، وكل شذاذ الأفاق الذين دمروا سورية بجدارة.
ليس مطلوب من أحد أن يتقدم بمبادرة، فحتى بصل مركب بشار إلى شاطئ العروبة عليه هو أن يفعل الكثير، ترى هل بوسعه حقاً أن يفعل شيئاً بعد كل الذي حصل وجرى ..؟ بين أن يكون الشعار المطروح شعاراً أستهلاكياً، أو يكون خطاً نضالياً الفرق كبير ..... بل وكبير جداً ... أكبر وأعمق مما يستطيع أي شخص أن يلهو فيه ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
25 / نيسان / 2017
4231 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع