بثينة خليفة قاسم
دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ
الذي يتأمل في التاريخ العسكري منذ حصان طروادة إلى حرب الخليج، يعرف أن الأخطاء والصدف لعبت دورا حاسما لا يقل عن البطولة والشجاعة، بل يزيد عليهما في كثير من الأحوال، وفي كتابه الذي صدر تحت العنوان السابق يبين لنا “إريك دورتشميد” أن الكثير من الصراعات والحروب على مر التاريخ حسمت بفعل تقلبات الطقس العصية على السيطرة أو بفعل الاستخبارات السيئة أو عدم كفاءة الأشخاص أو غبائهم. من خلال هذا الكتاب يدفعنا المؤلف إلى إعادة التفكير في الكثير من أحداث العالم الذي نعيش فيه، ومن خلال المعارك والحروب التي تناولها يبين لنا أن أحداثا طارئة لم تكن من ترتيب أحد غيرت مجريات هذه المعارك ونتائجها، وأن أخطاء أو تصرفات غبية من بعض الأشخاص صاغت شكل العالم الذي نعيش فيه الآن.
من بين المعارك الكثيرة والأحداث التي استدل بها المؤلف على وجود الصدفة والغباء في تقرير مصائر البشر، حادثة هيروشيما ونجازاكي المدينتين اليابانيتين اللتين تم ضربهما بالقنبلة الذرية.
حيث يحكي المؤلف أن الطائرة الأميركية التي توجهت إلى اليابان لتقوم بهذه المهمة كانت ذاهبة لضرب أهداف أخرى سابقة لهيروشيما ولكن صدفة ما وقعت فغيرت كل شيء.
فعندما حلق الطيار الأميركي تيبيت وطاقمه كان مزودا بأربعة أهداف محتملة، وكانت هذه الأهداف بالترتيب هي، كوكورا، نيجاتا، هيروشيما، نجازاكي، وكان الطيار المذكور يحلق على ارتفاع ألفين وستمئة قدم فوق الباسيفيكي،عندما تلقى رسالة مشفرة من الراصد الجوي في طائرة الاستطلاع التي سبقت طائرته بثلاثين دقيقة، تقول إن أحد الأهداف تحجبه الغيوم والهدف الثاني لا يكاد يرى، فانطلقت الطائرة الى الهدف الأخير الذي كانت الغيوم تغطي ثلاثة أعشاره.
وبسبب نزوة من الطبيعة، حسب وصف المؤلف اختيرت مدينة لقدرها، فكانت هيروشيما أول مدينة تقصف، وكانت الأحوال الجوية سببا لسقوط كل البشر الذين سقطوا دون غيرهم. الحمق والسعي للمجد الشخصي أيضا من أسباب تغيير مجرى التاريخ وتقرير مصير بني البشر، فقبل أن ينطلق ريموند دوتريبولي الى لقاء صلاح الدين الأيوبي، سأل قائده الإفرنجي غي دولوزينيان: سيدي ،اسأل نفسك هذا السؤال:لماذا أريد خوض المعركة؟ أمن أجل أمتي أم من أجل مجدي الشخصي؟ وما أكثر القرارات التي اتخذها قادة حمقى فسببت من الدمار والخراب ما لم يكن يتصوره هؤلاء.
والخلاصة كما قالها المؤلف إن صاحب المصنع يخاطر عندما يختار تصميما سيئا بانهيار مصنعه وفقدان عماله عملهم، والرأسمالي عندما يخطئ في قراءة البورصة يخسر نقودا كثيرة من المستثمرين، ولكن هذه الأمور رغم الخسارة ليست مميتة، ولكن القائد العسكري عندما يتخذ قرارا أحمق يكون ثمنه دماء وآلام البشر.
1100 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع