هدى أمون/دير الأسد-الجليل
وأمشي
للمرّة الأولى أرى أنّ أبواب الاختيار موصودة بإحكام أمامي! عاجزة عن اختيار مسلكي،فجميع المسالك مغلقة ومليئية بالمطبّات، ولكن، يجب عليّ الاختيار، وحبْك الأمور جيّدا من أجل الاختيار! صعب جدًّا أن تقع في الوسط،وكأنّك وقعت في حفرة،تصرخ طالبا النّجدة، وليس هنالك من أحد يسمع ذلك النّداء! عرفت أنّني أعيش منذ طفولتي في بيئة تلبس الكذب والخداع. من رأيت فيه إنسانا، سوف يسعدني عندما أكبر،ولم يكن كذلك من انتظرت منه الاهتمام، لم يعطني إيّاه. شعرت بالاختلاف في صغري،فقد كان الأطفال أترابي يأخذون النّقود في الأعياد من أقرب الأشخاص لهم، وأنا أنتظر من ذلك الإنسان أن يعطيني النّقود؛ لكي أفرح، وأركض مسرورة؛لأري من حولي!ذلك الإنسان الذي ظننت أنّه سيدعمني في طفولتي،فعندما أكبر ستزداد محبّتي له يوما بعد يوم مع التباهي به! جميعها كانت أحلاما طفوليّة، وذهبت هباء منثورًا في الفضاء. والآن أرى أنّ ذلك الإنسان رفيق لزجاجة الخمر خاصّتة،وأنه لا يحب شيئا سواها،لا يهمه الأطفال من حوله، أمّه أو أبوه، أم زوجته التي قضت عمرا معه! يملك عقلا طفوليّا أنانيّا،ومن النرجسيّة ما يفوق الخيال! فمحبّتي له قلّت مع مرور الأيّام، فأخاف أن أكرهه يوما ما ،ولكنّأمّه الّتي لم تقدّم إلّا الخير للجار، والّتي تربّي الأجيال، صلاتها في وقتها ودعاؤها لربّها، فلم تحزن، يومًا،إنسانًا،ولكنْ، سبحان الخالق الجبّار،فأيامها سوداء كسواد الفحم، وأعمالها بيضاء كالثّلج،تعطي ولا تأخذ،مهما كان الأذى الّذي يلحق بها، تترك مَن أذاها لربّ السّماوات والأرض، ولكنّها اليوم مريضه! أحبّها كثيرا، وأريد رؤيتها، ولكنْ، لا أريد أن أكره ذلك الإنسان. فما عساي أن أفعل، وماذا اختار؟ فيا ربّ، لا تأخذ روحها، فأنا لم أشبع من حنانها ورائحتها بعد، فأصلح الأحوال، وأرح البال، يا ذا الجلال والإكرام، والحمدلله على كل حال!
1030 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع