فلاح ميرزا
المفارقات السياسية التى شهدها تاريخ العراق الحديث وعلاقتها بما يحدث
هناك من يقول لايحزنك انك فشلت مادام تحاول الوقوف على قدميك من جديد وليس القوى من يكسب الحرب دائما وانما الضعيف من يخسرالسلام دائما , وان تضىء شمعة صغيرة خير لك من تنفق عمرك تلعن الظلام هكذا كانت الامم العظيمة والامم الحضارية التى قال عنها التاريخ . الضجيج الذى رافق زيارة الرئيس الامريكي للسعودية والتصريحات التى تناولتها الاوساط الرسمية الدولية ووسائل الاعلام من مختلف الاتجاهات لم تتناولها كما يراد لها ان تكون بالرغم ما اعلن عنها من نتائج فالقادة السعوديون ليس كما يقال عنهم بانهم قد اخافتهم تصريحات الرئيس الامريكى قبل وبعد انتخابه فهم ليسوا كما فعل العباسيون مع هولاكوا عندما اراد منهم المال والحلال وقف المعتصم مهددا ومتوعدا وضاع منه ماجمعوه في خمسة قرون وانما كما فعل الرسول عليه افضل الصلاة والسلام فى بداية الدعوة مع اعداءه فى صلح الحدبية ولم يتعض السلاطين ولا الحكام والسياسيين الذين تعاقبوا من بعدهم ,فالعراقيون مازالوا لايحسنون قراءة تاريخهم الحافل والملئ بالمفارقات والقصص التى يدعى البعض انها قصص وروايات نقلت جيل اثر جيل عن طريق وسائل مختلفة سلبا او ايجابا ولكنها سواء كانت هكذا او غير ذلك فان لها من العبر والاعتبار التى اخذ بها الكثيرون ممن تابعوا ما تلقوه بالواسطة او بغيرها دروسا اقرت وفرضت علينا شئنا ام ابينا تلك التى لها جذورتاريخية تمتد الى سيدنا ادم اول الخلق الانساني عليه السلام وابراهيم ابو الانبياء وتوارثتها عنهم الاجيال فى الارض ومن عليها وتعاملت معها وقوانينها وما ترتب عنها من مكونات تنوعت واصبح لها مجتمعات وحضارات تطورت الى صراعات وحروب تحت مسميات مختلفة خلفت ورائها اساطير وحكايات لها من الاسباب الفكرية والعقائدية والمصلحية وما كتب عنها لاتزال تتضارب حولها الاجيال وكثيرا منهم ممن تلقى عنها سواء بطريق مباشر ما كتب عنها او بصورة غير مباشرة من خلال ما يحتفظ به البعض من ذكريات تلقوها من ابائهم واجدادهم تمتد الى مئات السنين عن السومريين و الاكدين والبابليين والمغول وهارون الرشيد وابوجعفر المنصور واخرين سبقوهم ومن تبعهم الذين قدموا الى المجتمعات الاخرى بما يليق بحضاراتهم العظيمة ولعل اقربها الينا المعالم الرائعة التى تركوها فى الاندلس التى اغنت الاوروبيون بعلومهم ولعظمة هؤلاء والرسالة الايمانية التى يؤمنوا بها ومبادئها الانسانية القائمة على العدل والاحسان التفت اليها البشرية بقصد الفائدة فى حين لم تروق للذين لا دين لهم وناصروها بالعداء وعزموا على تخريب ما جاءت بها من ثقافات وعلوم ودفعوا المغرر بهم الى الحروب الواحدة تلوه الاخرى وعلى مدى قرون لتمزيق تلك الرسائل الانسانية العظيمة التى جاؤا بها ولكون الارض التى اطلق عليها العراق ارض مقدسة كما وصفها التاريخ فانه ايضا منبع و ينبوع الحضارة التاريخية واشعاع الضوء المشرق الذى تنورت به البشرية فلقد جرى لهم ما جرى من ويلات وكوارث اصابته بالتمزق والتشتت الذى اخذت منها الحروب الكثير من العلماء والفقهاء واصحاب الراي واللغة والفنون ودمروا كل ما تركوه ولم يبقى منهم سوى خليط من مخلفات اقوام حاربت واستوطنت واستقرت به لهم من الاصول المتعددة تمتد الى التتار والهنود والفرس والاتراك و القليل من القبائل العربية فالذى صنعه هولاكو فى حربه واحتلاله العراق وذبحه للعرب جعل من المتبقى منهم من ولى الادبار والهزيمة الى المرتفعات والاقتران باقوام اخرى وقليل هم الذين استقروا فى مناطقهم من السكان الاصليين لذلك ليس سهلا ان تبحث عن الجذور التاريخية لاصول الذين استوطنوا على مساحته شمالا وجنوبا وشرقا وغربا لذلك تجد ان كثير من العراقيين يحملون اصول متنوعة نتيجة للاقتران والاختلاط فيما بينهم العربى والكردى والتركمانى والمسيحى والصابئي لذلك يصعب على الباحثين التوصل الى الجذور التاريخية واصول الذين استقروا فى وادى الرافدين لامتداد الزمن والمساحة لتشمل جزء من تركيا وسوريا. لذلك فالكتابة عن تلك المراحل بحاجة الى مصادر كثيرة ودقيقة قد لا تتوفر عند الذين تعاقبوا على حكمه من الفرس والاتراك والانكليز الا بحدود بعض المصادر قد لايعول عليها لكونها كتبت حديثا ولان كتابها استنبطوا معلوماتهم عن طريق الرويات وبعض الاثار التى تحتفظ به المكتبات والمتاحف في بريطانيا وفرنسا والمانيا واسبانيا لذلك يبقى الحديث عن جغرافية العراق والاقوام التى سكنت فيه بحاجه الى مصادر موثوق بها من حيث الكتابة والنقل رغم ان الامم الاخرى لازالت تحتفظ بشواهد قائمة الى يومنا هذا تعبر عن تاريخها كالتى فى مصر واليونان وتركيا وفرنسا وايطاليا فى حين لايتعدى الموجود لدينا سوى بعض الاثار الطينية التى لاتعبر عن حضارة الاقوام التى سكنت وادى الرافدين سوى التى قرأنا عنهافى الكتب كالجنائن المعلقة فى بابل والاكدين والاشورين فى نينوى والقصور العباسية مما يدلل على ان شعبا لا يحتفظ باثاره وحضارته ليس له تاريخ صحيح وقد يخالف اخرين هذا الراي ويشيرون الى الموجود حاليا من اثار في بابل والثور المجنح وملوية سامراء خير شاهد على تاريخ تلك الحضارة وقد يكون ذلك جوابا صحيحا الى حد ما ولكنه غير كافى عند المقارنة بين ماكتب وقيل عنها وعن ماهوموجود فى الواقع , ان الامم العظيمة لا تمزق نفسها بنفسها ولا تقتل ابنائها ولا تتبرع باراضيها الى الغير فى حين ان الامم المشكوك فى اصولها لا يصعب عليها ذلك وبقراءة سريعة لتاريخ اقوام وادى الرافدين تضع يدك على الجرح وعلى حقيقة ماجرى للعراقيين منذ ان وضعت له جغرافيا وخريطة ونظام فى عشرينيات القرن الماضى بعد ان كان عبارة عن ثلاثة ولايات الموصل وبغداد والبصرة وحتى عام 1920 ايام حكم العثمانين وفى عام 1921 عندما منح المحتلين الانكليز العراق استقلاله الوطني لم يكن ذلك لسواد عيون العراقيين وانما لتخليصهم من حكم العثمانيين و لمصالحهم المستقبلية فى المنطقة لذلك فقد تركت مساحات واسعة من اراضيه لايران والكويت والسعودية وهذا هو ديدن السياسة البريطانية للدول التى احتلتها وانها عبارة عن الغام قد تتفجر بين الدول سعيا وراء المشاكل , اعقبها اختيار احد ابناء السلالة الهاشمية فيصل ابن الحسين ليكون ملكا على العراق فى حين انه اختير قبل ذلك ليكون ملكا على الشام اى سوريا وما يحيط بها التى كانت ايضا بحاجة الى من يقود كيانها بعد اتفاق وتوقيع اتفاقية سايكس بيكوا نتيجة اانتصار الحلفاء الاوروبيين وهزيمة العثمانين فى الحرب العالمية الاولى ولاسباب اخرى لاتزال تفاصليها غير معروفة الى الان وهنا يجدر بنا الانتباه بان الذى اختير ان يكون ملك للعراق هو غير عراقى بل حجازى الاصل وهنا يتبادر لنا السؤال لماذا كان ذلك الاختيار؟ الم يكن فى العراق اشخاص من هم مؤهلين لهذا المنصب , ام ماذا؟ سؤال يصعب الاجابة عليه فى حينه ولكن هناك من يقول ان الانكليز لديهم الاجابة عليه فى حين لا تجد من العراقيين من يبرر ذلك الا بحدود ضيقة وليس لديهم ما يوضح الدوافع والاسباب وظروف الاختيار هذا,كما ان الطبقة السياسيةفى تلك الفترة لم يكن فى بالهم موضوع كهذا بقدر ماكان يسعون اليه بالتخلص من حكم العثانيين واطلقوا على الانكليز تسمية ابو ناجى اى الذى نجاهم من السلاطين العثمانيين هذا اضافة الى ان المجتمع فى تلك الفترة كان متفرقا لا تجمعه الكلمة الواحدة حول من يقود هذه الدولة بسبب الطبيعة العشائرية والمذهبيةالسائدة حينذاك ؟ فى الوقت ان التاريخ يشير الى ان المرشحين من العشائر كانوا مؤهلين لتبوء هذه المنصب ولكن خشية ان تختلف عليه طوائف النسيج العراقى الذى لاتجتمع فيه روح التجانس والرائ الى جانب ان الملك المرشح للمملكة العراقية سيكون هاشمى ومن السلالة النبوية لاعتراض عليه وله تاريخ معروف فى تشكيل وحدات اطلق عليها فى حينه جيش الثورة العربية وسيقبل به الجميع كما وان ما قيل عن الحروب التى تلقاها العراقيون خلال الفترة التى تولى حكمه اقوام من غيرالعراقيين فى القرون الماضية كانت لاتغرب عن البال لما جرى لهم خلالها من قتل ونهب وتدمير واتلاف ماكتب ابتداء من احتلال هولاكو والصفويين والقاجرين والعثمانيون ففى كل واحدة منها قصص وروايات اشبه بالخرافة فما يقال عن بغداد المدورة عاصمة الرشيد لاتجد ما يوحى للاخرين انها فعلا كانت كما كان يقال عنها وعن القصور لاتجد لها اثر ولحد العشرينات كانت بغداد عبارة عن قرية كبيرة محاطة بالبساتين خاليه من اية معالم مدنية فهى بدون كهرباء ولا اسالة ماء ولا مواصلات ولا طرق ولا جسور فاين اذن رويات الف ليلة وليلة والمدارس ودورالعلم والثفافة , اذن فهى اشبه بخرافة وخيال وللحقيقة فان الانكليز والحكم الملكى هما اصحاب الشان فيما عرف عن العراق رغم حداثه توليهم مسؤليته , والحديث فى هذا الشان يطول وليس فيه ماهو يسر لسواد الوانه وحزن ايامه وكل من يريد ان يتذكر بما اصاب العراق وشعبه لايتمكن من الاستمرار فى الحديث لمرارته وقساوة ايامه وسوء تقدير لحكامه الذين تولوا اموره فى الماضى وبعد سقوط النظام الملكى ومجئ النظام الجمهورى الذى ساد فيه الفوضى والصراع بين الاحزاب السياسية وتغلب عليه حب الذات قبل حب الوطن والمصالح قبل المنافع والخدمة العامة التى هى وعاء يضم كل العراقيين ومن يقرأ تاريخ ماكان يبحث عنه زعماءه فى امور تتعلق بحدوده ومطالباته باراضيه التى استقطعت منه لاستطاع ان يقدر كيف كان الزعماء العرب يفكرون بدوافع مصالحهم بخلاف مصالح شعوبهم ولعل موضوع الكويت واحدة منها .
كثر الحديث عن الحروب التى شهدها العراق والويلات التى اصابته خلالها والتى اخرها حرب الولايات المتحدة فى 2003 وكتب عنها الكثير مالم يكتب عن الحروب الاخرى لا بل قيل عنها مالم يقا ل فى القصص والافلام التى توضح همجيية تلك الحرب والاثار التى الكارثية التى تركتها على شعوب المنطقة وخصوصا التى لها علاقة باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا وانتشار الامراض والاورام الخبيثة والولادات المشوهة والعقم والى ذلك من الاوصاف التى لازمتها والغريب فيها ايضا ليس لها مايبررها وانها مازالت تتحدث عن واقعها بعناوين كبيرة وكانها المنتصرة لانها وضعت الامور التى ارادت بها ان تكون فى مكانها الصحيح ( الديمقراطية وحرية الانسان ) وتخليص الشعوب من الظلم والعبودية كما تدعي وساعدها على ذلك الماكنة الاعلامية التى تمتلكها والتى استخدمتها بذكاء شيطانى وتمكنت خلال فترة قصيرة من خداع شعوب العالم بما تروجه من قصص عن الانظمة الديكتاتورية والارهاب واصحابه واسلحته وادواته . وقد يكون ذلك مقبولا عندما كانت الشعوب محاطة بقيود تمنعها من الرؤيا واوصدت الابواب على اعينها واسماعها , ولكن وبفضل التطور الذى شهده العالم فى وسائل الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي والانترنيت والقنوات الفضائية وقدرة المجتمعات على التميز بين الغث والسمين بين الحقيقة والخديعة المظللة فلم يعد بامكانها الاستمرار بالكذب على الانظمة والحكومات وسياسيوا الاحزاب وكذلك بالنسبة لمواطنيها الذين باتوا غير مقتنعين بما تقوم به من ممارسات وتحت مسميات كالارهاب بقصد ارباكهم وتخويفهم ولاشك انها وبهذه الطريقة التى اصبحت مفضوحة لن تتمكن من خداع العالم بما كانت تمليه عليهم فى السابق من اشاعات عن رووساء الدول والحكومات والقادة وزعماء الاحزاب فى محاولة لبث الشك بما جرى ويجرى فى العالم بخلاف حقائق الاشياء وبالتاكيد فان الوسائل العلمية والسايكلوجية التى كانت تستخدمها وقوة مروجيها تمكنت فى البداية من التاثير على كثير من الافكار والمواقف لدى الناس ولكنها وبمرور الزمن ونتيجه لوعى المجتمعات واتساع الروابط مع بعضها توضح بان ماروجته من معلومات عن الانظمة وزعماءها لم يكن سوى اكاذيب باطلة الغرض منها الاساءة الى اصحاب المواقف الوطنية والمدافعين عن حقوق بلدانهم كالذي قيل عن الرؤوساء جمال عبدالناصروعن عبد الكريم قاسم وعن صدام واخرين وعن رؤوساء الاحزاب الاشتراكية لا يتطابق مع الحقيقة؟ ولكن ليس كل مايقال عن هؤلاء القادة الذين كان لهم شان فى بلدانهم كان يعبر عن حقيقة نواياهم التى ارا دوا الوصول اليها بتلك الوسائل فلكل من هؤلاء القادة والزعماء او الرؤساء تطلعات شخصية تمليها عليهم طبيعة مهمتم الوطنية, ونوازع ترتبط بمسيرتهم التى رافقتهم مع الزمن الذى عاشوا فيه والبيئة والمناطق التى سكنوا وترعرعوا فيها والاصدقاء وزملاء الدراسة والعمل والاندية والمقاهي فلكل جانب من جوانب تلك المراحل ثقافات وحكايات ومواقف وظروف لها صلة بما يحدث وهي بلاشك اوضاع تتنوع فيها الاراء السياسية التى يرى فيها الجماعات انها لم تعد مقبولة سواء فى محيطهم اوخارجه لذلك فان التراكمات الفكرىة والسياسية التى تولدها تلك الظروف تشد الناس نحوها فالحديث عنها بشكل مباشر او نقلا تفرضه طبيعة الاجواء السائدة فى مجتمعاتهم وصولا الى الوسائل التى من خلالها تتوضح المواقف بالقبول او الرفض عند الاخرين الذين ياخذون على عاتقهم البحث عن طرق وحلول وصولا للتمنيات التى تدور فى اذهانهم , هكذا تقول مذكرات من كان له اسم لامع فى التاريخ ولو تصفحنا عما كتب عن هؤلاء القادة العظماء والعلماء والعباقرة والمخترعين والفلاسفة والادباء والشعراء والفنانون وتوقفنا عندها فاننا قد نصاب بصدمة لان الكثبرمنها لاتصلح للحديث عنها الان عند مقارنتها مع الوضع الحالى الذى نحن فيه حيث اتخذت الاوصاف والمعاني تعبيرات متلونة بعيدة عن المبادى والاخلاق واصبح الاخذ بها بصورة مشوشة لسان حالهم لكثير من المواقف عن البعض من هؤلاء خاصة السياسيين منهم ورجال الفكر ورجال الدين وصولا الى الرؤساء وقادة الاحزاب الذىن اصبح العالم يردد بما ينقل عنهم من تصريحات وكتابات وخطابات ويصاب من يطلع عليها بدوار فكرى لتشابك المواقف وازدواجية المعايير بين واقعهم وحقيقة نواياهم وهكذا كانت فالحروب التاريخية التى قال عنها التاريخ كانت فى اغلبها لها من الاسباب او كان ورائها قصص غريبة قد تكون فى وقتها مقبولة فى حين الحروب الاخرى كان لها من المبررات التى لا تدعواليها للاثار السلبية التى خلفتها والتى لازالت البشرية تتذكرها بمرارة , ومن الصعب حصرها بعصر معين كما ان, الحديث عنها قد لايكون مجديا ليس لان كتابها و المؤرخين لها لايجيدون التعبير عنها او لانها تنوعت في وقائعها مابين حقائق المعلومات التى توفرت عنها والظروف التى ذكرت عنها وبالمقابل فان ثورات الشعوب والانقلابات العسكرية وخصوصا التى وقعت فى االعقود الماضية والتى دونتها صفحات التاريخ كان لها من المبررات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى دفعتها بهذا الاتجاه والتى ومن خلالها تغيرت اوضاع الشعوب والامم وظهرت مفاهيم ونظريات تدعو الى تغييرات فى انماط الحياة وعلاقات الدول مع بعضها البعض ومع مواطنيها واعتمدت فى انتفاضاتها الافكار والايدلوجيات السياسية التى تؤمن بها الفئات الاجتماعية داخل مجتمعات العالم ,كالثورة الفرنسية فى اوروبا مثلا والثورة البلشفية في روسيا القيصرية وثورة الفلاحين فى الصين وقد تتضارب السياسات التى خرجت بها تلك الثورات ولكنها قد تكون متشابهه فى وسائلها واساليبها الوطنية وقد تاثرت بها عقول مروجيها وظهرت قوتها من خلال بكريماتية النغمة واسلوبها المحرك للجماهيروقد تكون مبادئ قادتها تحمل مستوىات فكرىة معينة لا يرى بغيرها بديل افضل الى جانب ان هناك تشوهات ايدلوجيه في الوعى الزائف لاصحابها اى التفسير الغيرمعقول والمقبول الذى يصيغه قائد او زعيم ما وما يبرره من المواقف التى تهدد مصالحهم الخاصة والعلاقة بين الفكر والسلوك لهؤلاء ولسنا هنا بصدد العودة الى مراحل الزمن الذى وقعت فيه تلك الاحداث رغم اهميتها لانها اصبحت على ذمة التاريخ بقدرمايهمنا الى مانتج عنها من اثار على شعوب المنطقة وبالتحديد على العراق , فالذى جرى للعراق منذ اعلان استقلاله الوطني فى عشرينات القرن الماضى والى الوضع الذى هو عليه الان امر لاغرابة فيه خصوصا اذا عدنا الى تاريخ تلك الفترات وما يروى لنا عنها بصورة اوباخرى و عن حقيقة ماجرى والتى دونتها كثير من الحوادث والكتب بطريقة متباينة وفق للظروف التى تناولتها تلك الكتابات والحالة السياسية التى رافقتها ولاشك فان المفارقات التى شملتها كانت مشوشة وتميل الى ما كانت عليه ظروف تلك المرحلة وهى بلاشك الاكثر قبولا فى تلك الفترة , واعنى بذلك ماكتب عن الانتفاضات والانقلابات والثورات التى شهدتها المنطقة منذ عقود من الزمن بسبب ان اوضاع المنطقة التى كانت تفتقر لكثير من الوسائل و بحاجة الى النهوض ومطالبت المجتمع بالعيش بسلام وطمانينة وامان وتوفيرالمستلزمات التى تحتاجها والتى افتقدوا اليها (الاقتصادية والصناعية والتربوية) تساعدتها على النهوض بمجتمعاتها التى يشوبها التخلف والامراض وانعدام التعليم والاعتماد على الزراعة البسيطة التى لا تجلب الموارد الكافية لبناء دولة حضارية ناهيك عن الامية التى كانت سائدة فى تلك المجتعات فمثلا العراق الذى كان قبل نيله الاستقلال عام 1921 كان عبارة عن خليط من الاقوام العربية والكردية والمسيحية ولكل من هؤلاء تاريخ يمتد الى قرون من الزمن يشيراليه كل من يعنيهم امر تلك الاقوام التى سكنت فى وادى الرافدين وما بين النهرين وبدأ باكتساب الأهمية التدريجية له عندما اكتشف النفط فى اراضيه وتحول اقتصاده من اقتصاد يعتمد على الزراعة الى اقتصاد مدعوم بصادراته من النفط الخام وتدريجيا الى الصناعات التحويلية فبدأ بقاعدة ضعيفة جداً من الصناعات وبدأ تدريجيا يتنقل الى مرحلة النمو وتركيز الدولة واستمرعلى ذلك حتى قيام ثورة تموز 1958 التى اطاحت بالنظام الملكى وقيام النظام الجمهورى الذى اظهر ومن خلال بياناته بانه سيجعل من العراق دولة لها شان فى المنطقة والعالم ومنذ الوهلة الاولى اتضح للعراقيين بان تلك الثورة لها من المبادئ السياسية المتنوعة مابين الميل الى الاسلوب الغربي والاشتراكي في ادارة الدولة و اتخذ من الخطط التى وضعها مجلس اعمار النظام الملكى طريقا فى الاستمرار بتنفيذ المشاريع التى وضعت للنهوض بالمجتمع الحضارى المتطور واستمرالعمل بالجهود التنموية الموضوعة من قبل مجلس الاعمار والتى التفت اليها الحكومات التى تعاقبت على العراق والعمل في مجال الاستثمار في الصناعات التحويلية بعد تزايد الموارد النفطية، وتضمنت تلك الجهود الى تطوير الصناعات وتوسيع المصافي لتكرير النفط وكذلك استغلال الغاز الطبيعي في صناعات بسيطة إضافة إلى إنتاج الغازات السائلة لاستغلالها محلياً. الصناعات غير النفطية ويعتمد أغلبها على الصناعات الحرفية والمهارات المحلية الخاصة والصناعات التحويلية التقليدية كصناعات النسيج والجلود والأغذية والتبغ والمواد الإنشائيةالتى كانت تحت سيطرة القطاع الخاص حتى نهاية الستينيات قبل القيام بتاميمها تاثرا بما كانت تطالب به الاحزاب ذات الصبغة الاشتراكية واعتبار التجربة المصرية خطوة متقدمة بهذا الاتجاه و بما كانت مصر تعمل به فى الجوانب الاقتصادية الاستهلاكية رغم اختلاف انماط الصناعات التى يتعامل بها كلا البلدين الا ان الجانب السياسي كان له الاسبيقية فى هذا الشان فى الوقت أن قوانين تأميم القطاعات التى كانت تدار خارج سيطرة الدولة فى الصناعة والبنوك والقرارات الاخرى التي رافقتها أفرزت مردودات عكسية كبيرة على الاقتصاد العراقي. وكان لابد من التانى بهذا الجانب لان نمو الصناعات التى كانت تدار بواسطة القطاع الخاص لازالت فى دور النمو ولم تصل الى درجة الاحتكار ولا تشكل اية ظاهرة سياسية يتاثر بها المجتمع وهى ليست خطرة على النظام السياسي وللاسف فان اصحاب القرار فى السلطة وبتاثير من السياسين فهموا ذلك بعكس ما كانت عليه الانظمة الاخرى لذلك فان الاثار السلبية التى سببتها تلك السياسة وامراضها توارثتها مؤسسات الدولة ولاتزال تعمل وفق ماجاء فيها الى الان ولاشك فان مقارنة المرحلة التى مر بها العراق مع عدد من الدول التى هى اقل منه مساحة وكفاءه ومقدرة مالية وموارد بشرية واقول عندما نتناول وضع العراق قبل الاحتلاله فى (2003) والمرحلة التى يمربها الان والتطور الذى شهده العالم فى زمن انتصرت فيه العلوم والتكنولوجيا على كثير من المفردات السياسية التى لم يعد لها خصوصية كما كانت عليه فى السابق واستبدل عنها بالمصالح والتسابق فى السيطرة على الاسواق اضافة الى استخدام تكنولوجيا المعلومات وشبكات الانترنيت والتواصل بين الشعوب وسرعة الاتصالات ان يعرج على تاريخه المليئ بالمفارقات والقصص الغريبة عن ما مر عليه من نكبات وحروب وتشتت وهجرة اصابته بخيبة امل وكأن االتاريخ يعيد نفسه لما ذكر عن حاله بعد احتلاله من قبل وبعد المغول الى منحه الاستقلال فى العقد الثانى من القرن العشرين وبعد احتلال العراق من قبل بريطانيا حدثت امور لايمكننا اغفالها او المرورعليها سريعا لان الوقائع التى لازال العراقيين يتحدثون عنها وعن ما جرى فيها فى فترات تولى فيها الامويين والعباسيين والفرس والاتراك والانكليز وخصوصا احتلال بغداد من قبل هولاكو ويستذكروها بالم لسوء تصرف حكام تلك الفترة بسبب ميلهم الى النزعة الفردية وانعدام الخبرة والفكر السياسى السليم واستخدام الحوار والمرونة محل التعصب فى الرد والمغالاة فى القوة فلو كان تصرف الزعماء والقادة بهذه الصورة لما جرى الذى جرى ولازال التاريخ يذكرها بمرارة , لذلك توارثت الاقوام فيما بعدهم شخصيات اولئك القادة الذين تولوا حكم العراق فى تلك الفترة وكانوا يبحثون فى الواقع عما يؤيد افكارهم وان لم يجدوا من يقوم بذلك يختل توازن تصرفاتهم ويبدوا بتزيف الواقع وتضليل انفسهم فى صورة رجل ينتصر لمسلماته بشتى الوسائل , وبين مرحلة واخرى شهد تاريخ العراق نماذج من هذا النوع من الزعماء والقادة الذىن لم يتقبلوا بحكم الاخرين( العثمانيين ولا الانكليز ) اضافة الى ابناء جلدتهم لذلك حدثت انتفاضات واحتجاجات كثيرة اقربها الينا انتفاضة العشائر بزعامة رؤوساء عشائر الجنوب والوسط رافعة اصواتها بالتخلص من حكم الانكليز واقامة حكومة وطنية وكان ذلك فى عام 1920 مما اضطرت حكومة التاج البريطانى الى اعلان استقلال العراق وتنصيب احد شخصيات الحجاز ملكا على العراق واختير فيصل ابن الحسين ليكون ملكا للعراق فى سنة 1921 استمر الى عام 1933 حيث اعلن عن وفاته بسبب المرض ونصب ابنه غازى ملكا من بعده وفى سنة 1939 تعرض لحادث وهو يقود سيارته مما تسببت فى وفاته وفى عام 1936 قام احد الضباط ويدعى بكر صدقى بمحاولة انقلاب عسكرى لم تعرف اسبابه( لماذا ولمصلحة من) وجرى التعتيم عن دوافع المحاولة تلك , اعقبها حركة الضباط الاربعة فى عام 1941 سميت انقلاب مايس او بحركة رشيد عالى الكيلانى التى ارادت بتغير سياسة الدولة وارتباطها مع الانكليز ولاقت تعاطفا وتايدا من الكثيرين على اعتبار انها حركة تحمل اهداف وطنية وعوضا ان تكون تلك المحاولة درسا للنظام القائم حينذاك لتصحيح ااوضاع العراق بل على العكس من ذلك عالجت الخطأ بخطأ اخر فاقدمت على اعدام ضباط الحركة مما زاد الطين بله , ونتيجة للضغط المستمر على الحركات الوطنية وموقف النظام من ماوقع على فلسطين من قبل اليهود عام 1948 وحرب السويس على مصر عام 1956 حدثت ثورة تموز فى الرابع عشر منه سنة 1958 وعلى اثرها الغى النظام الملكى واعلن عن قيام الجمهورية العراقية وتم تسمية الزعيم عبدالكريم قاسم قائدا لها وكذلك اعلن عن قادتها الاخرين الذين اقسموا على خدمة الشعب ومنح الحريات والتحرر من الارتباط مع المستعمرالبريطاني وبدلا ان يسعى النظام الجديد الى تجميع الشعب وقواه الوطنية عمل على زرع الخلاف وبذور الصراع بينهم الامر الذى ادى قيام انتفاضة عسكرية من قبل ضباط حزب البعث العربى الاشتراكى والقوى الاخرى على الحكم الفردى العسكرى الذى كان يتزعمه عبدالكريم قاسم فى عام 1963 حدث ثورة اشترك فيها مجموعة مع الضباط و اعضاء من الاحزاب القومية وعلى راسها حزب البعث لتغير نظام الحكم الدكتاتورى العسكري الى نظام حزبى يقوده حزب البعث وفى نفس العام تغير الوضع واعيد حكم العسكر تحت سلطة عبدالسلام عارف ومن بعده اخيه عبدالرحمن عارف استمر الى يوم 17 من تموز1968 حيث اعاد حزب البعث سيطرتة على الدولة رافعا بذلك شعاراته والتى دعى اليها الانظمة العربية للعمل على تحقيقها وفق منهج تلتزم به الحكومات العربية لتكون نواة لقيام الدولة العربية الموحدة والتى لم تلقى لها اهتماما رغم ان طرح شعارات كهذه, قد يضع تلك الدول فى موضع المسؤولية المبدئية امام شعوبها لذلك برزت بوادر خلافات فى الرؤية بين الاقطار تلك حول المرحلة التى تمر بها اقطارهم والمشاكل التى تعانى منها شعوبهم والصراع مع المحتل الاسرائيلى ومطلبات كل دولة وحاجاتها للموارد المالية والعسكرية لتمكينها من اعادة اراضيها التى احتلت من قبل اسرائيل فى حرب حزيران 1967 وموضوع الصراع الكردى فى شمال العراق اظافة الى طبيعة المشاكل التى يواجهها حزب البعث نفسه بخلافه مع البعث فى سوريا والاحزاب الاخرى فى العراق وعند هذه النقطة علينا التوقف , للتعمق فى موضوع العراق نفسه لان واقع الحال كان يشير الى ان السلطة فى العراق كانت موزعة بين عدد من المكونات المكون الاول وهو العسكري او الجيش والمكون الثانى المدني وهو حزب البعث ومنتسبيه والمكون الثالث الاحزاب التى خارج سيطرة الدولة واهمها الحزب الشيوعى والاكراد , فالبنسبة للعسكر والجيش فان رئيس الجمهورية كان المسؤول عنه مباشرة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة وبالنسبة لتنظيات الحزب فان موضوعها كان من مسؤولية امين سر قيادة الحزب الذى هو صدام حسين , وكان التعامل بين هذين الموقعين يشوبه نوع من الارتباك و الحساسية و يجب التعامل معهما بحذر شديد لما تفرضه متطلبات كل موقع فى اادارة الدولة والتصرف واحيانا كان العمل يتقاطع بين الموقعين للمهام المناطة بكل واحد منها ويصعب التنسيق وتطابق الروى بينهما لذلك كان يخشى ان تقع المطرقة على احد اطراف المعادلة الطرف الاول يمثله رئيس الجمهورية والطرف الثانى نائبة الذى سمى بنائب رئيس مجلس قيادة الثورة وتلك كانت من اصعب المهام التى تواجهها قيادة حزب البعث خصوصا وان متطلبات العمل الحزبي يستوجب قيادات مدنية بينما كان التنظيم العسكرى بحاجة الى ضباط برتب معينة تلقى الاحترام والطاعة للواجبات الموكلة اليهم اضافة الى واجبات حزبية لذلك فان لكل من التنظيم المدنى والعسكرى طريقتة الخاصة بادارة الدولة فكان الرئيس البكر يرى بان اعتماد سياقات النظم الادارية المتوارثة فى العمل شئ لابد منه بينما اعتمد نائبه صدام طريقتة الخاصة فى العمل حيث تعتمدعلى سياقات نوعية تختلف عن ماهو معمول به فى الدولة باسلوب التغير ووضع الكفاءات فى مكانها الصحيح بعيدا عن الروتين واسلوب التدرج فى سلم المسؤليات وتلك الطريقة لاقت ترحيب وتاييد من قبل الكثيرين كما انه اعتمد اسلوب اللقاء المباشر بالمواطنين وسماع ارائهم بخصوص سلبيات العمل وسبل التخلص من الاساليب والمظاهر الروتينية بعتبارها افضل وسيلة للتعرف على مشاكلهم ناهيك فتح ابواب الانتماء للحزب لكافة الشرائح الاجتماعية ومن خلالها فقد اقترب اكثر الى العراقيين وتعزز موقعة لديهم ولدى منتسبى حزب البعث وبذلك اكتسب قبولهم وترحيبهم ليس فقط من هم منتسبى الحزب فقط وانما منتسبى الاحزاب الاخرى التى كان لها راي بالنظام الجديد واقصد بذلك القاعدة الكبيرة التى يشكلها الحزب الشيوعى العراقى بشقيه اللجنة المركزية والقيادة المركزية التى يترسها القيادى المخضرم عزيز الحاج الذى انتفض على القيادة التقليدية للحزب ذات الصلة بالقيادة الام فى الاتحاد السوفيتى واكتسب الكثير من قواعد الحزب التابعة للجنة المركزية وشكل اعتقاله فى عام 1969 والاتفاق معه حول مشاركة تنظيماته للعمل مع حزب البعث انجازا لصدام واعطى له الفرصة لتعزيز موقعة فى الدولة والحزب اعقبها توسع فى هيكلية دوائر الدولة وتم تعين الاف منهم فى قطاع الصناعة والزراعة والتعليم والجيش واجهزة الشرطة والامن وبدأت السلطة التى يمارسها النائب تاخذ المساحة الاكبر فى النفوذ والقرار على مستوى السياسة الداخلية وبالمقابل تم الانفتاح على الدول الاشتراكية والغربية وعقدت عدة اتفاقيات معها وتحقق للعراقيين نمو نسبي فى المستويات الثقافية والتعليمية والصحية والصناعية والاقتصادية والمعيشية وبدء العالم ينظر الى العراق ويتعامل معه بشكل مختلف عن السابق وبدات الوفود تتبادل فى زياراتها وارسلت البعثات للدراسات العليا واستمر الحال على هذه الصورة الى ان وجدت الجهات المعادية الفرص التى ومن خلالها ان تسعى للانتقاص من مسيرة هذا القائد فعملت على وضع العصا فى عجلة هذا الاندفاع الذى وقع وبدلا ان تلجأ الى تقليص تلك الفجوة عملت على توسيعها الامر الذى قوبل بالرفض لشعوره بانه اشبه بالاستهداف الذى قابلة فى ترك المسؤلية احتجاجا على عدم اطلاق يده لمعالجة الامور , كما ان قضية التمرد فى شمال العراق بزعامة مصطفى البرزانى كانت بحاجة الى مواقف شجاعة من قبل قيادة الحزب واهمها قيام نظام الشاه بتحريك قضية الاكراد وتحريك الجانب الدينى الطائفى تدريجيا للتقليل من اندفاعه نحو احداث تغيرات فى حياة المواطنين وتوسيع هياكل الدولة الادارية والتنظيمة وتنويع مصادر الدخل وتاسيس القطاعات الاقتصادية والنفطية والصناعية والتربوية والصحية هذا فى الجانب المدني اضافة الى الجانب العسكري الذى كان بحاجة الى التنوع فى تشكيلاته باظافة وحدات حديثة له مما اضطر رئيس الدولة وقيادة الحزب الى مناشدته باسم الحزب والثورة للعودة بممارسة اعماله ودعمه بكل الوسائل لانجاح مهمته, عند هذه المرحلة تحقق له النجاح فى حل موضوع الاكراد بمنحهم الحكم الذاتى وتحسنت علاقات العراق مع ايران الشاه وامتدت الى تركيا والمملكة العربية السعودية والاردن وتوسع فى ذلك الى بقية دول العالم واصبح له شان عند العرب والعالم باتفاقه مع فرنسا حول مشاريع صناعية مهمة وبالتاكيد فان رجل دولة بهذه المواصفات سيكون له شأن دولى مهم ويحسب له حساب من قبل القوى الدولية المعادية واولها اصحاب المصالح والشركات الاحتكارية النفطية التى اصيبت بصدمة بقرار تاميم النفط فى منتصف عام 1972 ومن هنا بدء الخوف من استمراره بهذا النهج سيما وان الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بدءت تنظر الى الشرق الاوسط وهو فى وضعه الجديد بعين الريبة والخشية سيما وان العراق اصبح دولة قوية وله نفوذ لذلك عملت على اعداد خطط وبرامج للنيل منه بشتى الطرق والوسائل والاساليب وانها ستعمل على زرع المشاكل وبوادر الفرقة والخلاف بينه وبين الانظمة المحيطة به من جانب ومن الجانب الاخر احداث المشاكل الداخلية بين نسيجه الاجتماعى ذو الطوائف والاعراق المتنوعة وسخرت لذلك مؤسساتها البحثية والمخابراتية والدينية لتمارس هذا الدور فاظهرت للعالم رجل الدين الخمينى الذى كان لاجئا فى العراق وتحت حماية حكومته وتم تهيئته ودعمه بكل الوسائل التى تمكنه من احداث تغيرات فى المنطقة ومنح الفرصة للقضاء على نظام الشاه المتوارث من الاجداد وصاحب الشان والقوة فى ايران والخليج العربي ومن ثم تاليبه ضد نظام العراق باطلاقة شعار تحرير القدس يمر عبر بغداد وبمجرد وصول رجال الدين فى ايران الى الحكم كشروا عن انيابهم واعلنوا عدائهم للنظام البعثى فى العراق وابدوا رغبتهم باسقاطه وعملوا على ذلك فى داخل العراق عن طريق تحريك عملائهم من الذين يؤيدون النهج الدينى الطائفي الذى تدعيه ايران وكذلك تحريك قضية الاكراد فى شمال العراق مجددا فى اشارة واضحة لتمزيق وحدة الشعب العراقي واضعاف السلطة ولاختلاف وجهات النظر فى معالجة هذه الامور قبل وقوعها جرى تغير فى هيكلية ادارة الدولة فى العراق وباسلوب دراماتيكى حيث تنازل رئيس الجمهورية عن سلطاته لنائبه بطريقة شابها نوع من الشكوك و تضارب فى الاراء فى الاسلوب المفاجئ الذى تعاملت به وسائل الاعلام وغياب تنظيم الحزب وكان مفاجئا للجميع ولم يكن معروفا اذا اخذت السياقات الحزبية فى الاعتبار. الامر الذى زاد من الطين بله حيث كثر الحديث عنها سلبا وايجابا من قبل منتسبى حزب البعث واخرين الا ان وقائع الاحداث التى وقعت فى ايران وتطورات الموقف معها تحول النزاع بين النظامين الى مجابهات اعلامية ومناوشات حدودية غطت احداثها على كثير من المواقف الداخلية المتعلقة بسياسة حزب البعث وخصوصا اذا وضعنا التغيرات التى رافقت ذلك فى هيكلية القيادة فى الحزب محل الاعتبار , وبلاشك فان من السابق لاوانه فى ذلك الوقت اعطاء تفيسر لمثل تلك الامور قبل الانتهاء من مرحلة النزاع او الحرب مع ايران لاسباب اصبحت معروفة لدى الجميع واولها الخوف من العقوبة او الانتقام ولانها حرب شغلت الجميع لاهميتها وخطورتها على الحزب ولانها حرب ليس فيها منتصر ولا مهزوم وتلك مااريد لها ان تكون حسب ما ذكرته التقارير الدولية وتصريحات مسؤول الامن القومى الامريكى بريجنيسكي والثعلب كيسنجر انها حرب استنزاف للطرفين العراق وايران يتكبد بها الاثنان خسائر مادية ومعنوية لا حدود لها وسوف لن ينساها التاريخ ولانها كانت حرب مفروضة ساعدت القوى الاستعمارية والشركات الاحتكارية على استمرارها لثمانية سنوات راح ضحاياها من الدولتين خسائر كبيرة فى الارواح والممتلكات واغرقت بالديون بعد ان كانتا تمتلكان فائض فى الاموال وتاخرت عنهما كل وسائل النهوض التى لولاها لكان العراق من الدول الصناعية المهمة فى الشرق الاوسط قبل ماليزيا والامارات ودول اخرى والاهم تجاريا وصناعيا وعوضا ان يكون ذلك درسا لقادة العراق , اقدموا وبعد مرور سنتين على ضم الكويت الى العراق تحت ذرائع لم يتفق عليها المجتمع الدولى ولكنه من جانب اخر فان هناك اسباب كثيره دفعته للقيام بهذا العمل الذى فاجئ العالم به على الرغم من التبريرات التى لم توضحها حكومته بطرق قانونية منطقية كقيام الكويت بتجاوز واضح على حدود العراق وما فعلته الكويت فى سرقة كميات كبيرة من نفوطه عن طريق سحبه ارتوازيا بطريقة الهورزنتال (السحب الافقى) متناسين بذلك القوانين الدولية وقرارات الامم المتحدة والمجتمع الدولى وان صح ذلك كما تؤكده الوثائق الدولية ولكنها كانت القشة التى قسمت ظهر البعير لان نتائجها اصابت ليس العراق فقط وانما المنطقة باسرها كما وبهذ السلوك اللااخلاقي اعطت الضوء الاخضر للدول الاستعمارية العودة الى المنطقة تحت غطاء الشرعية الدولية فتحقق لها ذلك بعد عام واطلاق يدها لاحداث تغيرات درامتكية فى مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا ولا تزال تمارس نفس الدور بالنسبة للاقطار الاخرى وبالتاكيد فان احتلال العراق وهو حجر الزاوية للبلدان العربية الاخرى التى بدأت متواضعة امام رغبات امريكا التى كانت تمارس معها لعبة القط والفار تحت غطاء الارهاب والمجموعات المسلحة التى تقودها مجموعات مسلحة باسم الاسلام اى ان الشعار الذى نادت به المنظمات الصهيونية التلمودية (محاربة الاسلام بالاسلام) بدء يؤخذ طريقة للتنفيذ بواسطة عملائها فى المنطقة حكام وافراد وهكذا جنت على نفسها براقش كما يقول المثل فبدلا ان يكون النفط عونا لنهوض بلدان المنطقة صار وبال عليها فلقد ضاعت ثروات العراق النفطية والمائية وحل محلها المرض والفقر والجهل والفساد والامية وترسخت الطائفية والعنصرية ناهيك عن فقدان الامن والامان وغادر الالوف من العلماء والمثقفين وملايين المهجرين العراق منتشرين فى العالم ولا عودة لهم لانهم سيكونوا من حصة البلدان الاخرى للسنوات القادمة وهذا يعنى ان الوضع سيكون على هذا الحال يسوده التمزق والفرقة والتخلف لمدة عشر سنوات اخرى وبذلك سيكون لابناء المهجرين اوطان اخرى يعيشون فيها هم وذريتهم فى امان وحرية ولا عودة لهم الى العراق الذى سيكون مجرد ذكريات عاش فيها ابائهم واجدادهم وكان العراق قد اشار باكثر من مناسبة ومؤتمر ولقاء مع الرؤوساء والملوك العرب وزعماء الاحزاب والمتظمات الى المرحلة الحرجة والدقيقة التى سوف تمر على المنطقة تحت غطاء المحافظة على الامن العالمى من الارهاب الذى روجته الولايات المتحدة بعد تفجبرات 11 سبتمبر التى اصبحت اشبه بقميص عثمان الذى ارادت ومن خلالها ان تنفذ برنامجها نحو احتلال المنطقة وبالتالي تبديد ثراوتها النفطية تحت مسميات حضارية العولمة والاستثمار واقامة الديمقراطية وزالة الظلم الواقع على شعوب المنطقة ولاتزال السياسة التى اتبعها الرئيس العراقي " صدام حسين " بشان المحافظة على التوزنات الدولية والاقليمية فى منطقة الشرق الاوسط بعيدا عن تدخلات القوى الكبرى وخطورة توجهات ملالي ايران لتاجيج الصرعات المذهبية انسجاما مع المخططات الصهيونية التى كان يبشر بها الرؤوساء الامريكان منذ الربع الاخير من القرن الماضى وكان لتحذيره المستمر من خلال لقاءاته مع رؤوساء الدول وموتمرات القمة العربية والجامعة العربية بان استقرار المنطقة لايتاتى وهناك تحركات للاساطيل الامريكية نحو مياه الخليج العربي وحاول وبمختلف الوسائل ان يجمع الدول العربية على راى واحد تجاه التغيير الفجائي لنظام الشاه ومجيئ رجال دين ليحكموا ايران بطريقة فوضوية تهدف الى زعزعة المنطقة وتحويلها الى مناطق لصراعات طائفية لم تعرفها السياسة الدولية من قبل ولم تصغى لها الادارات الامريكية وكان ايضا يستقرى الواقع السياسى ومستقبل الانظمة الوطنية وحذر الولايات المتحدة قبل غيرها بخطورة التلاعب بالنار مع نظامه وان العراق رغم ان حربه دفاعا عن الامة قد كلفته الكثير الا انه لايزال قويا بعمقه التاريخي واحقيية مطاليبه والتى تضرر منها بسبب الحرب مع ايران والتى انهكته ماليا وامام هذا الاصرار الذى تمسك به الرئيس صدام والعروض المغرية التى قدمت له باعتبارة رجل المنطقة والتى كشف عن بعضها الا ان تمسك حزب البعث الذى يقود السلطة فى العراق ,واصراره على عدم التراجع عن خططه تجاه المنطقة بالرغم من حاجته الضرورية الى مثل تلك العروض وكان لاسلوب للمناورة فى هذا الجانب مطلوب تجنبا للعدوان والاحتلال وهذا بلاشك ليس تراجعا للمواقف المبداية التى يناديه بها العراق بقدر ما يكون تكتيكا لامتصاص العنفوان التى كانت امريكا تصرح به رغم ان المعلومات التى كشفتها وسائل الاعلام حديثا قد اشارت الى قيام العراق بعدة محاولات لدى الجانب الامريكى والروسي لتجاوزالازمة لكنه تلقى ردود فعل ايجابية من قبل الطرفين على حل الموضوع حسب مايرتايه العراق فى الوقت الذى ترى فيه الولايات المتحدة الموضوع من جانب اخر يتصل بمجموعة من العوامل اولها الازمة المالية التى يعانى منها الاقتصاد الامريكى وموضوع الدولار وارتفاع اسعار النفط وثانيا قوة الاقتصاد الاوروبى وارتفاع قيمة اليورودولار(العملة الاوروبية) وتفضيلها فى عمليات بيع النفط وسيطرة الصين على التجارة الدولية وعجز روسيا عن القيام بدور متوازن فى المنطقة وهذا الذى اشار اليه خبراء السياسة الامريكية واخرين ,ولا شك فان الاخطاء التى لم تنتبه اليها القيادة العراقية بقراءتها للسياسات الدولية والدورالمشبوه الذى ساهمت به المنظمات الدوليه الامم المتحدة ومنظمة الطاقة الدولية ساعدت الى حد كبيرالى قيام الولايات المتحدة بعدوانها واحتلالها العراق خلافا للشرعية الدولية الى جانب ذلك فان عدم مشاركة القادة العسكريين فى ايجاد حل للموقف زاد من الامر سوء وتعقيدا حتى ولو فرضنا ان جميع الاحتمالات قد وضعتها القيادة العراقية لتجاوز ما يحدث ومشاركة الشعب فى الدفاع عن الارض كالذى عرف عن الحروب فى السابق وتدخل المنظمات الدولية الا ان الظرف التى ارادت به امريكا تنفيذ مشروعها فى المنطقة يختلف عما سبق ان عرف عنها فى امور كهذه لذلك فان الذى حدث للعراق كان اشبه بكارثة دولية ساهمت بها بعض الدول العربية سواء كان ذلك مباشرة او غير مباشرة وكذلك المجتمع الدولى واذا كانت الولايات المتحدة ترى انها اصابت الهدف بما فعلته فى العراق والمنطقة فانها لاتزال تعيش على اوهام قادتها ذو الاصول اليهودية الذين وقعوا اسرى لما جاءت به تنبؤات الكتب الدينية التلمودية اضافة الى ان كبار مخططى السياسات الامريكية من وزراء خارجية ودفاع والامن القومى والمستشارين ليس فى ذهنهم سوى العودة الى استعباد شعوب الارض لسلطتها بالقوة وبالمقابل فان الازمات التى قد تعصف بالاقتصاد الامريكي قد ساهمت ايضا الى استخدام القوة باعتبارها طريق لفرض سياسة الهيمنة للاضرار التى اصيب بها الاقتصاد الامريكى وهبوط اسعار الدولار امام العملة الاوروبية مع ذلك فقد برزت اصوات معارضة لتلك السياسات فى داخل الولايات المتحدة وخارجها فى دول العالم امثال بن رودز مستشار الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما والذي يشغل أيضا منصب نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الاتصالات الإستراتيجية ، وذكر فى تغريدة له أن ما يشهده العراق حاليا ليس بالحرب الطائفية ولا بالفوضى الأمنية التي تخلقها الجماعات الإرهابية ، إنما هو عودة لنظام البعث قبل الاحتلال ، وهو ما يعكس حالة الاستقرار والنظام التي شهدتها وتشهدها المدن العراقية التي سقطت فى 2003 ، ويضيف بن رودز انه وبالرغم من السنيين التي عقبت الغزو الامريكى، إلا انه وما زال نظامه يتمتع بشعبية كبيرة على ارض الواقع بين جموع العراقيين من محبيه وخصومه ، فحتى الأكراد اللذين عانوا في عهد حكم صدام حسين ، استأثروا نظام صدام على حكم المالكي ، والأمر كان جليا عندما امتنع الأكراد من دعم قوات المالكي في الموصل وسمحوا لأتباع صدام من السيطرة عليها .
السياسة فى الولايات المتحدة ليس لها مواقف ثابتة تجاه الدول فهى تتغير بين فترة واخرى وفقا لتغير مصالحها مع دول العالم وتمتلك من الوسائل والادوات للوصول الى مبتغاها بشتى الطرق الدبلوماسية والعسكرية ولا تغشى بذلك من احد خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991 وحلفاءه الاوروبين وبالتاكيد فان لمنطقة الشرق الاوسط شان فى سياساتها الاقتصادية والتجارية وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية وانتصارها على المانيا النازية وحاجتها الماسة لمصادر النفط واسواقها التجارية لذلك فان العقود الاخيرة من القرن الماضى وبدايات القرن الحالى اظهرت وبشكل مكشوف تطلعاتها فى احتلال المنطقة والسيطرة على ثرواتها وهي بهذه الوسيلة اعطت لنفسها الحق فى السيطرة على عمليات بيع وشراء النفط بعملتها المطبوعة خلاف اتفاقية برتن وود التى تشترط معادلة العملات بما يساوها من الذهب وبذلك ضمنت السيطرة على عملتها فى تعاملاتها الدولية وهذا يعنى ان فرص استعادة الاقتصاد الامريكى الى عافيته وتجاوزه صعوبات الانهيار الذى تخشاه فى المستقبل ولاشك فان مجئ دونالد ترامب التى اعتبر مفاجئ للكثير ليس كما نقل عنه وعن تاريخه فهو تمكن بفضل قدراته ان يتاهل ليكون مرشح الحزب الجهورى دون الاخرين وهو لم يكن طارئا على السياسة الامريكية بل هو جزء من الماكنة الاقتصادية الامريكية التى تحتاج بين فترة واخرى الى تبديل محركاتها لانها استخدمت لفترة طويلة بدون صيانة واستهلكت وبحاجة الى تصليح فى اجزاءها شانها بذلك شان السياسة التى استخدمت فى الشرق الاوسط منذ خمسة عشر عام وان الاثر الذى خلفه غزو العراق عام 2003 كان الحدث الاكبر المسبب لزعزعة الاستقرار والنظام الاقليمى والذى اسفر مباشرة على الاثار المدمرة التى لاتزال المنطقة تعانى منها الان , الاحتلال الامريكي وماتبعه من تفكيك للدولة ساهم الى حد كبير فى تغيب دولة عربية رئيسة كانت تلعب دور الحاجز الذى يقف فى وجه ايران ويوازيها وبلا شك فان الاتفاق الغير معلن مع ايران مكنها من توسيع نفوذها وبالتاكيد فان التحولات التى شهدتها السياسة الخارجية الامريكية لم تلقى التاييد حتى من قبل حلفائها كونها ساهمت فى انتشار الفوضى وظهور مجموعات مسلحة ترتدى لباسا دينيا لم تعرفه المنطقة من قبل الامر الذى جعلها عاجزة عن الاجابة على كثير من التساؤلات الموجهة اليها من المجتمع الدولى بصورة مقنعة حول اصول وجذور تلك الجماعات ووضعت نفسها فى مواقف متناقضة حيال التعامل معها . او حتى نفي هذا التعامل باتباعها سياسة خلط االاوراق . الشئ الخطير والخاطئ فى تلك السياسة انها تحاول ان تمسك بكافة الخيوط ومن جميع الاطراف المتناقضة وتعمل فى العلن فى ظواهر الاشياء بعكس ماتخفية من حقائق اى انها تتعامل مع الشئ وضده, لتخلق بذلك بيئة غير مستقرة فى تكتيك استخبارى دقيق بالشكل الذى يؤدى الى اضعاف قدرات دول المنطقة ماليا, وكذلك التعامل مع القدرات الاقتصادية لتلك الدول بقصد انهاكها وايقاف الاستثمار فيها وخنقها اقتصاديا وبالطبع هذا لايعني انها سوف تتخلى تدريجيا عن تلك السياسة مادامت هناك فوائد تجنيها لضمان تحسين لوضاعها الاقتصادية وسوف تستمر فى هذا النهج واعطائها الاسبقية باعتبارها من اولويات امنها القومي ولان موضوعها يتعلق بدور النفط الكبير فى تحديد من سيكون الاقدر على الامساك بقارة اسيا واوروبا من عنقها, وبالمقابل فان من نتائج تلك السياسة داخل المجتمع الامريكى قد ولد تحولا فى الرأي العام الامريكي و اصبح له مكانته وبدء يدرك خطورة اللعبة واخذ يهتم فى موضوع مكانة امريكا مستقبلا وحلمه واسلوب حياة مجتمعاتها والتشكيك فى ديمومة هذا الحلم او امكانية تحقيقه فى المستقبل كما يقول الكاتب الامريكي الكبير فواد زكريا الذى اخذ يبحث بعصر مابعد امريكا وكذلك الكاتب نيل فيرغسون المعروف بايمانه العميق بالراسمالية الامريكية وقدرتها الخارقة وقال عن امريكا الدولة العظمى المتقاعدة ويقول ان وراء تراجع امريكا ليس فساد الاسواق المالية والمصارف الامريكية او نقص روح العمل وجيل الحلم الامريكي بل ظهور جيل جديد واقعي النظرة والتطلعات والى حقيقة لايمكن اغفالها وهو العالم الخارجي بدأ ينهض ويميل مفكرون اخرون الى ان الانحدار الامريكي فى الساحة الدولية انما هو قبل اي اعتبار اخر انعكاس مباشر لتأكل البيئة التحتية للمجتمع الامريكي امثال توماس فريدمان كبير معلقى صحيفة نييورك تايمزالذى يدعو الى بناء هياكل تحتية فى كافة القطاعات وتنويع مصادر الطاقة بمعنى ان تقوية امريكا من الداخل هو المطلوب , لقد اعتمدت الادارة الامريكية سياسة الخديعة فى الداخل والخارج منذ رئاسة رونالد ريكن الذى كان يخضع للاساطير التلمودية وجورج بوش الذى وقع فريسة اليمن المتطرف وتبنى شعار القديس يوحنا الذى يقول ان الحقيقة تجعلك حراThe Truth shall make you free , ورأت الادارات الاخرى بان ليس المهم المحافظة على الديمقراطية بل على المصالح الامريكية لذلك فان المغامرة الامريكية لاحتلال العراق لم تكن سهلة عليها لانها بمثابة كابوس ثقيل سيجعلها فى نهاية المطاف الى الامتثال الى الامر الواقع .
السياسات الاستراتجية للولايات المتحدة رغم انها تتعامل مع مفرداتها بثوابت هدفها الرئيسي خدمة المصالح الامريكية بغض النظر عن مصالح المنطقة ومن يحكمها ومدى علاقتها بها الى جانب مصالح اسرائيل وليس لها صديق ثابت وتتخلى عنهم بسهولة عندما يتعرضوا لمتغيرات داخلية والامثلة على ذلك كثيرة ومعروفة والنهج الثابت ايضا هو المحافظة على مصالح الدولة العبرية اسرائيل لسبب بسيط هو ان كثير ممن يرسمون السياسة الخارجية الامريكية اصولهم يهودية وعلى علاقة باسرائيل لذلك فان مجموعة عوامل دولية ساعدتها على انتهاج معايير متناقضة فى حل الازمات الاقليمية ,موقفها من القضية الفلسطينية والاراضى العربية المحتلة من قبل اسرائيل والنزاعات الحدودية بين الدول وقضايا المنطقة المتشابكة ويعترف خبير استراتجي امريكى بان ماحدث فى العراق بعد احتلاله انطلق من غرف البيت الابيض مشيرا الى ان الولايات المتحدة وقعت فى مأزق كبير لان كثير من دول العالم ادركت اللعبة وتسعى للتخلص من السيطرة وحبال المشنقة التى تفرضها السياسة الامبريالية ويضيف ان كل الاحداث والقلاقل فى دول الشرق الاوسط والدول العربية هى بفعل تلك السياسات التى لم تحسن الانظمة العربية التعامل معها بفعل قصور فى الفهم, وامام نمو المخاوف الامريكية والاقليمية من اتساع العداء لها وتشنج فى العلاقات مع روسيا الا ان الخيارات لازالت غير متوفرة وتراوح بين الاحتواء ماهو سيئ وتفادى السيناريوهات الكارثية مما يعني انها فى حالة تراجع وانحدار نسبي هذا التميز بين التراجع والانسحاب لا يضعنا فى استتناجات متسرعة كما يقول الباحث مايكل هدسون وطالما ان الصورة على هذا النحو يمكن تفسير مانشاهده من انحسارامريكي حقيقى وكبير فى المنطقة تجلى فى تخليها عن الخطوط الحمر والخطوط الاخرى اليس هذا دليلاعلى الانحدار التاريخى الامريكي لذلك قال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارنى فى عهد الرئيس اوباما انه يتوقع ان يجرى فريق الامن القومي بشكل مستمر اعادة تقييم الخيارات السياسية .وتبقى حدود فهم الانظمة العربية على ما يقول به الاعلام وبخلاف ذلك فان القوى الوطنية واحزايها تجد من الصعوبة بمكان الرد عليها بشكل ايجابي رغم ان دول مثل روسيا والصين الذى يهمها ايضا امن المنطقة وستبقى تراهن على النتائج التى ستكون عليها تلك السياسة بالرغم ان هناك تراجع مصحوب بالحذر عن اقحام سياستهما امام الولايات المتحدة خصوصا وان موضوع بلدان اسيا الوسطى جاهز ليكون خارطة طريق جديدة للمناورات وكذلك موضوع اوكرانيا وسوريا وتركبا وايران وبالتاكيد فان الادارة الامريكية الجديدة التى ترى فى سياسة الهيمية والعولمة التى تمارسه للمستقبل التي ترى فيه مصالحها فوق كل اعتبار اى انها لا تعمل في الفراغ ولا تتخبط عشوائيا ولا تنتظرالاحداث وما تشهده من متغبرات لانها ومنذ انتصارها على المانيا فى الحرب العالمية الثانية اعتادت الى وضع خططها لعقود من الزمن وتسعى الى برمجة نشاطاتها وفق حاجاتها ومصالحها بالرغم من حصول تغيرات سياسية فى اداراتها بين الحزبين الرئسيين الجمهورى والديمقراطى كل اربع سنوات , الادارة الامريكية تؤسس لعلاقة مختلفه مع العالم ضمن منطق القوة الذى تأخذ به تحت مختلف الذرائع والحجج بزرع الفوضى وعدم الاستقرار هذه المنطق يطيح بالانظمة التى لاتراها مناسبة ولكنه ايضا يقوض معها المنظمات الدولية وركائزها الشرعية لذلك تثار اليوم اسئلة جديه حول موضوع الهيمنة على العالم , ولكن مع ذلك فهناك احيانا مفاجئات تاتى بها الانتخابات لم تكن بالحسبان كالذى حصل بالانتخابات الاخيرة وترشح دونالد ترامب لرئاسة البيت الابيض التى تفاجئ بها الكثيرين بخلاف التوقعات التى قد وضعتها مراكز النفوذ فى الولايات المتحدة التى اعتبرتها بمثابة صدمة قد يكون ورائها مفاجئات ليس من السهل االتعرف عليها خصوصا وان الرئيس المنتخب قد اشار فى حمتله الانتخابية الى مسائل تمس الاخطاء التى وقعت بها الادارات السابقة بشان الاوضاع الدولية وصفها المحللون بما لايسر . لكن ماوراء ذلك يبقى غامضا لايعرفه احد سوى من هم اصحاب القرار. فالدراسات التى وضعها الخبراء ومحللى السياسة الخارجية للبرامج الامريكية للسنوات من عام 2000 ولغاية 2020 قد اقرت وجرى العمل بها وهذا يعنى ان امكانية حدوث تغير فى الخطط الموضوعة لمنطقة الشرق الاوسط غير واردة وبلاشك فان السياسات الثابته والاستراتجيا ت الموضوعة سلفا قد لاتغير من الامر شيئا سوى التغير الذى يحصل فى لغة التعبيرعن بعض المواقف التكتيكية التى تسعى للقيام بها امام الدول , فالبرامج المعدة سلفا للسياسة الامريكية امام الاحداث الدولية وخاصة موضوع الهيمنة وحاجتها من النفط والعولمة والسيطرة على الاسواق العالمية والارهاب تلك امور لازالت مبهمة لا يستطيع الرئيس الامريكى ان يجيب عليها مباشرة لانها اساسا قد اقرت سلفا باعتبارها سياسة ثابتة يجرى العمل بها على الرغم مما ستكون عليه نتائج الانتخابات باعتبارها اولوليات لسياستها الخارجية . وسبق ان تحدث فى هذا الموضوع الخبير الفرنسى الان جوكس واخرين عن تلك السياسة التى تمارسها الادارة الامريكية منذ عهد الرئيس كلنتن وبوش الاب واشار الخبير الفرنسي ان الامبراطورية الامريكية لاتخلق نظاما مستقر للعالم فحالة الاضطراب التى تمارسها بوسائط مالية او احيانا من خلال تدخل عسكرى شكلا من اشكال التدخل وان الاحتمالات الايجابية الموضوعة للهيمنة الامريكية فى استخدامها لوسائل تطبيع المبادلات التجارية بنظرية العولمة قد تتعرض الى المطبات الغير محسوبة او انها لم تؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد برامج الهيمنة خصوصا وان هناك اختلافا بين النظرة الامريكية السائدة حول العولمة كعملية هدم للحدود السياسية والنظرة الاوروبية التى ترى ان العولمة الاقتصادية تستدعى نشوء اشكال فوق القومية للسيادة والهوية السياسية وان التحدى الذى ينطوى علية التفكير فى الاشكال الجديدة لضم جماعات من البشر ضمن رقعة مكانية محددة فى انماط السيادة والحماية الجديدة قد اصبح يفرض نفسه بقوة فى سياق الانتقال من الامبراطورية التعبوية الى الامبراطورية المفترسة ففى النمط الاول تفرض مصالح اقتصادية قيودا على العنف وتتولى الامبراطورية التغلغل بطريقة حاذقة متخطية الحدود بفضل التجارة اما فى الامبراطورية الضاربة يصبح الاقتصاد تابعا للعنف ومن الجانب الاخر هناك مخاوف من الاضرار التى تلحق بنمط الانتاج قد يتم تلافيها عبر اقتسام المغانم , لقد حدد الان جوكس صاحب كتاب امبراطورية الفوضى الى السياسة الامريكية قد تم برمجتها بشكل دقيق وفق منطق الهيمنة التى تتضمن ايجاد حدود للدولة المدينة من اجل حصر اصوات الناخبين لادارة النزاعات بين الطبقات مع وجود اشكال للديمقراطية خارج اطار الدول لكن ليس دون حدود المكانية كيفما كانت وان التحدى الذى ينطوى التفكير فى الاشكال الجديدة لضم الجماعات من البشر ضمن رقعة مكانية محددة وفى انماط السيادة والحماية الجديدة قد اصبح يفرض نفسه بقوة فى سياق الانتقال الظاهر للامبراطورية التعبوية الى الامبراطورية المفترسة وان خشيتها ايضا تزداد من النمو السكانى لدول اسيا ( الصين والهند) كون النمو هذا قد يحولها الى قوة اقتصادية ضاربة لكنها لن تتحول الى قوة عسكرية تسبب لها حروب كالتى تحدث فى كل قرن اى ان خشية الولايات المتحدة ان هيمنتها قد تتعرض لبعض الزعزعة , وهناك من يقول ان هناك اسباب اخرى غير الفقر والجوع والتكاثر وانعدام افق العيش تدفع بهذا الاتجاه وانما هجرة الشباب من الريف الى المدينة قد يساعد على تقوية الحركات الراديكالية لوجود قناعة ان هناك اسباب عقائدية واسباب اقتصادية تدفعهم الى الاتجاه الاصولي ولا يعجبهم التطورالذى يشهده العالم الغربي لكونه تطور مزيف عديم الاخلاق وبعيد عن الدين, وبلاشك فان محاولات تجفيف ينابيع الفقروخصوصا فى العالم العربي لانه سوف لايودى الى انهاء التطرف او القضاء عليه بل ان المشكلة اعقد من ذلك ولها عواملها المختلفة منها العامل اللاهوتى والفقهى الطائفي لذلك يستوجب الانتباه الى تغير مناهج التربية الى جانب اهمية تغير الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمجتمعات العربية وبلا شك ان موضوع النفط الذى يشكل اهمية بالغة للدول العربية سيتحول الى عامل مساعد فى نمو الاقتصاد الاسيوى الصينى والهندى وهذا يعنى ان الحاجة اليه سوف تزداد وربما سيحصل صراع او تنافس شديد على مناطق النفط الاساسية وخاصة فى منطقة بحر قزوين ودول الاتحاد السوفيتى السابق وفنزويلا ودول غرب افريقيا واكيد ان الوصول الى نفوطها لن يكون سهلا بسبب عدم استقرار تلك المناطق وهذا يعنى ان الصورة ستكون قاتمة للعالم العربي وعلى الرغم من منظور الولايات المتحدة المتفائل لمستقبلها . وبالتاكيد فان العراق سيكون جزء من تلك السيناريوهات الا ان بعض الدوائر تشير الى احد تلك السيناريوهات يشير الى محاولة تجنب الحرب الاهلية قدر الامكان لان بوقوعها ستكون نتائجها كارثية بالنسبة لمصالحها قد تنتقل الى دول الجوار لتتحول الى حرب اقليمية فى حين نجد انها لا زالت تتفرج على مايحدث من تعامل المجموعات المسلحة تجاه محافظات التى يسكنها عراقيين لاتتفق ارائهم والحكومة . ان الاوضاع المأساوية التى مرت على العراق وهو يعانى من حالة التشرذم لايمكن اعطاء اى تفسيرلها الا بحدود الخطط التى وضعتها الادارة الامريكية وحلفاءها ويجرى تطبيقها تدريجيا بدقة خطوة تتبع خطوة وان اية محاولة للتنصل من ذلك لا يبرر فقدانهم للرؤيا الواقعية , بخلاف ذلك فان الادارة الامريكية الجديدة اعطت مساحة معينة للقوى السياسية لتبدى رايها بالحلول الموضوعة للمرحلة القادمة واستمعت الى تصوراتهم سواء كانوا فى الولايات المتحدة او في خارجها واستطاعت من خلالهم منهجة التصريحات التى اعلنتها حول مستقبل المنطقة بعد الانتهاء من المنظمات الارهابية وتدخلات ايران فى العراق وسوريا واليمن ولبنان فانها عوضا ان تاتي بالاحسن كما اشارت تصريحات مسؤليها واهمها تغريدات الرئيس ترامب ولعل مااشار اليه الرئيس دونالد ترامب عندما تحدث عن العراق قائلا بان الجنود الامريكان قد مارسوا السرقة وتلاعبوا بممتلكات القصور الرئاسية للرئيس العراقى عندما اكتشفوا ان هناك مقتنيات ذهبية وهو اعتراف من رئيس امريكى بالسرقة الى جانب ان القرارات التى تولى الحاكم الامريكى بول بريمر, وبهذا السلوك اسقطت كل الذي عرفناه عنها بالتاكيد فان تلك المواصفات هى ليست مواصفات الشعب الامريكى الذى نحبه وتجمعنا معه علاقات وصلات اجتماعية وثقافية وتاريخية ايضا انهم ارادوا ازالة هذا الموروث التاريخي ولكونه يتميز بعمقه واصالته فانهم لن يتمكنوا من ذلك ايضا مهما استخدموا من وسائل المكر والخداع امام شعبهم وشعوب العالم , لذلك فانهم مطالبين بالتراجع عن حقيقة مافعلوة فى احتلالهم للعراق انها مسؤلية دولية كالتى حصلت بالنسبة لشعوب اخرى فى ايام الحكم النازى انها مسوؤلية اخلاقية امام العالم وعليهم تحمل اضرارها المادية والمعنوية بدلا من التعامل مع الموضوع بطريقة رمي الكره فى ملعب القوى السياسية والدنيية التى جاؤا بها من خلال زرع النعرات الطائفية . ان ظاهرة تسليط الاضواء على الاحتفالات والمناسبات الدينية التي تشجعها ايران بشكل غريب جدا فاق ما تمارسه بقية الدول فى مناسبات دينية ووطنية وتغطيتها فى القنوات الفضائية بصورة واسعة امر يثير الشك والريبة لان تلك الظواهر هى اصلا غير مسموح بها في ايران ولا يسمح للايرانيون ممارستها وهذا ايضا مما يساعد الامريكان على العودة الى العراق لذلك فانها ستعمل على تغير فى طريقة الادارة عن طريق تهيئة طاقم جديد يتولى مهمة اصلاح الامور وهذا ماسوف يعمل على تحقيقة الرئيس الجديد ترامب من خلال تشكيليته الجديدة التى ستكون اكثر تشددا مع عملائها فى العراق وايران . ان عام 2017 سيكون فرصة كبيرة للعراقيين ان يعيدوا النظر بخلافاتهم التى يحاول الاخرون من تشويها وتوسيعها بين المذاهب التي لم يعرفها من قبل والتى وفى احسن احوالها لاترقى الى الكراهية ونبذ الواحد للاخرولانهم ذو انتماء واحد وتحت خيمته فلا فائدة اذن الى مايرسمه الاخرون له لانها عديمة الجذور ولان العراق عظيم فانه عظيم بمكوناته وجذوره وحضارته التى يحتفظ بها ابناءه فى عقولهم وجيناتهم الموروثة لديهم منذ الاف السنين , ولو تركت الشعوب لخيار العيش لفضلوا العيش فوق ارضة وبين ابناءه وهو فى اسوء احواله , فتلك ليست المرة الاولى تكون حالته بهذا الشكل والتاريخ يشير الى ذلك وغزوات الروم والفرس والعثمانيين والانكليز واخيرا الامريكان اشعلت الاخضر واليابس فوق الارض وتحتها ولكنهم وجدوا ان هناك اصرار من ابناءه للبقاء واعادة مادمر وهو بلا شك اصرار موروث من التاريخ , فسيناريو الفوضى التى تبنتها الادارة الامريكية خلال الربع الاخير من القرن الماضى وبداية القرن الحالى بعد لجوء الانظمة الوطنية الى تبنى شعارات تاميم النفط والسيطرة على انتاجه وتسويقه قد وضع مصالح الدول الغربية فى مواجهة الخطر الذى يتاتى من وراء ذلك خصوصا وان دول المعسكر الاشتراكى والاتحاد السوفيتى قد شجع على تبنى هذا الاتجاه الامر الذى دفع دول تلك المصالح بزعامة الولايات المتحدة الى تنمية النزاعات بين دول المنطقة واشعلت الحروب فى الخليج واتباع سياسة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتى وحلفاءه نزولا الى الدول التى تتعاون معه ومنها العراق فقد كانت محاولة للضغط الاقتصادى عليه بدفعه الى نزاع حدودى مع ايران والكويت تطور الى حرب ومن ثم تشديد الحصار عليه بصورة ظالمة انتهت باحتلاله فى نيسان 2003 , عند هذه المرحلة ارتكبت الولايات المتحدة حماقة دولية ضاربة كل التشريعات والقوانين التى سننتها المنظمات الدولية عرض الحائط انتقاما من الرئيس العراقي وحزب البعث وليس كما روجته لنفسها وللعالم حول اسلحة الدمار الشامل الذى لم تجد له اثر يثبت هذا الادعاء كما وانها كشفت عن اكاذبيها بانها جاءت لتنقذ العراقيين من الظلم والدكتاتورية عندما تخلت عن دورها فى تطبيق مااعلنته من برامج في المجالات الانسانية والاقتصادية وتوفير الديمقراطية التى لم يرى منها العراقيون ولو بالحد الادنى بل الادهى والامر تخلت عن مشاريعها وقدمت العراق هدية الى اسرائيل وايران لاكمال المهمه , وبلاشك الادارة الامريكية ونتيجة للضغوط الدولية عليها وفشل السياسة التى تبنها اثناء رئاسة باراك اوباما الى اعادة ترتيب المنطقة عن طريقها مباشرة وليس من خلال وسطائها اسرائيل وايران وتدخل اصدقائها فى المنطقة وعلى راسهم السعودية ولكنها ايضا بحاجة الى وقت وبحاجة ماسة ايضا الى صدق نواياها خصوصا وان العراقيين ادركوا ان الحل يكمن فى هذا الراي وبالمقابل فانها فرصة امام القوى الوطنية ان تتعامل مع هذا الاتجاه سعيا وراء اعادة الاستقرار الذى تحتاجه المنطقة .
ويتضح مما تقدم ان الولايات المتحدة استنجدت بمجموعة مختلفة من الاليات القادرة على توظيف رؤاها بوحدة ادراك واداة تصلح لتحسين شروط الاداء الاستراتيجى الامريكي ضمن سلسلة من الابتكارات المتجدة فى الاليات وهذا الاسلوب فى الاداءالاستراتيجى يتم اللجوء اليه كونه ظاهرة حتمية تقتضيها طبيعة البيئة الدولية القائمة على تعدد القوى وتعدد الاستراتيجيات وتنوعها وقد استخدمت التحالفات بوصفها الية لاداء استراتيجى مؤطر بتحالفات رسمية وغير رسمية لتحقيق اهدافها فى العالم اى انها اعتمدت اسلوب الوقائي والاستباقي بوصفها اليه اداء جديدة بغية تحقيق اهدافها العالمية ويقصد بالاداء الوقائي توجية ضربة للخصم قبل تمكنه من بلورة قوته بصورة كاملة وواضحة فى المستقبل اى انه اسلوب يعتمد على النوايا والاستشعار دون التاكد الجازم اى بمجرد اكتشاف نية للخصم للهجوم اى استخدام اليه تجمع مابين القوة الخشنة والقوة الناعمة وتلك الاليه ستاتي بثمارها عند استخدامها فى المناطق ااتى اختيرت للتطبيق واقربها منطقة الشرق الاوسط فى ضوء توجهات دول المنطقة ورغبتها فى بسط النفوذ فالاحداث الدرامتيكية التى وقعت فى العراق والتدخل الايراني كان مفتاح العمل بهذا الطريق اعقبها موضوع توريط تركيا فىما يحدث فى سوريا بحجة الضغط على اوردكان للتقيل من اندفاعه فى تحقيق مشروعه فى المنطقة نكاية بعدم موافقة الدول الاوروبية بانظمام تركيا الى المجموعة الاوروبية واخيرا الحرب التى تشنها دول التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين فى اليمن فالذى تظهره الادارة الامريكية فى سياستها التى تتمحور بين الشدة واللين بين استخدام القوة والمباحثات والمفاوضات واللقاءات ماهو الا واحدة من تلك الممارسات لسياسة القوة الناعمة والقوة الخشنة لذلك فان ماتظهره الانظمة العربية على اختلاف الوانها والحركات والاحزاب السياسية من تراخى فى مواقفها سيكون ذلك ليس فى مصلحتها قطعا وسوف لايغير من الامر شئ بالنسبة للاسترتجيات التى وضعتها الادارة الامريكية للقرن الحالي وكل من يقول العكس فعليه اثبات ذلك لقد كان للصدمة التى تلقاها النظام العراقي وحزبه تاثيرا سلبيا كبيرا اصابت اهم تشكيلاته المدنية والعسكرية واستمرهذا التاثير ليتحول الى صراع بين مؤيدية لمعرفة حقيقة ما جرى واسباب ذلك وتحميل قيادته النتائج الى اصابت تشكيلاته والفراغ الذى ظلت حبيسة فيه فى السنوات الاولى للاحتلال وابتعادها عن اجابة العراقيين حول مستقبل بلدهم واكتفت بالاجابة بواسطة المنشورات حول مقاومة الاحتلال وهو بلاشك ليس بالجواب الشافي لان غليان الشارع كان و مازال مستمرا لتحميل قيادة الحزب نتائج ماوقع عليهم بدليل انسحابهم من الانتخابات التى جرت عام 2005 التى بانسحابهم هذا تركت المجال للقوى المعادية والمرتبطة بقوى اجنبية بجنى نتائجها لتتمكن بعد ذلك من تصفية حساباتها مع مناضلى الحزب بشقيه المدنى والعسكرى مما اجبر الكثيرين على مغادرة العراق لينجو من تصفيتهم وهروبا من الاعتقال وان عدم الاعتراف بالفشل والاصرار على النصر ولد ردود افعال كبيرة لدى القاعدة الواسعة لحزب البعث وتدريجيا اصبحوا هدفا لتلك القوى وخاصة التى ترتبط بايران مما عجل فى فقدانهم الامل بالعودة وبهذا يتطلب بالضرورة اعادة النظر بجميع المواقف التى اتخذت قبل الاحتلال وبالاخص التى لها علاقة بالمواقف التى كان الحزب يهدد بها الولايات المتحدة وحلفائها وموضوعات اخرى تتعلق باصدقاءه من الدول وغيرهم اضافة الى الاعتراف بالاخطاء التى خلفت هذه الاوضاع وهذا بحد ذاته يعتيرحالة مطلوبة و شجاعة فالمعركة وبهذا المستوى لاتشرط ان يكون النصرحليفها فقط وانما قد تواجه هزائم ايضا لذلك فان مراجعة كلا الحالتين تشترط التوقف عند المواقف والقرارات التى تتطلب اجراء تغيرات جذرية فى الخطط والاساليب والوسائل وربما تشمل تغيرات القادة ايضا بعكس ماهو معمول به حاليا الاكتفاء بالبيانات والمنشورات الممتلئة بالشعارات الوطنية التقليدىة التى لاتغير من الامرشئ سوى انها تثيرتساؤلات واراءها لم تعد بحاجة الى توضيح فوسائل الاعلام خير مراقب لكل حالة سلبية تشهدها اوضاع العراق بل احيانا يضاف اليها ماهو غير معروف كما ان الحالة التى يمر بها الوطن لاترتبط بالاجهزة التى تتوالى شوونه بل ان موضوعها يتعلق بالاحتلال الموزع بين دولتين ايران وامريكا واشكالياته وموضوعات تتعلق بالامن والاقتصاد والموارد المالية, انها بلا شك بحاجة اصوات فاعلة على الارض لها من الثمار وتاتى اوكلها سريعا والا فليس من مصلحة القوى الوطنية خارج العملية السياسية ان تبقى متفرجة على تردى الاوضاع دون ان يثمر فعلها بتحول ما ؟ لان الزمن يمضى بسرعة والمراهنة على المغامرة ليس وقته هذا اذا اخذنا الامور من جانب يتعلق بالعراق فى حين ان الموقف من الجانب الاخرقد تطور واخذ تدريجيا يتصاعد ويتوضح من خلال لهجة الخطاب الامريكى والايرانى واطرف الصراع فى المنطقة سوريا والسعودية واليمن فالزيارة المقررة للرئيس الامريكى للمملكة العربية السعودية تحمل فى ملفاتها اتفاقيات اولها تحجيم الدور الايراني فى المنطقة اضافة الى تعزيز الوجود العسكرى والاقتصادى الامريكي واعطاء الفرصة للشركات الامريكية ان تمارس نشاطها وفتح الطريق لها للوصول الى دول اسيا الوسطى الغنية بالموارد وهذا يتطابق مع استراتجيتها للقرن الحالى الذى تقول عنه بانه امريكى بامتيازمقابل ذلك ما يخفيه الرئيس الروسى من مخططات للتقليل من هذا العنفوان من خلال نظرته المخابراتية وسياسة المحاورمع دول اسيا الوسطى والصين اضافة الى موضوع النظام فى سوريا الذى يشكل نقطة خلاف بين القطبين ومن هذا المنظور المتشابك والمتناقض تتمكن القوى الوطنية ان تنتظرماتاتي به الاحداث فى المستقبل فالقراءات السياسية قد لا تكون متوازنة مع القراءات الاقتصادية لان الاخيرة تشمل دول مهمة اخرى الصين والهند واليابان وكوريا وعليه فان القوى الوطنية التى يهمها مستقبلها فى العراق عليها ان تدرك وتنتبه لما يحيط الموقف الذى له علاقة بتلك الدول وان توضح لها رايها بمستقبل وجودها وان لا تغيب عن الوسائل التى توصل به رايها بمستقبل المنطقة كما وانها من جانب اخر تضع فى حساباتها نتائج هذا التنافس والصراع على المصالح بين الاطراف وبالتاكيد سيكون النصر حليفها فالمرحلة تتطلب مراقبة صراع الكباروالنتائج التى يتاتى به هذا الصراع وان لا تكون باى حال من الاحوال طرفا فيه ولا وقودا له,لقد تغيرت الادوات والمسميات السياسية التى كانت تستخدمها القوى الوطنية قبل الاحتلال وتغيرت الوسائل ايضا وتحولت القيم والمفاهيم الاخلاقية فى التعامل مع المبادىء الى الشيطنة اللااخلاقية التى تمارسها المومسات فى اقذر صورها تدعى الشرف والنزاهة لذلك فالسير فى الجانب الامين التعامل مع الاخلاق والمبادئ يشبه المرور على حقل مزروع بالغام بقطار ينطلق بسرعة مجهولة ولا حول ولا قوة الا بالله
1059 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع