د. سيّار الجميل
اعدام منارة الحدباء : مصرع رمز الموصل
أكتب رسالتي الى الملايين
لم تعد تحيا منارة الحدباء في قلبِ أمّ الربيعين
بعد حياة حافلة لأكثر من ثمانمائة وخمسين من السنين ..
عاشت منارة مدينةٍ ، وعنوان بلادٍ ، ورمز أجيال مع توالي الازمنة
ظلّت مرفوعة الرأس في حماية أهلها من السمحاء الطيبين المتعايشين
لم تهتك بها الاعاصير ، ولا الصواعق ، ولا الزلازل ، ولا البراكين
ولا كلّ الاهتزازات .. لا الحروب ولا الحصارات .. ولا كلّ الطواعين
لم يستطع شنقها لا مغول سنداغو ، لا تتار تيمورلنك ، لا افشار الصفويين
بقيت شامخة في الازقة نحو السماء عبر الازمنة الغابرة كرمز سمو ورفعة وروح وحنين
قالت : لم استسلم اليوم للجلّاد حتى اللحظة الأخيرة ، وكنت أتمنى أن أعيش طويلاً
ولكن أودّعكم فلا حياة في زمنٍ ازدحم بالمعتوهين ، وقد أوصلونا أسفل سافلين
فالموصل تعيش اليوم أسوأ أزمنتها منذ عصور مضت
وقد مزق أغشية بكارتها السفلة وكل الداعرين ..
مذ سادت فيها الكراهية والاحقاد ، فالزمن واحد بين سحل انسان وشنق منارة ..
تستطرد وتقول : كنتُ منارة صامدة ألعنُ كلّ الطغاة والبرابرة الدواعش المتوّحشين
لم أخفض رأسي .. ولم اتنازل عن كبريائي أبدأً لمن عاش في وحل وطين
ولكننّي لم أجد مدينتي كما كانت منذ قرون
اذ تغيّر الناس بغيرِ الناس مذ غزتها ألاوبئة وسباها المجانين
وعندما نصبوا مشنقتي في قلب الموصل ..
لم أجد من حولي الّا بعض الانذال والجلاوزة من الدواعش وأنصارهم من الخائنين والمارقين والمتلونين والمتشدقين بالدين
وتعود لتقول : ساكون معدومة في ليلة القدر .. والسماء ترتّل حتى مطلع الفجر
سيبكي البعض علي مشروع ابادتي ، من مسلمين ومسيحيين
ولكن البعض سينتشي متشفيّا بتحقيق أمنيات الساخطين ، وهو يرقص مع الراقصين
في هذه الليلة سيقيم سرداق للعزاء يتصدّره الزنكيّان عماد الدين ونور الدين
وعند الباب ابن لؤلؤ بدر الدين
وسيقصده فيصل الاول والجليلي الحاج حسين
وصلاح الدين لن يمتشق سيفه ، فهو ناقم وحزين
ولكن سيقول لكم واحد من العقلاء المعاصرين :
لا تنفعكم المواساة ولا العزاء ، ولا اجترار اقاويل الكاذبين
فمن يسحق رموز الحياة لا يوهم الناس أنها ستعود يوما مع العائدين
لم تقم لكم قائمة ان لم تخرجوا من كلّ السراديب المظلمة !
سيّار الجميل
هيوستن / الولايات المتحدة 21 حزيران / يونيو 2017
3007 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع