عبد الكريم إبراهيم
"الطنطل " حكاية من ذاكرة الأجداد
تلعب "التكنلوجيا" دوراً كبيراً في كشف الكثير من الغموض الذي كان يلازم الأحداث في السابق. يوم بعد يوم تتجلى الحقائق التي كان التوصل إليها ضرباً من الخيال كالسفر في الفضائيات وثورة عالم الاتصالات . مع كل هذه الأريحية التي امتاز بها العلم ،ولكنه عجز عن تفسير بعض الحكايات التي تتناقلها ذاكرة الأجداد .ولعل " الطنطل" الذي حِيكتْ حولهُ جملةً من الأساطير التي لا يمكن للعقل البشري أن يستوعبها ،بل يقف عاجزاً عن الإتيان بتفسير منطقي لها . ربما كان أهلنا الأولين يملكون خيالاً خصباً يجعلهم يبدعون في إيجاد حكايات تحقق لهم متعة السرد الأسطوري. عندما يتحدث الأجداد عن صديقهم " الطنطل " فأنهم اجمعوا على انه مخلوق طويل القامة ، شعث الشعر ، اسمر اللون ، ويعيش على طبيعته التي خلقها الله مجرداً من الملابس خلا ما يتسر العورة ،يفضل العيش قرب ضفاف الأنهار والشطوط ، يخاف من الملح والإبرة والسكين . المهم أن هذا المخلوق العجيب يستطع أن يتمثل ويتحول إلى أشياء يألفها الإنسان مثل الحيوانات والأثاث . " الطنطل " كما قالوا عنه من عاشره ، انه من النوع " الشقايجي " ، ومولع بالكوميديا لدرجة الإفراط ؛حتى انه بعض الأحيان يُكثر من المزاح لدرجة أن ضحاياه يفقدون وعيهم . مخلوق بهذه المواصفات لابد للآخرين من كسب وده وصداقته ، لان غضبه قد يكون مميتاً . مع كل قيل عن " الطنطل " فهو خجول جداً خصوصاً من بنات حواء ، لا يقبل الصداقة بسهولة ، بل ينتقي أصدقائه بعناية فائقة جداً ، ويخلص لهم حتى المبالغة .
اليوم في عصر " الانترنيت " و" الموبايل" أنقطت أخبار صديقنا " الطنطل " واختفى من الوجود حتى أن الأجيال المعاصرة تجد الحديث عنه مساً من الجنون . ربما فضل هذا المخلوق الطريف الانزواء بعيداً عن عدسات الفضائيات ووسائل الاتصال الحديثة ،لأنه من أنصار حماية البيئة ويخشى من التلوث، الهروب خير وسيلة للمحافظة على ما تبقى من ذكرياته جميلة التي لا يريد أن تفسدها العلوم الحديثة خصوصاً انه يحب أن يمارس هوايته المزاح دون قيود ونقل مباشر .
958 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع