د.صلاح رشيد الصالحي
تخصص تاريخ قديم
(في البداية كان الكون مياه لا نهاية لها)
الأسطورة السومرية والبابلية : أن مادة الكون الاصلية هي مياه لانهائية أو أزلية وأن الآلهة الأولى هائمة بذاتها على وجه الماء (باللغة السومرية يطلق على الماء آسو(A.zou) ) فلم تكن هناك مقر لها لان السماء لم تخلق، ثم قام الإله انليل (عند السومريين) أو الإله مردوخ (عند البابليين) أو الإله آشور (عند الاشوريين) بقتل الإلهة تيامت وشطرت غلى قسمين الأول شكل السماء والنجوم، والشطر الثاني شكل الأرض، وبذلك فالأصل في البداية هو الماء بمعنى ( هو أصل الأشياء ) كما ورد في نص الأسطورة : (في البداية لم تكن هناك سماء، ولم تكن هناك أرض، وكان الكون عبارة عن مياه لانهائية أو أزلية، وكانت المياه مكونه من ثلاثة عناصر رئيسة : مياه عذبة، وأخرى مالحة، وعنصر ثالث يعتقد المياه الكائنة في السحب والضباب...) وهكذا بدأت الحياة من الظلام والعدم والمياه المترامية الأطراف.
الأسطورة المصرية القديمة: عند قدماء المصرين لم تكن هناك أرض انما ماء يغطي الكون، وتذكر الاساطير المصرية القديمة (في الماضي السحيق لم تكن فيه أرض ولا سماء ولا حس ولا حسيس وما من آلهة أو بشر وانما عدم مطلق لا يشغله غير كيان مائي أزلي عظيم مع ظلام وبرد أطلقوا عليه اسم (نون) ظهر فيه روح إلهية أزلية عرف باسم الإله آتوم (Atum) الذي خلق نفسه، ولم يجد مكانا يقف فيه فوقف على صخرة تدعى (بن بن) ومن ثم بدأ في خلق الفضاء والهواء والنور والرطوبة والندى ثم خلقت الأرض وملأ فيها الهواء والنور...) ومن دموع الإله آتون المتساقطة على الأرض خلق البشر
في التوراة (سفر التكوين) : في التوراة كان الكون عبارة عن ماء يغطي كل شيء ولا وجود للأرض، وتصف التوراة خلق الأرض وما عليها كما ورد في سفر التكوين : (كانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه، وقال الله ليكن نور فكان نور..) (وفصل الله بين النور والظلام، وسمى الله النور نهارا والظلام سماه ليلا) ثم اعقبها خلق السماء والأرض والنبات والحيوان وفي اليوم السادس خلق الانسان ذكرا وانثى ... ورأى الله جميع ما صنعه فإذا هو حسن جدا، وكان مساء وكان صباح يوم سادس) واستراح الله في يوم السابع وهو يصادف السبت،
في الإسلام: أصل الكون ماء وخلق الله كل شيء، فكتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كان الله ولم يكن شيءٌ غيره، وكان عرشه على الماء، خلق الله السّماوات السّبع والأرضين السبع في ستة أيام: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم، هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام)، ويرى المفسرون أن طول اليوم قد يكون ألف سنة، أو أنه بطول أيامنا الأرضيّة، مع نهاية اليوم الثاني اكتمل خلق الأرض، ومع نهاية اليوم السادس اكتملت تسوية البناء السماوي. وبعد تمام خلق السماء والارض، خلقت المجرات والنجوم، في اليوم السابع: (إِن ربكم اللَّهُ الَّذِي خلَق السماوات وَالأرض في سِتة أيام ثُم اسْتَوى على العرشِ) كلمة استوى لها عدة تفسيرات منها (تربع) ومنها استلقى من كلمة الاستواء، ومنها انتهى من عمله كما تقول استوى الشيء أي نضج واكتمل، وبقلب الحروف بدل حرف (س) نضع حرف (ش) تصبح اشتوى من الشواء بمعنى نضج وانتهى والله اعلم.
النظرية العلمية: كانت الكره الأرضية (عمر الأرض قد 5,4 مليار سنة ويعتقد ستنتهي الحياة على الارض مع انتهاء الشمس كمصدر للنور والحرارة بعد 4 مليار سنة) يغطيها محيط واسع أطلق (تيثس) (نسبة إلى إلهة يونانية) ونتيجة لحركة الصفائح التكتونية بدأت تتسع اليابسة واخذت القارات تبتعد عن بعضها البعض ، ثم مرت الأرض بعصور جليدية وأخرى دفيئة أثرت على انتشار الانسان والحيوانات حسب العصور الجليدية (تتوسع اليابس بسبب انجماد مياه المحيطات في القطب الشمالي والجنوبي فمثلا يمكن للإنسان قديما عبور البحر المتوسط ما بين تونس وصقلية ) وفي العصور الدفيئة ( تتقلص مساحة الأرض بسبب ذوبان المياه فمثلا الخليج العربي كان منخفض خالي من الماء في العصور الدفية اصبح مغمورا بالمياه..) ، ومن ثم فالذاكرة البشرية تتوارث المعلومات عن المياه التي تغطي مساحة كبيرة، أو ظهور اليابسة عند انحسار المياه ، ويعتقد العلماء ان جميع الاحياء سواء النباتات أم الحيوانات بما في البشر اصولهم من الكائنات الأولية التي كانت تعيش على سطح الماء وعبر ملايين السنين تطورت ونمت وبطفرات وراثية فيما بعد في لتصبح مختلف الاشكال، والملاحظ أن بعض الحيوانات والنباتات انقرضت مع تغير المناخ والبعض الاخر ما زال على وجه الأرض يلائم المناخ الذي نعيش فيه الان .
998 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع