الدكتور جليل العطية
مقدمة شيخ التراثيين العراقيين عن الدراسة العلمية التأريخية
[ آل حبل المتين / العائلة النجفيّة العريقة ]
الف ومائتا مقال وبحث ودراسة هو مجموع ما خطه عبر ثلاثين عاماً من سنوات الكفاح والغربة / وهي تشكل بمجموعها رفاً مهماً في مكتبات العراقيين والعرب ممّن كتب الله لهم المعاناة والتشرد / فكانت زادهم الوفير ... ولا أخفي عليك ـــ أيها القارئ العزيز ـــ ان مكتبتي الشخصيّة ـــ على سبيل المثال ـــ تحتفظ له بكدس من ملفات نتاجاته بانتظار ان تتحول الى كتب / بل موسوعة علوية شامخة تضاف الى موسوعات كبار اعلامنا من الكتاب .
ـــ وليس لهذا الزاد العلوي / الموسوي من معارض أو معادً اللهم إلا أيتام العوجة او أصدقاء القائد الضرورة رقم 1 ورقم 2 !!
وأضف الى هؤلاء ــ وهم قلّة ـــ الحسّاد الذين لا يعملون / ولا يروق لهم ان يعمل الآخرون من ذوي الكفاءة العلمية والأدبية والضمير الحي .
ـــ لقد تنبه الكاتب المبدع السيد عباس العلوي الى حقيقة لم تكن غائبة عن ذهنه ووجدانه : هي ان يلتفت الى اسرته الكريمة / الشريفة فيقدم تعريفاً لائقاً بها / موثقاً / مصوراً يكشف الظلم والتزوير والتشويه الذي أصابها من الأعداء وبعض الأصدقاء ... ويا للهول !
ـــ كان كتابه الأول في هذا الصدد :احمد محمد العلوي ـــ عميد الأسرة العلوية النجفيّة العريقة < 1904 ـــ 1998 > والذي صدر عن دار الميزر للنشر < مالمو ــ السويد >
ـــ وآل حبل المتين / هو الكتاب الثاني المقصود بهذا التقديم المتواضع .
ـــ الكتاب الأول أنار صفحات وضاءة عن ابيه عميد الأسرة العلوية النبيلة .
ـــ والكتاب الثاني يضيء صفحات وحقائق ـــ بعضها يُعلن أول مرة ـــ عن دور اسرته من جهة امه العلوية التي توفاها الله في النجف < 1961 م > في النهضة العلمية والأدبية خلال قرنين من الزمن الصعب .
ـــ وهي اسرة نجفية علوية / نسبت الى كتاب علمي .
ـــ افتح فارزة هنا لأقول: إن النسبة الى الكتب أمر عرفه العرب قديما / وتميّزت به النجف في العصور الحديثة .
ـــ لقب < محمد بن حبيب > المتوفي سنة 245 هجري بالمحبّري / نسبة الى كتابه المحبّر المطبوع في حيدر آباد بالهند سنة 1361 هجري
ــ ولقب < علي بن محمد بن علي > المتوفي سنة 516 هجري بالفصيحي نسبة الى كتاب ــ الفصيح لأحمد بن يحي المعروف بثعلب المتوفي سنة 291 هجري ـــ وقيل في سبب لقبه إنه كان يحفظ كتاب الفصيح ويدرّسه للطلبة ــ والكتاب مطبوع مشهور .
ـــ وعرفت النجف منذ ان توطنها العلامة الطوسي < 448 هجري > واتخذها مركزاً علمياً / روحياً / عرفت الكثير من الأسر التي نسبت الى كتب علميّة وفكرية متميّزة بينها في العصر الحديث :
ـــ آل كاشف الغطاء .
ـــ آل بحر العلوم .
ـــ آل الجواهري .
ـــ وآل حبل المتين من هذه الشجرة الأصيلة السامقة .
ـــ الأسرة نسبت الى كتاب:
حبل المتين في معجزات امير المؤمنين لمؤلفه العلامة السيد مير شمس الدين محمد النقيب الذي يتصل نسبه بالأمام علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب < ع > المتوفي مسموماً سنة ثلاث ومائتين للهجرة .
ـــ ولابأس هنا من الأشارة الى أن اختيار عنوان الكتاب كان موفقاً .
فكلمة < الحبل > وردت في القرآن الكريم سبع مرات بينها :
[ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا ] < آل عمران 3 > .
فالمؤلف ـــ رحمه الله ـــ كان يطالب المسلمين الأعتصام بحبل الله ثم بنبيّه وآل بيته الكرام .
ــــ ألف الكتاب نحو سنة 1135 هجري ـــ 1755 ميلادي في زمن كانت فيه السلطة العثمانيّة تتسلط على العرب والمسلمين : تقمعهم وتمارس سياسة التتريك وتضطهد من يخالفها .
ـــ هكذا فرّ المئات من العراقيين ـــ بينهم افراد من اسرة حبل المتين ـــ الى ايران والهند وغيرها من ارض الله الواسعة ...
ـــ ورأى هؤلاء بثاقب حسّهم القومي والعروبي امتهان الطباعة والصحافة فانصرفوا لها مضحين بالغالي والنفيس ...
ـــ وكان من ثمرات هذه الجهود إصدار جريدة < حبل المتين > التي صدرت في العراق وايران والهند بعدة لغات مشرقية وتعرضت للتعطيل غير مرّة بسبب مواقفها الوطنية
ـــ في النجف لعبت اسرة حبل المتين دوراً ريادياً في نهضة المدينة من خلال مطبعتها ـــ وهي الأولى والأقدم من نوعها والتي استمرت سبع سنوات رفد المكتبة العراقية خلالها بنفائس الكتب والمطبوعات / أشار المؤرخ العراقي د . بهنام عفاص ـــ المقيم حالياً في استراليا ـــ الى ذكر طائفة منها في كتابه [ تاريخ الطباعة والمطبوعات العراقية ] ص 127 ـــ 128 .
ـــ المحزن ان مطبعة < حبل المتين > صمتت في ختام الحرب العالميّة الأولى ... ولم يكن السبب :
ـــ تداعيات الحرب الكونيّة / بل لسبب حقيقي مرير كشفه السيد العلوي أول مرّة في هذا الكتاب / مما يزيد في أهميته العلمية .
ـــ ختاماً آمل أن يسهم صدور هذا الكتاب المهم في اجلاء الحقائق ورفع الحيف الذي لحق أسرة < حبل المتين > وذلك بأن تتولى < كليّات الأعلام > العراقيّة تكليف بعض طلبتها النابهين إعداد أطروحة دكتوراه تتناول جهودها في التنوير والوعي وذلك بالتعاون مع بعض المؤسسات العلميّة .. ويقتضي اعداد الأطروحة المنتظرة مراجعة دور الوثائق [ الأرشيفات ] والمكتبات العامة في النجف الأشرف خاصة والعراق عامّة وايران والهند ايضاً .
ـــ هل هذا أمرٌ عسير ؟
اللهم اشهد انني اقترحت .
د .جليل العطيّة
باريس في : 3/ 9 / 2017
شكر وتقدير :
شكري الكبير لشيخ التراثيين العراقيين الدكتور جليل العطية / على هذه المقدمة العلمية التأريخية الجميلة / لبحثنا الذي سيصدر قريباً في كتاب موثق .
اسأل الله ان يمنّ عليه بالصحة والعافية ويحفظه ذخرا للعراق .
عباس العلوي
11 / 9/ 2017
1073 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع