الماسة

                                                          

                                بقلم: هدى أمون

الماسة

هذه الصدمة قد تكون بداية لتغيير مجرى حياتي. نعم إنها كذلك، بعد أعوام من فراقنا وعدم لقائنا يرسل لي رسالةً، فحواها عتاب، فاليوم هو عيد ميلاده، وقد اعتاد أن يصله كلامٌ جميلٌ مني. لقد انتظر رسالتي طوال اليوم، لكنني لم أرسل شيئاً، واعتمدت النسيان.لم نتحدث لفترة طويلة، فهو مازال يعتقد أن مكانه في قلبي بقي كما هو، ولم يتغير، لكنه مخطئ. كلا أيها الشاب الأحمق أنت لم تعد تعنيني، حتى أنك لم تعد موجودًا. اعتمد أن أهملك؛ لتعلم، وتعرف كم كان اهتمامي جميلاً، ولكنني لم أكن أعلم أنني حينها كنتأدخل درب النسيان، فان كان الحب من ذهب، فالنسيان من الماس.أنا أنثى لا تركع إلا لرب العباد، فكرامتي وكبريائي فوق كل شيء، ولا أسمح لأي شخص كان بأن يمسهما. تحدث، وفي حديثه الكثير من الألم، العتاب والندم، ولكنه، رغم ذلك، لم يستطع أن يكسر حاجز كياني الذي أدمته لعامين. مر عامان على قصتنا، تلك القصة التي جرحت قلبي بقسوة، والآن بعد أن التأمت جروحي وأعدت ترميم قلبي، تعود وبلا خجل. كان يريد أن أتحدث، وأن تعود علاقتنا متينة كالسابق. أراد تحطيم ذلك الجدار الذي قام ببنائه منذ زمن، ولكن ذلك الجدار قد ازداد متانة مع مرور الأيام. لقد أصبح أقوى، أقسى، أشد وأذكى. تلك الإنسانة الرقيقة اللينة التي كانت تصدق الأساطير قد اختفت، وتغيرت، نعم تغيرت، وعندما لا أتغير، فالعمر يمضي، والعقل ينضج، والفكر يتسع. فإذا لم أتغير مع كل تجربة أمرّ فيها، يكون قد فات الأوان، فأنا لم أعد أصدق الأساطير أبداً، فجميع من قام بتأليفها هم رجالٌ، لا يتقنون إلا الكذب والنفاق، نعم لم أعد أومن بالحب أو الإعجاب، فجمال المنظر أصبح كجمال الروح، يختبئ خلف الكثير من الأقنعة المزيفة. حاول كثيرا أن يجعلني ألين، ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل. فبالنسبة لي، من استطاع أن يغيب يوما،فليغب العمر بأكمله، فلا تعتقد أبدا أن مكانك سيبقى دائما وأبدا كما هو في حضورك وغيابك، فالأمر ليس بهذه السهولة، فالكأس التي تكسرلا تعود كما كانت. وإن كانت الحياة لعبة، فتلك هي دروسها وقصصها، فالأشخاص مواضيع، فلنقرأ كتبنا جيدًا، ولا أصدق أبدا أن هنالك شخصا مفتونا بي، وأنني ساكون ليلاه، فمجرد التفكير بالأمر يضحكني، فزمن الحب قد ولى، وما عاد موجدا، ولم يكن موجوداً من الأساس، فجميع ما سمعناه من قصص الحب والعشق كان مجرد خرافاتتلبك.لقدحاول كثيرا إيقافي؛ لعله يحصل على فرصة أخرى،فتلعثم، ولم يعد يعلم من الفتاة التي يخاطبها، ومن أين أتت. تفاجأ من كلامي وقلبي الذي أصبح كالصوان، مع كل حنّيته. حصلت على مفتاح حذف الذاكرة وحذف جميع ما يوجع، وحفظت الدرس جيدا، فجميع من دخلواإلى حياتي، شكلوا عندي اختبارا صعبا، ولكنني تجاوزت جميع الاختبارات بنجاح، وأهمها النسيان، فأنا بارعة جدا فيه. وعندما حاول إحياء الذكريات، قال لي: هل تتذكرين؟ أجبته على الفور: عفوا، ذكرني من أنت؟ انتصرت في معركتي الطويلة، فالإنسان لا يعرف قيمة ما يملك إلا بعد خسارته. فليكن هذا درسا جيدا لك، وليكن حديثي هذا هدية ليوم مولدك الذي لن تنساه أبدا، وإنما ستتذكره طالما حييت. أنا وأنت متشابهان في كل شيء،إلا أنني منغمسة بالحياة أكثر منك، وعيد ميلاد سعيد !

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1176 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع