مصطفى العمري
صديق لبناني أحترمه كثيراً لما يتمتع به من حسن الخلق وهدوء مجلل بالرقة أبو علي سليمان مكي أتى الى أمريكا مطلع السبعينات عندما كان في بواكير الشباب وهو يحلم كغيره من القادمين الجدد بعد ترك أرض الوطن ان يقلع عن ذلك الحرمان الذي عاشه في وطنه بين تمايز مقرف و تحايز مكروه ,
عمل الرجل في شركة فورد للسيارت عمل لمدة تقارب الثلاثين عام , كان يجلس باكراً ليذهب الى عمله حتى يحافظ على أوقات دوامه .. وافترت عجلة السنين به حتى صار سليمان أبو علي صاحب زوجة و أولاد وهنا يكمن الموضوع , يقول عندما كنت أرجع من العمل أجد ان أحدهم غير في ألوان التلفزيون فأستشيط غضباً ثم أهدأ بسكون عندها أسأل من لعب بالتلفزيون يا أولاد ؟ الجواب لا احد لأن التلفزيون بعده في نفس ألوانه وأنا مصّر على ان ألوانه قد تغيرت , يقول وتكررت هذه الحادثة مرات عديدة , وفي أحد الايام صادف أن أزور دكتور العيون و أنا في داخلي مستخف بالزيارة لأنني لازلت أرى كزرقاء اليمامة , على أي حال دخل الدكتور وبعد تعدد العدسات و الأسئلة وجد الدكتور ما كنت غافل عنه وهو نقص في نظري و أحتاج الى عوينات ! وفعلاً لبست عويناتي وذهبت الى بيتي وقمت أرى تلفزيوننا بأوضح صوره و اكتشفت أنني مخطأ عندما اتهمت أولادي باللعب بألوان التلفزيون وتبين لي أن الخطأ في عيوني التي تحتاج الى معالجة . قص عليّ الرجل القصة فرأيت فيها من الحكمة الكثير و تمعنت في حالنا الاجتماعي عندما يصّر أحدنا على أنه الحق المطلق الذي لا تشوبه شائبة , إننا بالوقت الذي نملك فيه نسبة من الحقيقة غيرنا يملك ربما أكثر من تلك النسبة وعليه أن لا نتشبث بالرأي وخاصة الحاد منها أو الداعي الى العنف او القتل لأن الناس كلٌ يرى الحقيقة من زاويته هو , و الذكي المحترف من يستطيع ان يقنع الاخر برأيه , بالتأكيد دون قطع رقاب أو سُباب .
999 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع