
الشرق الأوسط:في عامه السبعين ما زال روان أتكينسون، المعروف أكثر بـ«مستر بين» (Mr. Bean)، يصنع الكوميديا التي تدخل القلوب. وها هو يعود إلى منصة «نتفليكس» بمسلسلٍ جديد تتناسب أجواؤه وعيد الميلاد. فبعد 3 أعوام على Man vs Bee، يطل الممثل البريطاني بشخصية «تريفور بينغلي» في سلسلة رباعيّة الحلقات بعنوان Man vs Baby.
https://www.youtube.com/watch?v=zHhR3daI3bY
لا تتجاوز مدّة الحلقة الواحدة النصف ساعة، وهذا ما يجعل المُشاهدة سلسة. أما المتعة الأساسية فتكمن في الثنائي «بينغلي – بيبي» وتلك الكيمياء التي تجمع بين رجلٍ سبعينيّ وطفلٍ في شهره الثامن.
بعد أن جرى الاستغناء عن خدماته في المدرسة حيث يعمل، وبعد أن قررت طليقته وابنته أن تمضيا إجازة أعياد نهاية السنة بعيداً عنه، يجد تريفور نفسه وحيداً في منزلٍ بارد محاط بالثلوج. لا يبقى أمامه سوى أن يوافق على عرض العمل الآتي من لندن، علّه يغطّي براتبه المغري جزءاً من تكاليف الدراسة الجامعية لوحيدته «مادي».
لكنّ الرحلة من القرية البعيدة إلى العاصمة لا تبدو سهلة، بما أن رفيق تلك الرحلة هو طفل في شهره الثامن وجده تريفور متروكاً أمام باب المدرسة الابتدائية حيث كان يعمل.
يحاول من دون جدوى أن يعثر على أهل الطفل، ثم يسعى إلى إيداعه لدى مسؤولي الرعاية الاجتماعية، غير أن الظروف كلها تتآمر كي يبقى الرضيع معه. لا يعرف له اسماً فيناديه «بيبي»، وعندما يصل إلى لندن لتسلُّم الوظيفة، يخبّئه في الحقيبة حتى لا يعلم أحدٌ بوجوده. بعد نجاحه في إخفاء الطفل عن مدبّرة المنزل الشاسع والفخم الذي سيتولّى إدارته وحراسته بدلاً عنها خلال فترة الأعياد، ينطلق من جديد في محاولاته للتحرّر من تلك المسؤولية المستجدة.
بين رعاية الطفل والاهتمام بشؤون المنزل، يُصاب تريفور بارتباكٍ كبير تتخلّله كالعادة تصرّفاتٌ خرقاء تضاعف الضحك والتشويق. يُثري أتكينسون هذه المشاهد بأدائه الطريف وباحترافه كوميديا الموقف. وفي هذا المسلسل، يسمعه الجمهور وهو يتكلّم أكثر من أيٍ من أعماله السابقة. فللسيناريو والحوار مساحة أساسية في Man vs Baby وقد تولّى أتكينسون كتابته بالتعاون مع ويليام ديفيز.
تتوالى المواقف الغريبة كأن يتوه الطفل بين أروقة الشقة، أو أن يحاول تسلّق السلالم. وتبقى الضحكات التي يطلقها في وجه تريفور من أكثر المشاهد لطفاً وقرباً من القلب. لن يخفى على الجمهور هنا تدخّل الذكاء الاصطناعي في صناعة هذه اللقطات. وقد أقرّ المخرج ديفيد كير في حديث صحافي، بأنه جرى اللجوء إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل توليد حركات الطفل وتعابير وجهه. بالتالي، تنقسم شخصية «بيبي» ما بين طفلٍ حقيقي ونسخة عنه مصنوعة تكنولوجياً.
بشقاوته وضحكاته يملأ الطفل فراغ البيت الكبير ويدفئ قلب تريفور الذي تُرك وحيداً في فترة الأعياد. رغم ذلك، يواصل محاولات إيداعه لدى الشرطة أو الرعاية الاجتماعية لكن في كل مرة يحصل ما لم يكن في الحسبان.
تطل إلى جانب أتكينسون في السلسلة القصيرة مجموعة من الشخصيات التي تكمل عناصر الحبكة. من بينها الجيران في المبنى حيث الشقة التي يحرسها؛ صاحبة الكلب الذي يسرق حذاء تريفور فيمضي نصف المسلسل وهو يسير حافي القدم. ينضمّ إليه كذلك ثنائيٌّ وطفلهما يعيشون في الخفاء في الطابق السفليّ من المبنى بسبب الفقر، مما يضفي بُعداً إنسانياً إلى القصة.
تريفور الذي خسر عمله عشية الأعياد وفضّل أقربُ الناس إليه قضاء العطلة بعيداً عنه، لم يفقد الأمل بالخير والحب. فهذا الرجل الذي يستخفّ الجميع به والذي يبدو أخرقاً وغريب الأطوار للآخرين، يعكس بكرمِه ولُطفه روح عيد الميلاد؛ ما يضع Man vs Baby في خانة إحدى أفضل الأعمال التلفزيونية الملائمة لهذه الفترة من السنة.
ينتمي المسلسل إلى خانة الكوميديا الخفيفة، فالنص ليس منمّقاً، والحبكة أقلّ من اعتيادية تصلح لمشاهدةٍ مريحة لا تحتاج إلى كثير من التركيز. لكنّ الكوميديا تتجاوز الضحك والترفيه، فتنبثق عنها أبعاد إنسانية أجادَ أتكينسون تقديمها كتابةً وأداءً.
لكن رغم كل تلك الإيجابيات المنبعثة من المسلسل الميلاديّ القصير، لم تُجمع الصحافة العالمية على الإشادة به وبعودة أتكينسون. إذ انقسمت آراء النقّاد ما بين معجبٍ بالمحتوى ومهاجمٍ له.
من جانبه، أفصح النجم البريطاني بأنه لم يستمتع بتصوير أيٍ من مشاهد Man vs Baby. وفي حوارٍ مع الصحافيين على هامش العرض الأول في لندن، قال أتكينسون إنه لا يجد متعةً خلال التصوير، واصفاً عمله الجديد بالجيّد «مع بعض الثغرات».
وعلى ما يبدو فإنّ أتكينسون القليل الكلام، بارعٌ في النقد الذاتيّ، وقد انسحب عدمُ رضاه على شخصية «مستر بين» الشهيرة. «لا أحب مستر بين كشخص. هو أناني ولا يخدم سوى مصلحته كما يفعل طفلٌ فوضويّ»، قال عنه، مضيفاً في الدردشة مع الصحافيين أنه لا يتمنى أن يستضيف شخصاً كمستر بين في بيته.
1577 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع