كيف خسر العرب رئاسة اليونيسكو؟

                                              

                    بقلم الدكتور محمد عياش الكبيسي

كيف خسر العرب رئاسة اليونيسكو؟

اليونسكو منظمة عالمية تابعة للأمم المتحدة معنية بالتربية والتعليم والثقافة، وقد تنافس على رئاستها في هذه الدورة عدد من الدول بينها الدولتان العربيتان: مصر وقطر.
تقدم المرشح القطري على جميع منافسيه، بحصوله على 22 صوتاً من أصل 58، في حين ذهبت الأصوات المتبقية مناصفة بين المرشحة المصرية مشيرة خطاب، والمرشحة الفرنسية أودري أزولاي 18 صوتاً لكل منهما، فكان على المرشحتين حسم الأمر بينهما، للتأهل لمنافسة القطري، فحصلت الفرنسية على 31 صوتاً، وحصلت المصرية على 25، وبهذا تكون مصر قد خرجت من المنافسة، لتتأهل الفرنسية لمواجهة المرشح القطري في الجولة الحاسمة والنهائية.
من الواضح جداً، وفق هذه النتائج أن فرصة القطري في الفوز كانت أكبر من الفرنسية، لكن الذي حصل أن العرب فضّلوا مرشحة فرنسا على مرشّحهم الوحيد، وقد جاء هذا صراحة في بيان لوزارة الخارجية المصرية، أنها تدعم المرشحة الفرنسية، لما وصفته في بيانها «جدارتها وقدرتها على إدارة منظمة اليونسكو في حال فوزها في الانتخابات، استناداً إلى ما تتمتع به من خبرة واسعة في هذا المجال»، ومع هذا الدعم العربي لفرنسا، حصلت قطر على 28 صوتاً، بفارق صوتين فقط عن فرنسا التي حصلت على 30 صوتاً.
إننا نناقش هذه المسألة، ليس لأننا نتوقع من المرشح القطري أن يحل مشاكل الأمة، ولا أن المسألة بحد ذاتها ترقى إلى منافسة قضايانا الساخنة والحارقة، لكنها مؤشّر واضح على طريقة العرب في تناول قضاياهم ونظرتهم لبعضهم.
إن فوز المرشح القطري بمنصب المدير العام لهذه المنظمة الثقافية العالمية هو فخر لكل عربي، وبالتأكيد لن يضر أية دولة عربية، مهما كان خلافها مع قطر، لكن السياسة العربية لا تعتمد حتى لغة المصالح البحتة، بل تعتمد لغة التشفي والكراهية والانتقام، حتى لو كان فيها ضياع المصلحة الخاصة والعامة.
إن العرب لو كانوا يعرفون مصلحتهم ما فرّطوا بأقوى جيش لهم في ذلك الوقت وهو جيش العراق، لقد كانوا ينتشون ويقهقهون ملء أشداقهم، ويهنّئ بعضهم بعضاً حينما يرون الآلة العسكرية الأميركية تدمّر هذا الجيش، ثم ما هي إلا سنوات وإذا بعواصمهم تتهاوى تحت أقدام الفرس، ويصل التهديد الجاد والمباشر إلى مكة والمدينة.
إن العقلية التي تصفق للمرشحة الفرنسية ضد المرشّح القطري، هي ذات العقلية التي صفّقت للمارينز الأميركي ضدّ الجيش العراقي، وهكذا دواليك في كل تجربة نخوضها من المحيط إلى الخليج.
إن هذه الطريقة في التفكير هي المسؤولة عن حالة التيه التي وصلنا إليها، وهي التي ستقود سفينة العرب نحو الهاوية، فلا يبقى لهم ذكر ولا فكر ولا تاريخ ولا جغرافيا، إنها باختصار الطريقة الأسرع للانتحار، فهل قررتم أيها العرب أن تنتحروا؟
إننا بحاجة اليوم إلى صناعة وعي عام لدى شعوبنا العربية، يحاصر هذه الفوضى العابثة والمدمّرة، أن يقتنع المصري والقطري والمغربي والجزائري أن اسمهم أمام العالم الخارجي واحد، وأن المصري الذي هتف: تحيا فرنسا وتسقط قطر، يسيئ إلى مصر قبل قطر، بل يسيئ إلى نفسه قبل كل شيء، والرد على هذا السفه أن نقول: (تحيا مصر وتحيا قطر).

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1404 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع