عن دفاع الخامنئي عن الاتفاقية النووية

                                                      

                                   سعاد عزيز

عن دفاع الخامنئي عن الاتفاقية النووية

إلقاء نظرة متفحصة على موقف المرشد الاعلى الايراني، علي الخامنئي من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع مجموعة دول 5+1، في عام 2015، يلقي الاضواء على خليط ملفت للنظر من التناقضات، فقد کان الرجل ومنذ بداية إجراء الاتصالات مع الدول الکبرى عموما و الولايات المتحدة الامريکية خصوصا، يحرص دائما على الظهور بمظهر الرافض الحازم لذلك، وقد أوحى لمرات عديدة في خطبه و کلماته التي کان يل‌قيها بأن الرئيس روحاني يقوم بذلك في ضوء صلاحياته المخولة له، أي إنه لايوافقه ذلك کما يبدو، بل وإننا يجب أن نتذکر کيف إن خامنئي قام بإعلان 19 خطا أحمرا کما أسماه قبل أسبوع واحد فقط من إبرام الاتفاق النووي، وقد إعتقد حينها الکثيرون بأن التوصل الى إتفاق نووي في ضوء تلك الخطوط الحمر باتت مستحيلة ولکن، تم التوقيع على الاتفاق من دون أن يکون هناك أي إکتراث للخطوط الحمر ال19 عشر!
السياسة الايرانية في ظل النظام الحالي فيما يتعلق بالمفاوضات في المسائل الحساسة و المهمة، تقوم على اسلوب المناورة الى آخر لحظة و السعي من خلال سيناريوهات مختلفة لممارسة الابتزاز بالمعنى الحرفي للکلمة، ولو راجعنا ماراثون المفاوضات الدولية مع إيران و التي أسفرت عن الاتفاق النووي، نجد إن إيران سعت و بطرق مختلفة لإبتزاز الدول الکبرى و التمويه عليهم من أجل الحصول على مکاسب و إمتيازات أکثر في الاتفاق، علما بأن إيران عندما جلست على طاولة المفاوضات فإنها قد فعلت ذلك لإن أوضاعها صارت وخيمة الى أبعد حد، وقد قامت بتوظيف ورقة المفاوضات النووية مع الدول الکبرى کمسکن و مهدئ و بارقة خير و أمل للشعب الايراني الذي کان ساخطا على کل شئ.
لاغرو من إن خامنئي قد جازف کثيرا عندما أعلن خطوطه الحمر ال19 في الاسبوع الاخير من قبل أن يتم التوقيع على الاتفاق، وهو الذي أوحى بطرق مختلفة للدول الکبرى بأنه معارض للتفاوض من أساسه، فإن هذه الخطوط التي إستخدمها الوفد الايراني بکل مالديه من إمکانيات الفذلکة و التحاذق و اللف و الدوران و التمويه، لکن لم يشفع کل ذلك لهم عندما تم رفض کافة الخطوط الحمر، وعندئذ تم تجاهل تلك الخطوط والذي کان يعني إفتضاح اللعبة لعبة الابتزاز الايرانية وتأکد من إن النظام کله يسعى لاهثا من أجل التوصل الى إتفاق ينجي النظام برمته من مأزق حاد يواجهه من دون أي حل.
خامنئي، عندما يخرج على العالم مجددا بتصريحاته و مواقفه النارية المتشددة رافضا ماوصفه بتناغم الموقف الاوربي مع أمريکا الرافض لتمدد إيران في المنطقة، بل وإنه ذهب أبعد من ذلك عندما أکد و بلهجة حادة:"لماذا لاتتواجد إيران في المنطقة؟ ستتواجد رغما عن أنوفکم"، ويبدو هنا إن خامنئي يرتکب خطئا کبيرا عندما يقف ضد الغرب برمته عندما يتحدى الدول الاوربية بمنتهى القسوة، ولکن، ومع کل ذلك، ليس هناك من يأخذ کلام المرشد الايراني الاعلى على محمل الجد، إذ إنه قد خسر الکثير بعد مجازفته بلعبة خطوطه الحمر ال19، خصوصا وإنه کان قد خسر الکثير من مکانته و منزلته أمام الشعب الايراني على أثر إنتفاضة عام 2009، التي رفعوا فيها شعارات تنادي بالموت لنظام ولاية و للولي الفقيه بل و قام المنتفضون بحرق و تمزيق صوره، وهي سابقة في هذا  النظام تٶکد بأن خامنئي ليس بإمکانه أبدا أن يلعب دورا کالذي لعبه سلفه الخميني حيث کان يحظى بکاريزما.
خامنئي الذي دافع بحرارة حلنية واضحة عن الاتفاق النووي الذي کان يسعى للچهور بمظهر المعارض له، عندما خاطب الاوربيين بلهجة طغت عليها البراغماتية بکل وضوح:"لايکفي أن يرفض الاوربيون تصريحات الرئيس الامريکي فيما يخص الاتفاق النووي، لأن هذا الاتفاق يحقق مصالحهم"، وهذا يعني بأن خامنئي صار يدرك قيمة الاتفاق الذي وقعوه في عهد اوباما  و الخسارة الکبيرة التي ستلحق بنظامه لو تم رفضها أو تغييرها، ولکن، لابد هنا من الاشارة الى نقطة مهمة، وهي إن إيران عندما بادرت الى توقيع الاتفاق فإن ذلك کان يعني بأنها دخلت ضمن إطار محدد من الصعب الخروج منه برضاها، وهذا تحديدا ماقد عناه المعارضون الايرانيون بزعامة مريم رجوي، عندما شبهوا توقيع طهران على الاتفاق النووي بتوقيعها على إتفاق وقف إطلاق النار مع العراق في عهد الخميني، بمعنى إن خامنئي قد تجرع کأس السم النووي و سار في طريق ليس الخروج منه کالدخول فيه!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1353 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع