من أعلام التصوف الإسلامي الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي

                                                  

                             قاسم محمد داود

من أعلام التصوف الإسلامي
الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي

من اعلام التصوف الإسلامي حازَ على منزلة عالية بين المتصوفة المسلمين بفضل منهجه ومؤلفاته الكثيرة التي ما زالت حتى اليوم تحظى بعظيم التقدير من جميع المهتمين والدارسين للتصوف الإسلامي داخل العالم الإسلامي ولدى المستشرقين الذين اولوا التصوف الإسلامي جل اهتمامهم .
ولد الشيخ محي الدين محمد بن علي بن محمد بن عربي الطائي الاندلسي في مرسية في الاندلس عام 558هـ الموافق 1164م وتوفي في دمشق عام 638هـ الموافق1240م ودفن في سفح جبل قاسيون .
كان ابوه علي بن محمد من أئمة الفقه والحديث ومن اعلام الزهد والتقوى والتصوف ،وكان جده أحد قضاة الاندلس وعلمائها ،فنشأ في جو ديني ،درس في بداية حياته على يد أبي بكر بن خلف عميد الفقهاء في اشبيليه وكانت عاصمة من عواصم الحضارة والعلم في الاندلس .فقرأ عليه القرآن بالقراءات السبع ،فما أتم العاشرة حتى كان ملماً بالقراءات والمعاني والاشارات ثم سلمه والده الى طائفة من رجال الحديث والفقه ليكمل تعليمه على أيديهم  . "يرى ابن عربي أن الوجود بأسره حقيقة واحدة ليس فيها ثنائية ولا تعدد :الحق والخلق اسمان أو وجهان لحقيقة واحدة , إذا نظرنا إليها من ناحية وحدتها سميناها حقاً وأن نظرنا إليها من ناحية تعددها سميناها خلقاً . ولكنهما اسمان لمسمى واحد . فالحق هو ما لا يدرك وهو الحقيقة المجرّدة , والخلق هو الحق الذي يدرك ’ وهو الحقيقة الظاهرة " . ومن أقواله : "لقد ثبت عند المحققين انه ما في الوجود الا الله , ونحن ان كنا موجودين فإنما كان وجودنا به . فمن كان وجوده بغيره في حكم العدم " .
يميل أبن العربي مثل معظم  الصوفية الى توحيد الأديان في نظرية الحب الإلهي لأن الحب هو جوهر العبادة ، والأديان سواء كانت سماوية او غير سماوية متساوية يستغني عنها وعن اساليبها السالكون في طريق الحق لذا نجده يلخص ما يدعو اليه في قوله في ديوانه الشعري (ترجمان الاشواق ) :
لقد صارَ قلبي قابلاً كلَ صُورةٍ .. فمرعى لغزلانٍ وديرٌ لرُهبانِ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ .. وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآن
أدينُ بدينِ الحبِ أنّى توجّهتْ .. ركائبهُ، فالحبُ ديني وإيماني
كتب أبن عربي العديد من الكتب من اشهرها كتاب (الفتوحات المكية) المكون من 37 سفر و560 باب وهو من أهم كتبه في التصوف كتبه في اول مرة كرسالة سماها (الفتح المكي ) ثم أكملها بعد زمن حتى تحولت الى كتاب يحتوي على أكثر من 4000 صفحة .وله ايضاً كتاب يسمى (تفسير ابن عربي ) يضم تفسيرهُ للقرآن .وكتاب (فصوص الحكم ) الذي يتكلم فيه ابن عربي عن الله والكون والانسان والانبياء وعلاقة الانسان مع الكون والخالق . وكتاب (شجرة الكون )و(الاعلام بإشارات اهل الالهام ) و (كتاب اليقين)،كما ان له ديوان شعر سماه (ترجمان الاشواق ) وكتب عديدة أخرى .
 
قام ابن عربي برحلات كثيرة داخل الاندلس وخارجها ،ففي عام 590 هـ قام بأول رحلة وكانت من الاندلس الى المغرب وتونس ، وبعد رحلاته من الاندلس الى المغرب وتونس رحل عام 598هـ قاصداً أداء فريضة الحج ماراً بالإسكندرية والقاهرة ولم يعد بعدها الى الاندلس .وفي مكة بدأ بتدوين كتابه الأشهر الفتوحات المكية الذي استغرق تدوينه سبعة وثلاثين عاماً .ظل ابن عربي في ترحال من مدينة الى أخرى وكانت شهرته تسبقه الى أي مدينة حل بها الا انه لم يكن يستقر طويلا في هذه المدن ،فبعد رحيله عن الاندلس وعن مرسية مسقط رأسه زار مصر والحجاز حيث مكث في مكه قرابة الثلاث سنوات وهناك تعرف على نظام بنت الشيخ أبي شجاع الاصفهاني التي خصها بغزليات ديوانه ترجمان الاشواق ،ومن مكة ارتحل الشيخ الى العراق والتقى هناك بالمتصوف الشيخ (عمر السهروردي ) في بغداد ،كما زار الموصل ثم ارتحل الى الاناضول واستقر في قونية وتزوج فيها ومنها قادته قدماه الى أرمينيا .عاد الشيخ محي الدين الى دمشق عام 1223م واستقر فيها طيلة السبعة عشر عاماً الأخيرة من عمره حيث توفي يوم 28 ربيع الثاني سنة 638هـ الموافق ل16 تشرين الثاني 1240م ودفن عند سفح جبل قاسيون .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

978 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع