عبدالرضا حمد جاسم
* الصورة السادسة :
في اول مشواري مع مراجعات الدوائر كان في دائرة الاحوال المدنية في الكاظمية حيث دائرة النفوس التي اتبعها.
راجعت كاتب العرائض(العرضحالجي) اكمل المطلوب و استلم المقسوم ...ذهبنا الى الموظفة المسؤولة التي طالبتني بالوثائق الأربعة اللازمة والتي يطلق عليها العراقيين تندرا (الخلفاء الأربعة) وهي :بطاقة الجنسية وشهادة الجنسية و الحصة التموينية و بطاقة السكن...ولما كنت لا اعيش في العراق فليس لدي بطاقة السكن و البطاقة التموينية...ولما كنت لا املك بطاقة الجنسية و شهادة الجنسية لفقدانها... فليس عندي سوى قيد نفوس صادر من اعوام التسعينات ...المهم طلبت مني مراجعة مدير الدائرة ...طرقت على باب المدير و كان مفتوحاً فرحب الرجل وهو شاب وسيم انيق يحمل رتبة رائد في الشرطة هادئ مبتسم حسن الكلام...قال تفضل ..شرحت له الحالة فطلب مني استنساخ جواز السفر الاجنبي و التأكيد على ختم دخول العراق...المهم شكرته وبعد مكابدة خمسة ايام بين الدوائر في اماكن متفرقه من بغداد(تنقل يومي بالتاكسي بين مدينة الثورة والكاظمية وساحة النسور و الكرادة) عليكم ان تتصور العذاب مع صعوبة التنقل...المهم انجزت المعاملة وحصلت على البطاقة الجديدة...
اثناء اوقات الانتظار الكثيرة في دائرة الاحوال المدنية في الكاظمية اقترب شاب يحمل استمارات مطبوعة تبين انها استمارات استبيان عن عمل الدائرة اوصى بها المدير...اكملت الاستمارة بارتياح لا نها خطوه جيده من مدير يريد متابعة عمل دائرته وكتبت في حقل المقترحات مقترح رأيت في اليوم الثاني المدير يناقش في ساحة الدائرة كيفية تطبيقه وهو بسيط سنعود له...افرحني ذلك فقررت ان اتقدم للمدير لأشكره بعد ان استلمت بطاقة الجنسية الجديده التي ستفتح الطريق امام سلسلة طويله من المراجعات ...طرقت الباب و كان عنده ضيوف فرحب الرجل فقلت له التالي:
انت انسان طيب و محب لعملك و بشوش وانا هنا لأشكرك واريد ان اقول التالي:
1.بطاقة الجنسية بطاقة محترمه وتعني الكثير للإنسان في كل العالم. وانتم تملؤون حقولها بخط اليد وكثير من الاحيان هذا الخط غير جميل و غير منظم و يعتمد على خط الموظف...وهذا شيء غير حضاري و غير جيد و يثير الاستغراب.
اجابني انهم بانتظار تنفيذ اقتراح البطاقة الموحدة.
2.هل هناك طالب في العراق عمره62 عام؟ انا عمري 62 عام ومسجل في بطاقة الجنسية طالب...وهذا شيء غريب أخر المفروض ان تُحَدَثْ المعلومات.
3.هل ترى في شعر راسي غير سواد قليل؟ انا اشيب و مسجل في حقل لون شعر الراس اسود.
ضحك الرجل بقوه وضحكنا جميعا و قال:
حجي انت اشتشتغل هسه(ما هو عملك الان) ؟قلت له متقاعد...فقال تريد تأشير ذلك في الجنسية؟ وقبل ان اجيب قال:
(ينشلع كَلبك عشرة ايام رايح جاي و تملي استمارة رقم 25 و نرفعها للجهات العليا يالله يتم التغيير)
ثم قال(حجي انت زين طالب ابوي اكبر منك وراح لدار حقه(متوفي) وهو لليوم مسجل تلميذ) ضحكنا جميعاً واستأذنته بنشر كل ما دار دون ان اذكر اسمه فلم يعترض.
وها انا انشرها و اتقدم له بكل تحية الاحترام مع تمنيات له بتمام العافية. واحب ان اضيف شيء طريف حصل وهو عندما لطم راسه رجل ستيني و عند الاستفسار لأنه اثار الحزن والالم عليه تبين انه استلم بطاقتي الجنسية له و لزوجته و بدل ان يفرح اخذ يولول لأنهم و من ضغط العمل وضعوا صورته على بطاقة زوجته و صورتها على بطاقته.
= *الصورة السابعة:
عصر احد الايام في الكراده واما محل كبير لبيع التجهيزات الرياضية(محلات الربيعي)...كان يجلس شاب بحدود 10 الى 12 سنه من العمر و أمامه ميزان ارضي ليقيس من يرغب وزنه مقابل 250 دينار (الدولار بحدود 1170 دينار عراقي)... وكان هذا الصبي يقرا في كتاب ومعه دفتر و قلم تبين انه يقوم بإكمال واجب درس الرياضيات لليوم التالي
قال له اخي ...ماذا تعمل ؟فأجاب اقوم بإنجاز واجبي المدرسي ليوم غد...فقال له اخي لماذا لا تذهب الى البيت لإتمام ذلك؟ فأجاب انا اعمل الان...فقال له اخي انا اعطيك ما تحصل علية باليوم على شرط ان تذهب للبيت و تنجز واجبك فرض الصبي و قال أمي اوصتني برفض مثل هكذا عرض...فقال له اخي اريد ان اتصور معك وانت بهذه الحالة...فرفض الصبي و قال حتى تنشرها على الفيس بوك...زاد تعلق اخي بالصبي فعرض علية ان يقدم له هدية مبلغ من المال...فرفض الطفل...
جاء من صعد الميزان و اعطى للصبي مبلغ الف دينار فشكرة الطفل و قَبِلَ المبلغ فقال له اخي لماذا قبلت مبلغ الالف و انت كاتب لوحة تقول ان الوزن ب(250)دينار؟ فقال له انه وزن و اعطاني المبلغ وذهب...فهم اخي الدرس وعرف ذكاء و فطنة وطيبة وشخصية هذا الشاب...فصعد الميزان و وزن نفسه وقدم للشاب قطعه نقدية بقيمة25 الف دينار...وانسحب مسرعاً الينا....لنجد ان الشاب لملم حاجياته وانسحب الى بيتهم.
كم من هم على شاكلة هذا الصبي وامه الكريمة تحية لهم و امنيات بان ينجح هذا الطفل الذكي الابي النقي في حياته ليكون قدوه للغير...في حين تجد عشرات الاطفال يتسولون عند كل تقاطع طريق او اشارة ضوئية وتاركين مدارسهم اكيد بأسباب اهمها هو ضغط اهاليهم عليهم لأن اهاليهم يتسولون معهم يتعرضون خلالها للتلوث من عوادم السيارات والضوضاء و المخاطر الاخرى.
=* الصورة الثامنة:
كما نشرتُ سابقاً... واخبرت الزميلين وليد يوسف عطو وأيار العراقي عن رغبتي بإقامة وقفه شعرية في اول جمعه من كل شهر في شارع المتنبي في نفس المكان الذي وقع فيه الاستاذ الفاضل موسى فرج كتابه الجديد عن الفساد...بحثت عن المسؤول عن المكان فتبين انه بائع الشاي الذي يُحَول المكان الفسحة الى مقهى يوم الجمعة ليلتقي فيها رواد شارع المتنبي وتكفل بالاستفسار منه احد زملاء الدراسة الجامعية الذي يملك محل في شارع المتنبي... ونحن نشرب الشاي عند عربته جاء احد افراد الشرطة شاب هادئ انيق طلب استنساخ ورقة رسمية(مع الشاي هناك جهاز استنساخ ملون) فقال بائع الشاي انا لا استنسخ لشرطي...لا نعرف الاسباب ربما لموقف سابق...تألم الرجل بشده كما بدى علية وقال تعرفني سابقاً؟...لماذا هذا الموقف و هذا التجريح؟...لو حصلت على عمل لما اضطررت للبس هذه البدلة؟(اشار الى بدلة الشرطي التي يرتديها)...ووجهه كلامه الينا انا و زميلي الذين لم نتدخل فيما دار قائلاً:
اسمي فلان ابن فلان ابن فلان(نطق اسمه الثلاثي)...ماجستير لغة عربيه بامتياز من كلية الآداب جامعة بغداد لسنة2002ولم احصل على عمل لذلك تطوعت في سلك الشرطة لأن راتب الشرطي ممتاز(يصل الى 900الف دينار والدولار الواحد كما اشرنا سابقا يعادل1170 دينار عراقي)وانا مسؤول عن عائلة...ونحن ساكتين انسحب الرجل وهو يتألم و تذكرت احد المهندسين الشباب(هندسة حاسبات)خريج عام2005لم يحصل على عمل حكومي وهو يعمل الان في خدمات البطاقة الذكية عند شركة اهليه براتب شهري مقداره (275 الف دينار)!!!!(الدولار الواحد يعادل1170 دينارا).
تحية للشابين المكافحين...مع تمنياتي لهما بان يتمكنا من العمل بمجال تخصصهما.
=* الصورة التاسعة:
اضطررنا لمراجعة بلدية مدينة الشعلة/حي الجوادين التابعة لأمانة بغداد.
تقدمت للاستعلامات ...استفسر الموظف المسؤول وارشدني الى قاعة الاستقبال
دخلتها لأنبهر بتنظيمها و نظافتها...كان هناك عدة موظفين استفسرت فارشدني احدهم الى زميلته...قدمت لها الاوراق استلمتها وقالت تفضل مشيره الى اماكن الجلوس في القاعة و بعد عدة دقائق نادت باسمي ثم طلبت مني الجلوس ونادت على موظف واقف اخذ الاوراق و دخل الى الدائرة ليغيب دقائق ثم عاد...وانا بحذر انظر الى شاشة التلفزيون المنصوبة في القاعة والتي ترشد الى طريقة انجاز المعاملات والى بعض الارشادات حول العناية بالحدائق و احترام الاشجار و الطريق و الأرصفة ومجاري المياه...مضت بحدود الساعة دخلت موظفه لتسلم الموظفة السابقة مجموعة اوراق وخرجت بكل هدوء ثم بدأت الموظفة الاولى المناداة بأسماء اصحاب الاوراق ليصلني الدور و نادت باسمي وقالت اعطني رقم هاتفك النقال فسجلته لها و قالت تم انجاز المعاملة وسنحولها لهيئة الكشف الذي سيتم بعد يومين ان رغبت الحضور في المكان او لا فهذا يعود لك وهو غير ضروري. ثم نقوم بإرسال المعاملة الى دائرة التسجيل العقاري يوم كذا راجعهم هناك واعطتني وصل باستلام المعاملة.
الحقيقة ادهشني ذلك...وقررت البقاء بعض الوقت لأراقب العمل في هذه الدائرة المتميزة ولمست الانسيابية...والمهم ان المعاملات تُنجز دون ان يدخل اي مراجع الى قلب الدائرة او يلتقي بالموظفين عدا الموجودين في قاعة الاستقبال...حتى تسديد الرسوم يتم امام الجميع و في قاعة الاستقبال.
لم اتمالك نفسي بعد ذلك و لأني لن اعود للدائرة مرة اخرى لذلك تقدمت لهم جميعا و علناً بالشكر و التقدير و الامتنان مع امنيات باستمرار التطور. مع العلم ان كل معاملة لا تنجز الا بحضور صاحب الشأن بنفسه على ان يقدم ما يثبت ذلك او وكيلة الرسمي وبسياسة شخص واحد لكل معاملة. وهناك اعلان كبير في القاعة ادرج فيه اشكال المعاملات والمدة المقررة باليوم لإنجاز كل معاملة وهناك هواتف المدير في حالة عدم انجازها في الوقت المحدد.
فتحية لكل العاملين في دائرة بلدية مدينة الشعلة /حي الجوادين ولكل من يحترم عمله و وقت الغير و معاملاتهم وأدميتهم في التعامل.
الى اللقاء في صور جميلة اخرى
979 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع