لم تعد البندقية نافعة

                                       

                         د.سعد العبيدي

لم تعد البندقية نافعة

اعتاد العالم منذ نشأته جماعات تتصارع من أجل الكسب والبقاء استخدام القوة حجراً في البداية أو سيفاً وسط المشوار أو البندقية أخيراً، سبيلاً لفض الصراع وارغام الطرف المقابل الى القبول أو حتى الاذعان، لكن العالم اليوم مختلف عن عالم الأمس والبندقية التي قد يبدأ باستخدامها أحد أطراف الصراع أولاً قد لا يخدم هذا الاستخدام حتى الطرف الفائز في الحرب، على هذا توجه العالم المتطور صاحب أقوى البنادق وأكثرها قدرة على الحسم والتأثير الى وسائل أخرى غير هذا السلاح تؤدي الغاية ذاتها في مسألة القبول أو الاذعان، فأسموها القوة الناعمة، وهي وسائل وإن لم تستثنِ الاستخدام المحدود للقوة أي البندقية أحياناً إلا انها في المحصلة حروب تقع تحت بند النفسية غاية ومآل.

ولنا أن ننظر في مجال هذه الحروب الى الشرق، نظرة الى التغيرات الجارية في محيطه شاملة سنجد أن غالبية دوله باتت تتجه الى اتجاهات لم تكن تريدها في الأصل وكأنها أرغمت الى التوجه صوبها بتأثير قوى السياسة والاقتصاد وأعمال المخابرات كقوى ناعمة يجهل الناظر مصدرها في غالب الأحيان.
وعلى نفس المنوال لو نظرنا الى الصراع العربي الاسرائيلي سنرى وبوضوح لا يقبل الشك أن اسرائيل وبعد عدة حروب لها مع العرب انتصرت في جميعها بقدر من الكلفة، لم تعد ميالة الي استخدام التفوق في قوتها العسكرية بالضد من العرب الطرف المقابل لها في كفة الصراع، واتجهت بدلاً عن هذا الى القوة الناعمة للإفساد والتجهيل والايهام والتفريق حتى سقطت في أتونها غالبية الدول العربية المقابلة حيث لم تعد قادرة جميعها علي المواجهة أو الصمود يوماً واحداً اذا ما احتدم الصراع، والأكثر من هذا آمنو بوهنهم وسعوا الى قبول الأمر الواقع وغلفوا مجتمعاتهم بغلاف الجهل واليأس والغرق في طقوس الدين والعودة بها آلاف السنين الى الوراء، ليقنعوا أنفسهم بمحدودية امكانياتهم قولاً وفعلاً، وفي المقابل لهم اسرائيل وايران وتركيا وباقي دول العالم تتحرك تحركاً سريعاً الى الأمام، لا يلحظون أي العرب مقاديره ولا اتجاهاته في انهاء حضارتهم أو تغيير واقعها لتكون غير هذه الحضارة التي ستشيخ بحيث تكون غير نافعة للعيش كما يريد الأهل في وقت ليس بعيد عن الآن.

سعد العبيدي
٤/١١/٢٠١٧

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3577 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع