محمود الوندي
الإستراتيجية الأمريكية في تخريب الشرق الأوسط
بعد انتهاء الحرب الباردة بتفكك وزوال الاتحاد السوفيتي عام 1991 أصبحت الفرصة السانحة للقيادات السياسية الأمريكية من أجل إعادة إحياء مشروعها بالهيمنة على العالم ، عبر إقامة نظام سياسي اقتصادي دولي خاضع لها.. من باب الدفاع والحفاظ على امنها القومي. وهذه الإستراتيجية تتعلق بتغيير الانظمة في الشرق الاوسط.
جاءت أحداث 11 أيلول 2001 كحدث أساسي لتنفيذ استراتيجيتها في الشرق الأوسط وترسيم ملامح نظام جديد يخدم مصالحها. بحجة بأن امريكا تواجه الاحتمال المخيف بقيام المتطرفين الإسلاميين بارتكاب أعمال إرهابية ضخمة في بلدها. والتي قامت بموجبها الولايات المتحدة الامريكية بشن حرب عالمية طويلة الامد ضد عدو مجهول وغامض متمثل في شبح الارهاب الإسلامي. في الحقيقة التخطيط الأمريكي سبق تلك الأحداث لأن الهجمات على البرجين في امريكا أقوى من إمكانيات القاعدة كان تقودها بن لادن.
إن الخطوة الأولى لتحقيق تلك الهيمنة على العالم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، بدأت من منطقة الشرق الأوسط.. بعد ان اصبحت توجهات بعض الأنظمة تتقاطع مع استراتيجيات امريكا. وثم هشاشة الأنظمة العربية، لذلك صرفت اموالاً طائلة من اجل إيجاد أنسب السبل إلى تطبيق إستراتيجيتها في الشرق الاوسط وفق مصالحها الخاصة بالمنطقة.
لقد أعتمدت الإستراتيجية الأمريكية على استقطاب قوى سياسية معارضة، لتوظيفها في تغيير وضع النظام في بعض بلدان المنطقة بحجة القضاء على دكتاتورية السلطة والسير في طريق الإصلاح ونشرالديمقراطية والعمل على نقل القيم الحضارية الى الدول المتأخرة.
فحاولت عن طريق خلق لفوضى الخلاقة تثبيت مصالحها الاستراتيجية في بعض دول المنطقة بحجة محاربة عصابات الارهاب حفاظاً على أمنها القومي.. ومن بعدها السعي لخلق بؤر مناسبة للصراعات الإقليمية واثارة الصراعات الدينية والطائفية والعرقية والاثنية في المنطقة، لتحول شعوب المنطقة من مفهوم الشعوب إلى مكونات وطوائف وجماعات. ومن ثم التدخل في إدارتها حتى تصل إلى فرض الحلول المناسبة لها بما يخدم المصالح الأمريكية.
بأن بسط سيطرتها على الشرق الاوسط هو مفتاح الأمان الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلاله السيطرة علي النظام العالمي بما يسمح لها من تحقيق مصالحها. خاصة بعد تبدد مشاعر الخوف من التهديدات التي كان يمثلها الوجود السوفيتي السابق كقوة عظمى منافسة.
قامت الولايات الأمريكية تشكيل البيئة الداخلية للعديد من الدول في الشرق الأوسط، وصولًا إلى ترسيم ملامح نظام إقليمي جديد يخدم المصالح والتطلعات استراتيجيتها الجديدة. باستخدام كافة الوسائل وبغض النظرعن شرعية تلك الوسيلة ام لا.. وبغض النظر عن مصالح دول المنطقة. وقد أمكنت أن الاعتماد على تنفيذ برنامجها الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط والذي يشمل مجموعة من الأولويات الضرورية للارتباط الأمريكي في المنطقةومن ضمن إستراتيجيتها تركيز على السياسات الاقتصادية الأمريكية والتي تتمثل في تأمين الطاقة. والتنافس التجاري مع الدول الكبرى في الشرق الأوسط ما تتمتع به من مميزات اقتصادية.. والذي يمكن الوصول إليه من خلال ملامح أهدافها التي تسعى دائماً لتحقيقها في ضوء المصالح الحيوية لها.
أستخدم الإدارة الامريكية وعلى نطاق واسع مبدأ ضمان ما يسمى (المصالح الحيوية الامريكية) في الشرق الأوسط.. بموجب هذا المبدأ، اتخذت شتى الاجراءات فيها، بما في ذلك استخدام القوة وإحداث التغيير المطلوب في المنطقة، وتحاول ان تفرض على الدول كيفية التصرف في مواردها الطبيعية، وتهدد بإنزال العقاب في حال رفضها!!.
حيث أصبح تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع منطقة الشرق الأوسط يسير وفق حاجات مصالحها التي تقتضي فرض واقع الاستقرار في المنطقة، حيث تنبع كافة أهدافها بضمان الهيمنة على العالم بأسره، من أجل تكريس قدرتها في الانتصار على العالم وفرض شروطها على حلفائها الأساسيين في أوروبا واليابان.
962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع