ذاكرة - كريم علاوي رمزا رياضيا ومؤرخا بصريا

                                              

                        توفيق التميمي *

 ذاكرة /كريم علاوي رمزا رياضيا ومؤرخا بصريا

 

               

يعامل كريم علاوي بين نخب البصرة واوساطها الثقافية ليس بصفته رياضيا متقاعدا او لاعبا كان له مجد رياضي بل على انه الشاهد الحي لتاريخ مدينتهم /
/اول من انشأ صفحة رياضية في العراق على الاطلاق ولم يسبقه احد في هذا المضمار حيث كان يعمل في احدى الجرائد البغدادية منتصف الخمسينيات من القرن السابق /

  

اللاعب والمدرب البصري كريم علاوي ،هو ليس اللاعب (كريم محمد علاوي )النجم المعروف في المنتخب الوطني لكرة القدم خلال عصرها الذهبي مرحلة الثمانينيات من القرن السابق، فتشابه الاسمين والميدان الرياضي الواحد في كرة القدم، قد يثير التباسا حتى عند عشاق كرة القدم انفسهم ، فكان لابد لي من التوضيح بان كريم علاوي البصري الذي التقيته في بيته في منطقة دور مهندسي المعقل في ربيع 2009 يسبق زمنيا زميله اللاعب البغدادي كريم علاوي بعقود من العمر والتجربة الرياضية تؤهله لأن يكون مؤرخا لها وشاهدا على تحولاتها في عهود الملكية والجمهورية .

ذاكرة لا تنطفئ
كنا بعد المقابلة نسير معا في اروقة ساحة ام البروم البصرية الشهيرة حيث قضى علاوي طفولته الاولى في الثلاثينيات من القرن السابق ،فوجدته مازال يحتفظ بوقائع طفولته وذكرياتها و قادرا على تذكرها بما يلفت الانظار والاعجاب ، ومن هنا يعامل كريم علاوي بين نخب البصرة واوساطها الثقافية ليس بصفته رياضيا متقاعدا او لاعبا كان له مجد رياضي بل على انه الشاهد الحي لتاريخ مدينتهم، ليس الرياضية فحسب بل الحياة البصرية بكل صورها وتواريخها ووقائعها وشخصياتها الغرائبية ،ولذا ليس غريبا ان يلجأ المؤرخون والمعنيون بتراث البصرة الى ارشيف علاوي الصوري الذي يعد من اغلى ما يمتلكه من ممتلكات وانفس ما يقتنيه من ثروة شخصية تضم ابرز شخصياتها التي ظلت في ذاكرته كـ(زعفران) المرأة المجنونة الزنجية التي قتلها جنود الكركة الهنود في الاربعينات من القرن السابق و(تومان) عازف الفيفرة الشهيرالذي لن تنساه ذاكرة اجيال كثيرة من البصريين .

        

ذاكرة علاوي اللاعب والمدرب والشاهد تحكي قصة البصرة في الثلاثينيات والاربعينات والخمسينات وهي في أوج ازدهارها ولمعانها المدني وبريقها المتوهج ،والرياضة التي كان يمارسها علاوي لاعبا ومدربا ثم مديرا في دائرة الميناء .

ذاكرة اللاعب والمدرب علاوي لاتفضح الهوة الشاسعة بين رياضة متقدمة تنتمي لزمن مضى منذ عقود ،واخرى معاصرة تعاني التدهور والتراجع فحسب، بل تحكي عن هوة تاريخية فاصلة بين زمنين وذاكرتين لحياتين كان الفرق شاسعا بينهما ،تفضحه الصور وقصاصات الأوراق التي يحتفظ بها كريم علاوي كأعز المقتنيات في صناديق فاخرة اعدت لها . كريم علاوي اللاعب الذي تم اختياره ضمن اربعة لاعبين من البصرة ليمثل اول منتخب عراقي عام 1951ليلعب مبارته الاولى في اسطنبول ، كان المدرب العتيد لنادي الميناء العريق الذي له الفضل في بروز كفاءات رياضية في مجال كرة القدم ليس على صعيد البصرة بل العراق كله،وهو نفسه الشاهد على شخوص واماكن البصرة التي ماتت واندثرت 
كريم علاوي ومقارعة الانكليز
في عام 1943 تشكل منتخب البصرة على يد لاعب البصرة المشهور (حميد مجيد) واشرف على تدريبه المستر (ستانلي) الانكليزي مدير سكك البصرة آنذاك ،وكان صديقه ستانلي حلقة الوصل بينه وبين القوات البريطانية..لعب كريم علاوي آخر مباراة مع القوات البريطانية 1945 عند مغادرتهم للبصرة وكان ريع المباراة لمنفعة الصليب الاحمر ،حضرها متصرف البصرة آنذاك (مظفر احمد) وقائد القوات البريطانية وبقية مسؤولي المدينة .
خلال فترة الاربعينيات والخمسينيات في البصرة كان لا يوجد دوري لكأس بطولة العراق يجمع فرق انديته من الشمال الى الجنوب كما في وقتنا الحالي ،ولكن كانت تقام مباريات على عدة كؤوس منها (كأس الملك فيصل ) و(كأس الدوري.). و(كأس حنا الشيخ التاجر البصري المسيحي المعروف ) و(كأس البقالين )و(كأس الطلاب في بغداد).. وكأس خاص بنادي الميناء وكأس نادي الاتحاد..
كان الملك فيصل الثاني يحضر هذه المباريات و يرعى البطولة لتقديم الميداليات في المباريات النهائية .وبعد تأسيس اتحاد كرة القدم العراقي (1948) كان المطلوب من الاتحاد المركزي اقامة بطولة لاثبات ان العراق يمتلك طاقات كروية ومهارات رياضية تستحق ان يؤسس لها اتحاد خاص بها، فاقام الاتحاد اول بطولة رسمية بين فرق المحافظات 1949 انتهت بفوز شركة نفط البصرة بالكأس على صعيد العراق .استمرت الفرق الكروية باللعب على ملاعب البصرة على هذه الكؤوس حتى 1951 وهو زمن تشكل فيه اول منتخب وطني عراقي لاجراء مباراة مع المنتخب التركي في اسطنبول ،وتم اختيار اللاعب كريم علاوي مع ثلاثة من البصرة وهم اللاعب ورائد الصحافة الرياضية في العراق شاكر اسماعيل واللاعب سعيد يشوع، واللاعب العراقي من اصل بريطاني برسي لنزدل .جرت المباراة في تركيا وخسر منتخبنا العراقي 1- صفر وهي اول مباراة يلعبها المنتخب الوطني في تاريخه.وكانت تلك محطة ريادية يتباهى بها علاوي ويفتخر بها كونه اخر الاحياء.
اول صحفي رياضي
تأسس نادي الميناء عام 1931وكان ناد ذا صبغة رياضيةً اجتماعيةً في بدايات تاسيسه الأولى ،تم اختياركريم علاوي للعب في صفوف نادي الميناء 1948لكرة القدم كلاعب اساسي بموقع مهاجم وسط في الموسم الكروي لعام 1948..
كانت له علاقة وثيقة برائد الصحافة الرياضية العراقية الاستاذ شاكر اسماعيل و واخيه ابراهيم اسماعيل..وكان علاوي قد عمل مراسلا في الجريدة التي يعمل بها شاكر اسماعيل وهو اول من انشأ صفحة رياضية في العراق على الاطلاق ولم يسبقه احد في هذا المضمار حيث كان يعمل في احدى الجرائد البغدادية منتصف الخمسينيات من القرن السابق ، وكان كريم علاوي مراسلاً لجريدته في البصرة ويكتب ايضا المقالات الرياضية في جريدة البلاد والملاعب التي يعمل فيهما ،وذهب موفدا للصحافة الرياضية الى مصر كمندوب عن جريدة المنار لتغطية وقائع الدورة العربية 1953 ضمن وفد نقابة الصحفيين العراقيين .
ذاكرة كريم محمد علاوي ذاكرة قرن من الرياضة العراقية بمحطات تألقها ونكوصها ومواقفها واللقاء به يحمل عطر ونكهة ذلك المشوار الذي بدأه علاوي غضا ومازال يحمل عشقه وهو على ابواب الشيخوخة واخر محطات العمر المديد 

-----------------------------

(*) مسؤول قسم الملاحق في جريدة الصباح البغدادية
(**) الصورتان المرفقتان : الاستاذ توفيق التميمي مع اللاعب الموثق المخضرم كريم علاوي والصورة الاخرى من ارشيف كريم علاوي تمثل تومان عازف الناي البصري الشهير ويظهر كريم علاوي اقصى يمين الصورة ايام الشباب

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع