بقلم/ المهندس احمد فخري
الحياة في حقول البترول /الحلقة الثالثة عشرة الدورات التدريبية الجزء الثاني
2- دورة في قيادة قوارب النجاة
استُدعِيتُ من قبل السيد البكري مدير قسم السلامة للخضوع لدورة تدريبية على قوارب النجاة.
قارب نجاة
اجتمعنا في قاعة الاجتماعات بالبارجة السكنية وكان عددنا 6 اشخاص من مختلف الاقسام. اخبرنا المدرب (لا اذكر اسمه اليوم) أن هناك ثلاث وظائف في قوارب النجاة:
1- القبطان (وهو الشخص الذي يقود القارب)
2- مساعد القبطان (هو الشخص الذي ينوب عن القبطان في قيادة القارب عند اللزوم)
3- الميكانيكي (هو الشخص الذي يتعلم صيانة واعادة تشغيل محرك القارب عند اللزوم)
لذا علينا أن نختار مهامنا حسب الرغبة، وهذه المهام سوف تلازمنا لباقي حياتنا المهنية بالحقل. أي انك لا تستطيع تغيير مهمتك بعد ان تختار واحدة من الثلاثة المدرجة اعلاه. قمت أنا باختيار مهمة القبطان وهناك شخص آخر اختار نفس الخيار والباقي اختاروا المهام الباقية.
دخلنا جميعاً بقارب النجاة وجلسنا على المقاعد التي صفت ذات اليمين وذات الشمال، وربطنا احزمة المقاعد. وعندما اعطيت الاشارة من قبل المدرب اثناء وجوده بداخل القارب ابتدأ القارب بالهبوط تدريجياً وبعد حوالي 30 ثانية صار القارب يطفو على الماء وكانت بابه مؤصدة باحكام. قام المدرب بادارة مفتاح القارب فسمعنا المحرك تدب فيه الروح فانطلق وهو يقودنا الى مكان بعيد عن البارجة كي نتلقى تدريباتنا هناك. وبعد بضع دقائق توقف القارب وهبط المدرب من كرسي القيادة الذي يكون مرتفعاً بحوالي النصف متر عن باقي الركاب. نظر الينا المدرب ثم وابتدأ الحديث،
هذا القارب معد خصيصاً كي يكون قارب نجاة. القارب مصنوع من مادة الالياف الزجاجية، لذا فهو غير قابل للاحتراق. أي انه يستطيع ان يمر من خلال اللهب دون أن يعرض ركابه لأي أذى. تبلغ سرعة القارب حوالي عقدتين بحريتين بالساعة لذا فانه بطيء جداً، لكن بامكانه أن يبعد ركابه عن منطقة الخطر بفترة وجيزة. سعة كل قارب 44 راكباً بالاضافة الى الطاقم أي القبطان ومساعده والميكانيكي. عند حدوث حالة طوارئ تستدعي اخلاء البارجة، فإن هذه القوارب سوف تمتلئ بالركاب خلال دقيقتين فقط من لحظة انطلاق صفارة الانذار، علماً أن في كل غرفة نوم بالبارجة تجد رقم قارب النجاة المخصص لك مكتوباً على باب الغرفة من الداخل. بابتداء هبوط القارب الى مستوى سطح الماء يتولى وقتها القبطان قيادة القارب كي يبتعد بركابه عن منطقة الخطر.
ساقوم اليوم بتدريبكم كلٌ حسب اختصاصه كي لا يكون هناك نزاع وشجار على المراتب عند حدوث حالة الطوارئ. هل هذا مفهوم؟
الآن اريد من القبطانين ومساعدي القبطانين أن يقربوا مني الآن. فتحت حزام النجاة ووقفت على قدمي ووقف أحد الهنود واثنان آخران الى جانب المدرب وصرنا ننظر اليه وهو يشرح لنا آلية القيادة من عجلة القيادة ومفتاح التشغيل وعداد الوقود ومقبض الدفع ...الخ
بعد ان شرح كل هذه الامور طلب من القبطان الهندي أن يجلس خلف المقود وطلب منه أن يبدأ بقيادة القارب. فعل الهندي تماماً كما علمنا المدرب ثم طلب المدرب منه كي يُفسح لي المجال حتى اقوم بالقيادة. عندما جلست بكرسي القيادة اتضح لي المنظر من هناك لان الشبابيك الوحيدة بهذا القارب هي كالتالي: الشباك امامي والخلفي واثنان الى اليمين واليسار وهذه الشبابيك تمكن القبطان فقط من مشاهدة ما يدور خارج القارب.
قارب النجاة
بعد أن أتممت دوري، تدرب باقي المتدربين كل حسب دوره ثم ابتدأ بتدريب الميكانيكيين بعد فتح صندوق المحرك وشرح محتواه وسبل تصليحه.
وبعد اتمام كل هذه المراحل التدريبية طلب من الجميع الخروج الى خارج القارب فخرجنا ووقفنا على الحافة السوداء التي تحيط بالقارب من كل الجوانب والتي يبلغ ثخنها حوالي 15 سم. وكذلك قمنا بالتمسك بالسور الحديدي باعلى القارب الذي يتضح بالصورة.
هنا رمى المدرب احدى سترات الانقاذ (فارغة طبعاً) الى الماء وقال تخيلوا أن فيها شخص يطلب النجدة. وجاء بعصى طويلة يبلغ طولها حوالي ثلاثة امتار وبنهايتها تجد خطافاً حديدياً. طلب من القبطان الاول ان يقود القارب ببطئ شديد كي يقترب من الشخص المطلوب انقاذه دون ان يصدمه بقوة كي يتم انقاذه. وعند بلوغ ذلك الشخص يقوم باقي الركاب باستعمال العصى كي يسحبوه ويدخلوه الى داخل القارب. قمنا بالتناوب على المهام، كلٍ حسب اختصاصه واتممنى التمارين بنجاح تام. بعد أن تدرب الجميع على كل هذه التمارين رجعنا جميعاً الى البارجة وهبطنا من قارب النجاة بعد ان رُفعَ الى الاعلى عن طريق الرافع الآلي.
في البارجة اخبرنا المدرب باننا سنخضع لنفس الدورة مرة كل ستة اشهر كي لا ننسى ما تعلمناه اليوم. ثم فسح لنا المجال كي نسأله عن قوارب النجاة. فقمت بسؤاله،
- ماذا يحدث لو أن أحداً الركاب تأخر عن الدخول الى القارب الموكل اليه وقت حالة الطوارئ؟ فاجاب،
- إن أي ساكن من متساكني البارجة منسب لقارب معين وعليه الالتحاق به في حالة الطوارئ. وإذا لم يصل الى قاربه خلال دقيقتين فإن القارب سيهبط بدونه تاركاً ذلك الشخص كي يتلقى مصيره. فكل دقيقة يتأخر ركاب القارب قبل هبوطهم للماء كلما يتعرضون للخطر أكثر فأكثر. لذا فليس من العدل أن يتعرض 43 شخص للخطر بسبب شخص واحد قرر أن يخالف قوانين السلامة.
شكرنا مدربنا وتوجه كل واحد منا عائداً الى عمله.
... يتبع
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
https://algardenia.com/maqalat/34651-2018-03-20-07-22-49.html
1376 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع