د. رياض السندي
م/ رسالة مفتوحة للمحكمة الاتحادية العليا في العراق
السادة رئيس وأعضاء المحكمة الموقرين
مرة أخرى يثبت ساسة العراق المهيمنين على العملية السياسية فشلهم في بناء أسس الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تحقق أهداف هذا الشعب في العيش بحرية وكرامة، بعد أن أثبتوا أنهم ضد إرادة الشعب العراقي، وإنهم لم يأتوا إلى السلطة سوى لتدمير العراق والإنتقام من الشعب العراقي. أن المجموعات السياسية التي قامت دول عديدة بتصديرها للعراق لتتولى السلطة بعد سقوط النظام السابق والتي لم يجمعها سوى جامع واحد هو السرقة وتدمير العراق، ولتحقيق مسعاهم ذلك فقد قضوا على الجيش العراقي وهو الحارس الأمين للبلاد، وغيبوا القانون لعدم محاسبتهم على جرائمهم في السرقة والتخريب والخيانة العظمى وأخيرا جريمة تزوير إرادة الشعب.
وبعد تجربة مريرة وقاسية طيلة 15 عاما ومازالت مستمرة حتى الآن، إستعاد غالبية الشعب وعيه، بإستثناء أتباع الأحزاب العميلة والباحثين عن الغنائم الذين ظلوا حتى اللحظة الأخيرة يتطلعون للفتات المتساقط من موائد الفاسدين. إن عودة الوعي للشعب العراقي يعد بحد ذاته إنجازاً كبيراً تمخض عن هذه التجربة الأليمة. وقد وقف غالبية الشعب وقفة موحدة ضد الانتخابات الفاسدة، وما زال المقاطعون مستمرون في مواقفهم الراسخة ينظمون قواعدهم الشعبية ومستعدون لتصعيد موقفهم في انتخابات المجالس المحلية القادمة، إذا ما إستمر الفاسدون في فسادهم يسحلون بأذيال هذه العملية السياسية البائسة. وهم يمثِّلون في أقل تقدير نسبة تتجاوز 80% من مجموع الناخبين.
وعلى الرغم من أن محكمتكم قد نظرت في الدعوى التي أقامتها مجموعة مقاطعون للانتخابات في العراق مطالبة محكتكم الموقرة بعدم التصديق على نتائج الانتخابات وقضت برَّد الدعوى بموجب قرارها الصادر بالعدد 86/اتحادية/2108، لقناعتها بعدم توجه الخصومة فيها، إلاّ إننا سنواصل جهودنا في عدم المصادقة على نتائج هذه الانتخابات المزورة.
أن دلائل التزوير والغش وخروقات الانتخابات الأخيرة التي جرت يوم 12 آيار 2018 هي كثيرة وواضحة وضوح الشمس ولا يمكن حجبها بغربال، ويستدل عليها حتى الأعمى، وهذا ما أدى إلى عدم ظهور النتائج النهائية حتى الآن، على الرغم من مرور 55 يوما على إجرائها، ناهيك عن نفقاتها الطائلة، ومن هذه الدلائل: -
1. إحالة مفوضية الانتخابات إلى هيئة النزاهة، ومنع أعضاءها من السفر إلى خارج العراق بموجب قرار رئيس الوزراء.
2. تشكيل لجنة لدراسة التقارير التي تخص العملية الانتخابية بموجب قرار مجلس الوزراء المرقم (198) لسنة 2018 والتي قدمت تقريرها في 29/5/2018 حيث أثبت اللجنة في تقريرها حصول خروقات وعمليات تزوير كثيرة رافقت العملية الانتخابية في العديد من محطات المحافظات والخارج وفي التصويت الخاص للنازحين.
3. إستبدال مجلس المفوضين بقضاة لتدقيق صناديق الإقتراع وإجراء العد والفرز اليدوي..
4. صدور قرارات بإلغاء تصويت الخارج وتصويت النازحين في الداخل.
5. إلغاء صناديق اقتراع أكثر من ألف محطة إقتراع.
6. صدور قرارات من البرلمان بالتعديل الثالث لقانون الانتخابات والمطالبة بإجراء العد والفرز اليدوي.
7. تصريح السيد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق بتاريخ 11 حزيران 2018 بضرورة إجراء تحقيق عاجل في إنتهاكات التزوير في الانتخابات.
8. حرق مخازن صناديق الإقتراع في الرصافة يوم 10/6/2018.
9. سقوط أجهزة البايومتري في مقر المفوضية وتحطمها ومقتل أحد الموظفين وجرح أخرين يوم 23 حزيران 2018.
10. تفجير مخازن صناديق الإقتراع في كركوك يوم 3/7/2018.
11. إحالة القضية للمحكمة الإتحادية العليا في العراق، والتي إجراء العد والفرز اليدوي وبإشراف القضاة بموجب قرارها في المرقم 99و104و106/اتحادية/إعلام/2018 في 21/6/2018.
12. صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق النيابية في 30 حزيران 2018 الذي أشار إلى نسبة كبيرة للتزوير تجاوزت 50%، وطالبت اللجنة بإلغاء الانتخابات المذكورة، إحالة مجلس المفوضية للتحقيق.
13. أشارت نتائج التدقيق لعمليات العد والفرز في كركوك التي جرت يوم 4/7/2018 إلى فروقات كبيرة في نتائج الانتخابات تجاوزت 50%.
والآن وقد دخل العراق فترة فراغ دستوري حيث لم تعد السلطة التشريعية قائمة بعد إنتهاء الدورة البرلمانية في 30/6/2018 فقد باتت المحكمة أمام مرحلة مفصلية في إتخاذ قرار حاسم بين عدم المصادقة على نتائج الانتخابات التي ثبت تزويرها بشكل كبير للعالم أجمع، وقاطعها معظم الشعب العراقي بنسبة تجاوزت 80% من مجموع الناخبين، وبين المصادقة على النتائج المزورة بحجة تفادي الوقوع في فراغ السلطة. وهنا نقول للمحكمة الإتحادية إن الإستناد على الفساد لن ينقذ هذه العملية الساقطة من الأساس، وإن جريمة التزوير من الجرائم المخلة بالشرف لمرتكبها، فكيف يمكن القبول بسياسي قد أخل بشرفه، وإن مسعى أي محكمة في العالم هو إحقاق الحق، حيث لا يصُح إلا الصحيح.
إن الشعب لن يسكت على تزوير إرادته هذه المرة فقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد في القوس من منزع، ونفد صبر الشعب ولم يعد لديه ما يخسره بعد أن خسر بلده وثروته وسيادته وكرامته. وإن التصديق على نتائج الانتخابات المزورة لن يعطي الشرعية لأي حكومة قادمة.
السادة القضاة
لكل ما تقدم من أدلة وبراهين لا يمكن معها تغطية عملية التزوير الهائلة في هذه الانتخابات، لذا فإننا نناشدكم من خلال هذه الرسالة المفتوحة ونهيب بمحكمتكم الموقرة أن تقفوا هذه المرة وقفة قضائية وطنية عادلة ومشرفة، لا سيّما وقد باتت محكمتكم (السلطة القضائية) الحصن الأخير الذي يلوذ به الشعب من فساد السياسيين، وإن محكمتكم مدعوة لإنقاذ العراق وشعبه من سوء إدارة وفساد وتزوير السلطة التنفيذية العاجزة عن محاسبة الفاسدين، وأن تتخذوا قراركم الجريء والعادل في عدم المصادقة على نتائج هذه الانتخابات المزورة التي يشكل قرار المصادقة عليها إساءة لتاريخ العراق وكرامة شعبه، ناهيكم عما يلحقه بالقضاء العراقي من سمعة سيئة، فما بُنيَ على باطل فهو باطل.
كتبت ببغداد في 7/تموز/2018
1148 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع