الدكتور رعد البيدر
" أقلامٌ في مَزادات السياسة "
من عيوب الأشخاص و الشعوب - أنها لا تشعُر بقيمة الموجود إلا حين يفتقدونه.
تتضمن صفحات التاريخ ( ظُلماً ) قد حَصَلَ عن توثيق يُغالط حوادث جَرَّت خلافاً لحقائقها، أو التقَّصُد بتشويه سيرة شخصيات قادت وحَكَمَّت - بأسلوب يجعل من ( العملاقِ قِزماً ) ، ومن ( والقزمِ عملاقاً ) .
أن تثبيت التشويه وفقاَ لهذا النهج التخريبي يمكننا أن نُسميه ( لَقيطاً ) جاءَ عن ( مُجامعة – مُعاشرة ) غير شرعية وغير أخلاقية بين " السياسة و الإفتراء " لذا فإنه لا يُرضي شُرفاء العِباد ... فكيف سيُرضي رب العِباد ؟! .
ليس هناك من شك بان تقلُبات السياسة والمنافسة على كرسي الحُكم بين خطَّي المشروعية و اللامشروعية - كثيراً ما حوَّلت المُجرم مُناضلاً ، وبالمُقابل حوَّلت المُناضل مُجرماً - ذلك هو رُخص الكلمات ، ورُخص قائليها ، ورُخص كاتبيها ، وسذاجة مُتقبليها – الذين يُصَدِقونَها أو يُرَوِجونها .
معظم الساسة والرؤساء الذين صَدَقوا مع شعوبهم وخدموها بوطنية عالية ؛ كان مصيرهم تآمراً داخلياً أو خارجياً أو خليطاً منهما ؛ فتسبب بإسقاطهم أو قتلهم ؛ فخلدتهم سطور الحقيقة من قِبَلِ كُتَّاب يخشون على انفسهم من وصف ( نقص الضمير ) ، وليس من كُتَّاب باعوا ضمائرهم لمن يشتري بثمن بخس - بصيغة رشوة مكشوفة ، أو مُبطَّنة توحي على أنها مَكرُمة أو هدية ؛ لكن هدفها مُمَيَّز عند ذوي الألباب، أنها رَفعُ واطئٍ و خفضُ عالٍ .
من يقرأ سيرة وتاريخ بعض الساسة والحكام في التاريخ القديم والحديث والمعاصر عن كاتبٍ مُحايد و مُنصِف ؛ سيَجِدُها أنقى مما ( زفَرَّتها ) أقلام التحريف و سياسة التجَّني والافتراء .
ينبغي التذكير بأن اقلام الكُتاب ستبقى كما كانت - بعضها يكتب بدافع ضمير قد ( مات ) ولا تنفع معه كل محاولات الإنعاش ، وبعضها يكتب بدافع ضمير يأبى ان يموت ، رغم كل المحاولات البائسة التي تسعى لتكميم الأفواه وخنق الأنفاس وتكبيل الأيادي وتقييد الأقلام (بكلبچات ) العقاب أو التلويح به . لكن الواقع والنتاج الكتابي يشير إلى وجود من يتنفس شرف حرية الكتابة ببقايا رئة الحقيقة - تعبيراً عن رأي لا يشكل خرقاً أخلاقياً أو قانونياً ضد جهة ما ؛ رغم أيادي الإثم وتشريعات وممارسات الباطل – هنا أو هناك .
التمس العُذر من القارئ الكريم عن بعض الكلمات التي أوجبتها ضرورة الوضوح وقد تُنكرها آداب النشر؛ وشفيعي أنني قد وضعتها بين هلالين ، وذلك يعني دلالة احترام ذوق كل من سيقرأها ...
أخيراً – البقاء في حياة كُل كُاتب ( توفى ) قلمَهُ ودفنه في مقابر النسيان دون حزنٍ عليه ، وعسى أن يجد بعض الكُتاب أقلامهم التي ( أضاعوها ) في زحمة وتسارع الأحداث - قبل أن تدوسها ( أحذية ) الشرفاء ، دون أن يتمكن من حمايتها جميع الماشين والمهرولين بطرق ملتوية وفي مقدمتهم ( انتهازيو ) كل الأوقات .....
وعلى قول المَثَل المصري :
( عَليه العَوَّض ومِنو العَوَّض )
عيدُ كُتاب الحقيقة والضمير( فقط ) ..... مُبارك و ألف مُبارك " .
398 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع