سلاح الجو العراقي في الحرب العربية الاسرائيلية الثالثة ٦ تشرين الاول (اكتوبر) / ح٢

                                               

                    اللواء الطيار الركن دكتور
                   علوان حسون العبوسي
                   5/ 10 / 2018

   

سلاح الجو العراقي في الحرب العربية الاسرائيلية الثالثة 6 تشرين الاول (اكتوبر) 1973الحلقة الثانية

   

دور القوة الجوية العراقية في حرب تشرين الاول ( اكتوبر) 1973

كان دور القوة الجوية العراقية عظيماً كعادته قوياً بإرادته عصياً بعناده في انتزاع النصر من الاعداء وكل اعداء الامة العربية ، تجسد هذا الدور في حرب تشرين الاول ( اكتوبر) 1973 باشتراكها من جمهورية مصر العربية ومن الجمهورية العربية السورية ، سأتناول ذلك في البحث تباعاً .

القوة الجوية العراقية في جمهورية مصر العربية.
كان هناك اتفاق مسبق بين الحكومة المصرية والعراقية بعد عدد من الزيارات لهيئات الأركان المصرية والعراقية منذ عام 1972 على استضافة سرب او سربين من طائرات (هوكر هنتر) في مصر كنوع من التعاون الجوي ما بين الدولتين وهي بادرة جيدة كانت قيادة القوة الجوية العراقية تسعى اليها لكسب الخبرة والتعرف على ظروف الطيران الحربي لكلا البلدين وهذا في حقيقة الامر احد اهداف معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي لجامعة الدول العربية تجنباً للمفاجآت الغير مرغوبة عندما يتطلب الامر اشراك قوات عربية مشتركة لمواجهة اي طارئ يستهدف الامن القومي العربي . ففي اوائل آذار (مارس)1973 زار السيد رئيس جمهورية العراق أحمد حسن البكر ومعه وزير الدفاع الفريق الركن حمادي شهاب وآمر قاعدة الحبانية المقدم الطيار حميد شعبان السرب السادس المجهز بطائرات ( هوكر هنتر) وابلغ آمر السرب الرائد الطيار الركن يوسف رسول وطياري السرب قرار الحكومة العراقية ارسالهم مع السرب التاسع والعشرون المجهز بنفس نوع الطائرات الى جمهورية مصر العربية بناءً لطلب قائد القوة الجوية اللواء الطيار اركان حرب حسني مبارك وذلك للتعرف على طبيعة عمل اسراب القوة الجوية المصرية واحتمال مشاركتهم باي مهمه قد توكل اليهم من قبل القيادة الجوية المصرية ، اتخذت اجراءات السفر الى مصر وحدد يوم الجمعة 6 نيسان ( إبريل) 1973موعد اقلاع طائرات السربين المذكورين باتباع خط الرحلة ( الحبانية – مطار النظائم الثانوي – قاعدة تبوك في السعودية – جزيرة النعمان – عبور البحر الاحمر- ميناء القصير – مطار الاقصر- مطار قويسنا ) ، اقلع التشكيل الاول المؤلف من ثمان طائرات في الساعة 1500 وفي الساعة1530 اقلع التشكيل الثاني المؤلف من ثمان طائرات أخرى وهبط الجميع في مطار النظائم الثانوي (غرب العراق ) ، وفي اليوم التالي اكملت التشكيلات رحلتها الى مطار قويسنا في دلتا مصر واستقر السربان فيه حتى عودتها الى ارض الوطن (1) .
كانت الفترة ما بين نيسان(ابريل)لغاية 6 تشرين الاول 1973 عبارة عن تدريب اعتيادي للطيارين وتعرف على طبيعة المهام المحتمل تكليفهم بها وقد اتضحت الصورة والغاية من قدومهم الى مصر بعد حين وهو انتظاراً لليوم الموعود لاسترداد ارض سيناء التي اغتصبها العدو الاسرائيلي في حزيران 1967 بالمشاركة مع اخوانهم المصريين في الضربة الجوية الشاملة الاولى ضد الاهداف الاسرائيلية وفي الوقت الذي تحدده القيادة المصرية.
لقد أطلق تسمية السرب (66) على الجهد الجوي العراقي في مصر، كما الحقت اربعة طائرات اخرى اثنان منها مزدوجة يمكن استخدامها في المهام القتالية ايضاً وأصبح المجموع الكلي 20 طائرة هنتر و20 طيار هم كلا من (؟) بالإضافة الى الضباط الفنيين والمسيطرين الجويين والاداريين واعداد من ضباط الصف الفنيين (100-120 فرد).
بعد استقرار السرب 66 وتعرفه على مناطق الطيران والقواعد الجوية في مصر واساليب التعاون ما بين القوة الجوية والدفاع الجوي والكلمات الجفرية المحتمل استخدامها اثناء الحركات الفعلية ، أصبح جاهزاً لأي مهمه قد توكل اليه ، في آب (اغسطس) اطُلعت قيادة القوة الجوية آمر السرب على الاهداف المخصصة لسربه ضمن الضربة الجوية الشاملة ضد الكيان الصهيوني بسيناء في اي تعرض مقبل دون ذكر اية تفاصيل أخرى وهي اربعة اهداف تعالج ب 16 طائره هنتر( 1. موقع القيادة والسيطرة الاسرائيلي في الطاسة يعالج بأربعة طائرات 2.موقع صواريخ ارض- جو هوك يعالج بثمان طائرات 3.مواقع مدفعية ذاتي الحركة 175 ملم يعالج بأربعة طائرات ) ، وقد تم اعداد الخرائط وخطط الطيران الازمه لهذه الاهداف وتمت المصادقة عليها في قيادة القوات الجوية المصرية ثم جرى التدريب عليها بأهداف مشابهة تقريباً ، بعد حين عُدٍلت الخطة واصبح التنفيذ ب12 طائره بدلا من 16 ولكن على نفس الاهداف السابقة . اثناء تواجد السرب بمطار قويسنا توالت زيارات المسؤولين في قيادة القوه الجوية المصرية للسرب ومنها زيارتين للسيد رئيس الجمهورية انور السادات وكان لها اثراً معنوياً عالياً لكافة منتسبي السرب/ 66 العراقي .
6 تشرين الاول ( اكتوبر) اليوم الموعود (2) هذا اليوم الساعة 1200 تسلم آمر السرب مظروفا مغلفاً كتب عليه لا يفتح قبل الساعة 1230 ،وكان هذا المظروف عباره عن تأكيد لما خصص للسرب 66 العراقي من اهداف في العمق الاسرائيلي ، سارع الفنيين تجهيز 12 طائرة كلا منها اربعة مدافع 30 ملم بواقع 120 اطلاقه لكل مدفع +24 صاروخ (سورا) ، كان توقيت تشكيلات الطيران مختلف الواحد عن الاخرى باختلاف موقع الاهداف المخصصة لكل تشكيل وعليه اقلعت التشكيلات على شكل رفوف اخترقت قناة السويس في توقيت واحد ضمن الضربة الجوية الشاملة الساعة 1400 ،( يقول اللواء الطيار الركن سالم احمد ناجي احد المشاركين في التشكيل المخصص ضد موقع المدفعية ذاتية الحركة 175 ملم ،كان خط سيرنا بتوقيت الثواني وليس الدقائق واتجهت طائراتنا الاربع نحو منطقة قناة السويس وكنا نتوقع صدور أمر العودة قبل خط القناة لاحتمال ان يكون ذلك تمرين كسابقاته من التمارين ... ولكن بعد عبورنا القناة اصبح يقيناً ان الحرب قد ابتدأت ، كان التشكيل يسير بسرعة عالية وارتفاع منخفض اقل من 20 متر فوق سطح الارض ،باتجاه الهدف وبعد مسير حوالي 10 دقائق اوعز لنا قائد التشكيل النقيب الطيار عماد احمد عزت بالسحب الى الاعلى والمتهيئ للهجوم ، انقضت الطائرات تباعاً وفق ما مخطط لها على مواضع المدفعية وتم معالجتها بالصواريخ بدقه متناهية ، ثم اوعز لنا مهاجمتها ثانيتاً بالمدافع وتأكدنا ان الاصابة كانت دقيقه وتم تدمير الهدف تماماً ، عاد التشكيل الى المطار وتبعته الطائرات الثماني الاخرى بسلام دون خسائر ، وعلى الفور تم تسليح الطائرات للطلعة الثانية وكنا بالانتظار ولكن بُلغنا بعدم الحاجه لتكرار الضربة الثانية . في يوم 7 اكتوبر لم نكلف بالطيران رغم استعدادنا له ، في يوم الثامن من اكتوبر بعد الظهر اقلعت 12 طائره بمهمة معالجة القطعات الاسرائيلية المشتبكة مع القوات المصرية ، في هذه المهمة فقدنا كلا من النقيب الطيار وليد عبد اللطيف السامرائي والملازم عامر احمد القيسي بعد اصابة طائراتهما بأسلحة ارض – جو ،من المهم ان اذكر ان طائراتنا لا تحتوي على جهاز تعريف الهوية كما موجود بالطائرات الروسية كي تُعرف نفسها لوسائل الدفاع الجوي المصري وعليه كان ذلك احد المشاكل الفنية المستعصية التي تعرضنا لها اي احتمال اطلاق اسلحة ارض – جو الصديقة علينا خاصة عند تعقد الموقف بارتفاع اعداد الطائرات المعادية في نفس المنطقة وهذه من المشاكل المعقدة التي كنا نعاني منها اثناء وجودنا في مصر مما اضطر المصريون الى تخصيص خطوط سير خاصه بنا اثناء الذهاب والعودة . في يوم 11 أكتوبر نفذ واجب بأربع طائرات على احد مواقع القيادة والسيطرة الاسرائيلي وفي طريق العودة أُصيبت طائرة قائد التشكيل الرائد الطيار ناطق محمد علي ورقم 2 بالتشكيل الملازم الطيار ضياء صالح مما اضطرا الى القذف من الطائرة ،في اليوم التالي عَبَر الرائد ناطق القناة سباحتاً بعد ان امضى ليلته على الساحل الشرقي من القناة وتم التعرف عليه من قبل القطعات المصرين وابلاغ سربه بذلك ،اما الملازم ضياء صالح فقد قذف من الطائرة غرب القناة وتعرض للضرب المبرح من قبل القوات البرية المصرية لاعتقادهم بانه طيار اسرائيلي اسقطت طائرته لولا ان تعرف عليه احد الضباط لكان في خبر كان ، وقد اودع الاثنان المستشفى المركزي للقوات المسلحة ، في يوم 13 اكتوبر كلف السرب بمهمتين في مهاجمة القوات الاسرائيلية المتقدمة تجاه ثغرة( الدفر سوار التي تقع بين الجيشين الثالث والثاني الميدانيين شرق قناة السويس ) كل مهمة من اربعة طائرات مجهزه بالصواريخ والعتاد ، اقلع التشكيل الاول وبعده التشكيل الثاني باتجاه الارتال الاسرائيلية المتقدمة باتجاه ثغرة الدفر سوار وتمت معالجتها بإصابات مباشره ولكن طائرتان من التشكيل الاول اصيبت اصابات بالغه اثناء الهجوم احداها باتجاه قائد التشكيل الاول النقيب الطيار عماد احمد عزت تمكن من القذف بالمظلة في منطقة العدو وتم اسره ، اما رقم 3 من نفس التشكيل الملازم الاول الطيار سامي فاضل فقد استشهد بعد أصابه طائرته اصابه مباشرة من قبل صواريخ ارض – جو في منطقة الهدف . في 14 اكتوبر نفذت اربعة مهام كلا منها بطائرتين في عمق سيناء وفق متطلبات الموقف ولكن فقدنا طائرتين مع طياريها وهم كلا من الملازم الاول الطيار عبد القادر خضر والملازم الاول الطيار دريد عبد القادر وتبين بعد حين انهما اسرى لدى العدو الاسرائيلي ،بعد يوم 15 اكتوبر توقف طيران السرب بسبب تعقد المواقف الأرضية بعد تطويق الجيش الثالث الميداني من قبل العدو الاسرائيلي .
كانت حصيلة خسائر السرب 66 العراقي مع العدو الاسرائيلي كما يلي(ثلاثة شهداء هم النقيب الطيار وليد عبد اللطيف السامرائي ، الملازم الاول الطيار سامي فاضل ، الملازم الطيار عامر احمد القيسي ،ثلاثة طيارين اسرى هم النقيب الطيار عماد احمد عزت ، الملازم الاول الطيار عبد القادر خضر ، الملازم الاول الطيار دريد عبد القادر، اثنان قذفوا من الطائرة هم الرائد الطيار ناطق محمد علي ،الملازم الطيار ضياء صالح ) اما خسائر السرب من الطائرات بلغت ثمان طائرات من مجموع عشرين طائره هنتر .
في نهاية تشرين الاول (اكتوبر) 1973 اوعزت قيادة القوة الجوية العراقية بعوده السرب الى العراق بحكم موافقة مصر وسوريا على قرار مجلس الامن 338 في 22 تشرين الاول (اكتوبر) 1973 وهكذا اسدل الستار على دور الاسراب السادس والتاسع والعشرين في هذه الحرب بعد ان قاما بالدور البطولي الذي اوكل لهما على اكمل وجه وقد اشاد بهذا الدور)) كلا من السيد رئيس الجمهورية انور السادات والسيد قائد القوة الجوية المصرية اللواء حسني مبارك بعد ان قلد ابطاله بأعلى أوسمة الشجاعة المصرية .
القوة الجوية العراقية في الجمهورية العربية السورية (3)
يختلف دور القوة الجوية العراقية المساهمة في تشرين الاول / اكتوبر من سوريا عن دورها في مصر كون الأخيرة كان لها فسحة زمنية مناسبة لكي تتعرف على طبيعة عمل سلاح الجو المصري الذي ستشاركه في الحرب وطبيعة الاهداف والسياقات المتبعة اثناء الحرب اهمها اساليب التعاون مع القوات المسلحة الاخرى ولهذا اهميته القصوى في إنجاح اعمال الاستحضارات والتخطيط والتنفيذ. هذا لم يتوفر للقوة الجوية العراقية المشاركة من سوريا حتى بالحدود الدنيا، بل كانت هذه القوة أساساً في مرحلة إعادة تنظيم وتدريب ومعظم الطيارين والاختصاصات الاخرى مشاركين بدورات حتمية لأغراض الترقية وأخرى تطويرية جوية وارضية، وعليه أوعزت قيادة القوة الجوية لكافة تشكيلاتها ووحداتها الجوية برفع حالة الاستعداد الى أقصاها ( درجه/ ج) والغاء كافة الدورات كما اوعزت التحاقهم الى وحداتهم فوراً لتلقي اوامر التحاقهم الى الجبهة السورية .
الالتحاق في سوريا. كما اسلفت بعد إصدار القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية ليلة 6/7 تشرين الاول ( اكتوبر) 1973 توجيهاتها الى تشكيلات القوات المسلحة والقوة الجوية للمساهمة في هذه الحرب ، على الفور اوعزت قيادة القوة الجوية للسربين التاسع والحادي عشر متصديات ميج/ 21وهم كلا من ( ؟ ) بالالتحاق الى سوريا صباح يوم 7 /10 واستقروا في قاعدة سيكال و الناصرية الجويتين وباشرا بعد وصولهم مساء هذا اليوم المساهمة بطلعات الدفاع الجوي مع الطيارين السوريين ، اما اسراب المقاتلات القاذفة الاول والخامس والثامن سوخوي/ 7 والسرب السابع ميج/ 17 فكان لها ان تتهيئي حتى صباح يوم 8 /10 لتكامل التحاق كافة طياريها العاملين في وحدات خارج أسرابَهم وفي كلية القوة الجوية .صباح يوم 8 تشرين الاول (اكتوبر) 1973أوجز طياري الاسراب الخامس في قاعدة الحرية ( كركوك) الجوية من قبل الرائد الطيار هشام عطا عجاج وهم كلا من ( ؟ ) كما أوجز طياري السرب الاول من قاعدة ابي عبيده الجوية (الكوت ) وهم كلا من (؟ ) ، السرب الثامن من قاعدة ابي عبيده الجوية أيضاً وهم كلا من ( ؟ ) وطياري السرب السابع في قاعدة فرناس الجوية (الموصل) وهم كلا من ( ؟ ) اوجزوا إيجازاً سريعاً بإيضاح خط الرحلة لكلا منهما على أن يتم الهبوط في قاعدة الوليد الجوية للتزود بالوقود ومن ثم الانطلاق الى القواعد المخصصة لكل سرب في سوريا وكما يلي( السرب الاول في مطار دمشق الدولي ، السرب الخامس في قاعدة بلي الجوية (جنوب دمشق ) ، السرب الثامن والسابع في قاعدة الضمير الجوية ) ،في الساعة 1800 مساءً تكاملت كافة الاسراب المشار اليها آنفاً في القواعد الجوية السورية ، وفي الساعة 1900 من نفس اليوم التقى ممثلي قيادة القوة الجوية السورية بآمري الاسراب والطيارين وتم ايجازهم بالموقف العام على الجبهة السورية موضحاً الاهداف المحتملة للقوة الجوية العراقية وطبيعة العمل واسلوب التعاون والتنسيق مع الدفاع الجوي السوري وغير ذلك ، وتم توزيع نسخ من الخرائط المؤشرة للأهداف الاسرائيلية المحتملة في الجولان مع الكلمات الجفرية المستخدمة داخل كل قاعدة جوية ، وبغرض الايضاح اكثر وعدم توفر الفرص لأجراء طلعات تعريفيه او استطلاعية لمناطق الطيران السورية وضيق الوقت وزعت على الطيارين خرائط مجسمه تظهر طبوغرافية المناطق السورية والاسرائيلية ... تم تدارس كل هذه الامور ليلاً بين الطيارين على أمل المباشرة في الطيران القتالي مع الطيارين السوريين صباح اليوم التالي . لا يفوتني ذكر مساهمة طائرات النقل نوع (انتونوف 12 و 24) والطيران السمتي بنقل مستلزمات كل الاسراب المساهمة رغم ظروف الحرب الصعبة ، كما ساهمت الطائرات السمتية بأعمال إعادة التمركز لوسائل الدفاع الجوي والأسراب داخل القطر وفقا للموقف الجديد .... لم يبق في العراق سوى السرب 14 لحماية بغداد وبعض مفارز من طائرات السوخوي 7 والميج 21 لإعادة تأهيل الطيارين المتواجدين في كليه القوه الجوية وكلية الأركان بغرض زجهم بالمعركة بعد تلقيهم التأهيل اللازم.
موقف واجراءات تنفيذ القوة الجوية العراقية مهامها في سوريا .
في 10 تشرين الاول (اكتوبر) أصبح موقف القوة الجوية العراقية في سوريا كما يأتي : (40طائرة سوخوي 7 هجوم ارضي و24 طائره متصدية ميج 21 و8طائرات ميج 17 ) ، نسبة الطيارين إلى الطائرات للاستعواض 2: 1 . اما تنفيذ الواجبات فكان كما يأتي (باشر السربان 9 ، 11 متصديات الطيران مع الطيران السوري بعد أيجاز بسيط منذ اليوم الأول لوصولهم في 7 أكتوبر واستمر حتى وقف إطلاق النار، أستطاع كلا من الطيارين الأتية أسمائهم من السرب التاسع والحادي عشر اسقاط ثلاث طائرات اسرائيلية( المقدم الطيار الركن محمد سلمان حمد والرائد الطيار الشهيد نامق سعد الله والنقيب الطيار شهاب احمد ، كما باشرت أسراب القاذفات المقاتلة 1 / 5 / 8 / 7 الطيران منذ التاسع من أكتوبر وحتى وقف إطلاق النار .
لقد واجهت أسراب المقاتلات القاذفة ظروف صعبة أهمها انعدام الاستحضارات وعدم التعرف على المنطقة ولو بالحدود الدنيا ودخلوا المعركة بشكل مباشر أدى ذلك إلى وقوع خسائر غير مبررة خاصة وان امكانية الطائرات الروسية القتالية آنذاك لم تكن بالصورة التي عليها ألان فالطائرة تحتاج إلى طيار يقودها إلى الهدف على عكس الطائرات الغربية حيث الطائرة هي التي تساعده في الوصول إلى الهدف بواسطة ما تحتويه من مساعدات ملاحية وقصف للطيران غاية في الدقة ، ولما كانت المعلومات غير متوفرة والطيارين لم يسبق لهم ممارسة الطيران في سوريا قبل هذا الوقت لذلك كانت هذه الخسائر في المفهوم التعبوي غير مقبولة ، ومع ذلك أعُجِبَ الطيارون السوريون بكفاءة الطيار العراقي رغم كل الظروف التي أشرت إليها حيث أفادوهم في أمور أساليب الاستخدام القتالي أثناء تنفيذ المهام مما ساهم في تقليل نسب الخسائر بالطيارين عموماً وأصبحوا يقولون (لو كنتم معنا قبل هذا الوقت لأبلينا بلاء حسنا معكم) .

طبيعة واجبات القوة الجوية السورية
• التخطيط للواجبات لم يكن بمستوى تخطيط العدو الإسرائيلي فقد تمكن من كشف الخطط السورية مبكرا ومن ثم نصب كمائن في طريق ذهاب الطائرات إلى أهدافها وإسقاطها بل العدو كان يعلم بالخطة أساسا (السبب أن خرائط الطيارين كان قد ثبت عليها كل الأهداف المعادية وأسلوب الذهاب والعودة إلى الهدف وعندما يضطر الطيار القذف من الطائرة بسبب اصابة طائرته من قبل الدفاعات الجوية الاسرائيلية يلقى القبض عليه ويستولي العدو على هذه الخرائط يستدل منها على الخطط التعبوية للاستخدام.
• اقتصرت الخطط الجوية على عمليات الإسناد الجوي القريب وبعض أهداف التجريد لمواقع التحشد والتموين وقد خلت الخطة من أهداف الحركات الجوية المقابلة لأهميتها القصوى في المعركة.
• الأهداف كانت ضمن المناطق الاتية (القنيطرة، تل عنتر، سعسع، مجدل شمس، منطقة طبرية، جسر بنات يعقوب، تل الشعار، كفر ناسج، كفر شمس، الصنمين، ارتال متقدمة، تجمعات القوات الاسرائيلية، إسناد القوات ألبرية السورية أثناء انسحابها من الأهداف التي احتلتها في بداية الحرب، اسناد جوي للقوات العراقية المشتبكة مع العدو الاسرائيلي.. الخ) .
• استمر زخم طائرات المقاتلة القاذفة العراقية حتى يوم 10 أكتوبر .... بعدها أشتد زخم الطيران الاسرائيلي على الجبهة السورية لخطورة هذه الجبهة ( بعد ان انهت القوات المصرية مرحلتها الاولى وتوقفت على عمق 10- 15 كلم وبدأت بتهيئة مواقعها الجديدة في سيناء -وقفة تعبويه - للتهيئة للمرحلة الثانية باتجاه المضائق ) بعد أن استعادت سورية كافة أراضيها التي احتلتها اسرائيل في 1967 ، ففي الهجوم المقابل الإسرائيلي كان العدو يقوم منذ الصباح الباكر واعتبارا من 10 أكتوبر شل كافة القواعد الجوية السورية بعد تغيمها بالقنابر الموقوتة لكي تتفرغ في استكمال هجومها المقابل تجاه القوات السورية. كان الطيران العراقي والسوري يعانيان من ذلك كثيرا خاصةً وان القوات السورية بدأت بالتقهقر تحت ضغط الطيران والدروع الإسرائيلية الذي بدأ يحقق نتائج جيده لصالحه، وقد أوعز السوريين ذلك الى النقص بالقوات وتأخر وصول الجيش العراقي حتي 11 أكتوبر حيث كانت القوات السورية قد أكملت انسحابها من الاراضي التي احتلتها في بداية المعركة تقريباً .
قرار القيادة الجوية العراقية في سوريا
نتيجة للخسائر الكبيرة بالطيارين والطائرات السورية والعراقية اقترحت القيادة الجوية العراقية في سوريا المؤلفة من المقدم الطيار محمد جسام الجبوري والمقدم الطيار صباح صالح والمقدم الطيار نجدت النقيب وآمري الاسراب وبعد استشارة قيادة القوة الجوية في بغداد حول تعديل الخطة الجوية السورية بما ينسجم ومتطلبات الموقف الجديد ( وقد تزامن ذلك مع اكتمال وصول الفرقة السادسة المدرعة والالوية الاخرى المستقلة ومجاميع القوات الخاصة العراقية للفترة 11- 17 تشرين اول / أكتوبر تضمنت على أهداف استراتيجية مهمة بغرض شل القوة الجوية الاسرائيلية والقيام بهجوم مقابل أخر بالمساهمة مع القوات البرية العراقية المشار اليها آنفاً ومهما كانت الخسائر ، من حيث المبدأ وافقت القيادة العسكرية السورية على الخطة ولكن وقف القتال في 22تشرين الاول / اكتوبر1973 حال دون تنفيذها ، من المهم ان اذكر ان الهدف من ارسال القيادة السياسية والعسكرية العراقية كل هذه القوات لم يكن بمثابة نزهه الى سوريا وانما كان بغرض انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي التي احتلتها عام 67 والذي لم يتحقق سوى عبور القوات المصرية لقناة السويس والتوغل بعمق 10 – 15 كلم في سيناء ، وعليه لقد انزعجت القيادتين السياسية والعسكرية العراقية اشد الانزعاج بعد ان خسرت قواتها خسائر جسيمه دون نتائج جيدة في هذه الحرب واطلقت عليها ( حرب تحريك وليس حرب تحرير)( 4) .
خسائر القوة الجوية العراقية في سوريا
بلغ إجمالي خسائر القوة الجوية العراقية في سوريا فقط عشرة طيارين وأسير واحد و 15 طائرة سوخوي 7 وطائرتان ميج 17 و5 طائرات ميج 21 ، كما بلغت عدد الطلعات ألمنفذة بطائرات المقاتلات القاذفة حوالي 200 طلعة وضعف هذا العدد بالنسبة للطائرات المتصدية.
العودة إلى العراق
في 14 تشرين الاول ( أكتوبر) قرر الرئيس المصري أنور السادات تطوير الهجوم شرق قناة السويس باتجاه المضائق وفق الخطة المعدة مسبقاً وقد عارضه في ذلك رئيس اركان القوات المسلحة المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي مما أدى إلى تقدم القوات المصرية ومعها وسائل الدفاع الجوي باتجاه الشرق سبب ذلك من حدوث ثغره في الكشف الراداري استغلتها إسرائيل تسللت عبرها العديد من التشكيلات الجوية الاسرائيلية باتجاه الغرب وبالتالي وجدت لها منفذ لعبور قواتها غرب القناة في منطقة (الدفر سوار) وتطويق الجيش الثالث وتهديد منطقة الاسماعيلية والسويس مما أدى وقوع خسائر كبيرة بالجيش المصري. قررت كلا من مصر وسوريا وقف القتال بناء على قرار مجلس الأمن 338، اقترح العراق استمرار المواجهة إلا أن سوريا رفضت ذلك ، وبصراحة لم نشعر بان القيادة السورية عازمة على تحرير الجولان ، ولا تزال الجولان محتلة حتى يومنا هذا ، عادت القوة الجوية العراقية إلى قواعدها في العراق بعد 23 أكتوبر وهي بذلك تسجل أروع صفحة من صفحات البطولة في تاريخها الحديث المشّرف تفتخر به على مر الأجيال ولا يجب أن ننسى هذا الدور لكون الذي حدث في ظروف غير طبيعية من السكون إلى الحركة مباشرة ثم الاشتباك مع العدو دون معرفة تفاصيل الخطط وقبل العراق بالخسائر من اجل المبادئ وإحياء اللحمة العربية تجاه كيان غاصب متعجرف.
وهكذا أسدل الستار على دور الجيش العراقي في حرب أكتوبر 1973 الذي أعطى درس لكل الأعداء أن الوطن العربي وطن واحد مهما حدث من مشاكل بين الأخوة وان العراق يجب أن يبقى عصيا على الأعداء قويا على مدى العصور ومهما حصل ولكل جواد كبوة .... رحم الله شهداء القوة الجوية العراقية الأبطال في سوريا ( الرائد الطيار نامق سعد الله ، النقيب الطيار كامل سلطان الخفاجي ، الملازم الطيار متعب علي الزوبعي ، الملازم الاول الطيار سلام محمود ايوب ، الملازم الاول الطيار عصام جانكير ، الملازم الاول الطيار رضا جميل ، الملازم الاول الطيار قيس عبد الرحمن ، الملازم الطيار ابراهيم كاظم والملازم الطيار اسماعيل ) وشهداء وجرحى القوات البرية العراقية الأبطال( 323 شهيد وجريح ) الذين ابلو بلاءً حسناً في هذه المعركة ، كان لنا اسير واحد في سوريا هو الملازم الطيار سعد الاعظمي من السرب الخامس وطيار آخر قذف من السرب السابع وعاد الى سربه سالماً قبل أسره هو النقيب الطيار علي حسين .

    

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

https://algardenia.com/maqalat/37276-2018-10-05-11-07-36.html

المراجع
1 ) .اللواء الطيار الركن سالم احمد ناجي ، احد منتسبي السرب 66 العراقي في مصر:( دور القوة الجوية العراقية المشاركة من مصر في حرب تشرين الاول ( اكتوبر) 1973) : لقاء شخصي مع موقع 73 مؤرخين عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.: القاهرة 2010: .2)
2 ).المصدر السابق .
3 ) . اللواء الطيار الركن علوان حسون العبوسي ، لقاء مع موقع73 مؤرخين : جمهورية مصر العربية2010 : عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.:
4) المصدر السابق .

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

734 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع