الطاف عبد الحميد
22 ايلول 1980 اول يوم حرب ، بين دولتين امبراطوريتين متجاورتين قويتين تمتد الحدود بينهما لاكثر من 1200كم ، الحدود الجبلية والصحراوية والمستنقعات المائية وشط العرب وبساتين النخيل الكثيفة والمدن المتجاورة التي تحوي ثقل البلدين الاقتصادي والاستراتيجي والموانيء التصديرية لنفطيهما ،
الدولتان قويتان تجر كل واحدة منهما تاريخا امبراطوريا ، تلك فارس المتقاوية مع امبراطورية الروم ،التي أفل نجمها بنور الاسلام ، وعراق مابين النهرين ، أكدييها وأشورييها وبابلييها وسومرييها وعباسيها ، يقتتتل الاعرابي حتى موته دفاعا عن لقب يربطه بعشيرة ، فكيف إ ذا كان النسب يجر وراءه امبراطوريات متعاقبة سبقت التاريخ وحضرت تدوينه وتجاوزته بإلاف السنين ، ذلك هو التجييش الانساني ألمؤطر لحدود الامم ، بالتهالك دفاعا عن أمجادها وأراضيها وتتابع انتصاراتها وألاندفاع سيلا لطوي اخفاقات تسللت من بين نجاحات كثيرة ... في حلبات الملاكمة يتصارع المتصارعان المتخلفان عقليا ‘ حتى يعجز أحدهما مغشيا عليه أو نازفا مستنزفا طاقته وتخور قواه في هاوية الوحشية المنفلتة من إنسانية الانسان السوي ، استخدام مقيت للعظلات المضخمة اصطناعيا لاشباع غرائز متهاوية تحاكي التوحش في الوحوش الضارية ، المتصارعان متامثلان بالقوة والوزن وفرصة الفوز ، يراهن الناس عليهما ذاك يقول هذا وذاك يقول ذاك ، كلاهما ذبابي الوزن او ثقيل ، تبدأ المنازلة ويكون التفوق ناصبيا للخاسر ، لاتعادل في لعبة الحرب إما نصرا ساحقا ماحقا أو هزيمة منكرة ... من صنع النصر مات مضرجا بدمه ليفرح الاحياء ممن قاتل أو لم يقاتل أو ادعى القتال أو كان هاربا أو متسكعا في الشانزليزيه ، ومن تلقى الهزيمة مات بموت أبناءه ومات ميتتة أخرى بعار الهزيمة ألذي سيلازم الامة حتى تقوم الى غيره لتحدث فرقا وتزيل هما جثى طويلا على صدرها متثاقلا لايتزحزح الابحرب اخرى تقلب الهزيمة نصرا أو الهزيمة الى هزيمة ، لعبة الكر والفر للمتحاربين من أجل خسارة مايريدون الاحتفاظ به وكان ملكهم ، في الحرب تقايض الدول السلام والرفاهية بالدم والدموع والالام الجسام ، كرة ثلجية متدحرجة تكبر في منزلقها الى أسفل لتستقر كبيرة هائلة مهولة في وادي الحياة المكلوم ، الكرة دونت على محيطها أسماء الاف الضحايا و الثكالى و الارامل وألايتام والمفجوعين ، ودونت خواء الدولة من خزين مالها ، لينحسر العمران ويسود التقشف والافلاس والبطالة وتوقف ألة الانتاج ، وعمل الات الافات الاجتماعية ، فمن كان مهيبا مطاعا امسى هيابا لمن كانوا يهابوه ، وما كان الحصول عليه ميسرا، أصبح عسيرا ومكسرا ، وتباعد المستقبل المشرق وتقمقم في قمقمه البعيد ، منتظرا عودة الربيع الى ارض صحرتها المأسي والحروب والموت الاختياري ، انتظار مميت لزمن قد يأتي أو لايأتي ونحن أحياء فيه ، بل قد يستمر بوطأته جيلا بعد جيل ، يحصد فيه الاحفاد أشواك زرعها الاباء والاجداد في مسالك حياتهم لنقر فيهم الحزن الابدي وهروب الزمن من الزمن الذي لايعود ، مخلفا وراءه تخلفا وفلتانا وانفلاتا من كل ضابط بسبب ضياع القيد وكسر الاقفال وهروب الرذائل المحبوسة بقوة القانون الفاقد لهيمنته نتيجة الضعف والوهن الذي أصابه بتخلي من كان ممسكا أو متمسكا به طوعا وكرها ، هي المجتمعات الابوية الصارمة بتعاليمها وتراكمها المعرفي والعرفي تسوس ابنائها قسوة أحيانا ولينا اخرى ، كل بطريقته المنجذبة لسلطة الاعراف والتقاليد والدين والانتماء للمجتمع لتصنع من أبنائها صروحا بشرية متعامدة أو تكسب البعض قبيح الافعال والبعض سموا ورفعة ، فشأن الصالح صالحا ناتجا عن عمله والطالح طالحا ، رغم وجود الاباء وصرامة المجتمعات الابوية التربوية الا أن جينات الحياة تعمل وفق هندستها الجينية المحكمة التوجيه الخلقي لها ، وناتج الحياة ملائما تماما لخلقنا ، لكي ننتمي الى الاصول البشرية متباعدين عن الملائكة المطيعين والشياطين العصاة . من هذا وذاك نكون ويتكون المجتمع المتجانس ، وبغياب الاب نتيجة التحارب ومضي السنين او استشهاده سيحدث الخلل المبيد ، أكبر عملية جمع لذكور الامة ينتظمون بجيوش ينفصلون عن نصفهم الجميل ، فصل قسري عن النصف النسوي حيث يقاتل الانسان في الحرب بنصف جسده وبنصف عقله وأحاسيسه وأحيانا بلا رغبة بالقتال اصلا ، وعندما يموت لايموت النصف فقط ، بل كل الانصاف المكملة للنصف الميت الزوجة الام الاب الاولاد الاخوة وأحيانا الاصدقاء الصدوقين ، بيانات الحرب تتوالى تتابع ، بيان رقم واحد صادر عن القوات المسلحة العراقية ، البيان يسرد ماسلف ومضى وانقضى ويعيد الى الذاكرة خصومات وتجاوزات حدودية وانتهاكات جوية وبحرية وثقتها وثائق الخارجية برسائل دبلوماسية ، ويعلن أن القطعات العراقية إجتازت الحدود الايرانية لدفع الشر عن حدود العراق ، الايرانيون المعممون لايعرفون معنى التحشد وتواجد الاف الجنود على حدودهم ، هم منشغلين بالتصفيات الجسدية المعكرة لمزاج ثورتهم ، خلخالي الايراني مستنسخ من روبسبير فرنسا كلاهما من انتاج ثورته ، وقع على خلخالي تثبيت دعائم الثورة المتخلخلة ووأد كل معارض وتهديم كل صرح شاهنشاهي أقامته أسرة البهلوي المنقرضة بفعل التخلي والاستغناء الامريكي عنها واستبدالها بالجدار الاسلامي المانع لوصول الافغان الشيوعيين الى الخليج عبر ايران ، أحداث تتسلسل يسلسلها الغرب الجامح القامع لكل ماهو مانع لتفوقهم الابدي وغناهم الفاحش على حساب تفقير الغير من الامم ودفعهم لحروب النيابة ، البيان ذكر أن غارة جوية على مدينة الموصل أدت الى استشهاد سيدة وطفلها ، شعرت بانقباض شديد ورعب لم أعهده سابقا ، تخيلت أن السيدة القتيلة هي زوجتي وأن الطفل القتيل ابني ، ، عامان على زواجي وعمر ابني عام واحد ، الدبابات تقطع تفكيري بسرفها التي تحرث الارض وتملأ الجو ضجيجا والتراب الصحراوي التي تثيره سرفها الفولاذية يرتفع الى أعلى ليدخل بين ملابسي وجسمي المبلل با لعرق الغزير، في طريقنا الطويل الى ديزفول ،الهدف الاستراتيجي لفرقتنا ، كل شي يتحرك ويسير باتجاه واحد ، الاراضي الايرانية خالية من القطعات العسكرية ، الثورة الاسلامية اجتثت قادة الجيش البهلوي والبست بعضهم عمائم قيادية فكان منهم الجهل المحيق والمحبط لما خططوا له ، العراق استثمر حالة التشرذم والفوضى على انقاض النظام البهلوي والبناء الهش للدولة الجديدة استثمارا عسكريا ، تقدمت قطعاته بدون مقاومة تذكر، وأحتلت اراضي شاسعة ... في حدث مماثل لم تخرج الجيوش الروسية ، لقتال نابليون تركته يتوغل في اراضيها ووصلت جيوشه الى العاصمة موسكو ، البلدان الواسعة جدا لاتموت اذا فقدت اجزاء من اراضيها بل تقبل القتال داخلها لتطيل خطوط امدادات الغازي وتقصير خطوط امداداتها ، ومن ثم تعمل على إنهاكه والقضاء عليه وكذلك كان تقهقر الروس مع المانيا النازية حيث وصلت قطعاتهم الى حدود مدينة موسكو ثم بدأوا الانسحاب القسري المميت تحت ضربات الروس وبردهم وصقيعهم : وصقيعهم هو جيشهم الثاني أو كما يغنجوه (بالجنرال جليد) لاأحد قادر على هزيمه ، روسيا ، روسيا صنعت لنفسها مجدا عسكريا ومنحها غزاتها شهادة قتالية وميدالية عسكرية عالمية ، كتب على وجهها الاول (لاتسر نحو موسكو) وعلى وجهها الثاني ( لم يتبقى للجندي الروسي مايتعلمه من الحرب) ايران بلد شاسع المساحة وعدد سكانه كبير ويملك ثروات ومال كثير وأهدافه الاستراتيجية (طهران وقم ) بعيدتين عن ساحات القتال ... تطول الحروب عندما يكون المتحاربون لهم القدرة على شراء السلاح نقدا ورفد جبهات القتال بالمقاتلين ، فلا احد من المتحاربين يتقبل ان يكون خاسرا لها وهو لازال مالكا لادواتها ، وهذا ماكان مقدرا لنا ان يكون ، لنقع في مطب القدرة للطرفين على خوض الحرب الطويلة والمميتة ، ستة أيام حرب مرت ، توغلت فيها القطعات العراقية في عمق ايران المتحاربة مع داخلها بإهمال حدودها ، جيشها بدأ التواجد لصد الهجمات العراقية وتقابل الجيشان كل الى غايته ماضي ودخلا نفق التقاوي بينهما حتى بات كل منهما متسمرا في مكانه في لعبة الحرب الدامية التي طبقها الاوروبيين في الحرب العالمية الاولى 1914-1918 (حرب الخنادق ) المميتة والمملة كانوا يتحاربون يرشق احدهما الاخر بالموت لتستمر الحرب فقط بنصف خسارة ونصف انتصار ، إيران بثورتها الدينية على علمانية الشاه كانت منشغلة بتقتيل بعضها البعض في أوائل أيام فورانها المتخلف من لهيب الثورة ، لتأتي الحرب لتغير توجهات ألناس على غير ماهم فيه ، بدخول العدو المشترك للطرفين ، العدو الذي سيوحدهم ويضع حدا لتقاتلهم الداخلي ، إبن الخميني صرح بان الحرب كانت نعمة وهي التي ساعدتهم على ترتيب البيت الايراني المتزلزل بتناقضاته بعد سواد ثورته الهائجة والطافحة على تراكم حضاري قديم ، العراق يعلن إستعداده للتفاوض وفق شروطه ، وإيران صمت أذانها عما لاتريد ، فالحرب مطلوبة بذاتها كي تجبر الناس على ركوب قطار الطاعة بحجة الخطر الخارجي المحيق ، إيران تدينت بدين الحرب ، لم تعد تقرأ ألاية الكريمة ( وإن طائقتان من المؤمنين إقتتلوا) ، ردت دعوة مجلس الامن لوقف التقاتل وأدارت وجهها لكل مسعى سلام ، لتبدأ حرب الموت الطويلة ، الحرب المنسية كما سماها من تناساها عمدا من القادرين على إيقافها ، لجان الوساطة بتتابع تأتي بعدة رؤساء دول إسلامية لتسمع الطرفين هديل الحمام ولتسمع منهما زئير الاسد ، الامهات يجلسن على عتبات دورهن في الازقة بإنتظار أبنائهن ، من يأتي ، أو لايأتي ، أو يؤتى به في تابوت معلم بعلم الاستشهاد ، وكيسنجر اللعين يقول إن استمرار الحرب بين البلدين يصب في صالح الولايات المتحدة ، ويقول ايضا إن رجال الجيش مغفلون ، إنهم حيوانات غبية تستخدم كبيادق لتحقيق سياسة خارجية ، في الحرب تكون الحقيقة هي الضحية الاولى ، والسلطة هي العدو الاول للحقيقة ، لجان الوساطة تروح وتغدوا يستقبلها قادة التحارب في البلدين تسمع تناقش تغادر بالفشل الثقيل والامل المؤود ،اللافتتات السوداء تزين الشوارع والبيوت نقشت عليها اسماء الشهداء ، ومجالس العزاء تتناظر ووتتجاور فيما بينها ، بات التلاقي عسيرا والسير ميسورا باتجاه الفراق ، الامهات تمنت لوتستطيع أن تكيف أبناءها الذكور الى أناث ، والحرب لاتخير الناس بين خيارات ، فإما الحرب أو المحاربة ، الخنساء ماعاد يذكرها العراقيون استولدت الحرب منهم الف خنساء، الحرب تطوي الاشهر والسنين وماكنة الموت لاتتعطل أبدا والانتصار و الهزيمة ، علقا اعمالهما بانتظار المزيد من التدمير والتقتيل و الطرفين يتطاولان على البقاء والصمود في لعبة الشد والاسترخاء وتحين الفرص لاحداث خرق ما في دفاعات الاخر ، كلا الطرفين امتهنا الحرب وأصبحت الحرب جزءا من الحياة اليومية يتناولها كل فرد سمعا على شاشة التلفزيون ببيان صادر عن القوات المسلحة يسطر فعاليات الجيش عل كل الجبهات ، وقد يعقب ذلك برنامج صور من المعركة الذي يصور قتلى العدو المتهتكة برصاص او شظايا القتال ، وينتهي اليوم ببداية يوم أخر ، تتخلله فترات هدوء تطول وتقصر ، سكون يعقبه عاصفة ، تعرض أو هجوم يجيء بعد تراكم أيام من الهدوء ، قنابل مطرية وتدافع بشري مسلح واسع باتجاه احتلال ارض جديدة او إحداث انتصار صغير بالركون الى استراتيجية التراكم بتراكم نجاحات صغيرة متتابعة ، تمد الحرب بالعمر المديد ، العائلات العراقية تترقب انتهاء الهجوم وتنتظر نجاة أبناءها ، ويعقب ذلك سيل الشهداء العائدين الى ذويهم بإنتهاء حربهم ، الحرب الاكثر دموية بات اسمها الحرب المنسية ، العراقيون تأدلجوا بأيدولجية القتال المستمر حتى النهاية و الجيش ينبذ في ادبياته التراجع أو الهزيمة ، الحق على الايرانيين الذين رفضوا ايقاف الحرب منذ ايامها الاولى ، وهذا الرفض اكسب الجيش العراقي الارادة على القتال ، فالسياسة استطاعت ابطال حجة الاستمرار بالحرب لتكون ايران المسببة للموت المتقاطر على سكة الحرب اللامتناهية ، الحرب لم تعد منسية فقط ، بل باتت اغاني الحرب مكملا لاعراس المتزوجين يرقصون على انغام الاناشيد ( احنا مشينا ..مشينا للحرب عاشق يدافع من اجل محبوبتة ) و(ياكاع ترابج كافور وعالساتر هلهل شاجور) ، ومايعقب ذلك من هلاهل وهوسات ، العراق امسى بلد الحرب تناسى السلام البعيد المنال، وتكيفت مقابره لاستقبال الشهداء ، واستحدث قاعات كبيرة لمجالس العزاء في المساجد او بالقرب منها واصبح الموت المستمر لايلقى استهجانا ، القبول بما لامفر من تقبله ، الحرب سادت على ماعداها ، الكل تقبلها على انها ارادة ايرانية تمد الحرب بالعمر الطويل ، يتلاشى السلام الفقير خائبا تحت ضربات الهة الحرب العظمى للدول العظمى ، يمر قطار الحضارة على سكة الزمن ، لايتوقف في المحطات العراقية ولايبني صروحا للعاطلين عن العمل ولايستثمر في ارضه مالا ، المتحاربون اقتصرت مشترياتهم على اجهزة انعاش الحرب ، الحرب كالهيدرا في الاساطيرالاغريقية لها عشرة روؤس أو مائة رأس كلما قطعت رأسا نما لها رأسين ، علمنا اخينا قابيل ، كيف نقتل من لايرضخ لارادتنا ، ونستمر بعد هبوطنا في التقاتل ، لااحد فينا استخرج درسا من تفاحة حواء ولا من معصية ادم لااحد فينا ادى الاعتذار وطلب السماح عن خطيئة أبوينا ، علقنا أخطائنا على شماعتيهما وفقدنا السعادة في الجنتين ، جنة السماء ، وجنة الارض ، ومع هبوط أبوينا ، استضافنا الشيطان الرجيم ، وشرح لنا اول دروس المعصية والموت اللذيذ ، اقمنا له مأدب الطعام والافراح ورقصنا معه في الليالي الملاح منذ بدء التكوين حتى القرن العشرين، الحرب كريهة ، أنا لااعبد الهتها ولايستهويني قبحها المقنع بالجمال (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) ، لالذيذ فيها ولا يموت الموت فيها ابدا ، كرهها عبادة ومحبيها محبين للكراهة ، لااحد يقول لي لاتقل هذا ، لاني استمد قولي من قول الله فيها ،قولوا ماقال الله فيها ، تنتصروا مع الله لان النصر مع الناصر مضمون ، فهو لايخسر معاركه ابدا... الحرب سجل كبير لكتب عديدة في الصفحة الاولى موت وانتصار وهزيمة وفي الصفحة الثانية هزيمة وانتصار وموت وفي الصفحة الثالثة انتصار وموت وهزيمة وفي بقية الصفحات كما في الصفحات الثلاث ولاخيار للمتحاربين الا اختيار حالتين من الحالات الثلاث، وفي إغفاءة الموت توقفت الحرب ، بعد أن شاخت وفقدت بريقها كان توقفها كتجرع السم ، قالها قائدها ، الذي احب لها طول العمر ، لما ايها القادر على قتلنا أسرفت في تقتيلنا ؟، لاوقت لنا نضيفه لعمر الحرب ، غيمة الحرب إنقشعت وطغى الفرح المفرح على ماعداه ورقصت الافراح على الحان الموت الميت ، نظرت حينها الى السماء وبكيت فرحا والما ، ادهشتني ضحكة السماء ، قهقهتها كانت مسموعة يطغى صوتها على ماعداها ، ، الناس استبدلت تجاعيد وجوهها بملس المراهقين ، والراقصين والراقصات يرقصون رقصات لاضابط لها ، الرقص يرقص لوحده منفلتا من هيمنة الاقدام والالتواء وإفعوانية اليدان ، الصدور اتسعت ، كبرت ،لكبر حجمها تعشقت بالقدرة على ضم الانس والجان ، أحدهم قال لي اشعر لتوي انني انسان ، والاخر قال لي اريد أن اطير أن احلق ، بل قال انا طائر أنا اطير فعلا ، تأملت ماقال طرت لطيرته ، أب اللهاب إستعار من السنة ربيعها ونسيم عطرها مستبدلا حرارة الجو الخمسيني من الخمسين الى الخمسين الخادع ، مستخدما ورقة الكذب البايولجي لتنصيف الحرارة المبتهجة بمهجنا المتبسمة ، الكل يغلي فرحا ، بردنا اجسادنا بحرارة أب اللهاب تعززه الارطاب الجنية المتساقطة من جذوع النخيل المهزوزة طربا ، ماعاد العراق بحاجة الى لجنة مساعي حميدة ، ولم تعد الامهات تحفر قبور ابنائها في ذاكرتها قبل الموت ، في الصباح والمساء ، العراق بلا حرب ، حل السلام ، السلام ابكانا فرحا , وأبكى الارامل والثكالى والايتام والمفجوعين الما وحزنا ، هم من قدم للوطن القرابين هم من ارضع الارض دما ، من صنع السلام بموته هو ميت في أهله حي عند ربه ، تلاقي عجيب للحزن والفرح ، فرحا يبكي ، وبكاءأ مفرح ، ولما العجب وأرضنا فوق قرني الثور الايمن والايسر الاقصر والاطول ، الخير والشر الابيض والاسود الصالح والطالح ، نحن نسيج التناقض السرمدي ، منذ ان سوانا ، والهمنا ، فجورنا وتقوانا.
4594 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع