أ. د . حسين حامد حسين
"بيتنا ونلعب بيه....شله غرض بينا الناس"...الضحك على الذقون!!!
لقد صدع رؤوسنا هذا الضجيج الاعلامي الفارغ في الاشادة بحكومة الدكتور عادل عبد المهدي واستمرار البحث عن وسائل جديدة من أجل ممارسة نوعا من تهيئة نفسية لقبولها ، لكن كل ذلك السعي انما هو مجرد فقاعات يعاد اطلاقها في الهواء في محاولات مضنية لاخفاء نوايا هذه الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها على عكس ما ارادت لها المرجعية الدينية الكريمة وما ارتأه السيد المبجل اية الله السيد علي السيستاني "حماه الله ورعاه" من وجوب أن تتشكل وفقا لمعايير النزاهة والعدالة وقوة شخصية رئيس الحكومة الجديد وحزمه من اجل مواجهة ما تفرضه التجارب الحياتية المرة على العراقيين لتوفير فهم عملي شامل من اجل اصلاحات حياة لم يعد الانسان العراقي فيها يأمل من دنياه خيرا كثيرا ، فهي وللاسف، نسخة تختلف قليلا في الطرق الدعائية عما كان حال حكومة الدكتور حيد العبادي من قبلها، لكن النتيجة ألاهم، هي ان الرؤية السديدة للمرجعية الدينية، لم تلقى الاذان الصاغية من كلا الحكومتين !!
فالمقاطعة العلنية التي فرضها شعبنا على نفسه نتيجة اعلان رفضه العلني لسياسات الفساد لحكومات جاءت بها "الديمقراطية الجديدة" منذ خمسة عشر عاما، من اجل أن تبرهن على اصالتها وأخذ دورها الريادي "وبكرامة" بين دول العالم ، لكن النتائج لتلك الحكومات قد برهنت أنها مجرد عبث بعد عبث يأتي ويغادر بغير حساب من احد . فالتزوير الذي جرى في الانتخابات الاخيرة ، ومن ثم القيام بحرق صناديق الاقتراع ، ومن ثم ، تحدي ارادة الشعب ، وبلا خجل وبلا عفة ولا تهيب ، وعدم اطلاع شعبنا على الجهة التي مارست ذلك الفجور الاخلاقي المبين، فتم نسيان كل شيئ، وهاهي نفس الاسطوانة المشروخة تعاد من جديد . فهذه الكتل السياسية المهيمنة على الاجواء العراقية تعود كما في السابق , والمفترض يجب ان يتم مقاطعتها تماما وعدم التعاون معها بسبب ان التعاون معها يعني "التوافق" مع اجنداتها وتسجيعها على السير بقوة أكبر ضد مقادير شعبنا .
هذه الحكومة الجديدة ، ومنذ ان تم اكتشاف حقيقتها الناصعة ، (من خلال ذلك التفاني المريع في اختيار السيد عادل عبد المهدي ، كرئيس لها) ، لم يأتي ذلك من فراغ ، بل ان هذه الكتل السياسية التي طالما وجدت في هيمنتها على مقادير العراق، سبيلا في الابقاء على مصالحها من خلال استهتارها وحيلها المعروفة ، قد تصرفت على عكس ما أمر به السيد اية الله السيستاني . تصرفت من خلال ممارستها اراداتها وفرضها لارادات انظمة خارجية . فالابقاء على "نقطة الحياء" في تلك الوجوه التي اسودت في الدنيا قبل الاخرة، لم يعد ذي اهمية تذكر. ولكن ، ان تصل الامور الى هذا الدرك الاسفل من خلال تحدي ارادة الشعب وفرض تدخلات انظمة واحزاب خارجية في الشأن العراقي وممارساتها من خلال منح المناصب الحكومية لاشخاص برهنوا من خلال وجودهم في الحكومة السابقة على علاقاتهم الوطيدة مع انظمة خارجية ، ولعبوا ادوارا شريرة ومارسوا حراكا واسعا لتكريس النعرات الطائفية من خلال انتماءاتهم لحزب "اخوان المسلمين" ، كما هو الحال مع السيدين سليم الجبوري واياد السامرائي ، ثم ممارسة الضغوط من اجل توليهما وزارة الدفاع ووزارة التخطيط تحت ضغوط من "قطر" فما الذي يرتجى من حكومة عبد المهدي هذا إذن؟ وما الذي قد برهنه عبد المهدي من قبل ليصبح "منقذا" لعراق فيه ملايين الوطنيين المخلصين الاقوياء من اجل الحق وحقوق الناس؟ أليس هذا عار اخر جديد على الحكومة الجديدة ، بل وعار وشنار على احزاب وكتل سياسية تدعي الوطنيات وممارسة العدالة من اجل العراق؟
فمع ان هذه المناصب الحكومية لم يعد لها قيمة حقيقية في المجتمع العراقي ، وخصوصا ان الكثير جدا من الوزراء والمسؤولين من كتل واحزاب قد ادينوا بالفساد وفقدان الشرف الشخصي ومارسوا اكل السحت وهدرواكرامتهم وسمعتهم ، ولكن ان يتبجح البعض بعادل عبد المهدي وحكومته في حين تفرض فيه ارادات لانظمة عربية على الحكومة الجديدة ، فهذا امر قد خرج عن كل ما بقي من كرامة للقلة قليلة التي كنا نرتجى منها خيرا.
فالاحرار من شعبنا قد فعلوا ما كان يتوجب عليهم من خلال خروجهم في تظاهرات كبرى ضد الاوضاع الفاسدة في البصرة الفيحاء، ولكن حكومة العبادي تصدت لهم بالرصاص الحي وقتلت منه عشرات الابكال الوطنيين ، لا لشيئ سوى انهم يطالبون بحقوقهم ، فما الذي يؤمل اليوم من اجل ردع الباطل هذا الذي يغرق المجتمع العراقي . فالمشكلة اليوم ، هي ان نفس الحياة تعيد نفس ادوارها الساخرة ، ولكن بطرق جديدة فقط، فهي الاحزاب والكتل السياسية تلك نفسها تعيد توارثها الباطل ، وتحت شعارات براقة جديدة لا غير.
"لقد كشفت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية ، الثلاثاء 6 تشرين الثاني الجاري، عن تنسيق حزب الله اللبناني مع جهات قيادات ايرانية وروسية "رفيعة المستوى" لدعم تولي فالح الفياض منصب وزير الداخلية في حكومة عادل عبد المهدي، فيما اشارت الى ان الحزب ابلغ قادة الجهات السياسية الشيعية في بغداد بذلك"...
ما شاء الله على الوطنية والوطنيات !!!!
من جانب اخر، ذكرت – بغداد اليوم - بغداد ، أن "عضو مجلس النواب السابق، عن محافظة نينوى، عبد الرحمن اللويزي، الجمعة (9 تشرين الثاني 2018)، ذكر "أن تزامن زيارة وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن ال ثاني، إلى العراق، مع ترشيح سليم الجبوري، واياد السامرائي، لوزارتي الدفاع والتخطيط، لم يكن مصادفة".
"وذكر اللويزي عبر حسابه في فيسبوك، أن "ترشيح سليم الجبوري لمنصب وزير الدفاع والسامرائي للتخطيط، هو تعبير عن استمرار التزام حلفاء الإسلام السياسي والمحليين والإقليميين، في تمكين الاخوان المسلمين، من صدارة المشهد السياسي السني في العراق"
وأضاف، أنه "تعويض لخسارتهم للموقع السيادي الأعلى، نتيجة تحالف تكتيكي أملته ظروف مرحلية، جاء على حساب التحالف الاستراتيجي مع الإخوان . وأشار الى أن "تزامن زيارة وزير الخارجية القطري مع الإعلان عن ترشيح الجبوري، لم يكن مصادفة "
أن كان ما قيل أعلاه صحيحا ، فليسمع من يدعون ان عراقنا حرا بينما هم اسباب هذا التخاذل والخيانات الوطنية ، وهل من يستطع ان يتكلم أحدهم فيصرح ان الحكومة الجديدة واحزابها وكتلها تتسم بالنزاهة والاصالة والبحث عن مصالح شعبنا؟ فالذي يحصل ألان هو ما حصل في الامس ، وان العراق لا يزال بالنسبة الى تلك الاحزاب هو غنيمة لمن يستطيع أن يضع قدميه في مجلس النواب او في منصب حكومي , فهو "الفائز" باحسن ما يمكن للحياة ان توفره لهم . أما الشعب العراقي ، فهم الغرباء في وطنهم المسلوب من قبل من لا ذمة لهم ولا ضمير.
وان كانت الحياة بوصفها "متاع الغرور" ، فهي بالتأكيد شيئ يستميت من اجله هؤلاء البعض، ولكن، حتى متى يستمر مثل هذا الاستهتار بشعب ، لم يعد يجد في وطنه سوى الخيانات والظلم والقهر والاضطهاد.
أمرا كهذا ، كان قراره الناجع دائما يعود الى الشعب نفسه.
حماك الله يا عراقنا السامق...
11/10/2018
882 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع