من حكايات جدتي ... الخامسة والثمانون

                                                    

                          بدري نوئيل يوسف


من حكايات جدتي ... الخامسة والثمانون

التاجر وزوجاته الأربعة

حدثتنا جدتي في هذه الليلة حكاية فيها مغزى كبير لمن يفهمها وكيف التعامل مع الضيف: في أحد الايام جاء فلاح صيني إلى محل حلاق عجوز ايطالي ليحلق عنده، وبعد ما قص شعره، سأل الفلاح الصيني كم حسابك؟ أجابه الحلاق بثقة وفرح: لن آخذ منك أي مبلغ .

سأله الفلاح باندهاش: لماذا؟ رد الحلاق العجوز أنت ضيف على مدينتا ولهذا لن اخذ أي مبلغ.
ابتسم الفلاح الصيني وقال له: بصراحة أخجلتني.
وفى اليوم التالي ولمّا جاء الحلاق ليفتح محله، وجد عند باب المحل باقة زهور بألوان مختلفة وكان مكتوب عليه (تحياتي لك)، عرف الحلاق ان الازهار مرسلة من قبل الفلاح.
وبعد أيام جاء تاجر ذهب فرنسي الى محل الحلاق وطلب منه انه يقص شعره، وبعد ما انتهى سأل التاجر كم حسابك؟ رد عليه الحلاق العجوز بابتسامة وسرور: لن آخذ منك أي مبلغ.
سأله التاجر باستعراب، لماذا؟ أجابه الحلاق العجوز: أنت ضيف على مدينتنا، ولهذا لن اخذ أي مبلغ، ابتسم التاجر وقال له بصراحة: أخجلتني. وفى اليوم التالي ولما جاء الحلاق ليفتح محله، وجد عند باب المحل خاتم ذهب وكان مكتوب عليه (تحياتي لك) وعرف ان الخاتم مرسل من التاجر الفرنسي.
وذات يوم جاء لمحل الحلاق ابو داوود وطلب من الحلاق انه يقص له شعره، سأل أبو داود للحلاق كم حسابك؟ فرد عليه الحلاق العجوز مبتسما: والله لن آخذ منك أي مبلغ، سأله أبو داود باندهاش: لماذا؟
أجاب الحلاق العجوز: أنتَ ضيف على مدينتنا ولهذا لن اخذ أي مبلغ.
ابتسم أبو داود وقال له: بصراحة أخجلتني.
وفى اليوم التالي ولمّا جاء الحلاق ليفتح محله وجد عند باب المحل مجموعة من الشباب قالوا له: (احنا من طرف ابو داوود الذي قص شعره عندك البارحة يسلم عليك).
نعود لحكايتنا اليومية: كان هناك تاجر غني وله أربع زوجات، وكان يحب الزوجة الرابعة اكثرهن، فيلبسها أفخر الثياب ويعاملها بمنتهى الرقة ويعتني بها عنايه كبيره يقدم لها الأحسن والأفضل في كل شيء، وكان يحب الزوجة الثالثة جداً أيضاً، وكان فخور بها ويحب أن يتباهى بها أمام أصدقائه ويأخذها معه عند زيارتهم، ولكنه كان يخشى أن تتركه وتذهب مع رجل آخر .
وكان يحب الزوجة الثانية أيضاً، فقد كانت شخصيه محترمه، دائما صبوره، محل ثقة الزوج، وعندما كان يواجه مشاكل كان يلجأ إليها دائماً، وكانت هي تساعده دائماً على حل المشاكل العصيبة.
أما بالنسبة للزوجة الأولى فمع انها كانت شريكاً شديد الإخلاص له، وكان لها دور كبير في المحافظة على ثروته وعلى أعماله، علاوة على اهتمامها بالشؤون المنزلية، لم يكن التاجر يحبها كثيرا مع انها كانت تحبه بعمق الا أنه لم يكن يلاحظها أو يهتم بها.
وفي إحدى الأيام مرض التاجر ولم يمض وقت طويل، حتى أدرك أنه سيموت سريعاً، وأصبح مقعدا لا يستطيع الحركة.
فكر التاجر من سيكون معه ويخدمه بعدما قدم الكثير لزوجاته.
سأل زوجته الرابعة وقال لها: أنا أحببتك أكثر زوجاتي ووهبتك أجمل الثياب وغمرتك بعناية فائقة والآن أنا مريض مقعد، فهل تبقين معي وتخدميني، أجابت الزوجة: مستحيل وغير ممكن ولا أستطيع أن اخدمك، ومشت بعيداً عنه دون أي كلمه أخرى قطعت اجابتها قلب التاجر المسكين .
سأل التاجر الحزين زوجنه الثالثة وقال لها: أنا أحببتك كثيراً طول حياتي، والآن انا في طريقي إلى الموت فهل تخدميني وتحافظين على الشراكة معي. بانفعال أجابت لا، لا ثم أردفت قائله: الحياة حلوه وسأتزوج من رجل آخر بدلاً منك عند موتك، حزن التاجر عند سماعه الإجابة وكاد الدم يتجمد في جسمه.
ثم سأل التاجر زوجته الثانية وقال لها: أنا دائماً الجأ اليك من أجل المعونة وانتِ اعتنيت بي وكنتي تساعديني دائماً والآن أنا أحتاج معونتك مره أخرى فهل تخدميني وأنا مقعد، فأجابته قائله:
أنا آسفه هذه المرة لن أقدر أن أساعدك هكذا كان جواب الزوجة الثانية ثم أردفت قائله أن اقصى ما استطيع أن أقدمه لك، هو أن أشيعك حتى القبر، نزلت عليه أجابتها كالصاعقة حتى أنها عصفت به تماماً، وعندئذ جاءه صوت قائلاً له: يا حبيبي سأغادر الارض معك بغض النظر عن أين ستذهب سأكون معك الى الابد، نظر الزوج حوله يبحث عن مصدر الصوت وإذا بها الزوجة الأولى، التي كانت قد نحلت تماماً كما لو كانت تعاني من المجاعة وسوء التغذية، قال لها التاجر: وهو ممتلئ بالحزن واللوعة كان ينبغي علي أن أعتني بك أفضل أكثر وأسف جدا عندما اهملتك ولحقت خلفهن، كان قلبي يميل لك دوما حتى بعد زواجي من ثلاث نساء بعدكِ، سيظل لكِ مكان خاص في قلبي ووجداني، لارتباطنا معا بذكريات حلوة وسعيدة وسنوات كفاح وعشرة، ولحظات عسيرة كنت دوما بجانبي وفي ظهري تساندي بصبركِ وقوة إرادتكِ، كنت من الرجال ممن يسعون للتغيير والاستمتاع، ولن استحق أن تقدمي لي أي خدمة.

قالت له: أنا الأصالة وبالرغم من ما عانتيه من جراح أدمت قلبي وجرحت كبريائي أنا السند الأول والأخير لك، واظل مخلصة مهما حدث لك من أمر خطير أو مشكلة واقف معك. وسأبقى الملجأ والملاذ الذي ترتاح به مهما ضاقت عليك الحياة. بكى التاجر كثيرا وندم على ما قدمه لزوجاته الثلاث.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

500 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع