بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة الجريمة الكاملة (الجزء الثاني)
للراغبين الأطلاع على الجزء الأول:
https://algardenia.com/maqalat/38036-2018-11-30-18-24-51.html
نهضت جويل من السرير بعد ان قبلت عشيقها فادي قبلة طويلة ساخنة ثم توجهت نحو الحمام كي تستحم. بقي فادي في السرير مستمتعاً بمنظر جويل وهي تغتسل تحت الدوش فقد تركت باب الحمام مفتوحاً. وبعد ان اكملت حمامها لفت فوطة كبيرة حول جسدها وفوطة صغيرة ثانية حول شعرها وخرجت الى الغرفة وروائح الفل والياسمين تفوح منها.
- هيا انهض يا فادي وكفاك كسلاً، هيا حبيبي.
- تعالي هنا يا جوجو، يجب أن نكمل حديثنا.
- أي حديث هذا؟ بالامس لم تنطق بكلمة واحدة طوال الليل، كنت منهمكاً بامور اخرى.
- ولماذا تريدين ان تنهضي الآن؟ الساعة مازالت الحادية عشرة صباحاً وانت تعلمين ان زوجك سوف لن يعود للبيت هذه المرة لانه ذهب مع الملائكة. فما العجلة؟
- اسمع يا فادي، انا متأكدة انهم سيتصلون بي من المطار باي لحظة لكي يبلغوني بخبر وفاة زوجي لان الطائرة تكون قد وصلت فعلاً ببيروت الآن. لذا يجب علي ان اكون مستعدة كي العب دور الزوجة الحزينة المخلصة التي اصبحت ارملة ولبست السواد.
وبتلك اللحظة رن هاتف جويل فاجابته قائلة،
- الو، نعم!
- انا جاد. العملية تمت بنجاح واريد بقية اتعابي.
- هل تأكدت ان زوجي مات؟
- بالتأكيد مات وشبع موت. اريد بقية اتعابي متى ساحصل عليها؟
- ستحصل عليها كاملة ولكن ليس اليوم. لانهم سيراقبونني بدون شك، لذلك سيقابلك صديقي فادي غداً الساعة 6 مساءاً بمنطقة الاشرفية امام مصرف BLC الذي على شارع الاستقلال وسيعطيك باقي المبلغ كما اتفقنا.
- بلغيه ان لا يتأخر على الموعد فانا اكره الانتظار.
- اكيد، سيصل قبلك، اطمئن.
اغلقت الهاتف معه وقالت لعشيقها فادي.
- لقد قام اليوم بقتل زوجي وليم كما طلبنا منه، لذلك خذ الحقيبة التي على الكرسي هناك واعطها لجاد غداً، فيها الدفعة الثانية التي اتفقنا عليها.
- وكم تحتوي الحقيبة؟
- فيها 25 الف دولار.
- وكم كانت الدفعة الاولى؟
- ايضاً 25 الف دولار، اوه فادي انت تعلم ذلك، انت الذي سلمته المبلغ.
- حسناً. ساقابله غداً في الاشرفية.
- اتعرف المكان بالضبط؟
- اجل لا تقلقي، لقد سمعتك تقولين امام بنك BLC الذي بشارع الاستقلال.
- طيب لا اريدك أن تتأخر عليه فالرجل قام بمهمته ويجب ان يستلم بقية اتعابه والا فانه قد يسبب لنا المشاكل.
- طيب يا روحي. الآن تعالي الى السرير. فقد ارتحنا من زوجك وليس هناك داعي كي نغادر السرير.
- طيب حبيبي، انا قادمة.
باليوم التالي في مركز الشرطة جاء المحقق روبير حبيقة والمحقق بطرس زاهي وجلسا في غرفة التحقيق مع القبطان وليم سعد. وجه المحقق روبير كلامه الى القبطان قائلاً:
- كابتن وليم، أخبرنا تفاصيل الاحداث وكيف توفى مساعد الطيار علي الحسيني؟
- اثناء تحليقنا بالجو برحلتنا من تونس الى بيروت، حضرت احدى المضيفات الى قمرة القيادة واخبرتنا ان احد المسافرين قد اصيب بجرح برأسه اثر مطب مرت به الطائرة فتركت مقعدي على الفور وذهبت معها كي استقصي الامر. كان المسافر جالساً في مؤخرة الطائرة. وعندما وصلنا اليه وجدناه قد اصيب بشجٍ في رأسه، فقمت بمتابعة المضيفة وهي تضمد جرحه، وبعد ان انتهت من ذلك رجعت متجهاً الى قمرة القيادة. حالما دخلت القمرة لم انظر الى مساعد الطيار علي بل كنت اتحدث معه بشكل روتيني، الا انه لم يرد على كلامي لذلك نظرت اليه فوجدته سانداً رأسه على الشباك الايمن بجانبه، توقعته قد استرسل بالنوم. فقمت من مقعدي وهززت كتفه واذا به ينكفئ الى الامام. وعندما كشفت عن نبضه وجدته معدوم وقد فارق الحياة.
- إذاً بحسب اعتقادك يا كابتن، من الذي قتله؟
- لا اعلم وكيف لي ان اعلم، لقد قتل اثناء غيابي.
- وماذا كانت اداة الجريمة؟
- لا اعلم.
اخرج المحقق روبير كيساً بلاستيكياً وضعه على الطاولة وقال:
- بهذا الكيس توجد اداة الجريمة. افتحها والقي نظرة.
فتح القبطان وليم سعد الكيس واخرج السكين واذا به سكينه الشخصي. فضحك بصوت عالي وقال:
- هذا سكيني يا حضرة الضابط وليست اداة الجريمة. انا استعمله للطعام لاني لا افضل استعمال السكاكين البلاستيكية.
- هناك اثار دم القتيل على السكين وبصمات اصابعك انت فقط يا كابتن ولا احد غيرك.
- لكن السكين كان امامي في القمرة وبامكان اي شخص ان يلتقطه ويستعمله خاصة إذا كان يلبس قفازاً فسوف لن تجد له بصمات، اليس كذلك يا محقق؟.
- لقد وجدناه مرمياً تحت كرسي القتيل. ولاحظنا اسمك محفوراً عليه فليس هناك اي مجال للنكران.
- انا لا انكر انه سكيني وانا اعرف ان اسمي محفوراً عليه. فهل يعقل يا حضرة المحقق ان استعمل سكيني الخاص لقتل الضحية بنفس السكين الذي حفر عليه اسمي ثم ارميه تحت كرسي القتيل؟ ايعقل هذا؟ واذا كنت تقول بانه استعمل لغرض ارتكاب الجريمة فهذا يعني ان القاتل هو الذي التقطه من امام كرسيي واستعمله لقتل علي. ولماذا اقتل علي؟ فهو زميلي وانا احبه، ولم يحصل اي شيء بيننا يستوجب الشجار او القتل. انا انسان مسالم يا حضرة المحقق.
- الم تستعمل أي خنجر سابقاً بنية قتل احد او تهديد احد؟
- ابداً لم يحصل ذلك بتاتاً.
- هل انت متأكد؟
- بالتأكيد يا حضرة الضابط متأكد 100%.
- ولا حتى عام 1982؟
- يـــاااه، اسمع يا محقق ذلك لم يكن عمل عنف ابداً دعني اشرح لك كيف حصل.
- طيب تفضل اشرح، نحن نسمعك لكن تذكر ان لدينا كل اوراق المحاكمة.
- في عام 1982 عندما بدأت ميلشيات الكتائب مهاجمة الفلسطينيين العزل بمخيم صبرا وشاتيلا سمعت طرقاً على باب ببيتي. وعندما فتحت الباب وجدتها امرأة تنزف دماً من يدها ومن فمها وهي بحالة نفسية مزرية، توسلت بي وقالت بان شخصاً يطاردها ويريد قتلها وتريد ان تختبئ عندي. فقمت بادخالها الى بيتي وفوراً بدأت اضمد جراحها لكن جرس الباب دق ثانية ففتحته واذا به احد الشباب من ميلشيات الكتائب يريد اقتحام منزلي كي يقتل تلك السيدة. قاومته بالقوة وطرحته ارضاً ثم سحبت خنجراً كان معلقاً على حائط الاستقبال لغرض الزينة فهددته به فخاف وتراجع ثم خرج من بيتي وهو يجري. تفاجئت فيما بعد انه رفع عليّ قضية اعتداء في المحكمة، القاضي الغى الشكوى بعد ان سمع مني قصة دفاعي عن تلك المرأة المسكينة واستمع لاقوال المرأة ايضاً. وهذا يعني انني كنت بريء من التهمة يا حضرة الضابط هذا مثبوت بمحضر القضية.
- يا لمحاسن الصدف، اليوم يستعمل سكينك لقتل زميلك علي مرة ثانية وانت بريء اليس كذلك؟
- بامكانك ان توجه لي اي تهمة تشاء فهذا حقك، لكنها ليست الحقيقة يا حضرة الضابط.
- قل لي يا كابتن، انت كنت الشخص الوحيد مع القتيل بقمرة القيادة. وجريمة القتل وقعت بقمرة القيادة. وانت وحدك اكتشفت الجثة بقمرة القيادة. وتريد ان تخبرنا بان شخصاً دخل كالشبح لكي يغتال الطيار علي؟
- هذه هي الحقيقة وبأمكانك ان تتحقق اكثر وتعثر على الاجوبة التي تحيرك، لقد اخبرتك اني كنت خارج القمرة عندما وقعت الجريمة.
- سؤال اخير يا كابتن. كيف استطاع القاتل فتح باب قمرة القيادة؟ حسب علمي فإن هذا الباب يقفل تلقائياً.
- هذا صحيح في العادة الباب يقفل تلقائياً الا ان الباب كان معطلاً وكان يجب على المرئ ان يصفعه بقوة عدة مرات قبل ان يقفل باحكام. وبما اني خرجت من قمرة القيادة مسرعاً لاطمئن على الراكب المجروح، لذا تركت الباب دون اغلاقه. بامكانك الاطلاع على التقرير الفني. فالمرحوم علي هو الذي دونه قبل وفاته.
- والآن يجب على ان اخبرك بانك ستشرفنا بوجودك معنا حتى ننتهي من التحقيقات يا كابتن.
دخل اثنان من اعوان الشرطة واقتادا القبطان وليم الى التوقيف وهو مكبل اليدين. في الساعة الخامسة مساءاً ركب المحققان روبير حبيقة و بطرس زاهي سيارة الشرطة وتوجها الى بيت القبطان وليم سعد. قاما بالضغط على جرس الباب ففتحت زوجته جويل الباب وهي مرتدية فستاناً اسود ويبدو عليها الحزن الشديد.
- هل انت مدام جويل سعد؟
- نعم انا زوجة المرحوم وليم سعد تفضلا بالدخول.
نظر المحققان الى بعضهما البعض باستغراب لانها ترتدي فستاناً اسوداً. بدأ المحقق روبير بالحديث،
- مدام كيف عرفت ان زوجك قد توفى؟
- انا آ... بالحقيقة آ... اقصد آ... انا آ... اتصل بي احد موظفي المطار وقال بانه آ... اعني بان زوجي وليم قد قتل.
- من هو هذا الشخص الذي اتصل بك؟
- لا اعلم لانه لم يفصح عن اسمه. اخبرني فقط بان زوجي قد قتل.
- يا مدام زوجك لم يقتل وهو حي يرزق. هو الآن موقوف في مركز الشرطة ويخضع للتحقيق لانه متهم بقتل زميله الطيار المساعد علي. لذلك يجب ان نعرف تماماً من الذي بلغك بوفاة زوجك؟
- لا اعلم، لا اعلم. انا اريد ان اتصل بالمحامي الخاص بي.
روبير: ولماذا المحامي؟ نحن لم نوجه لك اي تهمة، لقد جئنا اليوم كي نسألك بعض الاسئلة فحسب.
بطرس: الا إذا كان لك يد في جريمة القتل يا مدام!
جويل: ولماذا اقتل علي، فانا لا اعرفه ولم يسبق لي ان التقيته.
بطرس: ربما كنت تريدين قتل زوجك وليم، لكن مساعد الطيار علي قتل بدلاً منه عن طريق الخطأ.
روبير: اخبرينا يا مدام هل استأجرت شخصاً كي يقوم بقتل زوجك؟ نحن نعلم ان الطلاق مستحيل هنا لذلك اردت ان تتخلصي منه كي يخلو لك الجو مع عشيقك.
جويل: كلا ابداً، وكيف عرفتم بعشيقي من الذي اخبركم عنه؟ فعشيقي بريء.
روبير: نحن لم نكن نعرف ان لديك عشيق لكنك انت التي اخبرتينا عنه الآن، ارجو منك ان تتفضلي معنا.
كبلتْ يداها واقتيدت للسيارة التي كانت تنتظرهم بالخارج.
في تلك الاثناء وقف القاتل المأجور جاد امام بنك BLC ينتضر فادي كي يجلب له المبلغ المتفق عليه من جويل. مرت ساعة كاملة ولم يظهر فادي فبدأ الشك يدب بقلبه وصار يفكر "ربما ارادت جويل ان تخدعني وان لا تعطيني النصف الثاني من المبلغ الذي اتفقنا عليه بعد ان اتممت المهمة. يا لها من ساقطة، ساقتلها واقتل عشيقها إن لم تعطني باقي نقودي. انا اعرف اين تسكن، ساقتلها هناك اليوم. فالدفعة الاولى صرفت جزئ منها على تذكرة السفر الى تونس والفندق وامور اخرى ولم يبقى منها سوى 24 الف"
بمركز الشرطة وقفت جويل رافعة يدها بينما قامت احدى الشرطيات بتفتيشها بشكل دقيق ثم نظرت الى المحقق روبير وقالت، "انها نظيفة". أدخلت جويل الى غرفة التحقيق ودخل ورائها المحققان روبير وبطرس ثم جلس الجميع خلف طاولة معدنية مستديرة.
روبير: انت الآن متهمة بالتخطيط والشروع في قتل زوجك القبطان وليم سعد. نحن نعرف كل خيوط الجريمة وينقصنا اسم منفذ الجريمة واسم عشيقك.
جويل: انا لن اتكلم الا ويكون معي محامي.
بطرس: وهل تعتقدين نفسك بامريكا أو بريطانيا أو فرنسا مثلاً؟ انت هنا بلبنان يا مدام اي انك إذا لم تتكلمي فاننا سنتصرف معك بطريقة ثانية، نحن لدينا اساليب قد تكون غير تقليدية تماماً لكنها ناجعة ونتائجها مضمونة، سوف تخبرينا بكل شيئ نريده منك.
روبير: نحن نعلم انك دفعت مبلغاً كبيراً لشخص ما ذهب الى تونس وركب الطائرة مع زوجك واراد اغتياله اثناء الرحلة لكنه اخطأ وقتل مساعد الطيار. اليس كذلك؟
جويل لم تنطق بكلمة واحدة لانها قررت ان تلتزم الصمت. ولكن دون اي سابق انذار اتتها صفعة قوية من المحقق روبير اسقطتها ارضاً ورسمت علامة حمراء داكنة على وجهها. حاولت بكل جهدها ان تنهض من الارض ولكن قبل ان تقف منتصبة على قدميها جائتها صفعة اخرى اقوى من الاولى اسقطتها ارضاً ثم تبعتها صفعة ثالثة ورابعة وتوالت عليها الصفعات واللكمات والركلات حتى غرق وجهها بالدم وغطى الزراق جسدها. وقف المحقق بطرس وذهب صوبها ثم مسح الدم عن وجهها وفمها بمنديله وأسندها كي تنهض وتجلس على الكرسي ثانية.
بطرس: الافضل لك ان تخبري زميلي روبير بما يريد معرفته فهو متوحش ولا يحترم اناس مثقفين مثلك.
روبير: اخبرينا عن منفذ العملية والا...
رفع يده الى الاعلى كي يصفعها مرة اخرى الا انها صرخت وقالت:
توقف ارجوك توقف، ساخبرك بكل شيء.
لدي صديق اسمه فادي، قصصت عليه مشكلتي واخبرته اني غير سعيدة مع زوجي، فعرّفني برجل يدعى جاد وقال انه قاتل مأجور محترف وبامكانه ان يخلصني من زوجي دون ان يعرف احد. وعندما قابلته وجهاً لوجه وتحدثنا بالموضوع، طلب مني مبلغ 75 الف دولار الا اني ساومته واتفقنا بالآخر على مبلغ 50 الف على ان اسلمه النصف الاول مسبقاً ثم يستلم باقي المبلغ بعد ان تتم العملية. والبارحة اتصل بي هاتفياً في الصباح الباكر واخبرني بان العملية قد تمت بنجاح وانه يريد بقية اتعابه. لذلك ارسلت باقي المبلغ اي 25 الف دولار مع صديقي فادي اليوم. الآن يكون فادي قد سلمه المبلغ. لان الساعة الآن هي السابعة والنصف والموعد كان الساعة السادسة مساءاً امام بنك BLC بالاشرفية.
اسرع المحقق بطرس الى خارج غرفة الاستجواب واخبر ادارة الشرطة عما سمعه من جويل فانطلقت سيارتا شرطة، واحدة ذهبت الى بنك BLC والثانية ذهبت الى بيت القبطان وليم سعد.
وبعد ساعة ونصف ارجعوا جويل الى غرفة التحقيق وعندما دخلت وجدت القاتل المأجور جاد مكبل اليدين خافضاً رأسه وقد بدا عليه اثار الضرب المبرح بشكل ملفت. فابتدأ المحقق بطرس بسؤال جويل:
- هل هذا هو جاد القاتل المأجور الذي اتفقت معه؟
- نعم انه هو.
ذهب المحقق روبير بالقرب من القاتل وسأله:
- اسمع مني يا جاد، انت من اصحاب السوابق ولديك ملف حافل بالجرائم عندنا وقد تعرفت عليك جويل التي استأجرتك لقتل زوجها. فإن اعترفت بجرمك، فساوصي بتخفيف الحكم عليك كونك شريك بالجريمة والا فانك ستحمل كل العبئ وستعدم وحدك. لذلك الافضل لك ان تعترف بكل شيء. والآن قل لي لماذا قتلت مساعد الطيار علي بدلاً من الكابتن وليم سعد؟
- لاني عندما دخلت قمرة القيادة وجدت معطف قبطان على كرسي مساعد الطيار علي فاعتقدت انه هو الكابتن وليم سعد فاجهزت عليه واتممت المهمة بسرعة. كنت انوي خنقه بيدي الا اني شاهدت سكيناً اسوداً بالقرب مني فاستعملته ورميته بعد ذلك تحت الكرسي.
- واين وضعت النقود التي سلمك اياها فادي امام بنك BLC.
- فادي لم يسلمني اي نقود لانه لم يأتي الى البنك على الموعد، انتظرته ساعة كاملة ولم يحضر يبدو انه سرق النقود وهرب بها لذلك قررت ان اذهب الى منزل الكابتن وليم سعد وانتظره هناك كي اخذ منه حقي واقتله واقتل معه هذه الساقطة زوجته.
- وهل رجع كي تقتله؟
- كلا انه لا زال هارباً ولا اعلم الى اي جهنم ذهب. بقيت انتظره خارج منزل وليم حتى اتيتم انتم والقيتم القبض عليّ هناك.
خرج المحقق روبير وتحدث مع زميله ثم رجع الى مكتبه وطلب من احد اعوان الشرطة كي يحضر القبطان وليم سعد. دخل وليم سعد الى مكتب المحقق روبير وهو بحالة مزرية فقد كان يعاني من الارهاق والجوع وقد ظهرت على وجهه لحية صبغت وجهه بالسواد لانه لم يحلق منذ ان اسطحبوه الى مركز الشرطة. نظر اليه المحقق روبير وقال له،
- تفضل اجلس يا كابتن. اريد ان اخبرك شيء مهم.
- هل ستعدمونني الآن؟
- كلا يا كابتن، اتضح انك بريء من التهمة الموجهة اليك لاننا عرفنا الحقيقة كاملة.
- وما هي الحقيقة؟ هل اتضح لكم ان الطيار علي قام بالانتحار؟
- كلا. ان من دبر كل ذلك هي زوجتك جويل وعشيقها فادي. فقد اعترفت بكل شيء بعد القليل من الاقناع من طرفنا.
- جويل؟ زوجتي؟ هذا مستحيل، لا اصدق ذلك، فهي غبية جداً ولا تستطيع ان تخطط لاي شيء.
- إذاً اسمع مني القصة كاملة يا كابتن. لقد استأجرت زوجتك قاتلاً مأجوراً يدعى جاد عن طريق عشيقها فادي واتفقت معه ان تعطيه 50 الف دولار مقابل قتلك في الجو اثناء رجوعك من تونس. لكن الاقدار شاءت ان تكون انت الذي وضعت معطفك على كرسي زميلك مساعد طيار علي فاعتقد القاتل ان علي هو انت فقام بقتله بدلاً منك.
- اكاد لا اصدق ذلك، هل تستطيع جويل فعل كل هذا؟ وكيف كانت تخونني مع هذا الوغد الذي اسمه اسمه...
- فادي
- مع هذا الكلب الحقير فادي.
- المهم انك الآن حر طليق لانهما اعترفا بجرمهما وبامكانك الرجوع الى بيتك، ارجو ان لا تآخذنا على ما فعلناه بك.
- شكراً لك ايها المحقق، ساغادر الآن فوراً، فانا اعلم انكم تؤدون واجبكم.
ركب القبطان وليم سعد سيارة اجرة وانطلق بها الى بيته. فتح الباب وتوجه مباشرة الى الحمام حيث حلق ذقنه واستحم وذهب الى المطبخ كي يعمل فنجان قهوة عربية. رن جرس هاتفه النقال، فرفعه وإذا به رقم مجهول، وعندما وضع السماعة على اذنه سمع صوت فادي عشيق زوجته يقول،
- مساء الخير كابتن وليم، كيف الحال؟
- مساء الخير فادي. هل تم كل شيء على ما يرام؟
- نعم انا في قبرص الآن ومعي بقية النقود 24000 دولار.
- هل اتصلت بجهاد جريديني واعطيته حصته؟
- بكل تأكيد عملتها قبل ان اغادر الى قبرص كما اوصيتني، اعطيته 1000 دولار، ولو ان جرح بسيط على جبينه لا يستحق كل هذا المبلغ. وما عن العامل الذي قام بتعطيل باب قمرة القيادة يا كابتن؟
- لقد دفعت له 1000 دولار في تونس. حلال عليكم كل سنت اخذتوه يا صديقي، فأنت خلصتني من زوجتي الغبية، والآن بامكاني ان اعيش حياة هادئة وجميلة مع اختك سيلين.
- عليك ان تحبها وتحميها وان توفر لها حياة كريمة يا كابتن فهي تحبك كثيراً.
- بكل تأكيد. اتمنى لك حياة سعيدة في قبرص. وداعاً يا عزيزي فادي. لا تفكر ابداً بالرجوع للبنان.
اغلق القبطان الخط مع فادي، وضع هاتفه على الطاولة وابتسم بسمة المنتصر ثم ترشف قهوته بتلذذ.
1798 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع