بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة- الثأر بعد عقد من الزمان / الجزء الأول
استيقظ شون من نومه وركض الى الطابق الارضي سائلاً امه،
- هل اشتريت التذاكر يا امي؟
- كلا يا حبيبي، لكني ساشتريها اليوم. لا تقلق سوف تكون اجازة رائعة.
- هل انت متأكدة من ان اسبانيا لديها ساحل؟
- طبعاً لديها سواحل كثيرة والساحل الذي سنقصده هو واحد من اجمل السواحل باوروبا، سوف نذهب الى ساحل يدعى كوستابلانكا والطقس هناك ساخن جداً.
- وماذا عن الفندق؟
- ساحجز الفندق الليلة على الانترنيت. اطمئن وتأكد اني قادرة على ترتيب كل شيئ، لقد وعدتك بهذه الرحلة منذ زمن طويل وسانفذ وعدي هذه المرة.
- كل مرة كنت تقولين باننا سنذهب لكنك كنت تلغين السفرة وتجدين اعذاراً من الصعب تصديقها. اتمنى ان تكوني صادقة هذه المرة.
- كفاك ثرثرة الآن ايها الولد المشاغب وتعال لتتناول افطارك ثم غير ملابسك كي تستعد للمدرسة.
تناول الاثنان وجبة افطارهما معاً ثم رجع شون الى غرفته وجهز اغراض المدرسة ثم نزل الى الطابق الارضي حيث كانت والدته تنتظره بفارغ الصبر. خرجا سوية الى سيارتها الصغيرة من نوع (ميني) فانطلقت بهما باتجاه المدرسة. وفي الطريق سألها ابنها وهو متحمس جداً،
- هل تعتقدين انك ستجدين رحلة من مطار دبلن الى اسبانيا مباشرة؟
- طبعاً هناك آلآف الرحلات من هنا الى اسبانيا. فنحن الايرلنديون نحبها لان درجة الحرارة فيها مرتفعة وبلدنا بارد لا نكاد نرى الشمس هنا ابداً.
- لكننا لسنا ايرلنديون يا امي.
- ما هذا الهراء يا ولدي؟ نحن ايرلنديون شماليون وانتقلنا الى ايرلندا الجنوبية عندما كنت حاملاً بك قبل 10 سنوات. والآن نحن نسكن هنا بايرلندا الجنوبية منذ ذلك الحين.
- حسناً، حسناً انا اصدقك، اتمنى ان تعطيني الخبر السعيد عندما تأتي لاخذي من المدرسة.
- تأكد انها ستحصل. والآن وداعاً حبيبي قم بتوديع زملائك لان اليوم هو آخر يوم بالمدرسة.
نزل شون من سيارة امه وهو في قمة الحماس والسعادة وكأن الدنيا لا تكاد تسعه من شدة الفرح. بعد ذلك قادت ماري سيارتها الى وسط المدينة حيث اوقفتها في منطقة برودستون واكملت باقي المسافة سيراً على الاقدام حتى وصلت الى مكتب سفريات يدعى سونترافيل فدخلت وشاهدت جميع موظفي المكتب شاغرين بدون عمل فاختارت احداهن وتوجهت اليها قائلة،
- صباح الخير يا انسة، رجاءاً اريد ان احجز رحلة الى اسبانيا.
- تقضلي سيدتي بالجلوس، كم عدد المسافرين والى اي وجهة تريدين؟
- انا وابني فقط، نحن نريد الذهاب الى مدينة بنيدورم. نفضل الطيران مباشرة الى هناك.
مدينة بنيدورم
- ليس هناك مطار بمدينة بنيدورم لذلك بامكاني ان احجز لك على مطار مدينة اليكانتي.
- وكم تبعد مدينة اليكانتي عن بنيدورم؟
- انها مجرد 34 كلم. هناك الكثير من الحافلات التي تأخذك من مطار اليكانتي الى مركز مدينة بنيدورم مباشرة.
- لقد سبق وان حجزت بفندق يدعى دونبانشو ببنيدورم فكيف يمكنني الوصول اليه؟
- حالما تصلين الى مدينة بنيدورم تنزلين من الحافلة وتؤجرين تاكسي يأخذك الى فندق دونبانشو. المسافة ليست بعيدة، انها مجرد 5 دقائق.
- اريد ان اصل الى هناك يوم 22 حزيران هل هذا ممكن؟
- نعم بامكاني ان احجز لك رحلة تقلع من دبلن الساعة السادسة صباحاً من يوم 22 حزيران وتصلين هناك بعد اربع ساعات.
- ومتى اكون بالفندق؟
- حسب تقديري ستصلين فندقك بحدود الثانية عشر ظهراً. لكني اقترح عليك رحلة ارخص منها بكثير لكنها تصل اليكانتي يوم 24 حزيران.
- كلا، كلا، يجب ان نصل هناك يوم 22 حزيران.
- حسناً. وماذا عن العودة؟
- ساترك العودة مفتوحة.
- لكن موسم الصيف سيجعلها من اغلب الرحلات ازدحاماً بالركاب وقد تجدين صعوبة في الحصول على مقاعد لك ولابنك كي تعودا الى دبلن.
- هذه ليست مشكلتك يا آنسة. اعملي ما اطلبه منك لو سمحت.
- حسناً كما تشائين سيدتي.
اعدت الموظفة تذاكر السفر واعطتها لماري. شكرتها ماري وخرجت من المكتب وهي سعيدة جداً. ركبت سيارتها واخرجت هاتفها الجوال ثم طلبت جون وقالت،
- الو جون؟
- اهلاً ماري. ماذا عملت؟ هل حجزت الطائرة؟
- لقد حجزت على يوم 22 حزيران اي بعد خمسة ايام. سنذهب انا وشون هناك.
- هذا جيد لان صاحبنا سيكون هناك يوم 22 ايضاً. هل ستتمكنين من تنفيذ خطتنا؟
- بالتأكيد يا جون، سوف لن ادع هذا السافل يستمتع بالحياة طالما انا حية.
- إذاً كوني حذرة ولا تتهوري. والآن سأبعث لك رقم هاتف شخص اعرفه جيداً بأمكانك ان تثقي به، سيقوم بمساعدتك في اسبانيا. لقد اوصيته كي يقدم لك اي شيء تطلبينه. تصرفي بكل حذر وتذكري ابنك شون.
- اطمئن تماماً فقد خططت لكل شيء ولا مجال للخطأ ابداً. اشكرك على المبلغ الذي بعثته لي، فلولاه لما استطعت التفكير بالذهاب الى اسبانيا. ولكن اخبرني يا جون لماذا لم ترسل المبلغ بحوالة مالية عن طريق البنك؟ بدلاً من ذلك قمت بارسال المال بيد شخص من طرفك؟
- كان ذلك افضل لي ولك. يجب ان نكون حذرين جداً. ليكن الله معك.
- شكراً جون، وداعاً يا صديقي العزيز. لا اعلم كيف اجازيك على خدماتك لنا.
اقفلت الهاتف وتوجهت الى البيت حيث قامت ببعض الامور المنزلية. وبعد ان انتهت من كل شيء ركبت سيارتها ثانية وتوجهت نحو مدرسة ابنها كي تحضره للبيت. وعند باب المدرسة رأت شون حاملاً صندوقاً كبيراً فيه اشياء صنعها في المدرسة خلال السنة. قبّل والدته وهو يركب السيارة وقال لها،
- لقد اخبرت جميع اصدقائي باننا ذاهبان الى اسبانيا هذا الصيف، الجميع كان يشعر بالغيرة مني.
- يجب ان يغاروا فقد كلفتنا الرحلة مبلغاً كبيراً.
- هل اشتريت التذاكر يا امي ام انك اجلتيها كالعادة؟
- نعم اشتريتها والرحلة ستبدأ يوم 22 حزيران. اي في اوج حرارة الطقس باسبانيا.
- يا سلام ما اروعها وما اروعك يا احسن ام بالدنيا. الآن فقط استطيع ان اسميك ام صالحة.
بعد خمسة ايام انطلقت ماري مع ابنها بسيارة اجرة الى مطار دبلن ومن هناك ركبا الطائرة المتجهة الى مدينة اليكانتي الاسبانية. وبعد اربع ساعات وربع حطت الطائرة ونزل الركاب جميعاً، كانت ماري وابنها شون من بينهم. في المطار. ركبا حافلة اقلتهما الى مدينة بنيدورم. الرحلة كانت قرابة الساعة وكان شون متحمساً جداً لانه لم يتوقف عن الاسئلة المتعلقة بتفاصيل الرحلة لكنه عندما كان يهدأ قليلاً كانت ماري تفكر بالمهمة الحقيقية التي جائت من اجلها. فهي مصممة على ان تأخذ بثأرها ممن حرمها من زوجها ناثان الذي توفي اثر انفجار وقع ببيتها في بلفاست عام 1995 اي قبل 10 سنين بالضبط. كان ورائ ذلك التفجير الارهابي مايكل اوسولوفان الملقب بـ (لفتي) الذي اعترف امام شاشات التلفزة بانه هو من نفذ الهجوم وانتقم لجميع البروتستانت بالعملية لانه يكره الكاثوليك الكفار وعليه ان يسحقهم كالصراصير. كان يثير اشمئزازها وهو ينثر شعره الطويل ويضحك ضحكته الصفراء. لكن زوجها ناثان برغم من انه كان كاثوليكياً الا انه لم يكن ينتمي الى اي جهة من جهات الصراع المسلح، بل كان يؤيد السلام دائماً بين الطرفين. في اليوم الثاني بعد ان دفنت زوجها في مقبرة سانت باتريك وحزمت امتعتها كي تسكن عند عمتها پات التي تعيش وحيدة في دبلن بايرلندا الجنوبية، خرجت ماري من بلفاست وهي حامل بشهرها الرابع بعد وقوع التفجير. حال وصولها العاصمة دبلن استقبلتها عمتها پات ببيتها وبقيت عندها سنة كاملة حتى عثرت على عمل كمنظفة في فندق صغير حيث كانت تعمل بالنهار وتدرس بالليل حتى تخرجت من الجامعة بعد خمس سنوات واصبحت محامية. وقتها خرجت من بيت عمتها وسكنت ببيت للايجار مع ولدها شون. في بادئ الامر عملت كمحامية متدربة لدى احدى الشركات بدبلن تدعى نورمان اند نورمان وبفترة قصيرة اصبحت من افضل المحامين بتلك الشركة. والآن وبعد مرور 10 سنوات على وفاة زوجها سمعت من صديق زوجها الوفي جون اوليري ان الارهابي مايكل اوسولوفان الذي تسبب بقتل زوجها قد افرج عنه وخرج من السجن وقد قام بتغيير اسمه الى پيتر حنا وهناك احتمال ان يكون قد عمل عملية تجميل وغير شكله كذلك. الآن هو في طريقه الى اسبانيا لقضاء فترة اجازته في مدينة بنيدورم حيث سيصلها يوم 22 حزيران وسيقيم هناك بفندق دون بانشو. كان جون الشخص الوحيد الذي آزرها دائماً ووقف الى جانبها منذ ان توفى زوجها وقد قام بمساعدتها بالمال عدة مرات وساعدها كذلك بمعارفه كي تتمكن من الاستقرار بدبلن بعد مغادرة بلفاست.
وصلت الحافلة مدينة بنيدورم تمام الساعة الحادية عشر والنصف من صباح الجمعة فاستقلت ماري وابنها سيارة اجرة الى فندق دون بانشو. عند وصولهما الى استعلامات الفندق تحدثت ماري مع الموظف هناك،
- اسمي ماري فلانيكان ولدي حجز عندكم بالفندق. لقد حجزت من خلال تريڨاﮔو.
- بالتأكيد يا مدام فلانيكان. غرفتك جاهزة في الطابق الرابع غرفة رقم 402، الغرفة بسريرين.
- نعم هذا جيد. سنبقى بالغرفة لمدة 10 ايام قابلة للتمديد.
- تفضلي بملئ هذه القسيمة وارجو منك اعطائي جوازات سفركما.
اعطته الجوازات وملأت القسائم ثم ارجعت له الاوراق فارجع لها الجوازات وقال لها،
- اتمنى لكما اقامة ممتعة.
بعد ان وضعا امتعتهما بالغرفة، غيرا ملابسهما وانطلقا الى بهو الفندق فسألت الاستعلامات،
- اين يقع البلاج؟
- عند خروجك من الفندق، تقومين بعبور الشارع الرئيسي المسمى (مدترانيو) ثم تسيرين الى الامام لمدة دقيقتين فتجدين نفسك على البلاج.
- جيد جداً، ومتى تقدم وجبة الغداء؟
- ما بين الساعة 12 والساعة 14 .
- شكراً لك سيدي.
- بل لك الشكر الجزيل سيدتي. اتمنى لك يوماً سعيداً.
نظرت ماري الى ساعتها ثم اخبرت ابنها شون بان الغداء اليوم سيكون في الخارج. نظر شون الى الخارطة التي اخذها من استعلامات الفندق وقال، "جيد جداً بامكاننا ان نتغدى في ماكدونالد فيما بعد لانه قريب من الساحل بشارع رنكون ديلويس".
حالما وصلا الى الساحل وجدا مئات بل آلآف السواح يفترشون البلاج، فمشيا قليلاً حتى عثرا على بقعة صغيرة فارغة فجلسا على الارض فوق مناشفهما.
عندما وضع شون الامتعة التي بيده على الارض انطلق نحو جرف الماء. اوصته امه ان لا يبتعد كثيراً بالرغم من علمها بانه سباح ماهر ولا خوف عليه من الماء. بقي شون وامه ماري على البلاج حتى ساعة متأخرة من اليوم تخللتها فترة قصيرة دخلا فيها الى ماكدونالد كي يتناولا الطعام ثم عادا مباشرة الى البلاج.
في المساء عاد الثنائي الى الفندق وكان شون قد بذل آخر سعرة حرارية من طاقته وآخر كيلو جول، كان يتوق للوصول الى السرير وينام خمسين يوماً "كما قال بلسانه". حالما دخلا الى الغرفة طلبت منه والدته ان يغتسل. لكنها ما ان غفلت عنه قليلاً حتى وجدته قد دخل في سبات عميق. التقطت هاتفها الجوال وطلبت الرقم الذي اعطاها اياه جون فرد عليها شخص يتكلم الانكليزية بلهجة اسبانية واضحة إذ قال،
- متى وصلت يا مدام؟
- اليوم يا اليخاندرو. هل لديك ورقة وقلم؟
- تفضلي، انا اسمعك.
- اريد جهاز تيزر، اريد اصفاد حديدية عدد 2 من التي تستعمل من قبل الشرطة، اريد 50 غرام هروين وابر وادوات لتحضير الهروين، اريد حبل قوي من الذي يستعمل في تسلق الجبال واريد شريط لاصق عريض. هل كتبت كل ذلك؟
- انت تريدين اصفاد حديدية عدد 2، وهروين وابر وادوات للتمويع وحبل قوي من الذي يستعمل في تسلق الجبال وشريط لاصق عريض. اي شيء آخر؟
- كلا ساخبرك إن احتجت الى اشياء اخرى.
- تعالي غداً الساعة 12 ضهراً الى مدينة اسمها (لا ڨيلا خويوسا) عند متجر اسمه (غورغي) على الشارع الرئيسي وساقوم بتسليمك ما طلبت.
- الى الغد إذاً.
اقفلت ماري الهاتف وذهبت الى الحمام كي تغتسل. بعد ان خرجت من الحمام لبست ملابسها ونظرت الى ابنها شون الذي كان نائماً بكل هدوء ثم اغلقت الباب ورائها ونزلت الى بهو الفندق. توجهت الى الاستعلامات فوجدت فتاة في العشرينات من عمرها واقفة وراء المكتب فسألتها،
- هل بامكاني ان استفسر عن احد النزلاء هنا بالفندق؟
- ليس مسموح لنا ان نعطي مثل هذه المعلومات يا مدام.
- انه خطيبي واود ان افاجئه.
قالت ذلك ووضعت ورقة بخمسين يورو بيد الفتاة. تفحصت الفتاة المبلغ وابتسمت ابتسامة عريضة وقالت،
- بكل تأكيد يا مدام، كيف استطيع ان اخدمك؟
- باي غرفة يقطن السيد پيتر حنا؟
نظرت الفتات الى حاسوبها قليلاً ثم قالت،
- انه بغرفة رقم 318. هو الآن بغرفته.
- شكراً عزيزتي سافاجئه فيما بعد. ارجو عدم اخباره كي لا تفسدي عليّ المفاجئة.
- كلا سوف لن يعرف احد ما دار بيننا.
رجعت ماري الى غرفتها وغيرت ملابسها ثم نامت على سريرها. باليوم التالي استيقضت مبكراً مع ابنها شون ونزلا الى المطعم حيث تناولا وجبة الافطار ثم توجها نحو البلاج. في الطريق قالت ماري،
- اسمع يا شون. لقد اوصاني احد زملائي بالعمل ان اشتري له بعض الامور من اسبانيا لذلك ساتركك وحدك هذا اليوم على البلاج كي اذهب واشتري له ما اوصاني به. هل لديك مشكلة بذلك؟
- كلا يا امي، سارجع الى الفندق وقت الغداء إذا تأخرتِ. فلا تقلقي من ناحيتي.
- حسناً حبيبي. خذ هذه بعض النقود كي تشتري بها ما تشاء.
تركت ماري ابنها وانطلقت في الشارع الرئيسي (مدترانيو) حتى لمحت من بعيد سيارة اجرة. اوقفتها واعطت السائق العنوان فانطلق بها الى مدينة (لا ڨيلا خويوسا). بعد حوالي ربع ساعة توقفت امام متجر (غورغي) فوجدت سيدة بدينة تجلس بالمحل وتمضغ اللبان. حيتها بالانكليزية وقالت،
- انا ابحث عن السيد اليخاندرو.
- انه زوجي، لحضة واحدة ساناديه من الداخل.
دخلت السيدة كي تنادي زوجها، وفي هذه الاثناء صارت ماري تتفحص المتجر إذ كانت رائحة الثوم تملأ المكان وافخاذ من لحم الخنزير المقدد معلقة من السقف. والكثير من الاكياس البيضاء موضوعة فوق الارض. بعد بضع دقائق خرج رجل قصير القامة ذو كرش كبير وقال،
- انا اليخاندرو من انت؟
- انا ماري، تكلمنا على الهاتف بالامس.
- نعم، نعم تكلمنا بالامس. وماذا تريدين؟
- ماذا اريد؟ هل جننت؟ لقد طلبت منك بعض الامور، الم تحضرها بعد؟
- نعم احضرتها كلها ولكني اردت ان اتأكد من شخصيتك، انت تعلمين خطورة الامر. ها هي الاشياء التي طلبتيها بهذا الكيس.
تفحصت ماري الكيس الذي اعطاها اياه اليخاندرو. وعندما تأكدت من ان كل شيء موجود كما طلبت قالت له،
- كم تريد؟
- لا شيء يا مدام لقد اعطاني السيد جون المبلغ كاملاً.
- حسناً شكراً لك. ساتصل بك إذا احتجت اشياء اخرى.
- وانا حاضر يا سيدتي.
خرجت ماري من المتجر إذ كاد أن يغمى عليها من الروائح الكريهة التي كانت بالمتجر. اوقفت سيارة اجرة وطلبت من السائق ان يعيدها الى فندقها بمدينة بنيدورم. وصلت الفندق واخفت الكيس الذي احضرته معها ثم لبست بدلة السباحة البكيني ووارته بوشاح برتقالي حول خصرها وخرجت كي تلتقي بابنها شون، وعندما بلغت البلاج وجدت شون يلهو مع بعض الصبية على البلاج. حالما رآها قادمة نحوه ترك اصحابه وركض نحوها واحتضنها قائلاً،
- لقد اشتقت اليك يا امي. لماذا تأخرت؟
- انا اعتذر يا ولدي فقد كان لدي اعمال كان يجب علي انجازها، وها انا ذا معك. سنعوم للبحر سوية ثم نرجع للفندق كي نتناول الطعام فيما بعد.
بعد ان تناولا الطعام عادا الى البلاج وبقيا هناك حتى الساعة السادسة مساءاً، عندها نادت ماري ابنها من الماء ورجعا الى الفندق فتناولا وجبة العشاء ثم توجها نحو المصعد. كان هناك رجل وسيم في عقده الخامس ينتظر المصعد معهما. انفتح باب المصعد فاشار بيده الى ماري وابنها كي يدخلا بطريقة مهذبه تدل على انه جنتلمان، ركب الثلاثة المصعد فسأل الرجل ماري،
- اي طابق يا مدام؟
- الرابع لو سمحت.
ضغط على الرقم 4 ثم ضغط على الرقم 3. فنظرت الى الرقم الذي اختاره لنفسه وفكرت "يبدو ان هذا الشخص الوسيم يسكن بنفس الطابق الذي يسكن فيه الوحش مايكل اوسولوفان". عندما بلغ المصعد الطابق الثالث خرج الرجل الوسيم من المصعد فحياها بكل ادب وقال،
- اتمنى لك امسية هانئة يا مدام.
- شكراً سيدي.
اكملت ماري وابنها في المصعد حتى بلغا الطابق الرابع فخرجا منه وتوجها نحو غرفتيهما. دخلت ماري الغرفة وامرت ابنها بالذهاب الى الحمام مباشرة كي لا تتكرر تمثيلية الامس فقال لها،
- اي تمثيلية هذه يا امي؟
- لقد نمت بالامس دون ان تغتسل.
- بالامس كنت متعباً جداً يا امي، انت تعرفين ذلك جيداً.
قبّلته وقالت له،
- حسناً حبيبي، لا عليك. اذهب الآن واغتسل. تذكر ان تغسل وراء اذنيك.
- حاضر يا امي.
حالما خرج من الحمام، ارتدى بجامته ودخل فراشه. لم تمر سوى دقائق حتى صار في دنيا الاحلام. خلعت ماري ملابسها وارتدت بدلة رياضة وحذاء مطاطي ثم اخذت الكيس الذي جائت به من عند اليخاندرو وخرجت من الغرفة. فتحت باباً بآخر الممر وهبطت على السلم الى الطابق الثالث. صارت تتفحص ارقام الغرف 302 304 306 واستمرت بالممر حتى وصلت الى غرفة رقم 318. طرقت الباب وانتضرت قليلاً. فُتحَ الباب واذا به نفس الرجل الوسيم الذي قابلته بالمصعد. نظر اليها بتعجب وابتسامة عريضة قائلاً،
- هل بامكاني مساعدتك يا مدام؟
اخرجت ماري جهاز التيزر ولامست به كتف الرجل ثم ضغطت على الزناد فصار التيزر يخرج ازيزاً وبريقاً أزرق فصعقته بالكهرباء وصار الرجل يرتعش ثم خر على الارض مغمياً عليه. دخلت ماري وسحلته الى وسط الغرفة، ثم رفعته فاجلسته على كرسي خشبي احكمت كلتا يده بالاصفاد الحديدية ثم صارت تلف الحبل حول جسده حتى صار مربوطاً باحكام. قامت بعد ذلك بحشر منديل جائت به من الحمام في فمه وغطته بشريط لاصق.
جلست امامه تنتضره حتى يعود الى وعيه. وبعد بضع دقائق فتح عينيه فابتسمت وقالت له،
- اهلاً وسهلاً بك يا سيد پيتر حنا ام تريدني ان اناديك باسمك الحقيقي يا مايكل اوسولوفان؟
لم يتمكن من الرد عليها لكنه اصدر اصواتاً غريبة وكأنه يختنق. قالت له،
- ساخرج المنديل من فمك الآن كي تتكلم لكنك لو صرخت فسانهي اجلك قبل المحاكمة يا مجرم.
أومأ الرجل بالموافقة فازالت الشريط اللاصق ثم اخرجت المنديل من فمه وقالت،
- انا انتضر لقائك منذ امد بعيد يا مايكل. وبالتحديد منذ 10 سنوات، الا تعرفني؟
- سيدتي انا متأكد من ان هناك خطأ جسيم. انا لست مايكل الذي تتحدثين عنه، انا اسمي بيتر حنا. ولا اتذكر اني التقيتك من قبل سوى هذا اليوم بالمصعد عندما كنتِ بصحبة ولدك ولفترة قصيرة جداً لا تتعدى ثوان معدودات. صدقيني ارجوك.
- وماذا عن حادثة تفجير بلفاست؟ الحادثة التي اعترفت بها وانت تبتسم امام كامرات التلفزيون وكأنك حققت نصراً عظيماً، هل تريد ان تبتسم الآن يا مجرم؟ الم تقل بانك تريد سحق الكاثوليك كالصراصير؟
- صدقيني سيدتي انا لست ذلك الشخص الذي تريدينه. اذا كان قد سبب لك آلام فانا اتمنى ان يحترق بالجحيم. لكن اقسم لك سيدتي انا لست ذلك الشخص وليس لي يد باي مما وقع.
- كفاك كذباً يا فاجر، إن الرجل الذي يقوم باجراء عمليات تجميل كي يغير من شكله، الا يكذب؟ الا يقول اي شيء كي يتملص من العقاب؟ انك حقاً خنزير وتستحق كل ما سيأتيك يامجرم. سوف اعذبك تعذيباً شديداً كي يشفي غليلي وسوف اجعلك تنسى اسم امك لو قابلتها. وُلِدَ ابني وعاش 10 سنين محروماً من ابوه بسببك يا منحط.
قالت ذلك واخرجت الابرة من الكيس وبدأت تهئ المادة المخدرة كي تحقنه بها ثم قالت له،
- ساجعلك تستمتع بوقتك اليوم. ساعطيك جرعة من الهروين على حسابي الخاص.
- كلا ارجوك سيدتي انا لا اتعاطى المخدرات. انت ترتكبين خطأ جسيماً ارجوك، انا لست الشخص الذي تقصدينه. الرجاء ارحميني فانا انسان بريء وليس لي يد بمأساتك صدقيني. ستعذبين البريء وتتركين المذنب الحقيقي يلهو ويستمتع بجرمه.
لكن ماري لم تستمع اليه إذ قامت بغرس الابرة بذراعه فحقنته بالمخدر. لم يصمد سوى بضع دقائق حتى فقد الوعي.
رجعت فحشرت المنديل بفمه ولفت حول فمه ورأسه الشريط اللاصق ثم خرجت من الغرفة متجهة نحو السلم لكنها تذكرت شيئاً فرجعت وفتحت باب غرفته فاخرجت بطاقة (يرجا عدم الازعاج) ووضعتها على مقبض الباب ثم احكمت إغلاقه ثانية.
باليوم التالي بعد ان تناولت ماري وابنها وجبة الافطار طلبت منه ان يذهب الى البلاج وحده لانها تريد ان تنهي بعض المهام التي مازالت عالقة، ففرح ابنها شون وخرج مسرعاً. لبست ملابس الرياضة التي كانت تسميها ملابس العدالة وتوجهت نحو الطابق الثالث كي تواصل انتقامها. فتحت الباب فوجدت سجينها وقد عاد الى وعيه. ازالت الشريط اللاصق واخرجت المنديل من فمه فسمعته يقول،
- ماء، ماء، ارجوك اريد ان اشرب فانا عطشان.
- وهل سألت ضحاياك إن ارادوا شرب الماء قبل ان تقتلهم؟
- سيدتي ارجوك صدقيني اقسم لك بالمسيح وبمريم العذراء اني لم اقتل احداً. انا انسان مسالم ولم اقتل حتى نملة في حياتي.
- ولماذا اذاً حرمتني من زوجي ناثان؟ الا تعرف كم كنت احبه؟ لقد كان كل شيء بحياتي وانت اخذته مني، لقد ولد ابني وتربى باحضاني دون ان يعرف اباه.
- يا سيدة ارجوك ما اسم الشخص الذي تعتقدين انني هو؟
- ما خطبك يا مايكل؟ هل نسيت اسمك الاصلي الدموي؟ هل اصابك الخرف المبكر؟
قالت ذلك وهي تهيء له حقنة جديدة،
- اتوسل اليك سيدتي دعيني اتحدث معك قليلاً قبل ان تحقنيني بالمخدر.
- وهل هناك حديث بيننا؟ هل تستطيع ان تعيد لي زوجي الذي غدرته؟
- متى قام هذا المدعو مايكل بقتل زوجك؟
- انسيت ما حصل عام 1995 عندما فجرت دارنا في بلفاست؟ ثم خرجت امام شاشات التلفزة تتباهى بما فعلت وقلت بانك تكره الكاثوليك؟ وقتها كنت ازور احدى قريباتي وزوجي كان وحيداً بالدار.
- هل كان مايكل هذا الذي تتحدثين عنه ذو شعر طويل يصل الى كتفه، ولديه اسنان مكسرة؟
- اجل اجل يبدو ان ذاكرتك بدأت ترجع اليك يا سافل.
- كلا اسمعيني يا سيدة ارجوكِ، انا اتذكر تلك الحادثة جيداً واتذكر ذلك الوغد الذي كان يعترف بجريمته وكأنه حقق نصراً كبيراً بعد ان قتل كاثوليك ابرياء. ولكن دعيني اسألك سؤالاً واحداً فقط ارجوك. امهليني دقيقة واحدة من وقتك ثم اعملي بي ما يحلو لك فانا قابل بكل ما تفعلين.
- ماذا تريد ان تقول؟ احدى اكاذيبك الجديدة؟ ملعوب جديد من الاعيبك؟ تكلم بسرعة.
- هل تتذكرين ماذا كانت كنيته؟
- بالتأكيد اتذكر، وكيف انسى؟ كانوا يطلقون عليك اسم (لفتي).
- عظيم جداً، المجرم يطلقون عليه اسم لفتي، وهل تعرفين معنى كلمة (لفتي)؟
- لا اعلم ماذا تعني، انها مجرد كنية.
- سيدتي (لفتي) بالانكليزية الدارجة تعني الاعسر. هذا الارهابي كان اعسراً. ولو كنت انا هو ذلك الشخص فاكون انا اعسر ايضاً. وليس بالامكان تغيير هذا الامر ولا حتى بعمليات التجميل، اليس كذلك؟
- وكيف اعرف انك لست اعسراً؟
- اعطني ورقة وقلم وساكتب لك ما تشائين بيدي اليمنى. ارجوك افعلي ذلك. هذا آخر طلب عندي.
احضرت ماري ورقة وقلم واعطته لسجينها بعد ان فكت وصاد يده اليمنى فقط. مسكت له الورقة وقالت له "اكتب شيئاً". كتب الرجل التالي:
"اسمي بيتر حنا، كنت متزوجاً من امرأة طالحة اسمها فلستي وليس لدي اولاد منها. طلبت مني الطلاق لكنني رفضت ذلك، لأني كنت اشك ان لها عشيق وهدفها الاساسي هو التخلص مني كي ترتمي باحضان عشيقها، ومع ذلك فقد حصلت على الطلاق بعد ان وكَلَتْ محامي متمرس محتال تمكن من فصلنا بكل سهولة فتطلقنا. والآن جئت الى اسبانيا كي ارفه عن نفسي واخرج من تلك الدوامة الاليمة جئت الى هنا كي العق جراحي"
مسكت ماري الورقة وصارت تتطلع بها وتتفحصها بدهشة غريبة. فخط ذلك الرجل جميل جداً ولا يمكن ان يكون خط شخص اشول يحاول الكتابة بيده اليمنى. بدأ الشك يدب في صدرها ثم قالت له بنوع من الغرور والاستعلاء،
- هذا لا يعني شيئاً، قد تكون (باي دكسترال). فهناك الكثير من الناس يستطيعون الكتابة بكلتا يديهما.
- ولو كنت كذلك كما تقولين، فهل كانوا سيلقبونني (لفتي) الاشول؟
كانت تلك الكلمات قد اثارت شكوكها اكثر واكثر فجعلتها تحس بانها ربما تكون قد اخطأت في اختيار ضحيتها. هنا سألها،
- كم كان عمر ذلك الارهابي عندما فجر داركم وألقي القبض عليه؟
- 21 سنة.
- ومتى فعل ذلك؟
- قبل 10 سنوات.
- هذا يعني ان عمره الآن 31 سنة، اليس كذلك؟
- هذا صحيح. اين تريد ان تصل بذلك؟
- وهل ابدو لك بسن 31 سنة يا سيدتي؟
- كلا تبدو في وسط الاربعينات. هذا صحيح ولكن...
- إذاً ماذا تعتقدين؟ هل انا هو ذلك الارهابي؟
- ربما هناك خطأ. او...
- إذاً فكي وثاقي ارجوك فانا ساموت من الجوع ومثانتي ستنفجر اريد افراغها.
- وما الذي يضمن لي انك سوف لن تسلمني للشرطة؟
- انا اريد مساعدتك وليس هدفي تسليمك للشرطة. خصوصاً وانك ام لطفل صغير وهناك من اوهمك باني انا الفاعل. لذا فانا مهتم كي اعرف من هو.
فكت ماري وثاقه وهي مترددة ماسكة جهاز التيزر كسلاح للدفاع عن نفسها لكنه بعد ان تحرر من الحبال والاصفاد توجه مسرعاً نحو الهاتف. نظر اليها وقال،
- اطمئني واسترخي فانا ساطلب طعاماً على الهاتف لاني اكاد اموت من الجوع.
تحدث بالهاتف وطلب شطائر دجاج وابريق شاي وزجاجة ماء كبيرة ثم ذهب الى الحمام لافراغ مثانته ثم عاد اليها وصار الصمت سيد الموقف. وعندما وصل الطعام استلمه من الباب ودعاها كي تشاركه بفنجان شاي فقبلت دعوته وهي تشعر بخجل كبير نحوه. هي تعلم الآن انها قامت بتعذيب انسان بريء فقط لان جون اوليري اوصل لها معلومات خاطئة. لقد عمى الثأر بصرها ولم تفكر في التحقق مما قاله لها جون صديق زوجها الوفي. فجأة سألها بيتر،
- من الذي اخبرك اني انا هو الارهابي مايكل؟
- احد الاصدقاء وحسب.
- ما اسمه؟
- لا استطيع البوح به فهو صديق زوجي من الطفولة وعزيز علي وكان مخلص لزوجي ولي.
- لو كان مخلصاُ كما تقولين لقام بالتأكد من الشخص الذي كنت ستقتلينه. وبذلك فانه اراد توريطك ورطة كبيرة. اخبريني ما اسمه؟
- انه يدعى جون.
- جون ماذا؟ هل تعرفين لقبه؟ وماذا يعمل؟ واين يعمل؟
- اسمه جون اوليري ويعمل بشركة عقارات ببلفاست.
- يا الهي، يا الهي، رباه، انا اعرف هذا الرجل. انه يعمل معي بنفس شركة العقارات. انا افضل منه بالعمل وقد حققت ارباحاً كبيرة للشركة هذا العام. المدير يريد ان يطرده من عمله بسببي لسوء ادائه بالعمل. إذاً، قام جون باختلاق كل ذلك كي يخرجني من الصورة. وقد استغلك انت كي تتخلصي له من غريمه فيخلو له الجو في الشركة. بامكاني ان اتصل الآن بمدير الشركة وادعك تسأليه عن كل ما قلته لك وتتأكدي بنفسك.
- كلا هذا ليس مهماً، انا اصدقك. ماذا نعمل الآن؟
- اطمأني سيدتي يبدو ان عدونا مشترك، ساكون لك العون إن اردت ذلك وسالازمك وساساعدك ولن اتخلى عنك ابداً.
- لكني اذيتك واحتجزتك وحقنتك بالمخدر بالامس ومع هذا فانت لا تزال تريد مساعدتي. اوف كم انا غبية، انا آسفة حقاً، سامحني.
- لا عليك سيدتي انا اقدر مصيبتك وسبب حقدك لي لانك اعتقدت اني انا الفاعل. والحقنة كانت لمرة واحدة فقط. لو كنت مكانك لفعلت بي اكثر من ذلك صدقيني. كان يجب علي ان اتلقى هذه الصفعة على وجهي كي اعرف ماذا يحاك من وراء ظهري.
- كيف استطيع ان اعوضك عن ما سببته لك يا سيد حنا؟
- ستعوضيني بالكامل إذا قبلتِ دعوتي على الغداء غداً انت وولدك شون.
- وتريد ان تكافئني بالطعام كذلك؟ هذا سيكون من دواعي سروري يا سيد حنا. انت انسان مهذب.
- ارجوك نادني بيتر.
- طيب بيتر اين ستأخذنا؟
- سأخذكم الى مدينة تدعى كالپي التي تبعد عن بنيدورم بنصف ساعة بالسيارة.
- ومن اين لنا بسيارة؟ هل ستستأجر واحدة؟
- نعم.
خرجت ماري من غرفة بيتر ومئات الاسئلة تعج بداخل صدرها. "كيف سمحت لنفسها ان تعذب انساناً بريئاً قبل ان تتأكد من انه هو الجاني؟ وهل سيصفح لها حقاً هذا الانسان الطيب بعد ان حقنته بالمخدر بالامس؟ وكيف سمحت لنفسها ان تتعامل مع شخص رخيص مثل اليخاندرو وزوجته؟ وكيف كانت سترتكب جريمة وهي انسانة بعيدة كل البعد عن الجرائم؟ وكيف يمكن ان يكون انسان بهذه الوسامة مجرماً؟"
دخلت غرفتها ورأت ابنها نائماً على سريره. قبلته ثم غيرت ملابسها ودخلت فراشها. وجدت نفسها تفكر ببيتر بشكل مختلف عن كل ما كانت تفكر به سابقاً. هل لانه كان ضحية لافعالها الغبية ام ربما لانها صارت تشعر بشيء جديد من ناحيته؟ او ربما لانه اوسم رجل بايرلندا بل بالعالم كله؟
في اليوم التالي استيقضت ماري مبكرة على صوت جرس الهاتف. رفعت السماعة واذا بصوت بيتر يقول،
- صباح الخير ماري.
- صباح الخير بيتر. كيف كان نومك؟
- افضل من النوم على الكرسي. هاهاها
- انا اسفة جداً.
- لا تتأسفي، انا امازحك وحسب. هل اخبرت ابنك بالرحلة؟
- كلا، شون مازال نائماً ساخبره عندما يستيقض من نومه. لكني اردت ان اقول لك شيئاً.
- ماذا كنت تريدين أن تقولي؟ اخبريني.
- كلا سامحني ساخبرك عندما نكون سوية بمدينة كالپي.
- حسناً كما تشائين. اتصلي بي عندما تكونا جاهزين.
- حسناً بيتر. ولحظة لو سمحت.
- ماذا؟
- شكراً لانك غفرت لي ما لا يغفر.
- هذا من دواعي سروري يا ماري فانت اجمل من ان احمل غلاً طويلاً نحوك، مع حبي.
اغلقَ الخط معها. يا ترى لماذا قال (مع حبي)؟ هل كان يشعر بشيء معين نحوها كما تشعر هي نحوه؟ ربما لا، فهي لم تعاشر رجلاً منذ ان توفي زوجها قبل 10 سنوات لذلك فان مشاعرها مشوشة ومصابة بالصدأ. بعد حوالي ساعة اتصلت ماري ببيتر واخبرته بانهما جاهزان فقال لها بانه سيلقاهما في بهو الفندق امام الاستعلامات. خرجت ماري وشون وركبا المصعد. نظرت الى هندامها في المرآة فوجدت نفسها كالراهبة خصوصاً بعد ان ارتدت فستاناً رصاصياً طويلاً. ترددت قليلاً ثم قالت لابنها "انزل انت الى الاستعلامات يا شون وسالحق بك فيما بعد". رجعت الى غرفتها وغيرت فستانها، هذه المرة ارتدت فستاناً قصيراً ابيضاً ومورداً يطرح عشر سنوات من عمرها. "هكذا افضل". رجعت فاخذت المصعد ونظرت الى نفسها بالمرآة فوجدت فتاة جميلة تحب الحياة وتصبو لمغامرة عاطفية جديدة. عندما خرجت من المصعد سارت ببطئ وهي تتبختر تجاه بيتر وشون. نظر اليها الاثنان وقالا بصوت واحد "يا الهي". يبدو انها صارت تبدو جميلة حقاً، ربما كان ذلك بسبب اهتزازات اوتار قلبها.
خرج الثلاثة الى خارج الفندق متجهين الى مراب السيارات. ركبت ماري في الكرسي الخلفي لكن ابنها شون قال لها بحزم،
- اركبي في الامام يا امي بجانب بيتر، وجودك في الخلف لا يليق.
- بل قل العم بيتر يا ولدي.
لكن بيتر تدخل وقال،
- لقد اصبحنا اصدقاء وبامكانه ان يناديني بيتر.
ركبت ماري بجانب بيتر وانطلقت بهم السيارة متوجهة نحو الطريق الزراعي ثم الى المناطق المرتفعة ومن هناك صارت المناظر الساحرة تتهافت على انظارهم فتزيدهم دهشة وانبهاراً. بعد مضي 10 دقائق من السير اثناء سيرهم بالطريق قالت ماري على عجل،
- توقف هنا ارجوك يا بيتر.
- لماذا يا ماري؟ هل نسيتِ شئاً؟
- ساخبرك فيما بعد، توقف فحسب ارجوك.
وقف بيتر بالسيارة فنزلت ماري ورمت كيساً بداخل حاوية للقمامة كانت موضوعة على قارعة الطريق. وعندما رجعت للسيارة سألها بيتر.
- هل رميت تلك الاشياء التي...؟
- نعم، نعم، تفضل واصل السير الى كالپي . ***
بعد 30 دقيقة من السير بين الجبال والمناظر الجميلة الخلابة ظهر للعيان منظر صخرة كالپي الجميل فقال بيتر،
- انظرا الى هذه الصخرة، اليست هي اجمل ما في الدنيا؟
ماري: نعم، نعم، انها حقاً جميلة جداً.
شون: يا الاهي، لم ارى شيئاً بهذا الجمال. انظروا الى القوارب المصفوفة في المرسى، وذلك البلاج الرائع. هل تأذني لي بالسباحة هنا يا امي؟
- كلا حبيبي، فاننا لم نجلب لك معنا ملابس سباحة.
هنا تدخل بيتر وقال،
- وهل هذه مشكلة؟ سنشتري له سروال سباحة ومنشفة من المتاجر المنتشرة بكل مكان.
قاد بيتر السيارة الى احدى المتاجر واشترى لشون سروالاً ازرق مع منشفة زرقاء وعاد مسرعاً.
- الآن ليس لدى والدتك أي حجة كي تحرمك من السباحة يا شون.
- انا احبك يا عمي بيتر اقصد احبك يا بيتر.
حالما وصل الجميع الى ساحل كالپي اوقف بيتر سيارته بمراب مفتوح ثم سار الجميع نحو مقهى كبير امام الساحل. وحالما جلست ماري وبيتر على الطاولة قال شون،
- ساذهب الآن الى الساحل يا امي. اريد ان اعوم.
- لا تبتعد كثيراً يا شون افهمت؟
- انت دائماً تقولين ذلك يا امي. الا تثقين بقدرتي على السباحة؟
- اثق بك تماماً لكني اخاف عليك.
ركض شون باتجاه الساحل كي يعوم. جاء النادل وسألهما عن طلباتهما، فاوصت ماري على عصير برتقال وطلب بيتر عصير كيوي. وبدأت ماري بالحديث،
- هل تعتقد ان عليّ ان اتصل بجون واخبره بان كل شيء يسير على ما يرام كي لا يشك باننا اكتشفنا خطته؟
- كلا يا ماري. انا اعلم ان جون يعتقد انك الآن تقومين بتعذيبي بالغرفة وتحقنيني كل يوم بالمخدر حتى ادمن. دعه يعتقد ذلك، فهذه طبعاً تعتبر جريمة بحد ذاتها لذا هو يفضل ان ينئى على نفسه منها، وهو يفضل ان لا تتصلي به بتاتاً. كذلك لا يريدك ان تتصلي بأليخاندرو الآن حتى لا يحصل الربط بينه وبينك عندما تفتح الشرطة التحقيق بعد "قتلك لبيتر حنا". انا اعتقد ان الافضل لك ان تنسيهما تماماً وتركزي على الاستمتاع باجازتك حالياً. لكننا عندما نعود سيكون لنا تدبير آخر مع جون كي نجعله يدفع الثمن.
- انت انسان ذكي جداً يا بيتر. انا جداً سعيدة لاني وثقت بك وانا اقضي معك اوقاتاً ممتعاً.
- حتى ابنك شون قد اخذ علي وصار يحبني ويثق بي.
- هو لم يثق باي شخص غريب من قبل منذ ان ولد وحتى الآن لانه عاش حياته كلها يتيماً وفاقداً لحنان الاب، وانت استطعت ان تكسب مودته بوقت قصير جداً.
- وماذا عن مودة امه؟
احمر وجهها ونظرت الى الارض ثم ابتسمت وقالت،
- هي ايضاً.
ابتسم بيتر ودنى من شفتيها فاستجابت هي الاخرى ودنت شفتيها من شفتيه ولكن قبل ان يقبلا بعضهما البعض سمعا صراخ وهرج كبير يأتي من البلاج. نظرا الى الساحل فشاهدا شون يستنجد ويصرخ باعلى صوته. انطلق بيتر بكل سرعته نحو جرف الماء ودخل بملابسه ثم قام بالسباحة حتى وصل الى شون فامسك به وسحبه الى صدره وصار يسبح به نحو اليابسة. وعندما وصلا هناك كان شون فاقداً للوعي ولا يتنفس. تجمهر الناس حول الصبي ومعهم ماري، قام بيتر بتطبيق عملية الانعاش CPR ثم قام بتدليك قلبه لمدة دقيقتين. بهذه الاثناء كانت ماري بحالة يرثى لها، فقد كانت تبكي بدموع صامتة وتنتظر مصير ابنها الذي اصبح الآن كله بيد بيتر. بيتر الذي كانت بالامس تعذبه، وهو نفسه الذي جائت الى اسبانيا من اجل الانتقام منه. بعد دقيقتين من التدليك خرج الماء من رئة شون وصار يسعل ويتنفس. صفق الجميع لبيتر فنظر بيتر الى ماري وابتسم. نزلت ماري على ركبتيها وقبلت ابنها ثم قبلت بيتر قبلة طويلة ساخنة كي تعبر له عن شكرها او ربما عن ما تشعر به نحوه الآن من عاطفة مخلوطة بالامتنان، فقد انقذ اثمن ما تملك بهذه الدنيا.
بعد ان هدأت الامور وتفرق الناس، جلس بيتر وماري وابنها شون على الكراسي في المطعم وطلبوا سمك سول الليمون الذي تشتهر به مدينة كالپي كذلك طلب بيتر صحناً كبيراً من سمك الچوبيتوس وجرة كبيرة مثلجة من مشروب السانكاريا. وبعد ان انتهوا من وجبة الطعام اللذيذة قال بيتر،
- ماذا تريدون فعله لباقي اليوم؟
ماري: نعود الى بنيدورم.
بيتر: حسناً وماذا بعد ذلك؟
شون: ابقى انا بالغرفة كي اتفرج على لعبة كرة القدم بين ايرلندا ومنتخب انكلترا. وانت يا سيد بيتر تأخذ امي الى سهرة جميلة للكبار فقط.
وغمز له.
ماري: ويحك يا جون، كيف تقول ذلك؟ هل جننت؟
بيتر: شون لديه الحق، ساخذك في سهرة لمشاهدة استعراض جميل ببنيدورم بالاس.
ترددت ماري قليلاً ثم قالت،
- حسناً انا موافقة.
ركب الثلاثة بالسيارة وهم يغنون الاغاني الايرلندية القديمة ويمزحون طوال الطريق وقد أعْجبت بافكار بيتر لانه بعد ان فرغوا من الغناء صار بيتر يلعب لعبة العواصم مع ابنها شون. كلما يذكر اسم دولة، يسرع شون بذكر اسم عاصمتها وإذا ما اخطأ فانه يحصل على علامة سلبية. اصيبت ماري بالاعجاب والذهول كيف ان ابنها شون اصبح يتعلم الكثير من اسماء العواصم من جراء تلك اللعبة المسلية. فكرت بذهنها وقالت، "حبذا لو كان لشون اباً مثل بيتر كي يثقفه بمثل هذه الالعاب" ثم تذكرت ان بيتر انقذ حياة ابنها اليوم لذلك فإنه انسان عظيم ويستحق كل احترام وتقدير.
وصل الثلاثي الى الفندق بعد غروب الشمس فتوجهت ماري وابنها الى غرفتيهما بينما راح بيتر الى غرفته بالطابق الثالث. وبعد ان اغتسل شون ولبس ملابس نومه تحدثت معه امه وسألته،
- إذا وقع لك شيء ما، ماذا تعمل؟
- اتصل بالاستعلامات يا امي.
- هل تعرف رقم الاستعلامات؟
- اكيد يا ماما انه الصفر.
- هل تريدني ان ابقى معك الليلة؟
- كلا يا امي، اذهبي مع بيتر واستمتعي بوقتك.
- حسناً ولكن بامكانك الاتصال بي وقتما تشاء على هاتفي النقال. لا تتردد ابداً.
- اعرف ذلك يا امي، هيا استعدي ولا تدعي بيتر يذهب من دونك. انا ساتابع المبارات التي ستبدأ بعد قليل.
قَبّلتْ ماري ابنها وبدأت تستعد للخروج فارتدت فستان سهرة اسود طويل يبرز جميع انحنائات جسدها الرشيق وهو عاري الكتفين لكنها وضعت رداءاً فوق كتفها فاصبحت اشبه بعارضات الازياء. بعد ان انتهت من وضع ماكياج بسيط على وجهها، رشت بعض من رذاذ عطر فرنسي ثمين. سألها شون،
- ما اسم هذا العطر يا امي؟
- انه يدعى ايلي صعب.
- اسم غريب يا امي، هل هو فرنسي؟
- ايلي صعب مصمم ازياء لبناني ويسكن بباريس ويعتبر عطره واحداً من اغلى العطور بباريس.
- سوف تجعلين بيتر يقع بحبك فقط عندما يشم هذا العطر يا امي، وربما...
- انت ولد محتال وقبيح. ماذا تعني بربما؟
- ربما يطلبك للزواج يل امي، لماذا تسيئين النية؟
قبلته ثانية وخرجت من الغرفة. حالما انفتحت ابواب المصعد في الطابق الارضي وجدت بيتر ينتضرها. شاهدته وكأنه فارس من الفرسان الابطال وهو يرتدي بدلة سوداء راقية. قال لها،
- انت اجمل بكثير من ان احلم بامرأة تخرج معي وهي... اقصد خارجة اثناء... بل خارجة ومرتدية... المهم، انت تعلمين ما اقصد. ما اقصده هو أنك تبدين جميلة جداً.
- هذه اجمل لعثمة يقع فيها رجل بوصفي. انت ايضاً تبدو وسيماً جداً. تعال كي اتأبطك، حتى لا تسرقك مني اسبانية سمراء جميلة.
خرج الاثنان الى السيارة ففتح لها الباب ثم اقفلها بعد ان جلست وسحبت طرف فستانها الى الداخل. قاد السيارة وتوجه الى مسرح بنيدورم بالاس. هناك لاحظوا ان جميع الذين حضروا الى المسرح لمشاهدة العرض قاموا بلبس ملابس سهرة راقية مثلهم تماماً. اخرج بيتر التذاكر التي اشتراها من الفندق ودخلا الى القاعة. كانت طاولتهما قريبة من المسرح فشاهدا عرضاً رائعاً وصفته ماري بعبارة "استعراض لا تراه الا مرة في العمر".
بعد ثلاث ساعات انتهى العرض وخرج الجميع من المسرح فتوجه الاثنان الى موقف السيارات وعندما صار الاثنان بداخل السيارة. قالت ماري،
- ارجوك بيتر لا تدور المحرك، اريد ان اتحدث معك.
لم يمهلها اي فرصة كي تتحدث معه بل دنى بشفتيه منها فعلمت انه قادمٌ على تقبيلها فاستجابت له بشفتيها وقبلته قبلة ساخنة دامت اكثر من دقيقتين. وعندما توقفا كي يتنفسا الهواء قالت له،
- هذه اجمل قبلة قبلني بها احد بحياتي وانت اكثر مما تتوقع اي امرأة من أي رجل.
- وانت اجمل امرأة عرفتها بحياتي، منذ ان وقعت عيني عليك عندما ركبتِ معي بالمصعد لاول مرة إذ شعرت وقتها بحرارة مشاعري نحوك وتمنيت ان لا يقف ذلك المصعد ابداً.
قبلها قبلة ثانية ثم وضعت رأسها على كتفه وهي تشعر بذلك الحضن الدافئ الذي انحرمت منه طوال السنين العشرة الماضية بعد موت زوجها. بقى الاثنان على هذه الحالة دقائق طويلة حتى استيقضا من سباتهما. نظر بوجهها فابتسم ثم ادار محرك السيارة واتجه الى الفندق، هناك صعد الاثنان بالمصعد وهما يمسكان ايدي بعضهما البعض وعند وصول المصعد الى الطابق الثالث، نظر بيتر اليها وقال،
- تصبحين على خير يا ماري.
- تصبح على خير يا بيتر.
خرج بيتر من المصعد وأفكار كثيرة كانت تدور برأسه، "لماذا لم ادعوها كي تأتي معي الى غرفتي؟ هل فقدت القدرة على الكلام؟ هل اصبحت غبياً لهذا الحد؟ هل رجعت مراهقاً ساذجاً لا يعرف كيف يتعامل مع النساء؟ هل اضرب نفسي بالحذاء القديم؟". اما ماري فقد كانت تراودها افكار مشابهة، "لماذا لم اطلب منه كي ينتظرني بغرفته؟ نحن بالغين وبامكاننا ان نتخذ قراراً من هذا القبيل، وانا لم اعاشر رجلاً منذ ان توفي زوجي ناثان. فما الضرر في ان استمتع بوقتي قليلاً؟ هل ستنتهي الدنيا؟ آه ذلك الحضن الدافئ ذلك الوجه الجميل تلك الشفاه الناعمة. لماذا قلت له تصبح على خير بدلاً من خذني باحضانك وقبلني؟ آه يا غبية"
وقف المصعد بالطابق الرابع ونزلت منه تسير نحو غرفتها ببطئ شديد واضعة حقيبتها على كتفها وحاملة فردتي حذائها بيدها الثانية. فتحت باب الغرفة ودخلت فوجدت ابنها شون نائماً والتلفزة لازالت تعمل. اغلقت التلفزة وغيرت ملابسها ثم ارتدت البجامة ودخلت سريرها. الا انها لم تتوقف عن التفكير ببيتر. بعد دقيقتين او اكثر بقليل نهضت ثانية من سريرها وارتدت معطفاً فوق بجامتها وتوجهت الى الخارج. نزلت الى الطابق الثالث وقبل ان ترفع يدها كي تطرق على بابه تفاجئت مفاجئة كبيرى إذ انفتح الباب بسرعة. يبدو انه هو الآخر كان في طريقه اليها والتقيا امام باب غرفته. وعندما رآها واقفة امامه وهي تبتسم امسك بمعصمها وسحبها اليه وادخلها غرفته قافلاً ورائه الباب ثم سحبها نحوه الى السرير، كان الاثنان يتصرفان وكأن الغد سوف لن يأتي ابداً.
باليوم التالي استيقضت ماري ونظرت الى الرجل الذي بجانبها وهو يحتضنها فاستغربت قليلاً لانها نسيت كيف تستيقض في الصباح وبجانبها رجل، ثم تذكرت انه بيتر، اجل انه بيتر اطيب واحن واحسن انسان بالدنيا. هذا الانسان الذي جائت لتنتقم منه فاتضح انه رجل رائع لقد ابتدأت تكن له الحب والاعجاب الكبيرين. اما ادائه كرجل فقد اثبت بما لا يقبل الشك انه يفوق كل توقعاتها. ارتدت معطفها وهمت بالخروج الا ان صوت بيتر اوقفها قائلاً،
- الى اين انت ذاهبة؟ هناك اموراً عالقة لم تنتهي بعد.
- الامور بامكانها ان تنتضر الى وقت لاحق انا ذاهبة الى غرفتي كي اطمأن على شون.
- حسناً سنتقابل في مطعم الفندق كي نتناول الافطار سوية بعد نصف ساعة.
- بل ساعة ارجوك، لاني اريد ان اغتسل.
- حسناً ساعة إذاً.
دخلت ماري الى غرفتها ونظرت الى السرير فلم تجد ابنها شون فتوقعت ان يكون بالحمام. وعندما فتحت باب الحمام لم تجد احداً هناك. وقتها تيقنت ان ابنها شون قد اختُطِفْ. رفعت الهاتف على بيتر وقالت،
- انجدني يا بيتر. شون ليس بالغرفة، ربما اختُطِفْ.
الى اللقاء بالجزئ الثاني والاخير من هذه القصة.
4760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع