بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - جرائم بقلب لندن
رجع كبير المحققين جون باركر الى منزله وهو يعاني من تعب مفرط، فهو لم يغمض عينيه سوى اربع ساعات خلال الثمانية والاربعين ساعة الماضية لانه كان منهمكاً بقضية الرجل العنيف الذي قام بضرب زوجته حتى الموت. استمر البحث عنه سنة كاملة وبآخر المطاف تمكن كبير المحققين جون من معرفة مكانه بعد الكثير من التحقيق وغالونات من القهوة اثناء جمع الادلة والبيانات حتى استدل عليه مؤخراً فنصب له كمين واوقع به حيث قيد الى قبضة العدالة لينال جزائه. والآن هو في غاية السعادة لانه سينعم بنوم هانئ وسيبتعد عن جو العمل لمدة لا تقل عن اسبوعاً كاملاً كي يريح اعصابه التي صارت تنفجر لابسط الاسباب سيقضي اجمل اسبوع مع عائلته التي اهملها كثيراً. رجع الى منزله الساعة العاشرة ليلاً فوجد زوجته واولاده قد خلدوا الى النوم جميعاً. دخل الى غرفته في الطابق العلوي فوجد زوجته غارقة بنوم عميق. لم يشعل الاضواء كي لا يوقظها، بدلاً من ذلك دخل الغرفة وهي مظلمة وخلع ملابسه بهدوء تام ثم تسلل الى السرير. "سانام 48 ساعة متواصلة ولن اسمح لاي شخص ان يزعجني مهما كانت الاسباب"
بعد اربع ساعات اي في تمام الساعة الثانية من صباح اليوم التالي رن جرس هاتفه النقال. لم يتمكن من الرد عليه لانه كان يشعر وكأنه قد حقن بمخدر من شدة التعب الا ان زوجته ردت على المكالمة ونادته قائلة،
- استيقظ يا جون، انها مكالمة من العمل.
- اخبريهم بانني ميت.
- يقولون ان هناك جريمة قتل جديدة.
رفع رأسه مباشرة ثم اخذ الهاتف من زوجته وقال وهو يدعك عينه الشمال،
جون : الو، انا المفتش جون.
ساندرا بيترز: سيدي هناك جريمة وقعت في حديقة هولند بارك. الضحية امرأة بالاربعين من عمرها. لم نعثر لها على اي اوراق تثبت هويتها. ربطت على شجرة، لقد مثل بجثتها بشكل وحشي.
جون : هل وصل الطبيب الشرعي مكدرمت؟
ساندرا بيترز: اجل سيدي هو وفريقه الآن يحققون بمسرح الجريمة ويجمعون الادلة.
جون : انا في الطريق.
دخل المحقق جون الى الحمام واخذ (دوش) سريع ثم ارتدى ملابسه وخرج قاصداً مسرح الجريمة. تمكن من ادخال سيارته بمنطقة محضورة لانه يعلم ان عليه الوصول باسرع وقت ممكن قبل ان يلوث احد الشرطة المستجدين مسرح الجريمة فتضيع الادلة وتصعب مهمة التحقيق فيما بعد.
ساندرا بيترز: سيدي، الطبيب لازال يفحص القتيلة.
جون : الم تجدي شخصاً يتمكن من التعرف على القتيلة؟
ساندرا بيترز: كلا سيدي. هاهو اندرو مكدرمت بامكانك ان تسأله عنها؟
جون : حدثني يا اندرو؟ ماذا وجدت لحد الآن؟
الطبيب الشرعي اندرو: القتيلة انثى ما بين 40 - 45 سنة سمراء ترتدي الحجاب، الطول 165 سم سبق لها ان اصيبت بسرطان الثدي لان ثديها الايسر قد تمت ازالته بعملية جراحية. لديها شامة على خدها الايسر. يبدو انها تعرضت لكثير من التعذيب قبل الوفاة فالآثار الطازجة لازالت واضحة على جسدها. تم تكبيلها بوثاق بلاستيكي تربط به الاسلاك الكهربائية من النوع الاحترافي طوله 20 بوصة.
جون : ماذا تقصد بالنوع الاحترافي؟ وهل هناك نوع غير احترافي؟
الطبيب الشرعي: ان روابط الاسلاك البلاستيكي كثيرة ومتنوعة الالوان والاشكال والاحجام ويستعملها كل الناس. لكن المحترفين فقط هم من يستعملون الروابط التي بها فسحة مستطيلة لكتابة معلومات الربط، والمستطيل هو عبارة عن قطعة بلاستيكية ممتدة تستعمل من قبل المحترفين عندما يربطون حزمة اسلاك كبيرة كأن تكون لعمارة سكنية بها مجاميع كثيرة من الاسلاك تمرر الى الشقق والحجرات بتلك العمارة. لذا فهم يكتبون اسم السلك الفلاني لديه الرقم الفلاني ويذهب الى الشقة الفلانية وهذا الرقم يظهر على خارطة العمارة بنفس الرقم كي يستدل به على مصدر السلك من اين اتى والى اين ذهب. هو اغلى ثمناً من الرابط الاعتيداي الذي يجمع حزمة بسيطة من الاسلاك.
جون : شكراً اندرو، هذه معلومة مهمة للغاية ولكن، هل تستطيع ان تخبرني عن ساعة الوفاة التقريبية؟
الطبيب الشرعي: ليس بعد سيدي ولكن ربما من درجة حرارة الجثة استطيع تقدير ساعة الوفاة، فهي ما بين العاشرة مساءاً والثانية من صباح اليوم.
جون : هل تم الاعتداء عليها جنسياً؟
الطبيب الشرعي: من الصعب الجزم الآن ولكن الفحص المخبري سيبين ذلك بشكل قطعي.
جون : من الذي عثر على الجثة؟
ساندرا بيترز: احد المتسكعين سيدي، كان نائماً بالحديقة، اسمه مالكولم هاموند.
جون : مالكولم هاموند، مالكولم هاموند! همممم لقد سمعت بهذا الاسم من قبل ولكن اين؟ اين هو يا ساندرا؟ اريد التحدث معه.
ساندرا بيترز: لقد كان هنا قبل قليل، لكنه يبدو انه تبخر.
صرخ جون باعلى صوته وهو يغلي غضباً،
جون : تبخر؟ ماهذا العمل السائب؟ كيف تدعين شاهداً مهماً مثل هذا يذهب؟ يجب ان تفتشي عنه الآن. ليس غداً ليس بعد الغد. بل الآن، افهمت؟
ساندرا بيترز: اجل سيدي، حالاً، سافتش عنه.
انطلقت العريفة ساندرا وتحدثت مع احد زملائها كي يركضوا باتجاهين مختلفين بحثاً عن الشاهد المتسكع. وبعد نصف ساعة رجعت العريفة متأبطة الرجل المتسكع وقد وضعت الاصفاد على معصميه وقالت،
ساندرا بيترز: لقد عثرت عليه سيدي.
جون : هل تعتقدين انه هو الجاني؟
- كلا سيدي انت طلبت مني ان احضره وقد احضرته لانه شاهد.
- وهل نضع الاصفاد على الشهود يا ساندرا؟
- كلا سيدي.
- هل قاومك عندما احضرتيه الى هنا؟
- كلا سيدي.
- اذاً بحق السماء. لماذا وضعت الاصفاد على معصميه؟ افتحيها حالاً.
- آسفة سيدي. ها قد فتحتها.
جون : ما اسمك يا سيدي؟
- اسمي مالكولم هاموند.
- هل شاهدت الجريمة وقت وقوعها؟
- كلا سيدي. كنت اسير بالحديقة ابحث عن مكان انام فيه عندما عثرت بساق المرأة، اقصد القتيلة.
- وماذا فعلت بعد ذلك؟
- حاولت ان اعرف إن كانت حية ام ميتة. لكني عندما تحسست باصبعي على رقبتها لم اجد فيه نبض. فعلمت وقتها انها قد فارقت الحياة.
- ها! وماذا فعلت بعد ذلك؟
- توجهت نحو بوابة الحديقة كي استدعي الشرطة. وعندما وجدت بوبي يسير بالشارع على الرصيف البعيد ناديته واخبرته بما شاهدت لكنه اهملني ولم يعر لما قلت اي اهمية.
التفت جون الى العريفة ساندرا وامر،
جون : اريد التحدث الى ذلك البوبي.
ساندرا بيترز: حسناً سيدي، ساجده.
نظر جون الى مالكولم هاموند ثانية وقال،
- ها، ماذا فعلت بعد ذلك؟
- ركضت الى البوابة الثانية وصرت ارمي بالحجارة على المحلات عبر الشارع. وعندما كسرت احدى زجاجات المطاعم هناك، طارداني الشرطيان الذان اهملاني اول مرة كي يلقيا القبض علي. وقتها هربت وجريت الى هنا فشاهدوا الجثة وتركوني بحالي.
جون : ان اسمك ليس غريب علي، اين ومتى سمعت به؟
مالكولم هاموند : يا جون كنت دائماً تلميذ ذكي وشاطر لكنك كنت تعاني من النسيان. يجب عليك ان تركز على الفيزياء النيوتونية.
جون : يا الاهي، لا اصدق، الدكتور هاموند؟ انت الدكتور هاموند استاذي لا غير؟ كيف؟ واين؟ وماذا حل بك؟
مالكولم هاموند : القصة طويلة ويصعب شرحها، لكني سعيد لاني التقيتك يا جون. فانت كنت تود ان تصبح مهندساً. لكنك اتجهت الى اتجاه آخر واصبحت شرطياً مع الاسف.
جون : قصتي ايضاً طويلة ويطول سردها. على العموم، لدي سؤال اخير بما يخص القضية. اين استطيع ان اجدك؟ وهل لديك عنوان ثابت؟
مالكولم هاموند : بالتأكيد يا جون، انا دائماً انام جنب خامس شجرة من البوابة الرئيسية هنا. لا تحاول ارسال رسائل، لان ساعي البريد لا يوصلها.
ضحك جون وودع استاذه الذي درسه بالجامعة والذي حطت به الدنيا وصار مشرداً الآن وليس له مأوى سوى هذه الحديقة العامة. رجع المحقق جون الى مركز شرطة بادنغتون گرين واستدعى كل فريق التحقيق حيث خطب بهم الآتي،
"كما تعلمون، اليوم وقعت جريمة قتل لامرأة ربطت ايديها برابط للاسلاك الكهربائية. لم يصلنا تقرير المعمل الجنائي بعد كي نرسم صورة واضحة عن القضية، لكني اريد الفريقZ ان يشترك بالتحقيق لان القضية تحمل بعض الحساسية. فمن الواضح ان الضحية مسلمة وذلك لانها ترتدي حجاباً، لذلك نحن لا نريد هز قارب العنصرية. لذا اريد المحققين علي شاه وحسن مصطفى الانضمام الى فريق التحقيق معنا لانهما مسلمان وسيساعداننا بمعلوماتهما، ولذلك ساطلب من التنين العجوز ان تعيرني اياهم كي ينضموا الى الفريقZ حتى نغلق ملف القضية باسرع وقت ممكن ونلقي القبض على الجاني"
رئيسة قسم الشرطة زوي : التنين العجوز توافق وتعطيك حسن مصطفى، لكن علي شاه مشغول بقضية سرقة بنك باركليز بشارع بوند ستريت.
جون : حسناً، سنكتفي بحسن مصطفى. شكراً لك زوي. والآن، هل لديكم اي سؤال يخص القضية؟
ديفد رودز : متى ينتهي المختبر الجنائي من اعداد التقرير؟ فبدونه سوف لن نتمكن من البدء بالتحقيق.
جون : بل يمكنك البدء بالتحقيق يا شاطر. اريدك ان تبحث بتقارير المفقودين من الآن. لعل شخصاً قام بتقديم بلاغ عن الضحية المحجبة.
قال ذلك وخرج مسرعاً من قاعة الاجتماعات. ركب سيارة الشرطة بصحبة شريكته ساندرا متجهين الى مسرح الجريمة اي حديقة هولند بارك.
ساندرا : لماذا نذهب الى مسرح الجريمة يا جون؟
اريد ان اعاين المكان بالنهار، فليلة البارحة كانت مظلمة والمطر زاد في الطين بلة.
ركن جون سيارة الشرطة بالقرب من بوابة الحديقة الرئيسي وترجل مع شريكته ساندرا باتجاه مسرح الجريمة فوجد شرطياً واقفاً بالقرب من المكان فذهب اليه وسأله:
جون : هل هناك من جديد؟
الشرطي : كلا سيدي، فقط امسكنا بمتسكع كان يرمي علينا الحجارة بالامس وكسر زجاج احدى المحال التجارية فنقلناه الى التوقيف بتهمة الاعتداء على المال الخاص.
جون : ايها الاحمق، هذا الرجل كان يريد جذب انتباهكما كي يجلبكما الى موقع الجريمة لانكما لم تستجيبا لندائاته. والآن اخبرني، لاي مركز نقلتموه؟
الشرطي : نقلناه الى مركز بورتابيلو رود سيدي.
جون : يجب ان يعطوكم اختبار الغباء قبل ان يقبلوكما بالشرطة. تخلفي هنا يا ساندرا، اريدك ان تمشطي المكان جيداً عسى ان تعثري على ادلة مهما كانت صغيرة وتبدو غير ذات اهمية، انا ذاهب الى مركز بورتابيلو رود.
رجع الى سيارته وقادها الى مركز بورتابيلو رود حيث دخل مسرعاً وقال للعريف هناك،
جون : انا المحقق جون باركر وهذه هي شارتي. ارجوك اخرج المحتجز الذي أتِيَ به من هولند بارك.
العريف : اتقصد ذلك المتسكع؟
جون : اجل ذلك المتسكع. احضره فوراً.
دخل العريف الى الحجز وعاد بعد خمس دقائق متأبطاً مالكولم هاموند وهو مكبل بالاصفاد. فَكَ وثاقه وسلمه الى جون. اخذه جون وخرج به خارج المركز ثم سأله،
جون : هل انت جائع يا دكتور؟
مالكولم : دائماً.
جون : ساخذك الى مطعم الآن. هل لديك مكان معين تفضله؟
مالكولم : بالحقيقة انا افضل مطعم فندق الساڨوي لكني اوافق على اي واحد بالوقت الحالي لاني جائع جداً خصوصاً وانك انت الذي ستدفع الفاتورة.
ضحك الرجلان وركبا سيارة جون باتجاه احدى مطاعم السمك والبطاطا الشعبية. طلب مالكولم قطعتي سمك كبيرتين من نوع كود وكمية كبيرة من البطاطا المقلية وطلب معها زجاجة عائلية من الكوكا كولا. ثم سأل جون،
- وانت، ماذا ستطلب؟
- ساطلب قهوة سوداء بدون سكر.
- الستَ جائعاً؟
- كلا يا مالكولم. والآن اخبرني ماذا حل بك؟ لقد كنت من المع اساتذتنا بالجامعة فانت حائز على شهادة الدكتوراه بالفيزياء النووية فكيف وصلت الى هذه المرحلة؟
- لم اعدت مثيراً وجذاباً لزوجتي فصارت تحب رجل آخر اصغر سناً، لذا اكثرت من تناول الكحول حتى اصبحت مدمناً عليه. فخسرت بيتي ثم طردت من عملي وسارت اموري نحو الاسوأ حتى انتهى بي الامر في الشارع كما ترى.
- والآن ماذا عن ادمان الكحول؟
- لقد شفيت منه، لا لرغبة مني ولكن لاني لا املك ثمن الكحول الذي اريد تناوله. انا اجد صعوبة بان الاقي ثمن طعامي فما بالك بالكحول!
- حسناً انا اشعر انك بالامكان...
هنا جاء اتصال لجون على هاتفه النقال فاعتذر من استاذه وتحدث بالهاتف قائلاً،
جون : المفتش باركر.
الطبيب الشرعي : التقرير اصبح جاهزاً يا جون. هل تستطيع ان تأتي الى المختبر الآن اريد ان اتحدث معك عن بعض التغاصيل؟
جون : اعطني ساعة فقط وسأكون عندك.
اغلق الهاتف مع الطبيب الشرعي وقال لاستاذه،
- يجب ان اتركك الآن يا دكتور هاموند.
- نادني مالكولم. حسناً بامكانك ان تمر علي بمكتبي وقت ما تشاء. تذكر انه بعد سابع شجرة بالحديقة.
- لازلت تتحلى بروح النكتة يا دكتور، وداعاً.
ركب جون سيارته وانطلق باسرع ما عنده باتجاه مركز الشرطة مشغلاً صفارة الانذار كي يطلع على تقرير الطبيب الشرعي. دخل المختبر على عجل وسأل الطبيب الشرعي،
- هل لديك جديد يا اندرو؟
- اجل جون، تعال بجانبي. اولاً هذه المرأة لم تتعرض للاعتداء الجنسي، لذا بامكاننا ان نزيل شكوك الاغتصاب من قائمتنا. ثانياً، قام المعتدي بتعذيبها بقسوة مفرطة بينما كانت مكبلة اليدين والقدمين بتلك الروابط الحمراء. ثالثاً بعد ان انتهى من تعذيبها، قام بخنقها بكيس بلاستيكي حتى ماتت من جراء الاسفكسيا. تحليلي هو اما ان يكون الفاعل شخص لديه معرفة بالضحية ويكرهها بشكل كبير. او...
- او ماذا يا اندرو؟ تكلم!
- او انه (سايكوباث) يستمتع ويتلذذ بعملية التعذيب ثم يقتل الضحية، مما يشير الى انه سيكرر العملية بضحية اخرى لاحقاً.
- هل هناك ما يدل على انه فعلها لاسباب لها علاقة بالدين؟ لا تنسى انها عثر عليها وهي محجبة.
- لا اعتقد ذلك. ولكن انا لست بداخل دماغ القاتل فانا اتعامل مع الادلة الملموسة وحسب.
- اصبحت الصورة واضحة تماماً الآن. وهل تمكنت من رفع بصمات اصابع الضحية كي نستدل على شخصيتها؟
- اجل، الضحية تدعى جميلة شفقة الله، باكستانية الابوين، مولودة ببريطانيا، تحمل، اقصد كانت تحمل شهادة الماجستير بالكيمياء، لم يسبق لها الزواج. وهذا هو ملفها من مستشفى هامرسمث اين خضعت لعملية ازالة الثدي الايسر. الملف فيه عنوان سكنها وعملها.
- شكراً اندرو، لقد كان هذا تقريراً وافياً. إذا اكتشفت اشياء اضافية اخرى فارجوك اتصل بي فوراً.
خرج جون على عجل وهو يشعر انه قد توصل الى معلومات كافية لحل التسائلات المستعصية. فالآن لديه اسم وعنوان للضحية وقريباً سوف يعرف المزيد عن ملابسات تلك القضية. اخرج هاتفه النقال واتصل بمساعدته المحققة العريفة ساندرا وقال،
- ساندرا، اجمعي لي الفريق Z فوراً لاني حصلت على معلومات مهمة من المعمل الجنائي. ساكون عندكم بـبادنغتون گرين خلال نصف ساعة فقط وسنبدأ خطة عمل تدفع قضيتنا الى الامام.
- الفريق مجتمع الآن فعلاً وهو في انتظارك سيدي.
دخل جون مركز الشرطة بعد 40 دقيقة وبيده ملف التقرير الجنائي فابتدأ بالحديث امام الفريق الذي ينتظره بفارغ الصبر،
جون : اليوم سنبدأ العمل الفعلي لان لدينا الكثير من المعلومات عن القتيلة. سامرر عليكم نسخ من التقرير الجنائي ثم نبدأ بالعمل.
بعد ان وزع النسخ على الفريق كاملاً قال،
جون : يا ديفد ستقوم بزيارة لمحل عمل القتيلة جميلة والتحدث مع زملائها. اما انت يا حسن فستقوم بالتحقيق من بيت لبيت في منطقة سكن جميلة بمنطقة ساوث هول علماً ان غالبية جيران جميلة هم من الهنود والباكستانيين المسلمين. اما انا وساندرا فسنزور عائلة الضحية ونخبر ذويها بوفاة ابنتهم. هيا الوقت يداهمنا ونريد ان نحل القضية باسرع وقت تحركوا.
رئيسة قسم الشرطة : بل ليتوقف الجميع وليتجمد الكل في محله. لدي خبر مهم اريد ان اتقاسمه معكم. جائنا قبل قليل خبر العثور على جثة امرأة بمنطقة ميدافيل تدعى اليزابيث وهي زوجة ثلاثينية وام لطفلين ترتدي صليباً ذهبياً كبيراً على صدرها.
جون : الا تستطيعين اعطاء هذه القضية الى فريق ثاني؟ فنحن لدينا ما يكفينا بهذه القضية.
رئيسة قسم الشرطة : كنت سافعل ذلك لولا ان الضحية الجديدية عثر عليها بحديقة صغيرة عامة امام العمارة التي تسكن بها وتدعى (ادا كورت) وهي مكبلة برابط اسلاك احمر احترافي طوله 20 بوصة وقد تعرضت للتعذيب الشديد قبل ان تفارق الحياة.
تسمر جميع اعضاء فريق Z بمكانهم وصاروا ينظرون الى بعضهم البعض بافواه مفتوحة وعيون محدقة ووجوه شاحبة فقد اصابتهم حيرة لم يروا لها مثيل، هم يعلمون جيداً ان هذه المعلومة الاخيرة قد غيرت قوانين اللعبة كلها. فهي تدل على ان الجاني واحد وليس هناك اي احتمال كي تكون مصادفة. قد يكون الجاني قاتلاً متسلسلاً وهذا يعني ان القضية اخذت بعداً اكبر يتطلب فريق اكبر وميزانية فلكية. فالقتلة المتسلسلون يصعب تتبعهم والامساك بهم لانهم يتسمون بالذكاء المفرط.
حسن مصطفى : اليست هذه العمارة التي قتلت فيها احدى الممثلات العربيات المدعوة سعاد حسني؟
رئيسة قسم الشرطة : اجل انها نفس العمارة ولكن ربما يكون الامر مصادفة.
شعرت زوي ان وقع هذا الخبر قد ادى الى صدمة كبيرة بنفوس اعضاء الفريق Z فاردفت قائلة،
رئيسة قسم الشرطة زوي : اريد جميع اعضاء هذا الفريق التوجه الى مسرح الجريمة بعد انهاء اعمالهم التي وزعها عليكم جون بالقضية الاولى. بالاضافة الى ذلك فقد اتصلت بسكوتلانديارد كي يبعثوا لي (بروفايلير) يساعدنا في التحليل النفسي. فاخبروني ان البروفايلير السيد جيمس اندروز سيتوجه مباشرة الى مسرح الجريمة صباح هذا اليوم. هيا تحركوا الآن.
انطلق جميع اعضاء الفريق بستة سيارات متوجهين الى جهات مختلفة فالبعض ذهب الى ميدافيل لمعاينة الجريمة الجديدة التي حملت معها عبئاً كبيراً عليهم كونها تشير الى قاتل متسلسل والبعض اكمل التحقيق بالقضية الاولى. كان على رأس الواصلين الى مسرح الجريمة الجديدة، فريق الطب الجنائي بقيادة الطبيب الشرعي اندرو مكدرمت وبصحبته اربعة من مساعديه. ومن جهة اخرى وصل جيمس اندروز البروفايلر الذي بعثته سكوتلانديارد للمساعدة في القضايا النفسية. توجه المحقق جون نحو العضو الجديد بالفريق المحلل النفسي ومد يده قائلاً،
جون : انا المفتش جون باركر من مركز شرطة بادنغتون گرين ورئيس التحقيق بهذه القضية.
جيمس : انا جيمس اندروز بروفايلر من سكوتلانديارد. يبدو اننا سنرى الكثير من بعضنا البعض بهذه الايام لذا علينا تقاسم المعلومات بشكل جيد.
جون : ماذا تبين لك من الوهلة الاولى؟
جيمس : يبدو ان القاتل ذكي جداً لانه استعمل فن التضليل العرقي والديني في الجريمة الاولى. فقد اختار ضحية سمراء مسلمة بالبداية ثم اختار بيضاء مسيحية في الجريمة الثانية وبذلك فانه يريد ان يخبرنا ان لا ننظر الى العامل العنصري او الديني وهذا دليل مهم بالنسبة لي.
جون : وكيف ذلك؟
جيمس : انه يعمل على ذر الرماد في العيون. لذلك يجب ان نبقي خياراتنا مفتوحة. وان لا نقفز الى الاستنتاجات السريعة.
جون : حسناً جيمس، ساتركك تكمل تحقيقك الآن. شكرا على تقاسم افكارك.
انتقل الى مساعد الطبيب الشرعي وسأله،
جون : هل هناك اي بصمات لاصابع الجاني في مسرح الجريمة اليوم؟
مات فلتشر : كلا سيدي، كالعادة يبدو ان الجاني كان يرتدي قفازاً ولم يمس اي شيء يدلنا على هويته. لكننا وجدنا بعض الدم تحت اضافر المجني عليها. ربما تكون قد خدشت الجاني عندما كان يعذبها لذلك قمت بازالة عينات من هذا الدم وساحلله بالمختبر عسى ان اجد بصمة الحمض النووي DNA.
جون : هذا رائع يا مات. انا لا احتاج ان اذكرك باننا ننتظر تقرير الطب الشرعي باسرع وقت ممكن فان الجاني يقوم بالقتل كل يوم وهذا يعني اننا سنحصل على ضحية جديدة غداً.
مات فلتشر : ساعمل ما بوسعي سيدي وساخبر مديري اندرو مكدرمت كذلك كي نسرع بالتحقيق.
رجع المحقق جون الى بيته منهك القوى بعد ان اكمل كل الاجرائات واعطى اوامره لفريقه فرداً فرداً كي تسير عجلة التحقيق في القضيتين المفتوحتين على مصراعيهما حالياً الا وهي قضية جميلة و قضية اليزابيث.
في بيته دخل جون من باب المطبخ الخلفي الذي يطل على مراب سيارته فلاحظ هدوءاً قاتلاً. تجول في الطابق الارضي ونادى زوجته واولاده الا ان احداً لم يجبه. ابتدأ القلق يدب في قلبه فصعد الى الطابق العلوي ودخل غرفة نومه فوجد رسالة وضعتها زوجته هيلين على السرير تقول فيها،
عزيزي جون، لقد قررت ان ارحل انا واولادي الى بيت والدتي لانك اصبحت لا تسكن معنا وان الاولاد صاروا يسألوني عنك كثيراً لكني سئمت من الاعذار التي اخترعها كل مرة وسوف لن نعود الى هذا البيت ثانية حتى تقرر ان تختار ما بين عملك وبيتك. يجب عليك الاستقالة من وظيفتك او التخلي عن عائلتك، الخيار لك انت وحدك. هيلين.
وضع الرسالة على منضدة بالقرب من السرير وارتمى كالقتيل على وجهه فنام نوماً عميقاً. استيقظ باليوم التالي مبكراً ولبس ملابسه ثم ركب سيارته متجهاً الى مركز شرطة بادنغتون گرين. عند الوصول هناك قابلته مديرته زوي جاكوبسن إذ قالت له،
- جون، تعال الى مكتبي، اريد التحدث معك.
تبعها جون الى مكتبها ثم جلس على الكرسي وقال،
- ماذا هناك يا زوي
- اتصل بنا اللواء باركر، انه مستاء جداً. يقول ان وزير الداخلية ابتدأ بممارسة الضغوط عليه. يريد ان تحل قضية رجل الاسلاك باسرع وقت.
- هذا هراء وانت تعرفين ذلك. ليس هناك عصىً سحرية نقوم بتحريكها فنكشف عن القاتل المتسلسل. قضايا من هذا النوع قد تدوم ايام او اشهوراً او حتى سنين.
- لقد اخبرته ذلك لكنه قال بان القاتل قد ضرب مرتين خلال يومين ونحن لا نريده ان يفلح للمرات القادمة. كلما نفذ جريمة جديدة كلما ازداد الضغط عليه وعلينا في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعية. يجب ان نعمل 24 ساعة باليوم. يجب ان ننسى عوائلنا لهذه الفترة الانتقالية.
- اسمعي يا زوي، لقد تخلت عني هيلين بالامس وتركت لي هذه الرسالة، انظري.
اعطى جون رسالة زوجته الى مديرته زوي فقرأتها على عجل وقالت.
- هذا عظيم. ان مشكلتك قد انحلت. ساقوم بنفسي بارضائها واعادتها للبيت عندما ننتهي من هذه القضية اللعينة صدقني. ربما ذلك افضل لك لانك حر الآن، اريدك ان تكرس كل وقتك للتحقيق.
- اريد ان اتحدث مع الفريق الآن. سامحيني، ساكلمك فيما بعد.
خرج جون من مكتب مديرته زوي وجمع الفريقZ وسألهم،
جون :هل هناك اي تقدم اي معلومات اي اشارات اي تحليلات؟
حسن مصطفى: لقد حلل المخبر الجنائي الرابطين الحمر في الجريمتين الاولى والثانية وقد اتضح انهما من مصنع واحد وقد خرجا من دفعة تصنيع واحدة.
جون : وكيف ستفيدنا تلك المعلومة يا حسن؟
حسن مصطفى: اخبرنا مهندس من المصنع الذي صنع تلك الروابط بان تلك الارسالية لم تباع الا لشركة واحدة فقط تدعى راديو سبيرز RS والارسالية شحنت الى مدينة مانشستر. اتصلت براديو سبيرز بمانشستر فاخبروني انهم باعوا منها لشركة صيانة واحدة بلندن فقط تدعى فينكس وثلاث زبائن متفرقين كلهم يعيشون هنا بلندن. قاموا بارسال اسم شركة الصيانة وبياناتها وبيانات الزبائن الثلاثة بالبريد الالكتروني. هذه هي نسخة من البريد الالكتروني وبها الاسماء والعناوين.
جون : انت رجل الساعة يا حسن. شكراً جزيلاً، استمر بابحاثك المميزة رجاءاً.
نظر الى مساعدته ساندرا وقال، "هيا معي نزور الشركة فينكس يا ساندرا"
خرج الثنائي مسرعين الى مراب السيارات وعندما ركبا السيارة قبّل جون مساعدته قبلة طويلة ساخنة وقال،
- لقد افتقدتك كثيراً يا ساندرا. لدي خبر جيد سيفرحك كثيراً.
- انا افتقدتك اكثر يا حبيبي. خبرني ما هو الخبر؟
- لقد تركت زوجتي هيلين المنزل واخذت الاولاد معها وسوف لن تعود ابداً. يبدو انها تريد ان تطلقني. بامكاننا ان نبات هذه الليلة ببيتي لان بيتي خالي.
- إذا اردت مني المبيت عندك الليلة فيجب ان اجد عذراً مقنعاً لامي كي تسمح لي بالمبيت خارج المنزل، والا فانها ستشك بالامر.
- اخبريها بالقضية التي نحقق بها الآن. انها تستحق التضحية، اليس كذلك؟
- حسناً جون. اتمنى ان لا تكشف امرنا لانها ستزعل مني كثيراً خصوصاً وانها عاجزة عن السير وتجلس على كرسي متحرك. والآن هيا اسرع يجب ان نذهب الى شركة فينكس.
بعد نصف ساعة اوقف المحقق جون محرك سيارته امام معمل شركة فينكس ونزل مع مساعدته ساندرا. صعدا الى الطابق الاول حيث يوجد مكتب مدير الشركة. رحب المدير بهما وطلب منهما الجلوس. وفور جلوسهما سأله جون،
- اريد ان اعرف اذا استلمتم روابط اسلاك حمراء مع فسحة للملصق باللون الاحمر.
- اجل استلمناها من راديو سبيرز وقد استعملنا البعض منها في عملنا ولكن. ما هو الحجم الذي تريد الاستفسار عنه؟
- حجم واحد فقط وهو 20 بوصة.
- نعم استلمنا 5 و 7 و 15 و 20 بوصة. استعملنا 5 و 7 و 15 لكننا لم نفتح العلب التي تحتوي على 20 بوصة.
- هل بامكاني ان اراها؟
- بكل تأكيد تفضل معي.
خرج المدير ومعه جون وساندرا الى مخزن الشركة وبعد ان فتح لهم مأمور المخزن الباب طلب المدير ان يؤخذوا حيث الصناديق المطلوبة. عرض عليهم مأمور المخزن 4 صناديق كبيرة مغلقة بشريط راديو سبيرز. فتح جون الاوراق التي بحوزته والتي تحتوي على ارقام وفواتير الارسالية فوجدها مطابقة تماماً ثم سأل المدير،
- هل بامكانك فتح صناديق ال 20 بوصة امامي؟
- بكل سرور.
فتح مأمور المخزن الصناديق الاربعة فعثروا بداخلها على الروابط الحمراء وهي لازالت كما هي، لم يمسها احد بعد وباكياسها البلاستيكية الاصلية. اخرج واحدة منها وقام بقياسه امام جون فوجده بنفس الطول اي 20 بوصة.
مأمور المخزن : خذ قسه بنفسك سيدي.
اخذ جون الرابط ووضعه بمحاذاة شريط القياس فوجد طوله 20 بوصة تماماً.
المدير : بامكانك ان تحتفض بواحد من هذه الروابط ان شئت.
جون : سافعل ذلك. شكراً لك سيدي.
خرج جون وساندرا من المعمل وقد تأكدوا ان شركة فينكس ليس لها أي علاقة بالجريمة نهائياً لان جميع الروابط ذات الـ 20 بوصة لم يستعمل منها اي واحد. لم يبقى سوى الزبائن الثلاثة المنفردين المسجلين لدى شركة راديو سبيرز. نظر جون الى ساندرا وسألها،
- ما هي عناوين الزبائن الثلاثة يا ساندرا؟
- الاول يدعى فاثركيل، يسكن بمنطقة كنتش تاون.
- حسناً سنقصده هو الاول.
قاد جون سيارته الى شمال لندن متوجهاً الى منطقة كنتش تاون. وعندما وصل الى العنوان الذي دله عليه جهاز الملاحة الآلي GPS اوقف السيارة ونزل مع مساعدته. ضغط على جرس الباب فسمع من وراء الباب نباح كلب عالي ثم بعد دقيقتين او اكثر بقليل فتح الباب رجل في الستينات من العمر وقال،
- نعم! ماذا تريدان؟
ساندرا : نحن من الشرطة نريد ان نتحدث مع السيد فاثركيل.
- انا اسمي فاثركيل تفضلا، ما الامر؟
جون : ما هو عملك سيدي؟
- انا اقوم باعمال التصليح والصيانة الكهربائية بشكل شخصي وليس عن طريق مكتب او شركة، انا متقاعد منذ اكثر من 10 سنوات. عمري 66 سنة واسكن وحدي بهذا البيت.
جون : هل لنا ان نرى ورشتك الخاصة بالبيت؟
- بكل سرور سيدي، تفضلا.
قادهما فاثركيل الى الورشة وصار يشرح لهما عن آلية عمله وكيف انه يضع كل شيء بمحله كما كان يعمل عندما كان بالجيش فقد تعلم ذلك النظام منذ ان كان جندياً ثم انتقل الى الاعمال الحرة بعد ان تسرح من الجيش.
ساندرا : هل لنا ان نشاهد باقي منزلك سيدي؟
- اجل تفضلا. بامكانكما التجوال بكل البيت كما تشاؤون ولكن دعني اربط الكلب اولاً لانه شرس بعض الشيء ولا يحب الاغراب.
اخذ الكلب من طوقه وربطه بفناء البيت ثم عاد وقال،
- بامكانكما التجوال كما يحلو لكما. ساكون انا في الصالة اتناول وجبة غدائي.
تفحص جون الكلب فعرف انه كلب من نوع (روت وايلر) وهو من الانواع الشرسة لذلك لم يتحرك حتى شاهد صاحبه فاثركيل يربط سلسلته باحكام في فناء الدار.
صعدت ساندرا الى الطابق العلوي من الدار وتجولت بغرفة نوم السيد فاثركيل ثم دخلت الى حمامه وفتحت كابينة الادوية والصوابين ثم فتشت الغرفة الاحتياطية ولم تجد اي دليل يثير الشكوك باي من الغرف التي فتشتها. اما جون فتجول بالطابق الارضي بعدة حجرات ولم يجد اي شيء يثير شكوكه مثل زميلته ساندرا. وعندما انتهى من جولته رأى ساندرا وهي تهبط من السلم وتهز برأسها معلنة عدم وجود اي دليل. توجه الاثنان الى المطبخ حيث جلس السيد
فاثركيل وقال له جون ،
- شكراً لك تعاونك معنا يا سيد فاثركيل.
- على الرحب والسعة. الرجاء اغلاق الباب خلفكما عند الخروج.
خرج الشرطيان وركبا السيارة فسألته ساندرا،
- هل نقوم بزيارة العنوان الثاني؟
- كلا، الوقت قد تأخر الآن. سنزوره غداً صباحاً. دعنا نذهب الى بيتي، وبامكانك الاتصال بامك من هناك.
دخل الشرطيان بيت جون وتوجها مباشرة الى غرفة الصالة حيث وضع لها بعض النبيذ في قدح واعطاها لزميلته وعشيقته بنفس الوقت. ثم ما ان مرت دقائق حتى وجد الاثنان نفسيهما باحضان بعضهما البعض. ونسيا ام ساندرا.
باليوم التالي استيقظ جون فاستغرب كثيراً لانه وجد نفسه وحيداً بالسرير. نظر حوله فلم يجد ساندرا فنادى،
- ساندرا، ساندرا، اين انت يا حبيبتي؟
- مصيبة يا جون، مصيبة.
قالت ذلك وهي تسحبه الى السيارة بعد ان لبسا ملابسهما واستعدا للعمل.
- لماذا؟ هل هي امك؟
- كلا جون، انه القاتل. لقد عُثِرَ على فتاة جديدة ثالثة عمرها 17 سنة تدعى ماندي في حديقة الهايدبارك بالقرب من بحيرة السربنتاين.
- دعيني احزر. مربوطة برابط اسلاك كهربائي احمر احترافي وقد تعرضت للعنف المفرط.
- نعم هذا صحيح. يبدو ان المجرم قد نفذ جريمته الثالثة. ماذا تقترح ان نعمل؟
- دعنا نقوم بالذهاب الى العنوانين المتبقيين لدينا بالقائمة ثم نعود الى بادنغتون گرين للتنسيق مع الفريق. اعطني الاسم والعنوان لو سمحتِ؟
- الاسم هو بورس وهو ثاني مشتبه به ويسكن بشارع بيكر ستريت رقم 47.
وصل الشرطيان الى بيكر ستريت واوقفا السيارة بشارع فرعي لان شارع بيكر ستريت يعتبر من الشوارع الرئيسية ومن الصعب ايقاف السيارة هناك. ضغطت ساندرا على جرس الباب ففتحَ الباب رجل بدين بافراط في منتصف عقده الرابع وقال،
بورس : نعم؟ ماذا تريدان؟
ابرز الشرطيان شارتيهما وتحدث جون،
جون : جئنا كي نسألك بعض الاسئلة لو سمحت لنا بذلك.
بورس : ولماذا تعتقدان اني اريد مساعدتكما؟
ساندرا : لانك لو لم تجب على اسئلتنا الودية هنا فاننا سنضطر لالقاء القبض عليك الآن ونأخذك الى مركز شرطة بادنغتون گرين ونقوم بسؤالك بنفس الاسئلة ولكن ستبقى بضيافتنا يومين او ثلاثة هناك.
بورس : حسناً، ادخلا.
ودمدم بسريرته وقال "خنازير قذرة"
دخل الشرطيان بيت بورس وصارا يتحققان منه عن مكان تواجده وقت وقوع الجريمتين الاولى والثانية وعن روابط الاسلاك الحمر ثم قاما بتفتيش بيته كما فتشا بيت المشتبه به الاول ولم يعثرا على اي شيء يدينه حتى اقتنعا بانه بريء. ولانه كان بصحبة صديقه فلتچر الذي كان جالساً بالصالة، وقد ايد وجود بورس معه بتلك الاوقات. فشكراه وخرجا من بيته. سأل جون،
- ماذا عن المشتبه به الثالث؟
- اسمه هيكس بمنطقة شپرتزبوش يا جون. والعنوان هو 14 شارع لدبري رود بشپرتزبوش.
ادخلت ساندرا العنوان على جهاز الملاحة الآلي فقادهما الى بيته مباشرة. طرقا الباب عدة مرات فلم يفتح لهما. هنا انتابهما الشك فالتفت ساندرا الى خلف الدار بينما قام جون بالضغط على الجرس بشكل متواصل حتى انفتح الباب وسمعه يقول،
هيكس : من المعتوه الذي يضرب الجرس بهذه الطريقة؟
جون : انها الشرطة، افتح الباب يا هكس نريد التحدث معك.
فتح هكس الباب وقد كان شبه عارياً ما عدى سرواله الداخلي إذ قال،
هكس : ماذا تريدان؟
جون : اجب على بعض الاسئلة فقط وسنتركك بسلام.
هكس : حسناً ادخلا.
دخل الشرطيان وعملا نفس الشيء مع هذا المشتبه به كما فعلاه مع الاثنان الذين من قبله فاثركيل و بورس لكنهما لم يعثرا على اي دليل بعد تفتيش بيته بكل دقة وحرفية. فشكراه وخرجا من بيته متوجهين الى مركز شرطة بادنغتون گرين. بالمركز اجتمعا بالفريق الذي كان قد حضر لهما تقرير المعمل الجنائي والذي كان مطابقاً للتقارير السابقة. اخبر جون فريقه Z عن زيارته لشركة فينكس والمشتبه بهم الثلاثة فاثركيل و بورس وهيكس. هنا سأل جيمس اندروز البروفايلر عن اعمار المجتبه بهم فاعطوه الاعمار هنا قال،
جيمس اندروز : اعتقد ان القاتل في عقده السابع وقد يكون مثلياً.
حسن مصطفى: وكيف عرفت ذلك؟
جيمس اندروز : من الطريقة التي قام بتعذيب ضحاياه. ويبدو لي ان اسلوب ضرب الضحايا كانت تدل على كراهية شديد للنساء فقد كان لا يلامس صدورهن او اعضائهن التناسلية السفلى. كان يركز في ضربه على وجههن فقط.
رئيسة قسم الشرطة زوي : هذا كله هراء. لدينا الآن ثلاثة جثث وليس لدينا اي دليل مادي قاطع، ما هي خطتك يا جون؟ اريد تقدماً لا سفسطة فانا غير مقتنعة بتحليل البروفايلر.
- حسناً سيدتي ساذهب الى الطبيب الشرعي اندرو مكدرمت وساعاين الجثة الثالثة الآن.
- اريد منك تقدم بالقضية والا فنحن في ورطة كبيرة جداً يا جون.
- سافعل ما بوسعي يا زوي، لقد سبق واخبرتك ذلك.
ركب جون سيارته وانطلق الى مركز الطب الشرعي. دخل الى الردهة الاولى حيث يعمل الطبيب الشرعي اندرو وامامه جثة الفتاة الثالثة فحياه وسأله،
- ماذا وجدت يا اندرو؟
- ليس الكثير يا جون. لقد كانت قد تناولت حساء خضار في الليلة التي سبقت وفاتها. يبدو انها كانت حامل.
- حامل؟
- اجل حامل. هل هذا شيء غريب؟
- لكن الضحيتان السابقتان لم يكونا حاملتين، اليس كذلك؟
- نعم هذا صحيح. اين تريد الوصول بذلك؟
- وهل هناك اي شيء خارج عن العادة يا اندرو؟
- كلا ابداً لا شيء. ما عدى...
- ما عدى ماذا؟ اخبرني؟
- يبدو انها تعرضت لعضة قبل ان تموت.
- هل تعتقد ان الجاني قام بعض المجني عليها؟
- كلا، انها ليست عضة بشر. بل عضة حيوان.
- اي نوع من الحيوانات؟
- لست متأكداً ولكن كلب على الارجح.
- هل تستطيع ان تتأكد وتعرف اي نوع من الكلاب؟
- اجل لقد عثرت على سن الحيوان الذي بقي بجسم القتيلة. لحظة واحدة دعني احاول معرفة نوعه.
فتح حاسوبه وصار يقارن سن الحيوان مع قاعدة البيانات البيطرية على الحاسوب وبعد ربع ساعة قال لجون،
- انه كلب من نوع (روت وايلر) بالتأكيد.
جون : انا احبك يا صديقي. لقد انقذت حياتي. ساشتري لك پاينت جعة غداً.
خرج جون يجري وهو متحمس كثيراً. وبالسيارة اتصل بمساعدته ساندرا على اللاسلكي وقال،
- لقد كشفت القاتل، انه فاثركيل. خذي معك قوة دعم بعشرة رجال وتوجهي الى بيت فاثركيل اول مشتبه به زرناه بالامس بمنطقة كنتش تاون واطلبي طبيباً بيطرياً كي يكون مع الفريق.
- حاضر سيدي. ولماذا الطبيب البيطري؟
- لا تسألي الآن. سافسر لك لاحقاً.
- وانت، اين ستكون يا جون؟
- انا ذاهب لبيت القاتل.
- انتظر قوة الدعم حتى تصل هناك ارجوك. لا تخاطر بنفسك.
اغلق جون الهاتف وذهب بسيارته وحيداً متوجهاً الى بيت فاثركيل اول مشتبه به بكنتش تاون. ضغط على جرس الباب ففتح فاثركيل الباب وقال،
- آه، لقد عدت يا محقق. كيف لي ان اخدمك هذه المرة؟ هل نسيت شيئاً؟
- اردت ان اتحدث معك قليلاً. فلدي المزيد من الاسئلة، هل تسمح لي بذلك؟
- بكل تأكيد، تفضل. ساربط الكلب في الفناء واكون معك فوراً.
دخل جون وتبعه فاثركيل الى غرفة الصالة ثم جلس وقال،
- اريد ان اسألك عن مكان تواجدك بالامس. هل خرجت خارج المنزل؟ الى حديقة هايدبارك بالقرب من بحيرة السربنتاين مثلاً؟
هنا عرف فاثركيل ان امره قد انكشف دون ادنى شك فانكر قائلاً،
- كلا ولكن هل بامكاني ان اقدم لك فنجاناً من الشاي؟
- حسناً. هذا لطف منك.
خرج فاثركيل من الصالة وهو في غاية القلق. ربط كلبه في فناء الدار ثم عاد بعد دقائق يحمل معه قدحين كبيرين من الشاي. اعطى واحد منهما للمحقق وجلس امامه. ترشف جون الشاي وسأله ثانية،
- هل كنت في حديقة هايدبارك بالقرب من بحيرة السربنتاين بالامس؟
- اتقصد بالنهار ام بالليل؟
- بل بالليل.
ترشف جون من قدح الشاي ثانية ثم ابتدأ يشعر بالدوار وصار يفقد الوعي بشكل بسيط لكنه لم يغيب عن الوعي تماماً ثم سقط قدح الشاي من يده ولحقه بجسده على الارض. نظر اليه فاثركيل وقال،
- لقد وضعت لك كوكتيل ايثانول او ما يسمى اليوم بدواء الصدق يا محقق تكلم هل اكتشفتم شيء بامري؟
لكن جون لم يجبه بشيء بل صار ينظر اليه ويحاول ان ينهظ من الارض دون جدوى. قام فاثركيل بسحل جون من ساقه وادخله بغرفة سرية ببيته فيها ثلاث نساء مكبلات بالقيود ومكممات الفم. لكنهن ما زلن احياء. خرج فاثركيل من الغرفة واقفل الباب السري باحكام. نظر جون الى النساء وضغط على نفسه كي يحاول التحدث اليهن فقال،
- انا شرطي، لا تخفن يا سيدات. ان، ان، ان المساعدة آتية بالطريق. لقد امرت بفريق كامل من دعم الشرطة كي يداهموا هذا المكان بعد قليل، لا تخفن.
وبهذه الاثناء كانت العريفة ساندرا بيترز تقود احدى سيارات الشرطة وبصحبتها رئيسة قسم الشرطة زوي جاكوبسن تتبعهم عدة سيارات محملة بقواة الدعم. كان الجميع متوجهين نحو منطقة كنتش تاون حيث يقع منزل فاثركيل. طوقوا المكان من الامام ومن الخلف فلاحظوا وجود سيارة جون واقفة امام المنزل لذا علموا ان جون ما زال بالداخل. قاموا بكسر الباب بالمقلاع ودخلوا موجهين اسلحتهم بكل الاتجاهات وهم يصرخون باصوات عالية جداً. فتشو المنزل بدقة متناهية فلم يعثروا على اي شخص هناك ماعدى نباح الكلب الآتي من فناء الدار. لكن العريفة ساندرا صرخت بالجميع "هــــــــــــــــــــــدوء"
توقف الجميع عن الكلام فسمعوا طرقاً على احدى مواسير الماء بثلاث دقات متسارعة تتبعها ثلاث دقات بطيئة ثم ثلاث دقات متسارعة. وهي شفرة المورس بمعنى انقذونا SOS. تكررت هذه الدقات فتتبعتها العريفة ساندرا حتى نزلت الى قبو الدار فوجدت الاصوات تأتي من خلف جدار صخري فامرت اعوان الشرطة كي يهدموا الجدار. وبعد خمس دقائق كشفت عن الغرفة السرية التي احتجز فيها المحقق جون والرهينات الثلاثة. اخرجوهم جميعاً فسألت ساندرا،
- هل انت بخير يا حبيبي؟
- انا بخير يا ساندرا. لكن هذا المجرم فاثركيل، لا اريده ان يفلت مني. ابحثوا عنه واجلبوه لي الآن. لقد كان هنا قبل دقائق.
- لقد ركب سيارته وهرب فور وصولنا، فارسلت ورائه ثلاث وحدات تتابعه وسوف ينالون منه بعد قليل، لا تقلق.
بعد ربع ساعة دخلت مجموعة من رجال الشرطة فقالوا لساندرا،
- عثرنا على فاثركيل وادركناه في منطقة ݘوك فارم، لقد سلم نفسه فوضعنا الاصفاد على معصميه. هو الآن في طريقه الى جهنم سيدتي.
ابتسمت رئيسة قسم الشرطة زوي جاكوبسن وقالت لجون،
- لقد فعلتها يا جون. انت افضل محقق عندي. وزيادة على ذلك فقد انقذت ارواح ثلاث نساء اليوم. اهنئك على النصر الكبير. نظرت الى العريفة ساندرا وقالت لها،
- اتأذنين لي بتقبيله؟
- أءذن لك سيدتي إذا كانت قبلتك على خده فقط.
فضحك الجميع.
1265 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع