خالد القشطيني
هوى المسيحيات
كتبت في مقالة سابقة عن وجود المسيحيين بين المسلمين. كانت لهذه الظاهرة نتائج حتمية في الوقوع في الحب بين الطرفين. وكنت قد أشرت لوجود أديرة مسيحية حول مدينة الكوفة في العراق. حدث أن تولى الولاية عليها خالد بن عبد الله بن يزيد البجلي. وهناك رأى أماً نصرانية رومية. وكانت قد تأدبت بآداب العرب وتعلمت نظم الشعر ووقع في حبها وتزوجها. علق أحد الشعراء على ذلك فقال:
يقولون نصرانية أم خالد
فقلت دعوها كل نفس ودينها
فإن تك نصرانية أم خالد
فقد صورت في صورة لا تشينها
أحبك أن قالوا بعينيك زرقة
كذاك عتاق الطير زرقاً عيونها
تذكرني هذه الأبيات بشعر عامي قاله أحد الشعراء عندما وقع في حب فتاة مسيحية فقال:
ياردلي ياردلي سمرة قتلتيني
أدعو من رب السما وحدي لا تخليني
أبوك أسمر حلو ماسك علي ديني
أنت على دينك وأنا على ديني
صومي خمسينتك وأصوم ثلاثيني
بيد أن الملاحظ في هذا التبادل العاطفي يقع غالباً من طرف واحد، فقلما نسمع عن وقوع شاب مسيحي في هوى مسلمة. بيد أن صديقي الكاتب والناقد جبرا إبراهيم جبرا جاء من فلسطين مسيحيا واستقر في العراق ووقع في حب امرأة مسلمة وتزوجها.
الأدب العربي حاشد بالشعر بشأن هذه العلاقة. وتحول الكثير منها إلى أغان شائعة. كما في أغنية ناظم الغزالي:
سمراء من قوم عيسى من أحل لها
قتل امرئ مسلم قاسى بها ولها
وقد وقع محمد القبانجي في ورطة كبيرة في العشرينات عندما غنى أغنيته الشهيرة: يا نصارى إش صار فيكم، ما تضيفون اللي يجيكم، لأصعد لعيسى نبيكم واسأله يسوي لي جارة (حل).
اعتبروا هذه الأغنية كفرا ومشينة بحق المسيحيين ونبيهم، فساقوه للقضاء في قضية هزت المجتمع العراقي واستغرقت عدة أشهر قبل أن يثبت الرجل براءته. ولكنه لم يعد لهذه الأغنية قط في حياته بعد ذلك.
566 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع