علي عرمش شوكت
جدل ملتبس في اصلاح العملية السياسية
غدا ضجيجاً عالياً يسود فضاء العملية السياسية في عراق اليوم ولكن منطوقاته بحاجة الى " ترجمة " لكونها غير مفهومة، وتغلب عليها رطانة سياسية تقترب من اللغة المشفّرة، فكيف للمواطن البسيط ان يفهمها ويتعاطى معها، وهو الذي طال انتظاره لمعطيات هذه العملية السياسية لتحقيق ابسط حقوقه في العيش الكريم. فما هو الحال عندما تصل هذه العملية الى فقدان روحها وانقطاعها عن نسبها الاصلاح ؟، والذي تعلقت عليه الامال هو الاخر، فلم يبق امام الناس الا ان تشيّعها الى مقبرة التاريخ.
ابتداءً ليس مجهولاً ضياع " الكتلة الاكبر " التي من حقها الدستوري التكليف بتشكيل الحكومة. مما خلق تداعيات لا لها اول ولا اخر، وهو المتوقع قطعاً، وقد سجل خرقاً فاضحاً للدستور، مما ادى الى تكليف مرشح تسوية لرئاسة الوزراء لم يتمكن من تسوية كابينته الوزارية لحد الان. فكيف ستؤل اليه الاحوال من فشل وسقوط للنهج السياسي العليل اصلاً ؟. الذي بات ملموساً اقرب الى العين من اهدابها. فالمسؤولية لتدارك الكارثة لا تقع على غير الكتلتين اللتين توافقتا على ذلك قبل غيرهما. بمعناه امامهن طريقان لا ثالث لهما. ينبغي ان تسلكا احدهما. الاول المرجح. نظراً لتوازنات القوى السياسية ومديات نفوذها السلطوي ، هو اللجوء الى الترميم الشامل كاصلاح جذري، او اسقاط حكومة عبد المهدي من خلال البرلمان بوجوب حسم امر الكتلة الاكبر في عملية تصويت برلماني ولتذهب الكتلة الثانية الى صف معارضة
ومن تداعيات الفشل الصارخ ممارسة الحكومة لاعتماد التضليل واول تجلياته على سبيل المثال وليس حصراً، ادعاءها بانها قد انجزت من برنامجها اكثرمن 70% في حين كان الانجاز36% وبشكله الملتبس المتعثر ، وعلى اثر ذلك صار التضليل منهجاً لدى دوائر الدولة. فمثلا ما يتعلق بمكافحة الاشتباكات العشائرية تقول الاجهزة الامنية " اخمدنا الفتنة وجمعنا الاسلحة غير المرخصة " ويتناسون ان المعارك تجري بواسطة الاسلحة المرخصة وليس بغيرها التي لا تجرؤ الاجهزة الامنية على سحبها لانها تابعة الى "مجلس اسناد العشائر" الذي شكل في حكومة المالكلي ولا زال افراده من شيوخ العشائر وحواشيهم يستلمون رواتب واسلحة اضافية. ولم ينأى حتى السيدعبد المهدي بنفسه عن وسائل التضليل، فعندما اراد التنصل عن الاشارة الى الجانب الايراني في تدفق المخدرات عبر حدوده الى بلادنا قال:{ المخدرات تأتينا من الارجنتين}.!!
ان الاستمرار على نهج المحاصصة والتسويف والتضليل من قبل الحكومة ناتج عن كونها عبارة عن اداة تم الامساك على عتلاتها من قبل كتلة واحد " فتح " وربما قد استطاعت هذه الكتلة لملمت مناصرين لها في البرلمان من الكتل الاخرى، وغدت هي الاكبر كما يبدو. مستغلة سكون" سائرون "، ولهذا اخذ السيد عبد المهدي يأتمر بامرها فقط . بمعنى من المعان، انفكاك التحالف بين "سائرون والفتح" عملياً دون ان يعلن، الامر الذي اوجب تحول سائرون الى المعارضة، وترك الجمل بما حمل الى" كتلة فتح و البناء" وبذلك يذوب الثلج ويبان المرج كما يقول المثل الشعبي. وبتوصيف لهذه الحالة يبدو ان سائرون كانت تعاملت بثقة مع السيد عبد المهدي ظناً منها انه سيكون منصفاً في تعامله تجاه الكتلتين وبالخصوص قد يكون جاداً في تنفيذ برنامج حكومته، غير ان ذلك لم يتم. بل وغدت المحاسبة والنقد والانذارات للحكومة من قبل "سائرون" وغيرها من قوى "تحالف الاصلاح والاعمار" ما هي الا عبارة عن ضجيج لايأبه به المتسلطون، مراهنون كما يبدو على قواهم البرلمانية.
ولكن تبقى المسؤولية عن تدارك انفجار الازمة المتورمة تقع على قوى الاصلاح وتحديداً كتلة "سائرون" فأما ان تتحمل تداعيات الوضع المتردي المنذر بالانفجار، واما ان تعلن معارضتها وتحمّل الحكومة و القوى المساندة لها المسؤولية الكاملة، علما ان الحراك الجماهيري السند الفاعل للمعارضة والامساك بدفة الامور.. ان الترقب السلبي لا يؤدي دوماً الا الى التراجع والاندحار، ولا نرى في "سائرون" ان تقبل على نفسها هذه المراوحة التي تبعث على الاحباط، كما لا يعقل بقاء الامل معلقاً على انقاض ما سميت بالعملية السياسية حيث انها باتت تلفظ اخر انفاسها هذا اذا لم تكن قد ماتت فعلاً
786 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع