من محو اسرائيل الى التزلف إليها

                                         

                           علاء کامل شبيب


سوق المزايدات السياسية المختلفة في المنطقة بشأن القضاء على اسرائيل و إسترجاع الاراض العربية المغتصبة من قبلها، کانت رائجة لأعوام طويلة، وقد تميزت بها دول و اوساط سياسية مختلفة، لکن لايمکن أبدا القول أن ثمة دولة او طرف او وسط سياسي ما تمکن من تجاوز النظام الايراني و التفوق عليه في مجال إدعائه و زعمه بالمواجهة و الصراع مع إسرائيل.

النظام الديني المتطرف و منذ الايام الاولى من الحکم، رفع القضية الفلسطينية و جعلها أبرز و أهم شعار سياسي غير عادي له، وقد بلغ التطرف و المبالغة بهذا النظام انه قد زايد ليس على العرب لوحدهم وانما حتى على الفلسطينيين أنفسهم أصحاب القضية و المعنيين بها أکثر من غيرهم عندما شرع في توجيه سهام النقد"الحادة و اللاذعة"للجميع على تقصيرهم بحق القضية الفلسطينية و عدم نصرتهم للشعب الفلسطيني، بل وذهب أبعد من ذلك عندما حدد"کذبا و دجلا"يوما عالميا للقدس في کل عام و إستخدمه للمزايدة على دول المنطقة و تحريض شعوبها عليها، والانکى من ذلك أن هذا النظام قد تدخل بين الفلسطينيين أنفسهم و عمل الذي عجزت عن إنجازه إسرائيل أي شق وحدة الصف الفلسطيني.
هذا النظام الذي لم يکتفي برفع شعار محاربة إسرائيل فقط وانما أکد و بصورة شبه دائمية على ضرورة محوها من الوجود، وقد برز الخميني و خامنئي و أحمدي نجاد بصورة خاصة و القادة الاخرون للنظام بصورة عامة کوجوه متشددة تدعو للقضاء  التام على إسرائيل و محوها من الوجود، لکن هذا الشعار البراق و هذه المزايدة السياسية المشبوهة و الموجهة لأغراض و أهداف خاصة جدا، لم تعد سوقها رائجة خلال الاشهر الاخيرة و قد تزامن ذلك مع توجه سياسي مرادف يهدف الى إجراء إتصالات و مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الامريکية من أجل وضع حد للخلافات بين الجانبين.
تراجع نظام الملالي عن شعاره البراق بمحو اسرائيل و کذلك عن زعمه بعدم إمکانية إقامة علاقات مع أمريکا حيث صرح الخميني خلال عقد الثمانينيات بأن"اليد التي تمتد من طهران لمصافحة الامريکان سيتم قطعها"، التصريح الاخير لهاشمي رفسنجاني الشخصية القيادية الهامة في هرم النظام الايراني بشأن أن"بلاده ليست في حالة حرب مع إسرائيل"، يعتبر بمثابة موقف سياسي هام جدا للنظام يکشف و يفضح في آن واحد کذب و زيف کافة الشعارات البراقة و الطنانة التي رفعها النظام بشأن القضية الفلسطينية و يثبت بأن هذا النظام ليس لم يختلف عن بقية الانظمة المتاجرة بالقضية الفلسطينية وانما تفوق على جميعها أيضا من حيث اسلوب إستغلاله البشع و الخبيث للقضية و جعلها وسيلة لبلوغ غاياته و أهدافه المريضة.
الملفت للنظر أن موقف رفسنجاني الصريح هذا يأتي بعد دعوات أطلقها أحمدي نجاد لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الامريکية، وهو بذلك يلقم مؤسس النظام الديني و رمزه الاعلى الخميني حجرا والاهم من ذلك أن أحدا لم يبادر الى قطع يد نجاد الممتدة بإتجاه واشنطن مما يثبت أن هذا الشعار أيضا کان مجرد شعار سياسي تم توظيفه لأغراض و أهداف معينة، إلا أن الاهم من ذلك أن الناطق بإسم الخارجية الايرانية مهمانبرست قد أعلن عن إستعداد بلاده لإجراء محادثات مباشرة مع الامريکان بشأن الملف النووي و قضايا أخرى شريطة قطع الولايات المتحدة دعمها"المزعوم" لمنظمة مجاهدي خلق، وان رواج هکذا تصريحات تؤسس لمرحلة جديدة في تأريخ النظام له أکثر من سبب و عامل يمکننا أن نحدد أهمها بما يلي:
ـ النظام قد وصل الى طريق مسدود تماما و باتت مشاکله و أزماته المختلفة تحاصره من کل جانب خصوصا الاوضاع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية التي لم يعد بمقدور النظام معالجتها و إيجاد حلولا مناسبة لها.
ـ الملف النووي للنظام و الذي وصل الى مفترق بالغ الخطورة بحيث وضع النظام على شفا جرف هار قد ينهار به في أية لحظة ولذلك يريد النظام خلال فترة قياسية ومن خلال التهافت و الارتماء في الاحضان الامريکية و الاسرائيلية مشاغلة المجتمع الدولي مجددا على أمل قطع ماتبقى من مسافة بينه و بين صناعة القنبلة الذرية.
ـ الصعود الملفت للنظر لمنظمة مجاهدي خلق و الانتصارات السياسية الکبيرة التي باتت تحرزها على مختلف الاصعدة و إلتفاف الشعب الايراني حولها و إيمانهم بقيادتها و بدورها في التغيير الجذري في إيران خصوصا وان هذه المنظمة قد رفعت شعار التغيير في إيران هذا العام على لسان السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية، ويبدو أن النظام قد بات يتخوف کثيرا جدا من هذا الصعود و تلك الانتصارات السياسية الباهرة للمنظمة ولذلك يسعى للإلتفاف عليها و إعادة الامور الى المربع الاول، لکن الذي فات على النظام هو أن زمن الترقيع و المعالجات الوقتية و الانتهازية قد ولى الى غير رجعة وانه ليس من طريق أمامه سوى إعلان إفلاسه و الانسحاب المخزي من الساحة السياسية في إيران.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

804 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع