(( اسم الطبيب هو الأفضل لممتهن الطب ))

                                                  

                   الدكتور محمود الحاج قاسم محمد
                       طبيب أطفال – الموصل

(( اسم الطبيب هو الأفضل لممتهن الطب ))

مهنة الطب على خلاف بقية المهن تفردت بتعدد مسميات ممتهنيها . فهناك من يرجح اسم ( الدكتور ) بجانب من يفضل اسم ( الحكيم ) وآخرون يصرون على اسم ( الطبيب ) . وقبل أن نستعرض وجهة نظر كل على حده ، لابد من الإشارة إلى اسم قديم آخر لم يعد يستعمل في الوقت الحاضر وهو إسم ( الآسي ) .

فقد ورد في المنجد (( الآسي : الطبيب جمعها أساة . الآسية : الطبيبة ، جمعها آسيات . آسى الرجل تأسيه : عالجه )) .
وكذلك جاء في لسان العرب لإبن منظور (( أسا: المداواة والعلاج . الإساء : الدواء والجمع آسية ، قال الحطيئة في الإساء بمعنى الدواء :
هم الآسون أمَ الرأس لما . . . تواكلها الأطبة والأساء
والإساء : الدواء بعينه . وإن شئت كان جمعاً للآسي والمعالج . ويقال : أسوت الجرح فأنا آسوه أسواً إذا داويته وأصلحته ))
وقد وردت لدى البابليين والآشوريين اللفظان آسو asu التي أرادوا بها متعاطي مهنة الطب ، وأشيبو asipo التي أطلقوها على العراف أو الساحر الذي يتنبأ بالأمراض وبالحياة والموت .
والآن نعود لمناقشة الأسماء الثلاثة الأكثر إنتشاراً :
فاسم ( الدكتور ) : الواسعة الانتشار هي كلمة لاتينية الأصل وتعني في مصدرها الإنكليزي القديم ( المعلم أو الأستاذ ) ، وقد وردت إلينا مع الثقافة الغربية التي غزتنا منذ القرن الثامن عشر ، وهي درجة علمية لا يقتضي بالضرورة حاملها أن يكون طبيبا، وإنما صارت تلحق بهذا التعبير إحدى الاختصاصات العلمية أو الأدبية مثل ( دكتوراه في الفلسفة ، اللغة ، الكيمياء ، أو في الطب . . الخ) . ويعترض البعض على هذه الكلمة كونها غير عربية ، ونقول لمثل هؤلاء إن شأن هذه الكلمة شأن كلمات دخيلة أخرى مثل ( التكنلوجيا ، الديموقراطية . . إلخ ) صارت من مفردات لغة اليوم .
واسم ( الحكيم ) : في اللغة يعني المتقن للأمور وصاحب الحكمة ، (( قيل الحكيم ذو الحكمة . والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم . والحكيم العالم . )) .
وأطلق قديماً على من يمارس مهنة الطب ( الحكيم ) وذلك لما لهذه المهنة من مكانة واحترام ، نظراً لكون هذه المهنة مقدسة وكانت تزاول من قبل الفلاسفة والعلماء ورجال الدين والكهان . . ولا يزال هذا الاسم يعبر عن مزاولة الطب في بعض الأقطار العربية لاتصاف صاحبها على قدرة تشخيص الداء ووصف الدواء الصحيح .
وحول إسم الطبيب : نقول
تعريف الطب لغة : قال ابن طرخان (( الطب يقال على معان منها : الإصلاح : يقال طببته إذا أصلحته . ويقال لفلان طبَ بالأمور إي لطف . ومنها الحذق: لاحتياجه ( أي الطبيب ) أي حذق قوي . قال الجوهري في الصحاح : وكل حاذق طبيب عند العرب . ومنها العادة : يقال ليس ذلك بطبيَ ، إي عادتي . ومنها السحر : يقال للرجل مطبوب أي مسحور. والطبيب : هو العالم بالطب المتمكن الحاذق فيه. والمتطبب : يدل على المتعلم للطب أو المتعاطي له ولم يكن من أهله ))
تعريف الطب إصطلاحاً :الطب هو علاج الجسم والنفس . رجل طبً وطبيب : عالم بالطب . والمتطبب : الذي يتعاطى علم الطب يقال طبه طباً إذا داواه . واطبيب : الرفيق . والطب والطبيب : الحاذق من الرجال ، الماهر بعلمه ، وكل حاذق بعلمه : طبيب عند العرب . وقال إبن سينا في القانون : الطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح ، ويزول عن الصحة ، ليحفظ الصحة حاصلة ويستردها زائلة . وقال إبن رشد (( الطب علم يعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يعرض له من صحة وفساد )) . وهذه التعريفات تدور كلها على معان متقاربة . ومن أجمل هذه التعريفات تعريف سلطان العلماء العز بن عبد السلام(( وغاية الطب حفظ الصحة موجودة واستعادتها مفقودة ، وإزالة العلة ، أو تقليلها بقدر الإمكان ، ولا بد من الوصول إلى ذلك في بعض الأحيان ، من تحمل أدنى المفسدتين لإزالة أعظمهما ، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما ))
وبعد كل هذا أقول إنني مع من يفضل استعمال كلمة الطبيب بدل الحكيم والدكتور وذلك لأن الطبيب كما ذكرنا هو من يحافظ على صحة الإنسان ويعالجه إذا مرض . وقد ورد تعبير (الطبيب ) في الشعر العربي بكثرة ، كما ورد في التراثيات العربية أن الحارث بن كلدة الثقفي كان طبيب العرب. وابن حذيم يضرب فيه المثل في ( الطب ) ونقرأ أيضاً اسم زينب ( طبيبة ) بني تيم . . . كما جاء في حديث أبي رمثة أن النبي محمد r قال للطبيب ( الله الطبيب بل أنت رفيق ، طبيبها الذي خلقها ) رواه أبو داؤد .ش

- إبن منظور : لسان العرب المحيط ، إعداد وتصنيف يوسف خياط ، دار لسان العرب – بيروت ، المجلد الأول ص 63-64 .
- المصدر نفسه ج1 ص 688 .

--------------------

- إبن منظور : لسان العرب المحيط ، إعداد وتصنيف يوسف خياط ، دار لسان العرب – بيروت ، المجلد الأول ص 63-64 .

- المصدر نفسه ج1 ص 688 .

- اختصار عن البار ، الدكتور محمد علي : المسؤولية الطبية وأخلاقيات الطبيب ، دار المنارة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، جدة 1995 ص 52 – 54 .

- لسان العرب لإبن منظور ج1/ 554.- 565 .
- البار ( مصدر سابق ) ص 55 ، نقلاً عن قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ج1/4.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3661 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع