فارس القصير
خاطرة سيابية
في مثل هذا اليوم، 25 ديسمبر، من عام 1926 ولد رائد الشعر العربي الحر، أيقونة البصرة الفيحاء، بدر العراق، الشاعر بدر شاكر السياب، وصادف ان يكون تاريخ وفاته في يوم 24 ديسمبر من العام 1964 وكأن في ميلاده ورحيله عن الدنيا توقيت يسري معه دفق شعري غامر يحكي عن المطر والحب والنوستالجيا.
في عام 1970 وانا في مرحلة الاول متوسط ولي من العمر ١٢ ربيعا (لا اتذكر الشهر) ذهبت مشيا على القدمين الى الكورنيش في العشار، مركز المدينة، لأشاهد المعلم الحضاري الجديد المتمثل في تمثال السياب الذي علمت انه كان قد مضى على نصبه بضعة ايام، وفيما بعد ان النحات الذي صنعه باقتدار هو نداء كاظم. والحمد لله كنت احمل في جيبي قلم رصاص وقصاصة ورق. بعد ان قرأت مرتين المقطع الآسر من قصيدة (غريب على الخليج) الذي نحت في قاعدة التمثال، والذي انقله في أدناه مع صورة لشاعرنا الكبير، أخرجت قلمي وطفقت اكتب المقطع بكامله لشد ما أثر في وحرك فيٌ مشاعرا غريبة لم أألفها من قبل، و لطالما تمنيت ان آكون شاعرا منذ نعومة أظفاري ـ طبعا كان أمرا مؤكدا انني وقتذاك لا أتمكن من شراء ديوان أنشودة المطر او حتى اجد من الاصدقاء والزملاء من يمتلكه كي أستعيره ـ كان يقف ورائي رجلان بدأ انهما في العقد الأربعيني من العمر، ينظران اليٌ بإستغراب ولعهما تساءلا مع نفسهما عما (يفعله هذا الطفل هنا!).
في الحقيقة ان ما قادني الى تسطير هذه الكلمات هو ان تأملي العميق في كلمات القصيدة، وبالذات المقطع المنشور منها هنا، كان مصاحبا للتساؤل: ماذا لو كان الله قد مد في عمرك يا شاعر العراق الخالد لما بعد الحرب الجائرة على العراق فيعام 2003؟ وهل من حسن حظك انك لم تعش حتى ذاك الوقت؟
كنت سترى خيانة الوطن بأبشع صورها وأشكالها، حيث سُرقت ثرواته وموارده على أيدي أولياء أمره وجرت في رابعة النهار، والتبعية للاجنبي الحاقد الطامع، والتهجير او التنكيل بعقوله ومفكريه وأدبائه وفنانيه، وإستباحة دماء المدنيين الأبرياء الغيارى المطالبين بحقوقهم، بل وتحطيم حتى ىشخوصه ومعالمه الحضارية والآثارية الشامخة التي تتحدث عن تاريخه وعظمة قادته، بين فظائع اخرى عديدة... عندئذ لن تعجب سيدي الشاعر الفذ من تعجبك (كيف يخون الخائنون... أيخون انسان بلاده؟...الخ) فعذرا لك...الف عذر.
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
أيخون إنسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون ، فكيف يمكن أن يكون ؟
الشمس أجمل في بلادي من سواها ، و الظلام
حتى الظلام هناك أجمل ، فهو يحتضن العراق
واحسرتاه! متى أنام
فأحسّ أن على الوساده
من ليلك الصيفي طلاّ فيه عطرك يا عراق ؟
بين القرى المتهيّبات خطاي و المدن الغريبة
غنيت تربتك الحبيبة..
وحملتها فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه
فارس القصير
كانون الأول 2019
الگاردينيا: اهلا وسهلا بالأستاذ فارس القصير ، نورتم حدائق الگاردينيا ، ننتظر جديدكم يا الغالي.
1064 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع