مؤيد عبد الستار
العراق، ايران و امريكا... مثلث الصراع الدامي
يعيد اغتيال سليماني والمهندس ببغداد من قبل القوات الامريكية شريط الاحداث التي توالت بين بغداد وايران منذ نجاح الثورة الايرانية بقيادة الخميني التي كانت سببا في اندلاع الحرب العراقية الايرانية والتي اعترف رئيس العصابة الصدامية بانها كانت بايحاء من امريكا ولكن ذلك الاعتراف جاء بعد خراب البصرة فلم يكن له أي تأثير ايجابي على تغيـير مسار الاحداث بل أخـذ منحى سلبيا أضرَّ بمستقبل العراق ، على الاخص حين حاول النظام الصدامي تجاوز محنته بالهجوم على الكويت، فكانت الضربة القاصمة لوجوده ، وانعكس ذلك على الواقع العراقي ودمر مستقبل العراق كبلد له سيادة مثله مثل بقية البلدان في المنطقة ، فاصبح العراق بلدا كسيحا لا يستطيع السير في طريق التقدم، نسى الرفاه وعاش شعبنا بحالة يرثى لها من الفقر والعوز وانتشار الجهل وانهيار البنى التحتية لجميع مفاصل البلد اجتماعيا ،اقتصاديا ، ثقافيا ، سياسيا وعسكريا .
أدّت حشرجات النظام الصدامي الى الاجهاز عليه من قبل امريكا التي أطاحت به بلمح البصر ، فذهب الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه ، ولكن امريكا ارتأت تحقيق مصالحها بالتحالف مع قوى الاسلام السياسي باعتبارها أفضل ضمانة لاستغلال البلاد ونهب الثروات الطبيعية دون مقابل كما يصرح ترامب على الدوام بلا مواربة .
دخلت قوى الاحزاب الاسلاموية ، شيعة وسنة ،بيت طاعة الراعي الامريكي وتحالفت معه على تقاسم المغانم ، ولكن ايران كانت القوة المتربصة بالفريسة على الحدود ، فاجادت الدخول والتسلل الى لعبة الحكم من خلال دق طبول المذهب والطائفة والشعائر فاكتسحت الساحة السياسية العراقية بسهولة حسدتها عليها امريكا التي راحت تتخبط في تحالفات مع هذا وذاك من أجل تحجيم الدور الايراني واستعادة العراق - الحصان الجامح - الى حضيرتها متوسلة بالمكون السني تارة ومغازلة الكرد باستقلال موعود تارة أخرى دون جدوى .
ألقت امريكا بكامل ثقلها العسكري وراء قوى همجية وقبائل بدائية وعصابات محلية ودولية من أجل استغلالها لاخضاع العراق لمشـيـئـتها، ولكن الحشد الشعبي ظهر على المسرح السياسي بدعوة من مرجعية النجف ليقف بوجه الارهاب الدولي إضافة الى البيشمركة والقوات الامنية الاخرى مع مساهمة فعالة من ايران بالسلاح والمشورة من قيادة قاسم سليماني .
وهو ما جعل من الحشد الشعبي قوة ساحقة في العراق تنافس الوجود الامريكي بل تتفوق عليه على الارض لانه يمتلك عمقا شعبيا وهو ما تفتقر اليه امريكا .
بزغ نجم قاسم سليماني في المنطقة وشملت تحركاته كجنرال عسكري مرموق العراق وسوريا ولبنان ما جعله المطلوب الاول لامريكا بغية تصفيته ( مع وقف التنفيذ ) .
جاءت حاجة ترامب لنصر سريع لمعالجة الاشكالات التي وقع فيها مع الكونغرس ،في فضيحة اوكرانيا وسعيه لاستخدام نفوذه في التاثير على ملف الانتخابات الامريكية من خلال ادانة علاقة جو بايدن وابنه بالشركات الاوكرانية ، ليبحث عن أي حل يساعده على ضمان النجاح في الانتخابات القادمة فاهتدى الى فكرة التحرش بايران ، والتي قد تكون من إيحاء إحدى مراكز الدراسات في امريكا أو إحدى الدول في الشرق الاوسط كما ادعت طهران ، فاستعجل التنفيذ حتى دون الرجوع الى الكونغرس كما يتطلب الامر في مثل هذه الحالات الخطيرة والتي قد تمس الامن القومي الامريكي وربما تشعل حربا لا مجال لحسمها لصالح الولايات المتحدة الامريكية دون خسائر طائلة في الاموال والارواح .
كانت فكرة اغتيال قاسم سليماني سهلة ومضمونة النجاح لان زيارات قاسم سليماني المكوكية الى العراق تخضع لمراقبة العديد من العملاء والجواسيس ولا توجد صعوبة في اقـتـناص الفرصة بتصفيته في إحدى هذه الزيارات ... وهكذا كان .
وفي الوقت الذي تعد فيه هذه الاغتيالات مدانة دوليا وسياسيا فان تنفيذها بهذه الطريقة الجيمسبوندية يمثل الوجه القبيح للادارة الامريكية التي تدعي الالتزام بالقيم الديمقراطية وحماية حقوق الانسان .
وستشعل مثل هذه الاعمال الاستفزازية المزيد من الحروب في المنطقة وتصب الزيت على النار المشتعلة أصلا في الشرق الاوسط .
1182 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع