طلال معروف نجم
مذيعو اذاعة بغداد ايام مجدها الاذاعي
الذي حفزني لكتابة هذا الموضوع , ما اراه اليوم على فضائيات عراقية كل الفضائيات بدون استثناء, من مذيعين لايجيدون البتة كل مقومات المذيع من لغة وصوت وحضور. هناك فضائية عراقية متميزة تميزها مرده انها تقدم كل مرة أجمل المذيعات, ولكن بمقومات رديئة وملفتة للنظر. والمشكلة ان هذه القناة وغيرها من القنوات التي تستخدم مذيعات عربيات , يقعن في مطب انهن يلفظن مدن ومواقع عراقية بطريقة مضحكة . خصوصا والمواطن العراقي المهاجر يتوق الى سماع اخبار بنكهة عراقية , لا ان تلوك المذيعة المستوردة اسماء الاحياء العراقية بطريقة مضحكة.
هنا تذكرت أذاعة بغداد ايام مجدها الاذاعي الخالد , على ايام فرسان الكلمة والصوت الرائع , من امثال كبير مذيعي الاذاعة محمد علي كريم. وناظم بطرس وقاسم نعمان السعدي وعادل نورس وحافظ القباني وسليم المعروف وغيرهم . وذلك خلال عقدي الخمسينات والستينات من القرن المنصرم. يقول محمد علي كريم وهو استاذ لغة عربية مبدع. وصوت اذاعي دافئ يأخذ بألباب المستمع :
" شاهدت علامتنا الكبير مصطفى جواد يوما, وقبل ان يقدم فقرات برنامجه الخالد (قل ولا تقل) , يلجأ الى تحريك المادة بالقلم الاحمر, فما كان مني الا وقلت له : مولاي هل يعقل وانت ابو اللغة العربية تشكل ما ستقوله؟ , فكان رده رد الاستاذ المتمكن من صنعته : حتى يطمئن قلبي وانا اواصل تقديم المادة ".
ومن ذلك الوقت اصدر كبير المذيعين محمد علي كريم أمرا الى جميع المذيعين , بأن يحركوا المادة الاخبارية باللون الاحمرقبل ان يشرعوا بالقاء الاخبار.
وعن ناظم بطرس صاحب الصوت الجهوري القوي , انه كان يقدم في الساعة الثامنة من مساء كل يوم برنامجه المشهور ( العراق في انتقال) , وهو برنامج يستعرض انجازات ومشاريع مجلس الاعمارأيام النظام الملكي. وبسبب صوته القوي المدوي تدخل أحد الشخصيات المؤثرة , وطلب من مسؤولي الاذاعة, بأن يتم تقديم البرنامج عصرا بدلا من المساء , لأن اطفاله كانوا يفزعون من مقدمة البرنامج التي كان خلالها صوت نظام بطرس مدويا وهو يقول "العراق في انتنقال. ولعل اشهر كاريكاتيرا رسمه فنان العراق المبدع غازي نشر في مجلة قرندل, يصور قرويا وقد جلس القرفصاء فوق الراديو وهو يصرخ بزوجته التي راحت تضع اغراض البيت في صرة كبيرة, اسرعي يا أمرأة العراق سوف ينتقل. ومن ابداعات قاسم نعمان السعدي , انه كان لاينعت اي شخصية غير عربية و غير اسلامية بعبارة "السيد" , بل يقدم الشخصية الامريكية والانجليزية بعبارة مستر . والفرنسي بعبارة مسيو وهكذا. في ذلك الوقت كانت اذاعات عربية هي الاخرى تضم كوادر من المذيعين المبدعين . ولعل اذاعة الشرق الادنى البريطانية التي تبث بالعربية من جزيرة قبرص , تفخر بأمتلاكها مذيعين من جنسيات عربية فلسطينية ومصرية ولبنانية . وقد كشفت هذه الاذاعة عن حقيقتها الاستعمارية , يوم تعرضت مصر الى العدوان الثلاثي عام 1956 , لتبث تحت اسم " هنا اذاعة بريطانيا العظمى" , انذاك هجرها جل المذيعين العرب تضامنا مع مصر ضد العدوان.
وتبقى اذاعة بغداد في ذينك العقدين المنصرمين, من أكثر اذاعات الاقطار العربية امتلاكا لمذيعين متميزين.
778 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع