كاظم فنجان الحمامي
هلا سألتم أنفسكم عن الأساليب والطرق التي وصل بها الإسلام إلى القارة الهندية, وكيف انتشر في جنوب شرق قارة آسيا حتى وصل إلى تخوم الصين في أواسط القرن السابع الميلادي ؟. وكيف تحول الناس هناك من الديانة البوذية والهندوسية والوثنية إلى الديانة الإسلامية ؟. وهل سألتم أنفسكم كيف انتشر الإسلام في مجاهل الغابات الأفريقية ومفاوزها العميقة ؟.
هل اسلم الناس هناك بالقوة ؟. الجواب: كلا. . هل وصلت الفتوحات الإسلامية إلى ماليزيا واندونيسيا وبورما والفلبين ؟. الجواب: كلا. . هل استعمل المسلمون المال أو السحر لإغراء الناس والاستحواذ على قلوبهم ؟. الجواب: كلا. . هل نشروا دينهم هناك بالإكراه ؟, الجواب: كلا وألف كلا. .
لقد كانت الخصال الأخلاقية الرفيعة هي التي شيدت قناطر العبور نحو تلك البلدان البعيدة, كان المبشرون المسلمون يتحلون بالتواضع والصدق والأمانة ودماثة الأخلاق, فتعاطف معهم الناس, وانجذبوا إليهم, وتأثروا بهم وبدينهم, الذي نشر قواعد العدل والمساواة بين الشعوب والأمم, خير الناس من نفع الناس, المسلم من سلم الناس من يده ولسانه, المسلمون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, لا فرق عندهم بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى, أكرمهم عند الله اتقاهم, يتجسد الدين عندهم بحسن المعاملة, الكلمة الطيبة في قاموسهم صدقة, وهي كالشجرة الطيبة, أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين, رأس الحكمة في فلسفتهم هو مخافة الله, وما إلى ذلك من المبادئ السامية, والخصال الرائعة, والمفاهيم الإنسانية البسيطة, التي تدعو إلى التحرر من قيود البطش والاضطهاد, وتدعو إلى نبذ الجهل والتخلف ومحاربة الأمية, وتدعو إلى العيش بسلام وأمان, وتدعو إلى نشر العدل والإحسان. .
أما اليوم وبعد أن تفنن المتطرفون في تسويق منتجات صناعة الموت, وبعدما برعوا في نشر الخراب والدمار في ديارنا, وبعدما أصبحت العبوات الناسفة والمسدسات الكاتمة وأسلحة الغدر الأخرى هي الخناجر التي مزقت أحشائنا, ونثرت رمادها فوق رؤوسنا, فقد اختلفت القواعد والمعايير الإنسانية, واختلفت معها نظرة الشعوب الأخرى إلينا, والمشكلة إن توقيتات هذا الاختلاف والتباين جاءت متوافقة مع تداعيات الحقبة الزمنية, التي ارتمى فيها معظم زعماء العواصم الإسلامية في أحضان القوى الشريرة, وبخاصة بعدما وضعوا موانئهم ومطاراتهم في خدمة الجيوش الغربية الغازية, واتخذوا أعداء الله أولياء لهم يلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءهم من الحق, ففقدت الشعوب الأخرى ثقتهم بنا بسبب هذا التناقض الواضح بين ما جاء به الإسلام, وبين ما حمله المتطرفون من معاول تخريبية أودت بصروحنا العظيمة, ونسفت عروشنا بعبواتها الناسفة. .
تناقض عجيب بين ما يحمله هؤلاء من فكر متطرف, وبين ما يحملونه من ود وولاء لأوكار الشر في الناتو والبنتاغون, وهكذا تبدلت نظرة حكومات العالم إلينا, وتغير تعاملهم معنا, وجاء هذا التبدل على لسان الزعيم الروسي (فلاديمير بوتين), وعلى لسان رئيسة وزراء استراليا (جوليا جيلارد), وعلى لسان رئيسة وزراء والدانمارك (هيله ثورننغ شميت Helle Thorning Schmidt). .
لقد أطلقت (جوليا جيلارد Julia Eileen Gillard) تحذيراً نهائياً للمجاميع الإسلامية المتطرفة (المسلحة) في استراليا, وطلبت منهم مغادرة البلاد والعودة إلى بلدانهم التي فروا منها, وقالت في كلمتها: يتعين على هؤلاء التكيف مع الشعب الاسترالي. وقالت أيضاً: إننا نتحدث اللغة الانجليزية فإذا كنتم تريدون أن تكونوا جزء من مجتمعنا تعلموا لغتنا, وتعلموا عاداتنا, نحن نقبل معتقداتكم من دون أن نشكك بها, وكل ما نطلبه منكم أن تقبلوا معتقداتنا من أجل العيش بوئام والتمتع بالسلام والعيش الرغيد. .
وقالت (جوليا): استراليا بلدنا وأرضنا, وهي وطننا الذي نمارس فيه أسلوب حياتنا, ولا مانع لدينا من السماح لكم في العيش معنا, فإذا كنتم غير سعداء هنا ارحلوا وعودوا إلى دياركم, نحن لم نجبركم على المجيء إلينا, ويتعين عليكم أن تقبلوا بالبلد الذي قبل بكم, ووفر لكم الرعاية الإنسانية الكاملة. .
اما رئيسة وزراء الدانمارك فقد خاطبت المجاميع الإسلامية المتطرفة بلغة متشددة, فقالت في كلمتها: أنتم تقفون عائق في مجتمعنا, فإذا أردتم أن تفرضوا علينا تعاليمكم الدينية المتطرفة عليكم أن ترحلوا إلى البلدان التي تطبق تلك التعليمات المتطرفة. وقالت لهم: لقد تعايشنا مع المسلمين منذ زمن بعيد بتفاهم ووئام ولم تقع بيننا وبينهم أي مشاكل, ولم نتذمر منهم في يوم من الأيام, لكنكم تختلفون عنهم كثيراً ولا تشبهونهم لا من بعيد ولا من قريب.
في حين كان (فلاديمير بوتين Vladimir Putin) أكثر وضوحاً وتشدداً في كلمته التي ألقاها في مجلس (الدوما) الروسي في الرابع من فبراير 2013, فقال: نحن نعيش في روسيا ونتكلم اللغة الروسية, ويتعين على المجاميع الوافدة إلينا من الخارج أن تتعايش معنا بسلام, وأن تحترم قوانيننا وعاداتنا وتقاليدنا, اما إذا أرادوا أن يفرضوا علينا شرائعهم وعقائدهم فننصحهم بمغادرة البلاد والعودة إلى بلدانهم التي هربوا منها فلجئوا إلينا. . .
من المؤكد إن الإسلام سينتشر في جميع بقاع الأرض, وسيبلغ ما بلغ الليل والنهار, لكنه لن ينتشر عن طريق التطرف, ولا التعصب ولا التشدد, ولا عن طريق الخلايا الانتحارية, ولا عن طريق تكفير الناس, ولا عن طريق الغلو والتحريض على الكراهية, ولا بأكل أكباد الموتى على طريقة أبو صقار الحمصي.
http://www.youtube.com/watch?v=yAyN876tx4s
http://www.youtube.com/watch?v=WIEBH2Kln1U&bpctr=1368693133
فكما أن الليل والنهار يبلغا كل نقطة من نقاط كوكب الأرض, كذلك يبلغ الإسلام المعتدل كل نقطة على سطح المعمورة باللين والتعامل المرن والكلمة الصادقة والسلوك الحسن, يقول تعالى في محكم كتابه:
((يُريدُون ليُطفئُوا نُورَ اللهِ بأفواههمْ واللهُ مُتمُّ نُورهِ وَلَوْ كرِهَ الكافرونَ))
صدق الله العظيم.
1446 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع