د.ضرغام الدباغ
ثورة أكتوبر شقيقة ثورة العشرين
دون ريب وباستحقاق عال .. أخذت ثورة أكتوبر مكانتها كثورة عظمى، هي دون شك توازي في أهميتها التاريخية ثورة العشرين الخالدة، وهي كالثورات العظمى في التاريخ تندلع دون تخطيطات معقدة، كالثورة الفرنسية الذي أشعلت أوارها كلمة للملكة ماري أنطوانيت، ولا ينتقص من شأن الثورة افتقارها للحزب الثوري الذي يقودها، فهذا الحدث لا أنجم حين أتنبأ وأقول .. أنه قادم ... قادم .. مكونات وتشكيلات موجودة، ستعلن عن نفسها في الوقت المناسب ...!
ـــ الثورة تمضي بسلاسة، واستطاعت أن تستوعب حتى موسم حصاد كورنا الرهيب، ثورة أكتوبر، وما تزال تتواصل وسوف تتواصل حتى تبلغ هدفها النهائي، ونستطيع القول بلا مبالغات، أنها وصلت هدفها، وما تبقى هو إصدار مراسيم استحقاقات احتفالية النصر ... كيف توصلنا لهذا التحليل ولا مكان فيه للعواطف والحماس والرغبة الشخصية ...!
ـــ الثورة تمكنت من تشخيص دقيق لجوهر الموقف العراقي، وطرحته كمادة أساسية للثقافة الشعبية العراقية الثورية، بلغة متميزة : الثورة شخصت ولخصت الوضع وإشكالاته الخارجي الموضوعي بالاحتلال الأجنبي وكل ما يسحبه هذا من لواحق وملاحق جانبية. ولخصت الوضع وإشكالاته الذاتية الداخلية بالدائرة السوداء المسماة " المنطقة الخضراء " بكل ما ينطوي عليه وما يعنيه من معاني ومغازي من :
1. مفردات الفساد السياسي (جوهرها ارتهان للأجنبي، محاصصة طائفية، غياب كلي للتنمية، واشتداد وتائر القمع المناطقي والطائفي) .
2. مفردات الفساد الإداري (تفريط بمصالح البلاد، شخصيات تخلو من الاقتدار، بيع المناصب العليا، دمج على كافة الأصعدة، انهيار شامل للبنى التحتية والارتكازية)
3. مفردات الفساد المالي ( نهب صريح لموارد البلاد، وتهريب الأموال العامة للخارج، تحقق الفساد الهيكلي بأبشع صوره (strukturell korrupten)
4. مفردات الفساد الاجتماعي (نشوء فئات طفيلية (Parasitie)، انهيار أخلاقي بشيوع المخدرات، وانهيار أسري، بانتشار تقاليد غير عراقية وغير عربية أو إسلامية، واضمحلال الخدمات الاجتماعية الأساسية (الطب، السكن، التعليم).
ـــ الثورة شخصت هذه التي يكفي لواحدة منها أن تقوض بلداً، وتبيد منجزات، وتوفر الظروف بأشكالها لشرذمة الوطن، ولولا أن العراق ككيان سياسي وثقافي واجتماعي واقتصادي، راسخ كرسوخ الجبال الراسيات، في عمق أعماق التاريخ منذ عصور ما قبل التاريخ، وما شهده العراق لو يجري على أي بلد في العالم لتشظى إلى عشرات القطع ..... ولكنه العراق ... وما أدراك مالعراق ...!
ــالثورة هي تتويج لثورات العراق، ومحصلة تاريخية للمسار الوطني.
ـــ الثورة استطاعت أن تمثل العراق كله ليس بالأسماء، بل أنها وهو الأهم .. جمعت آمال الشعب العراقي بكلمة واحدة " نريد العراق " هذه كلمة السر التي وحدت الشعب العراقي كله .
ــ الثورة اقتلعت أسوء حكومة عرفها العراق في تاريخه القديم والحديث.
ــ الثورة ألغت رهانات القوى الخارجية على خيول مستهلكة ساقطة.
يبقى شيئ هو الأهم ما طرحته الثورة : أنها خطت الأحمر ... سقفاً، أقل منه يوقع في الشرك الوطني، أقل منه يحرق الأسماء، لا توجد عجول مقدسة، ولا أسماء ذهبية، الثورة خطت ذلك، ومن لا يبلغ ما كتبته الثورة فهو من القوم الخاسرين ....!
1927 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع