ظاهرة عراقية فريدة ، لماذا اغلب العراقيين من مواليد ١ -٧

                                                      

                        المحامي احمد مجيد الحسن


ظاهرة عراقية فريدة ، لماذا اغلب العراقيين من مواليد ١ -٧

من الظواهر البارزة في المجتمع العراقي والتي تثير الدهشة والتساؤل، ان معظم ابنائه لاسيما كبار السن هم من مواليد (1/7).

ولمناسبة هذا التاريخ المعتمد كتاريخ تولد لمعظم العراقيين قصة طريفة:

فقد اعتاد أحد فنادق بيروت الاحتفال بعيد ميلاد النزيل بعمل حفلة صغيرة له بهذه المناسبة، وفي يوم (1/7) فوجئ العاملون في الفندق ان معظم النزلاء كانوا عراقيين من مواليد 1/7.

ولكن العاملين لم يعرفوا سبب ذلك، حالهم حال العراقيين أصحاب المناسبة.
كان التولد قبل احصاء السكان عام 1957، اي في إحصاء السنوات (1927 – 1934 – 1947) يقتصر على تسجيل السنة فقط، وكانت سنة التولد تسجل تقديراً، اعتماداً على تقدير الاب او المختار او الطبيب او الموظف المكلف بالإحصاء، او موظف دائرة ( النفوس) اي الاحوال المدنية حالياً، لعدم وجود مستمسك رسمي يحدد السنة بدقة، كبيان الولادة الا نادراً، حيث لم يعتد الناس على تسجيل ذلك لانعدام حاجة الناس آنئذً لذلك، أوتهرباً من الخدمة العسكرية، ولعدم وجود جهة او دائرة رسمية معنية به، ولان اكثر الولادات كانت تتم في البيوت، ولا تتم في المستوصفات او المستشفيات الا في الحالات الحرجة، هذا ان وجدت المؤسسات الصحية المذكورة، وذلك لقلة عددها او انعدامها في اغلب المدن، فضلاً عن الارياف.
وكان بعض الاباء او الاجداد الذين لديهم حظ من المعرفة يسجلون ولادات أبنائهم، لاسيما الذكور على صفحات القران الكريم او اي كتاب اخر.
وكان الامر في اغلب الأحيان، يقتصر على تسجيل السنة فقط، والتي لم يكن يتوصل الى تحديدها الا بصعوبة بالغة احياناً.

وقد يسهل الامر عندما تكون ولادة الشخص مقترنة بإحدى الحوادث التاريخية او الظواهر الاجتماعية او الطبيعية كَـ (دكّة) ثورة العشرين او دكَّة رشيد عالي او سنة الفيضان او سنة الجراد او سنة التمّين (التموين 1948) او ثورة تموز او غيرها، وتكون ولادة الشخص قد حصلت فيها او قبلها او بعدها بسنة او أكثر وهكذا.
وكان احصاء السكان عام (1957) الذي اأُجرى في 2/10/1957 أفضل من عمليات التسجيل الاحصائي في السنوات السابقة، وأجري بصورة علمية ومهنية أكثر تطوراً منها، وبإشراف خبراء من الامم المتحدة.

وكان يطلق عليه شعبيا (الانحصار) وليس الإحصاء، وذلك لان الناس حين اجرائه أحصروا في بيوتهم لمنع التجوال الذي فرض يوم اجرائه.

وورد في مقالة نشرت في جريدة المشرق ذكر الاستاذ خالد حسن الخطيب ، نقلا عن الاستاذ عبد الوهاب الجبوري الذي ساهم في عملية الاحصاء المذكور:

ان البروفسور المصري محمد رياض الشنواني احد خبراء الامم المتحدة المشرفة على الإحصاء، هو الذي حدد يوم 1/7 من العام الميلادي يوم ميلاد للعراقيين عندما لا يكون هناك مستمسك يشير الى اليوم والشهر الذي ولدوا فيه.

ويبدو انه اختير تاريخ (1/7) لأنه منتصف السنة. وقد اعتمد ذلك التاريخ رسمياً، فقد نصت المادة (17) من تعليمات الاحوال المدنية رقم (1) لسنة 1957 على اضافة (1/7) الى حقل اليوم والشهر من تاريخ الولادة، إذا لم يدونا في الحقلين المذكورين، على ان لا يتعارض ذلك مع تاريخ الواقعات الخاصة للوالدين أو مع تاريخ تنظيم شهادة الميلاد لصاحب القيد.

إن اعتماد 1/7 لتثبيت تولد اليوم والشهر لم يكن جديداً في حالة فقدانهما، وإنما اعتمد في العراق منذ سنة 1938، فقد جاء في (الإذاعة المالية بتثبيت اعمار الموظفين) عدد (3) لسنة 1938 الصادرة عن وزارة المالية:

"حيث ان معظم مستندات العمر التي تحتوي سنة التولد، لا تحتوي اليوم والشهر من تلك السنة، فإذا كانت سنة التولد في المستند سنة ميلادية، فيعتبر متولداً في 1/7.

أما إذا كانت سنة رومية (وهو ما كانت يعتمد في العهد العثماني) فيعتبر متولداً في 1/9 (لان السنة المالية العثمانية تبدأ في 1/4، وهذا ما كان معتمداً في العراق لغاية سبعينات القرن الماضي أي أن الميزانية لا تنفذ الا بعد 1/4 من كل سنة).

ولما كان معظم العراقيين في إحصاء سنة 1957، لا تتوفر عنهم المعلومات عن اليوم او الشهر الذي ولدوا فيه كما مر سابقاً، لذا أصبح التاريخ (1/7) عيد ميلاد قسرياً لمعظم العراقيين.

في عام (1978) أصدر مجلس قيادة الثورة المنحل قراره المرقم (1367) لسنة (1978) اجاز للوزير تعديل تولد الموظف من (1/7) الى (31/12) من نفس العام الميلادي عند احالته على التقاعد، اي مددت خدمة الموظف ضمناً لـ(6) أشهر.

ويبدو ان صدور هذا القرار جاء تعديلا للحالة القسرية التي جعلت معظم العراقيين يولدون في يوم واحد.

وقد تبنى قانون التقاعد الجديد رقم (9) لسنة (2014) هذا المبدأ في المادة (34/ ثانياً) منه، حيث اجاز للوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة او المحافظ اعتماد نهاية السنة التقويمية اي 31/12 تاريخاً للتولد بدلاً من 1/7 من تلك السنة.
وبعد ازدياد الوعي الصحي والثقافي ومراجعة الناس الدوائر الصحية لتسجيل ولاداتهم سواءً كانت في المستشفيات أم في غيرها، أصبح اللجوء الى تقدير يوم وشهر التولد حالة نادرة، وقد تنعدم مستقبلاً.

وإذا كان القوانين السابقة أجازت لموظف الأحوال المدنية إضافة يوم وشهر التولد (1/7) عند انعدامهما، الا أن قانون البطاقة الموحد رقم (3) لسنة 2016، لم يجز ذلك للموظف وانما قرر في المادة (30 /ثالثاً):

في حالة وجود نقص في المعلومات المتعلقة بتاريخ الولادة فيكلف المواطن بتقديم المستمسكات الرسمية التي تكمل النقص لغرض اضافتها في قيد المعلومات المدنية.

 

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1215 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع