بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة قيس وليلى - الجزء الاول
دخل الطبيبان قيس وليث صالة المغادرة بمطار روما فجلسا على الكرسيان الوحيدان الشاغران وصارا يترقبا الاعلان عن الرحلة. اخرج ليث علكةً من جيبه وعرضها على زميله قيس فاخذها منه وصار يمضغها.
د. ليث : يبدو ان الطائرة ستكون مزدحمة للآخر، انظر الى كل هؤلاء الركاب، انهم جميعاً في طريقهم الى لندن.
د. قيس : لا ليس بالضرورة يا ليث. فطائرتنا ستهبط بمطار فرانكفورت اولاً قبل ان تواصل الرحلة الى لندن. ولكن يا ترى ما هو نوع الطائرة؟
د. ليث : اغلب الظن ستكون بوينغ 737 او ايربص A320 لان ذلك الجيل من الطائرات يستعمل فقط للرحلات القصيرة بداخل اوروبا. بالمناسبة، انا معجب جداً بالخطاب الذي القيته بالامس. كم ارتحت لانهم لم يختاروني كي القيه امام 650 اخصائياً. لقد كان ادائك مدهشاً حقاً وقد صفق لك الجميع في ذلك المؤتمر الطبي.
د. قيس : كلانا عمل على ذلك البحث يا ليث فقضينا ساعات طوال ونحن ندرس ونجرب ونخطئ ونصيب لكنك رفضت ان تلقي الخطاب لانك تتلعثم عندما تقف امام جمعٌ غفيرٌ من المستمعين. هل تتذكر عندما كنا في كلية ؟ كنت تجد صعوبة في التحدث مع استاذنا بالبداية لما كان يطلب منك تشخيص حالة المريض امام باقي الطلاب؟
د. ليث : وكيف انسى؟ كان ذلك يسبب لي الغثيان مع اني كنت اعرف الجواب بشكل كامل.
د. قيس : على العموم، لقد سُجّل البحث باسمينا وانا جداً سعيد بوجودك معي اخي ليث. من دونك ما كنت لاتمكن من العمل وحدي.
فجأة سمعا صراخاً وضجيجاً من آخر صالة المغادرة فانتفض د. ليث وركض باتجاه الضجيج كي يتبين الامر ثم رجع لصديقه وقال،
د. ليث : هناك رجل سقط على الارض، دعنا نذهب اليه ونسعفه.
اسرع الطبيبان باتجاه الحشد الذي تجمهر حول المصاب المستلقي على الارض وقالوا، "الرجاء ابتعدوا، نحن اطباء"
اخرج ليث سماعته من حقيبته اليدوية وصار يستمع الى دقات قلب المصاب بينما وقف قيس بجانبه. رفع ليث رأسه وقال،
د. ليث : نبظه ضعيف جداً يبلغ 35 نبضة بالدقيقة، انه كبير بالسن ولكنه كما لو كان رياضياً. .
د. قيس : لحظة واحدة يا ليث، دعني استمع لدقات قلبه. اعطني السماعة لو سمحت.
اخذ قيس السماعة من صاحبه وصار يستمع الى دقات القلب. وبهذه اللحظة جاء احد رجال الشرطة الايطالية وامر الجميع بالابتعاد عن المصاب الا ان الطبيبين لم يمتثلا لاوامر الشرطي. بقي الشرطي ينظر الى قيس وهو يفحص المصاب وما هي الا دقائق ووصل فريق من رجال الاسعاف فامروا الجميع بالابتعاد. لكن قيس بقي مع المصاب وبقي ليث واقفاً بجانبه. التفت قيس الى الرجال المسعفين وقال، "اعطوني جهاز قياس الضغط" فاعطوه فربطه على ذراع المصاب وبدأ بالكبس عليه عدة مرات بعد ان وضع سماعته تحت الربّاط قال، "لديه هبوط شديد بالضغط، ساحاول ان ارجعه الى وعيه"
لطمه على خده عدة مرات وقال بالانكليزية، "سيدي، سيدي، هل تسمعني؟"
بدأ المصاب يفتح عينيه وينظر الى د. قيس وقال، "اجل اسمعك"
د. قيس : هل تشعر بالتعب؟
المصاب : نعم.
د. قيس : هل تشعر بالدوار؟
المصاب : نعم.
د. قيس : هل تعرف اين نحن؟
المريض : بالمطار.
د. قيس : هل تتنفس بشكل اعتيادي؟
المصاب : لا.
د. قيس : هل لديك مشاكل بالقلب؟
المصاب : اجل.
نظر قيس الى زميله ليث وقال بالعربية،
د. قيس : يبدو انه هبوط بدقات القلب "براديكارديا" يجب نقله الى المشفى فوراً.
هنا بدأ المصاب يتكلم بالعربية إذ قال،
المصاب : شكراً لك يا دكتور. سمعتك تتحدث مع زميلك بالعربية.
د. قيس : انا اسمي الدكتور قيس وهذا زميلي الدكتور ليث. لم اكن اعلم انك عربي؟
المصاب : اجل انا مصري. وانا جداً ممتن لحضرتكما يا دكتور قيس ويا دكتور ليث لانكما اسرعتما لانقاذي.
د. قيس : هذا واجبنا يا استاذ. هل انت مقيم بايطاليا؟
المصاب : كلا، انا في اجازة قصيرة. جئت من مصر لازور ابنتي وزوجها بروما. وكنت ساذهب الى فرانكفورت لاقضي اسبوعاً هناك واعواد بعدها لمصر لولا اصابتي بهذه الازمة. والآن سيرجعوني الى روما على الارجح وستفوتني رحلة فرانكفورت.
د. قيس : انها لمصلحتك، اتمنى لك الشفاء العاجل.
المصاب : خذ يا دكتور، هذه بطاقتي الشخصية. اذا جئتما الى مصر فساتشرف باستقبالكما ببيتي.
د. قيس : ان شاء الله، اعتني بنفسك الآن.
وضعه رجال الاسعاف فوق السرير المتنقل وانطلقوا به بعيداً.
رجع الطبيب الى مقعده وجلس بجانب صديقه ليث وهو يتفحص البطاقة الشخصية للمصاب فقرأ الاسم. المحامي عبد الفتاح الوكيل / استشاري القضايا الجنائية. خريج جامعة الصوربون باريس. حالما جلس على الكرسي سمع الاعلان بالبدئ بالصعود الى الطائرة وقف ووضع بطاقة المحامي الشخصية بمحفظته ثم سار مع صديقه الى مدخل الطائرة. فور دخولهما قمرة الركاب صار الركاب يصفقون لهما كأنهما الابطال العائدون بالنصر من المعركة. ابتسما ورفعا ايديهما الى الاعلى تعبيراً عن امتنانهما للجميع ثم جلسا بمقعديهما. لبسا حزام الامان وصار قيس يقلب احدى كراسات الامان فتأكد من ان الطائرة هي من نوع بوينغ 737-800 فقال لصاحبه.
د. قيس : لقد كنت على حق يا ليث بخصوص نوع الطائرة.
د. ليث : وانت، ماذا فعلت بخصوص زوجتك؟ الا زالت الحرب العالمية الثالثة مستعرة بينكما؟
د. قيس : لا اعلم يا صاحبي مهما حاولت ان اهدئ الامور بيننا، تعود وتشعلها ثانيةً. يبدو اننا وصلنا الى طريق مزدود. انا لم اعد احتمل جنونها اللا محدود. كلما اطلب منها ان تذهب الى طبيب نفسي تقول لي بانها ليست مجنونة.
د. ليث : بصراحة، انا لاحظت ذلك بالمرة الاخيرة التي زرتكما فيها. لقد قَلَبَتْ امراً بسيطاً جداً الى مشكلة كبيرة وصارت تصرخ باعلى صوتها بشكل هستيري.
د. قيس : يبدو ان الطلاق اصبح امراً لا مفر منه، فانا لم اعد احتمل.
د. ليث : انا لا افهم ذلك ابداً. فكلاكما عراقيان وكلاكما جئتما الى بريطانيا منذ اكثر من 20 سنة وقد جمعتكما قصة حب جميلة انتهت بزواجكما قبل 5 سنوات فانتقلتْ هي الى بيتك وكنتم تبدون بغاية السعادة. فماذا طرأ للعلاقة؟
د. قيس : لا اعلم يا صاحبي، المشكلة بدأت بعد مرور 3 سنوات على زواجنا. صارت فكرة الانجاب تسيطر عليها مع انها تعلم جيداً ان المرأة عندما تعبر سن الاربعين يصبح حظها في الانجاب قليلاً. هي الآن 42 سنة كما تعلم. لكنها تصر على الرغبة بالانجاب.
د. ليث : ارجو ان لا تعتبره تطفلاً مني ولكن لماذا لم تحاولا طرق اخرى؟
د. قيس : لقد استشرنا اخصائيين بالانجاب وخضعنا للـ IVF الداخلي ثم الخارجي ثلاث مرات لكن جميع محاولاتنا بائت بالفشل. طلبت منها ان تسلم امرها الى الله لكنها بقيت مصرة على انها يجب ان تنجب باي ثمن فانعكس ذلك على تصرفاتها معي ومع الآخرين حتى حولت حياتنا الى جحيم لا يطاق، لا يطاق يا ليث.
د. ليث : انا جداً آسف على مصير زواجكما الذي دام 5 سنوات. لم احسب يوماً انكما ستصلا الى مرحلة الطلاق.
د. قيس : ما العمل يا صديقي، قل لي؟ هل هناك سبيل آخر؟
وبتلك اللحظة جائت احدى المضيفات وسألتهما "دجاج ام بقر؟"
د. قيس : دجاج لو سمحتِ.
د. ليث : وانا كذلك، دجاج لو سمحتِ.
سكت الرجلان عن الحديث لانشغالهما بتناول وجبة الغداء وعند الانتهاء منها قال ليث،
د. ليث : لم احظى بنوم هادئ بالامس بسبب الغرفة التي بجانبي في الفندق فقد كانوا يمارسون الحب طوال الليل. يبدو انهما عرسان بشهر العسل.
د. قيس : مع ان ذلك الفندق كان 4 نجوم واحدى مواصفات الاربع نجوم هو تصميم الغرف من ناحية عزل الصوت التام.
د. ليث : ربما كان مالك الفندق من رجال المافيا وقد اعطى المفتش عرضاً لم يكن يستطيع رفضه فمنحه اربعة نجوم هاهاها
د. قيس : إذاً، نام الآن يا عزيزي ليث وخذ قسطاً من الراحة. ساقوم بحراستك بنفسي هاهاها.
بينما ارجع ليث كرسيه الى الخلف وغرق مباشرة بنوم عميق بقي قيس يفكر بمشاكله مع زوجته وكيف سيتصرف باجرائات الطلاق وكيف سيوفق بين تلك الاجرائات وساعات عمله الطويلة بالمشفى. وبعد مرور بضع ساعات شرعت الطائرة بالهبوط بمطار فرانكفورت فربط حزامه وايقظ صديقه ليث كي يقوم بتعديل الكرسي استعداداً للهبوط. اعلنت المضيفة ان من لا ينوي المغادرة الى مدينة فرانكفورت فعليه البقاء بمقعده لان الطائرة ستتزود بالوقود ثم تواصل الرحلة الى لندن. توقفت الطائرة على ارض المطار وبقي الصديقان بمقعديهما ساعة كاملة حتى بدأت الاستعدادات للاقلاع ثانية.
د. ليث: متى ستبدأون باجرائات الطلاق؟
د. قيس : لدي موعد غداً صباحاً مع محامي اسمه پيتر مگريگر. مكتبه في منطقة هاي ستريت كنسنگتون بالقرب من فندق تارا.
د. ليث : هل تريدني ان اتي معك؟
د. قيس : هذا لن يكون ضرورياً شكراً يا اخي، ساذهب وحدي.
د. ليث : كما تشاء ولكن ارجوك لا تتردد في ان تطلب مني اي شيء متى ما احتجت.
د. قيس : يا ليث انت اكثر من اخ فالصديق بالغربة يكون حميماً اكثر من الصديق بداخل الوطن.
بعد ساعتين وربع هبطت الطائرة بمطار هيثرو بلندن وخرج الصديقان من صالة المغادرة ثم عادا الى منزليهما. اثر دخول قيس الى بيته استقبلته زوجته بتهكم ساخر.
د. سهاد : هل استمتعت برحلتك مع النساء الايطاليات يا دونجوان؟ هاهاها
د. قيس : اهذا بدلاً من الترحيب بي يا سهاد؟ فقد غبت عنك اسبوعاً ونصف.
د. سهاد : ذهبت لتستمتع بوقتك مع صديقك القواد ليث. هو اعزب ولا احد يلومه إن انغمس مع العاهرات الايطاليات اما انت فمتزوج وعليك ان تلتزم بالاخلاق.
د. قيس : لا حول ولا قوة الا بالله. يا سهاد، لقد حضرنا مؤتمراً طبياً متخصصاً بالكارديولوجي. وقد القيت محاضرة عن الاسلوب الجديد الذي طورته مع دكتور ليث في معالجة الصمامات بين الاذين والبطين. وجميع ما دار بذلك المؤتمر موثق بالتقرير النهائي الذي تستطيعين الاطلاع عليه. فلماذا تطعنيني بكلامك الجارح؟ اهذا بدلاً من الترحيب بي بعد رحلة مضنية؟
د. سهاد : انا متأكدة انكما لم تضيعا الوقت خارج ساعات المؤتمر. فالكلاب على اشكالها تقع.
د. قيس : إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي شهادة لي باني كامل.
د. سهاد : والآن اصبحت فيلسوفاً يا استاذ قيس؟
د. قيس : سامحك الله يا سهاد. اسمعيني جيداً، ساذهب بالغد لاتحدث مع محامي متخصص بامور الطلاق، هل ارتحت الآن؟
د. سهاد : ارتاح؟ تقول ارتاح؟ كيف ارتاح بعد ان انقلب حبك كله الى حقد وكراهية وغش وخداع؟ هل نسيت كلماتك الرقيقة؟ هل نسيت كيف كنت تتغزل بجمالي وببشرتي البيضاء الناعمة وشعري الاشقر وشامتي التي على خدي.
د. قيس : كل ذلك كان مجرد ديكور على انسانة شريرة متغطرسة جعلت من حياتي جحيم. انت الشيطان الرجيم يا سهاد. انا لم اشعر بالراحة معك يوماً واحداً.
د. سهاد : تريد ان ترتاح مني إذاً اليس كذلك؟
د. قيس : حسبي الله ونعم الوكيل فيك. لا اعلم كيف اتحدث معك.
نظرت اليه نظرة ازدراء ثم تركته وذهبت الى غرفة الجلوس بينما صعد هو الى الطابق العلوي وخلع ملابسه ثم دخل سريره وغرق بنوم عميق. في صباح اليوم التالي استيقظ باكراً على صوت المنبه وهو يشير الى الساعة الثامنة فقام وحلق ذقنه وارتدى ملابسه ثم خرج بسيارته متجهاً الى منطقة هاي ستريت كنسنگتون وكله عزم على انهاء مأساته مع زوجته سهاد فقد طفح الكيل. وعندما وصل هناك وجد صعوبة كبيرة في صف سيارته لان المنطقة كانت مزدحمة جداً. لذا وجد موقفاً للسيارات بعيداً عن مكتب المحامي، اوقفها هناك وسار على قدميه يبحث عن العنوان الذي بين يديه ولما وصل الى فندق تارا علم انه اصبح قريباً جداً عن المكتب. تطلع الى اليافطة فقرأ اسم المحامي ليتأكد من انه بلغ ضالته. دخل العمارة وصعد للدور الاول فاستقبلته موظفة الاستعلامات. اعطاها اسمه فطلبت منه الدخول الى صالة الانتظار لحين يستدعى من قبل المحامي. دخل صالة الانتظار فوجد سيدة شقراء جميلة جداً جالسة على الاريكة وبيدها مجلة تتصفحها. نظر حوله فوجد آلة قهوة. اخرج كأساً ورقياً واراد ان يضغط على زر الآلة الا ان الآلة لم تستجيب فسمع السيدة من خلفه تقول له،
السيدة : انها معطلة. لقد جربتها قبل قليل.
د. قيس : حسناً. شكراً على التنبيه.
رجع وجلس على كرسي امام السيدة وبدأ يتفحصها بدقة، فوجد ملابسها بغاية الاناقة يخرج منها عطر فواح جعل من قيس يتحسر على زوجته التي كانت لا تحب ان تتعطر بالعطور التي يهديها اليها ولا تحب ارتداء الملابس الانيقة وعندما كان يسألها عن السبب كانت تقول انها انسانة عملية لا ترغب في اثارة غرائز الرجال. دخلت عليهم سكرتيرة المحامي وقطعت عليه سلسلة افكاره قائلة،
السكرتيرة : سامحوني يا سادة وسيدات فإن المحامي مشغول جداً وسوف لن يتمكن من مقابلتكما الا بعد ساعة ونصف من الآن.
تفحص قيس ساعته فوجدها تشير الى العاشرة والربع فوقف قيس وذهب الى دورة المياه ليقضي حاجته ثم خرج من دورة المياه وهبط السلم ثم خرج من العمارة. شاهد بباب العمارة السيدة التي كانت جالسة معه بغرفة الانتظار وهي واقفة على الرصيف فسألها،
د. قيس : هل تحتاجين لواسطة نقل يا مدام؟
السيدة : انا انتظر سيارة اجرة كي تمر من هنا، شكراً.
د. قيس : سوف لن تجدي سيارة اجرة بهذه المنطقة بمثل هذا الوقت. هل تريدين ان اوصلك بسيارتي؟
السيدة : واين انت ذاهب؟
د. قيس : انا ذاهب الى مقهى ومطعم بحديقة الهايدبارك اسمه السرپنتاين كي اتناول القهوة. الا تفضلتِ وجئت معي؟
السيدة : حسناً، ولكن هل سترجع الى مكتب المحامي فيما بعد؟
د. قيس : بالتأكيد، فان لدي موعد معه لكنه كما شاهدت قد حصل لديه امر طارئ فاضطر لتأجيل موعدي.
السيدة : واجل موعدي انا ايضاً. حسناً دعنا نذهب الى المقهى. انا اسمي ليلى برتو.
هنا انتبه قيس الى اسمها والذي يوحي الى انها قد تكون عربية فسألها بالانكليزية،
د. قيس : اتشرف بحضرتك يا مدام. هل انت عربية؟
فاجابته بالعربية هذه المرة وبلهجة مصرية قائلةً،
ليلى : اجل انا عربية من مصر وحضرتك؟
سارا باتجاه موقف السيارات ثم عثر على سيارته ففتح الباب لها حتى دخلت واغلق الباب بعدها جلس الى جانبها وادار المحرك فسارت بهما السيارة. واصلا حديثهما حتى دخلا المقهى وجلسا فيه،
د. قيس : اتشرف بك يا مدام ليلى، انا اسمي قيس من العراق، انا مقيم هنا بلندن واحمل الجنسية البريطانية.
ليلى : أتشرف بحضرتك يا دكتور. انا مقيمة فقط ولا زالت جنسيتي مصرية.
د. قيس : هل لديك قضية لدى المحامي؟
ليلى : اجل انا اريد ان ارفع قضية طلاق على زوجي وانت؟
د. قيس : انا كذلك، اريد ان ارفع قضية طلاق على زوجتي. يبدو ان كلانا لديه الهدف عينه. ولكن دعيني اسألك إن أذنتِ لي، لماذا تريدين الطلاق من زوجكِ؟
ليلى : بالحقيقة زوجي اسمه مجدي عبد السلام يعمل منذ 3 سنوات كنائب الملحق الثقافي بالسفارة المصرية. رجع الى مصر بالعام الماضي لزيارة اهله بالقاهرة وبالصدفة شاهدني بحفلة عرس لاحدى صديقاتي فاعجب بي وبعد ذلك جلب عائلته وطلبني من اهلي بشكل رسمي. كنت وقتها قد تخرجت للتو من كلية التجارة وكنت اامل ان اشتغل بمجال تخصصي الا ان القسمة والنصيب كانت اقوى من آمالي وتطلعاتي للمستقبل فوافقت على الزواج منه وكان العرس سريعاً جداً لم يتسنى لي ان اتعرف عليه بشكل جيد. فوقع ما لم يكن بالحسبان. تزوجنا في شهر يونيو وسافرت معه بعد مرور شهر واحد بعد ان استخرج لي الاوراق اللازمة من وزارة الخارجية. بالوهلة الاولى اثر وصولنا لندن كانت معاملته معي جيدة جداً وشعرت اني بالجنة. لكنه بدأ يتغير تدريجياً وصار يتشنج ويصرخ ويعاملني معاملة سيئة للغاية. كنت احاول ان اتحمله واصبر في امل ان يغير من اسلوب تعامله معي ويصبح انساناً سلساً طبيعياً الا انه لم يتغير بل سار نحو الاسوأ إذ انه اصبح يرجع آخر الليل مخموراً ويلجاً الى العنف بحيث كان يرفع يده عليّ لكل صغيرة وكبيرة.
صارت ليلى تبكي بمرارة وصار خرير المسكارا واضحاً على وجهها. حاولت البحث بحقيبتها عن منديل لكنها لم تجده. انتبه قيس لحالتها فاخرج منديله الشخصي واعطاها اياه فصارت تمسح به دموعها فشكرته واكملت حديثها،
ليلى : بعد عام كامل من زواجنا اكتشفت انه يرتاد...
بهذه اللحظة مرت من جانبهما سيدة زنجية تدفع عربة لطفل وعندما اصبحت قريبة منهما اسقط طفلها زجاجة الحليب على الارض دون ان تنتبه امه لذلك قطعت ليلى حديثها والتقطت الزجاجة واعطتها للسيدة ثم عادت واعتذرت من قيس وقالت،
ليلى : عفواً، اين كنا؟ اجل بعد عام كامل من زواجنا اكتشفت انه يرتاد صالة قمار تدعى گروفنير ڨكتوريا بشارع اجور رود لاني عثرت بملابسه على وصولات وبطاقة اشتراك للصالة. كذلك اكتشفت ان لديه علاقة غرامية مع سيدة من جنوب افريقيا تدعى فيونا مايس ولما واجهته بتلك السيدة لم ينكر بل قال بكل وقاحة انه رجل وبامكانه ان يمارس حقوقه كما يشاء وانه إذا ما طلقني فانهم سيبعثون بي الى مصر فوراً لان اقامتي ببريطانيا مرتبطة بزواجي معه. لكني لم أبه بشيء لذا جئت اليوم كي اتحدث مع المحامي حتى يرفع دعوة للطلاق ويخلصني من هذا الظالم.
د. قيس : وهل لديكم اطفال؟
ليلى : كلا، كنت انتظر ان يغير من اخلاقه وتصرفاته قبل ان افكر بالانجاب.
د. قيس : انها فعلاً قصة حزينة. صدقيني يا مدام ليلى، ليس هناك انسان مرتاح بهذه الدنيا. فانا كذلك اعمل كطبيب جراح بمشفى الملكة ماري بجنوب غرب لندن. تعرفت على زوجتي الدكتورة سهاد قبل 5 سنوات وتزوجنا فانتقلت وسكنت عندي ببيتي تاركة شقتها بمنطقة كنتش تاون وسرعان ما بدأت مشاكلنا التي تركزت على الانجاب.
ليلى : انها فعلاً مشكلة عند بعض النساء. ولكن كم عمر زوجتكَ؟
د. قيس : انها 42 عاماً. ونحن نعلم ان المرأة من الصعب ان تنجب بمثل هذا السن. والانجاب بالنسبة لي هو شيء ثانوي. الا انها تعتبره امراً اساسياً.
ليلى : هذا صحيح. الكثير من النساء يشعرن كذلك ولكن هل جربتم الانجاب الاصطناعي؟
د. قيس : اجل بحكم عملنا كاطباء فنحن لدينا الكثير من الزملاء من الاطباء المتخصصين بالانجاب. وقد قمنا بعدة محاولات الا انها لم تكلل بالنجاح.
ليلى : كان يجب عليها ان تسلم امرها لارادة الله.
د. قيس : وهذا ما كنت اقوله لها دائماً. الا انها اصبحت تعاني من هوس اسمه الانجاب. تخيلي طلبت مني السفر الى المغرب لان هناك سحرة ومشعوذين يدّعون انهم يستطيعون ان يحلوا عقدتها. لكني كنت ارفض كل تلك الممارسات والشعوذات رفضاً قاطعاً.
ليلى : يبدو ان كلانا غير محظوظاً بزواجه يا دكتور.
د. قيس : هذا صحيح ولكن دعنا نترك الهموم جانباً. والآن اخبريني، هل اعجبك المكان؟
ليلى : انه رائع جداً ورومانسي لابعد الحدود فمنظر البحيرة خلاب وانا لا اصدق ان مدينة مزدحمة مثل لندن فيها مكان جميل مثل هذه البحيرة. زوجي لم يأخذني لاي مكان بلندن، فمنذ ان جئت لبريطانيا وانا حبيسة الدار.
د. قيس : هناك قوارب تجديف بالبحيرة بامكاننا ان نستأجرها لنتنقل بها حول البحيرة. هل يعجبك ذلك؟
ليلى : دعنا نتناول قهوتنا اولاً ثم نفكر بالرحلة المائية فيما بعد.
وبهذه اللحظة جائتهم النادلة واخذت طلباتهم ثم رجعت بعد قليل واحضرت القهوة. جلس الاثنان لمدة ساعة كاملة وهما يحدثان بعضهما عن حياتهما التعيسة حتى تفحص قيس ساعته وقال،
د. قيس : يا الهي، لقد اخذنا الوقت، يجب علينا الرجوع كي نلحق موعدنا مع المحامي.
ليلى : هيا إذاً.
رجع الاثنان الى غرفة الانتظار بمكتب المحامي فنادت السكرتيرة على الدكتور قيس اولاً فاستأذن من ليلى ودخل الى مكتب المحامي. اوصد الباب خلفه ليجد المحامي جالساً خلف مكتبه يدخن سيجارة الكترونية. نظر بوجه قيس وقال،
المحامي : تفضل بالجلوس يا دكتور جبوري. انا احاول الاقلاع عن التدخين.
د. قيس : شكراً لك سيد مگريگر. اليوم جئتك بصدد الطلاق من زوجتي.
المحامي : اجل خبرتني ذلك بالهاتف لكن اليوم سنتحدث بشكل مفصل اكثر من الالف الى الياء.
د. قيس : وانا مستعد لذلك.
بدأ قيس يحدث المحامي عن فترة الزواج التي دامت 5 سنوات وكيف ان زوجته بدأت تتغير بسبب الانجاب حتى اكمل حديثه بآخر محادثة مع زوجته حين اخبرها بانه صار يتكلم عن الطلاق هنا اوقفه المحامي وسأله،
المحامي : إذاً، الطلاق فيه رضى من كلا الطرفين اليس كذلك؟
د. قيس : اعتقد ان كلانا يرغب الطلاق لاني لما حدثتها عن الطلاق لم تمانع.
المحامي : هذا شيء جيد سيجعل مهمتي اسهل بكثير مما لو كانت من طرف واحد فقط.
اكمل المحامي متطلباته باستلام نسخ من وثيقة الزواج وصور من جوازات سفرهما وبعض الوثائق الرسمية من المشفى الذي يعملان به ثم ختم المقابلة وقال،
المحامي : اطمإن يا دكتور جبوري، كل شيء سيكون على ما يرام، سارد لك الخبر عندما يجد جديد.
د. قيس : سؤال اخير سيد مگريگر، كم ستدوم قضية الطلاق؟
المحامي : من الصعب التكهن بذلك. ولكن إذا اسرع محامي الطرف الثاني لزوجتك فنحن ننظر الى مدة ثلاث او اربعة اشهر.
د. قيس : هذا شيء جيد سيدي. اسعدت صباحاً.
خرج قيس من مكتب المحامي فشاهد ليلى تنظر اليه بتساؤل فقال لها،
د. قيس : يبدو انني في طريقي الى الخلاص من همومي عن قريب.
قبل ان تستطيع ان تبدي رأيها بما قاله سمعا السكرتيرة وهي تنادي اسم ليلى فاعتذرت وقالت،
ليلى : عذراً يا دكتور، يجب علي الدخول على المحامي.
دخلت ليلى مكتب المحامي واغلقت الباب ورائها. خرج قيس ونزل الى الشارع. سار على قدميه حتى وصل الى موقف السيارات البعيد. ركب سيارته وهم بتشغيل محركها ثم تذكر انه لم يأخذ رقم هاتف ليلى فرجع الى مكتب المحامي يجري في الشارع كي يلحق بليلى قبل ان تخرج ولما وصل الى سكرتيرة المحامي سألها،
د. قيس : هل خرجت السيدة ليلى برتو من مكتب السيد مگريگر.
السكرتيرة : اجل سيدي، خرجت قبل بضع دقائق.
د. قيس : هل تأذنين لي باخذ رقم هاتفها؟
السكرتيرة : انا آسفة يا دكتور جبوري. انا غير مخولة لاعطاء معلومات الزبائن لاي شخص.
د. قيس : ولكننا اصدقاء، اقصد اننا اصبحنا اصدقاء وقد شربنا القهوة قبل ان نأتي الى المكتب وقد دخلنا سوية. الا تتذكرين ذلك؟
السكرتيرة : اكرر اسفي يا سيد جبوري، لا استطيع البوح بمعلومات الزبائن.
علم قيس انه لا يستطيع ان يضغط عليها اكثر من ذلك فقال،
د. قيس : حسنا سيدتي، شكراً لك.
خرج قيس وهو بغاية الحزن لانه ربما يكون قد خسرها وفقد الاتصال بتلك السيدة الى الابد. بقي يفكر بها ويتحسر على اخلاقها وجمالها واناقتها ورائحتها الفواحة بينما كان يسير بالشارع عائداً الى موقف السيارات. صار يفكر بكل الاحتمالات حتى توصل الى احتمال ضعيف هو انه يحاول الحصول على عنوان السفارة المصرية بالهاتف اولاً ثم يرابط خارجها عله يشاهد ليلى تدخل او تخرج من السفارة لكنه عاد ومحى ذلك التصرف من باله لانها قد تكون مع زوجها وقد يسبب لها احراجاً كبيراً خصوصاُ وانها اخبرته عن تصرفات زوجها الفضّة لذلك قرر ان يفكر باساليب غيرها.
ركب سيارته وتوجه الى المشفى وقبل الوصول بعشر دقائق استلم مكالمة على هاتفه النقال من المشفى يطلبون منه المجيء لادائه عملية طارئة فاخبرهم بانه اشرف على الوصول الى المشفى وعليهم ان يعدوا غرفة العمليات رقم 4. وصل قيس المشفى وتوجه مباشرة الى غرفة العمليات فاستقبلته ممرضته الحسناء جنفر قائلةً،
الممرضة جنفر : ادخلنا المريض قبل قليل بناءاً على تعليماتك. عليك ان تدخل فوراً.
د. قيس : انا مستعد. دعيني ادعك يدي وابدأ الاستعدادات.
البسته الصدرية ثم القفازات ودخل الى الغرفة فوجد صديقه ليث واقفاً ينتظره وكان قد جهز نفسه ولبس الكمامة وارتدى قبعته الحمراء المعتادة. حياه وسأله،
د. ليث : اين كنت يا قيس؟ لماذا تأخرت؟
د. قيس : الم اقل لك بالامس اني ذاهباً للمحامي؟
د. ليث : اجل لكنك تأخرت كثيراً. الساعة تشير الى الواحدة ظهراً.
د. قيس : اجل لكني التقيت بامرأة فائقة الجمال. وقد ذهبنا للسرپنتاين وشربنا القهوة.
د. ليث : اهــــــــــــــــا... هذا هو السبب، انت فعلاً ذئب يا صديقي العزيز. ما ان تطلق واحدة الا وتعثر على زوجة جديدة.
بدأ الطاقم الطبي بالعمل كلٌ حسب اختصاصه. واستمر الصديقان بالحديث اثناء اجرائهما للعملية.
د. قيس : انا لم اتكلم معها عن اي زواج او اي شيء من هذا القبيل. كان حديثنا بريء جداً وكنا نتحدث عن مشاكلنا الزوجية لانها تريد ان تتطلق من زوجها هي الاخرى.
د. ليث : هل هي طبيبة؟ انا اعرفك يا قيس لا تقع الا بحب الطبيبات.
د. قيس : لا والله يا صديقي. انها خريجة كلية التجارة من مصر.
د. ليث : هي مصرية إذاً، اليس كذلك؟
د. قيس : اجل وهي انسانة لطيفة جداً وبغاية الاناقة والرشاقة والجمال والانوثة.
د. ليث : وكم يبلغ عمرها؟
د. قيس : اعتقد انها 26 او 27 سنة لانها اخبرتني بانها اكملت دراستها الجامعية قبل سنة فقط.
د. ليث : وماذا عن الطلاق مع د. سهاد، هل سيكون سلساً؟
د. قيس : اجل اخبرني المحامي انه سيكون سلساً لان الطرفين يرغبان الطلاق.
د. ليث : هذا جيد. وفقك الله.
استمرت العملية الجراحية 4 ساعات كاملة، انتهت بنجاح تام فخرج الاطباء والممرضات الثلاثة وطبيب التخدير من غرفة العمليات. سار قيس وليث بالممر متجهين نحو مقهى المشفى وواصلا حديثهما هناك إذ قال،
د. ليث : هل ستقابل حبيبتك يسرى؟
د. قيس : اسمها ليس يسرى بل هي ليلى.
د. ليث : الله، الله قيس وليلى اجل قيس وليلى كيف حصل ذلك؟
د. قيس : والله لا اعلم انها صدفة فقط.
د. ليث : وهل اخبرتك انها معجبة بك؟
د. قيس : لا يا رجل. ما هذا الكلام؟ قلت لك اننا تحدثنا عن مشاكلنا فقط وعن الطلاق لانها هي الاخرى جائت لذات المحامي بغرض الطلاق من زوجها.
د. ليث : إذاً عليك ان تتمسك بها لانك ستعاني من فراغ كبير مباشرة بعد الطلاق. المثل يقول (ارمل شهر واعزب دهر).
د. قيس : لكنها لم تعطيني رقم هاتفها.
د. ليث : لا يمكنني ان اصدق انك لم تطلب رقم هاتفها. إذاً هي التي ستتصل بك، اليس كذلك؟
د. قيس : هي الاخرى لم تأخذ رقمي.
د. ليث : انت شاطر باجراء اعقد عمليات القلب لكنك غبي بامور عشق القلب. كيف تتركها بهذا الشكل، هل جننت؟
د. قيس : اقسم لك ليوثي لقد رجعت الى مكتب المحامي كي اطلب منها رقم الهاتف فوجدتها قد غادرت فعلاً من المكتب. طلبت هاتفها من سكرتيرة المحامي فلم توافق على منحي الرقم.
د. ليث : وهذا شيء معروف. كيف تتوقع منها ان تعطيك الرقم؟
د. قيس : لا اعلم ليوثي. انا مشتت وفي حيرة من امري.
د. ليث : انت خربت كل شيء كالعادة.
بعد يومين من ذلك الحادث اتصل به المحامي واعطاه موعد المحاكمة وقال ستكون بعد شهرين ونصف من ذلك التاريخ. فسأله عن تاريخ محاكمة ليلى الا ان المحامي اعتذر واخبره بانه غير مخول لادلاء اي معلومات عن موكلته. بذلك اليوم سأله صاحبه ليث قائلاً،
د. ليث : إذا كنت تريد الهروب من البيت فلماذا لا تأتي وتسكن معي حتى موعد المحكمة؟
د. قيس : فكرة طيبة. ساجلب امتعتي اليوم وساسكن عندك.
بعد مرور 10 اسابيع
وقف الدكتور قيس امام محكمة هامرسميث ينتظر المحامي مگريگر. وقبل بدء المحاكمة بنصف ساعة لاحت سيارة المحامي من نوع روڨر ذات الدفع الرباعي ووقفت في موقف المحكمة الرسمي ثم جاء المحامي سيراً على الاقدام وحيى قيس وقال له،
المحامي مگريگر : هل انت مستعد يا دكتور قيس؟
د. قيس : اجل انا على اتم الاستعداد.
المحامي مگريگر : هناك احتمال ان تُسأل اسئلة محرجة اثناء الجلسة فهل بامكانك الاجابة عنها دون انفعال؟
د. قيس : بالتأكيد، فانا مستعد كل الاستعداد لا تقلق.
المحامي مگريگر : إذاً دعنا ندخل وننتهي منها.
دخل الاثنان قاعة المحكمة ودخل بعض الجمهور لمشاهدة وقائع المحكمة. جائت الدكتورة سهاد مع محاميتها الهندية وجلستا بالطرف الايمن للمحكمة. بدأ القاضي بقرائة الاسماء وموضوع المحاكمة وباقي المعلومات ثم سأل الزوجة وقال،
القاضي : يا دكتورة سهاد السربادي هل انت راغبة بالطلاق من زوجك دون اي تعويضات مادية؟
د. سهاد : اجل حضرة القاضي.
القاضي : وانت يا دكتور جبوري هل انت راغب بالطلاق من زوجتك دون اي تعويضات مادية.
د. قيس : اجل حضرة القاضي.
القاضي : إذاً تم الطلاق من تاريخ رفع هذه الجلسة. تتخلي الزوجة منزل الزوج وتسلمه مفاتيح الدار.
خرج قيس الى خارج قاعة المحكمة وهو في غاية السرور فشاهد طليقته سهاد واقفة مع محاميتها فقالت له،
د. سهاد : ها قد حصلت على حريتك يا قيس. بامكانك ان تجلب العاهرات الى بيتك الآن. وستصاب بجميع الامراض الجنسية من السفلس وحتى الايدز.
الا ان قيس لم ينبس ببنت شفة بل تركها وغادر المحكمة متجهاً الى سيارته التي تقف على مسافة عدة شوارع من بناية المحكمة. وعندما رجع الى المشفى كان صديقه ليث بانتظاره فسأله بلهفة،
د. ليث : طمني هل سارت الامور على ما يرام؟
د. قيس : اجل تم الطلاق بشكل سلسٍ جداً.
د. ليث : والآن عليك ان تركز على صديقتك المصرية الجديدة.
د. قيس : انا يئست منها، فليس هناك سبيل للوصول اليها ولا اعلم إن كانت قد فرغت من قضية طلاقها ام لا.
د. ليث : وماذا ستعطيني لو مكنتك من الوصول اليها؟
د. قيس : لا تتعب نفسك. لقد حاولت جميع الطرق يا صديقي ولم انجح باي واحدة منها. سوف لن تتمكن من مساعدتي.
د. ليث : سألتك سؤالاً واضحاً وصريحاً، ماذا ستعطيني لو مكنتك من الوصول اليها؟
د. قيس : اي شيئٍ تريده يا ليث. حتى لو كانت روحي.
د. ليث : إذاً خذ هذه الرسالة بدلاً من روحك. لقد تركتها لك السندريلا المصرية اثناء غيابك في المحكمة اليوم.
اخذ الرسالة من صاحبه وهو بغاية السعادة وبدأ يقرأها،
د. قيس : يا الهي، ما هذا الحظ التعيس. تقول انها ستعود الى مصر غداً. سوف لن اراها ثانية.
د. ليث : هناك طريقة.
د. قيس : كيف بالله عليك اخبرني؟
د. ليث : اذهب للمطار غداً وتكلم معها وخذ منها بياناتها.
د. قيس : ولكنها لم تخبرني عن شركة الطيران او ساعة الاقلاع!
د. ليث : ولماذا عملوا الگوگل إذاً؟
د. قيس : انا احبك ليوثي. انت افضل صديق عندي وداعاً.
د. ليث : اين انت ذهاب الآن؟ لدينا عملية بايپاس بعد ظهر اليوم.
د. قيس : اجري العملية بنفسك واعتذر عني. فانا مطّلق ومحطم نفسياً.
د. ليث : كم انت كذاب. حسناً إذهب ولا ترجع الا بالخبر اليقين افهمت؟
خرج قيس مسرعاً وركب سيارته راجعاً لبيته. فور صوله البيت اخذ علبة كوكا كولا من المطبخ وتوجه مباشرة الى مكتبه. جلس امام الكومبيوتر وصار يبحث بگوگل عن مطار لندن وهناك صار يتحقق من كل الرحلات التي تتجه الى مصر فوجد طائرتان فقط. واحدة للخطوط البريطانية وتقلع الساعة الرابعة فجراً والثانية للخطوط المصرية وتقلع الساعة الحادية عشر صباحاً. هل يا ترى ستكون ليلى على الاولى ام الثانية؟ لم يجد جواباً لهذا السؤال لذا قرر ان يذهب للمطار كي يراقب الاثنتين معاً عله يستطيع ان يشاهد ليلى ويأخذ رقم هاتفها او اي معلومات عنها.
في اليوم التالي استيقظ قيس الساعة الثانية فجراً فارتدى ملابسه وقاد سيارته الى مطار هيثرو ودخل صالة المغادرة. وقف بالقرب من مكتب وزن الامتعة كي يحاول اصطيادها من هناك لكن المسافرين كلهم جائوا ووزنوا امتعتهم ثم غادرو دون ان تكون ليلى بينهم لذلك قرر البقاء بالمطار حتى موعد الرحلة الثانية على خطوط مصر للطيران فبقي ينتظر هناك لساعات طوال حتى بدأ الركاب يصطفون امام مكتب وزن الحقائب للخطوط المصرية. بقي يتفحص وجوه المسافرين كلهم حتى انتهى الطابور وغادر الموظف المصري مكتبه ولم يشاهد ليلى ترحل. فعاد الى سيارته بمراب المطار ورجع بها وهو في غاية الاحباط. دخل المشفى واتجه مباشرة الى مكتبه فوجد قصاصة صفراء ملصوقة على سطح مكتبه. سحبها وقرأ ما فيها،
قرأ الرسالة وبدأ وجهه يضيء بابتسامة ملأت وجهه. اخرج هاتفه النقال وادخل الرقم فسمعه يرن. وبعد ثلاث رنات رفعت السماعة ونطقت بصوت ملائكي هز اوتار قلبه وكاد وجهه يتمزق من حجم الابتسامة التي ارتسمت عليه من شدة الفرح،
ليلى : الو قيس؟
قيس : اجل يا عيون قيس يا روح قيس يا حياة قيس يا امل قيس.
ليلى : ما هذا يا دكتور؟
قيس : اردت ان اخبرك بمشاعري لكن الظروف لم تسمح وقتها. لقد فكرت بك طوال هذه الفترة واردت ان افصح لك عن مشاعري ولم يكن هناك سبيل لذلك.
ليلى : وانا كذلك يا قيس. لكني كنت ما زلت على ذمة رجل آخر ولم اسمح لنفسي ان اشاطرك مشاعري قبل الطلاق.
قيس : اريد ان اراكِ فوراً.
ليلى : السرپنتاين بعد ساعة؟ ما رأيك؟
قيس : اجل السرپنتاين يا روحي، السرپنتاين ياحياتي. السرپنتاين ياعمري.
اغلقت الخط معه وبدأت تستعد للخروج فلبست فستاناً احمراً جميلاً ووضعت على رقبتها سلسلة رفيعة معلق بها ورقة اشجار ذهبية واقراط مطابقة صغيرة رشت عطرها المفضل من نوع دولݘي اند گابانا ذه وان. ثم خرجت واوقفت سيارة اجرة سوداء وسألت السائق،
ليلى : هل تعرف مكان السرپنتاين؟
السائق : هل تمزحين سيدتي؟ الكل يعرفها. اركبي لو سمحتِ.
وقف قيس امام السرپنتاين بينما بدأت السماء تمطر رذاذاً خفيفاً مزعجاً. لكن قيس لم يأبه بذلك المطر. كان يدمدم مع نفسه اغنية فيروز وهي تقول (قديش كان في ناس عالمفرق تنطر ناس و تشتي الدنيي و يحملو شمسية وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني). بالنسبه له كل ما كان يرجوه من هذه الدنيا ان يرى وجه ليلى. وبعد انتظار دام نصف ساعة بانت من بعيد سيارة الاجرة السوداء اللندنية تحمل راكبة واحدة تكاد تشبه ليلى الا انه لم يكن متاكداً لذا بقي يبحلق بالراكبة حتى وقفت امام السرپنتاين. خرجت ليلى منها فابتسم وشعر ان الدنيا كلها تبسمت له. دفعت اجرة السيارة وراحت نحوه فاستقبلها ومد يده كي يصافحها فاخذت يده وقالت،
ليلى : ازيك يا قيس؟
قيس : ازيك انتي يا ليلى؟ لو تعرفين كم طال انتظاري. كنت اتوق للقائك على احر من الجمر. بقيت طوال هذه المدة انتظر منك اي خبر.
فابتسمت وقالت،
ليلى : لو بقينا هكذا فسوف يوزعون علينا الشامپو، ما رأيك أن ندخل الى الداخل؟
قيس : اجل، اجل انا آسف، تفضلي.
دخل الاثنان الى داخل المطعم واختارت نفس الطاولة التي جلسا عليها بالمرة الاولى. جلس قيس امامها والفرحة العارمة تغمره فسألها،
قيس : هل تريدين ان تتناولي وجبة الغداء ام لديك وقت ضيق؟
ليلى : ما هذا الذي تقوله؟ انا اجلت سفرتي فقط لاني اردت ان اراك واودعك. انا عندي كل الوقت بالدنيا.
قيس : وانا كذلك. طلبتُ من سكرتيرتي بالمشفى ان تلغي جميع مواعيدي اليوم لاني ساذهب لامر مهم. لكنها علمت انه معك لانها هي التي اخذت منك الرسالة على الهاتف وتركتها على مكتبي.
وبينما هم يتحدثون جائت النادلة وسألتهم عن طلبهم فطلب منها المزيد من الوقت، سحب القائمة وسألها،
قيس : ماذا تريدين يا عزيزتي؟
ليلى : هل لديهم شرائح اللحم المشوية.
قيس : دعيني اقرأ القائمة لحظة واحدة. اجل لديهم سريلون ستيك مشوي. ساطلب لك ذلك.
جائت النادلة فطلب منها السريلون ستيك لليلى مع البطاطة المهروسة والخضار وطلب لنفسه سمك السلمون بالبطاطا المقلية والخضار. وبعد ان اخذت منهما الطلبات قالت ليلى،
ليلى : لم اشأ ان اغادر الى مصر قبل ان اشكرك على دعمك النفسي لي. فقد رجعت من عندك يومها وانا محملة بالعزم الكبير على ترك زوجي السيء وقد تمكن محامينا البارع من تطليقي منه بسرعة فائقة فانتقلت بعدها بالسكن في الفندق ثم جائتني ورقة من دائرة الهوم اوفيس تعلمني بوجوب مغادرتي بريطانيا. لذلك حجزت الرحلة وحاولت الاتصال بك لكني بآخر لحظة غيرت الحجز لاني لم اودعك.
قيس : هل تصدقين يا ليلى اني ذهبت الى المطار كي احاول ان اودعك هناك لكني لم اجدك على رحلتين الاولى في الفجر والثانية الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم.
ليلى : انا سعيدة لاني التقيتك والا لكنت لمت نفسي قبل ان اودعك.
قيس : تودعيني؟ انت لا تعلمين كم كنت افكر بك طوال تلك الفترة. بالرغم من ان لقائنا كان قصيراً الا اني كنت اشعر بمشاعر كبيرة نحوك.
ليلى : وانا كذلك، ولكني لم اكن قادرةً على البوح بها كوني كنت امرأة متزوجة وهذا لا يليق بي. اما الآن فانا حرة وبامكاني ان اقول لك باني مغرمة بك يا قيس.
قيس : وانا مغرم بك يا احلى واجمل والذ مهلبية مصرية.
ليلى : ومن اين عرفت المهلبية يا قيس؟
قيس : من الافلام المصرية طبعاً.
وبهذه اللحظة جلبت النادلة الطعام ووضعته على الطاولة. نظر قيس اليها وقال،
قيس : شهية طيبة يا ليلى.
ليلى : شهية طيبة يا قيس. نحن نقول "بالهنا والشفى"
قيس : ونحن نقول عافيات اولسن.
وبدأ الحبيبان يتناولان طعامهما واستمر الحديث بينهما،
قيس : الافلام المصرية تغزوا كل تلفزيونات الوطن العربي. واليوم بعد ان تحولت المحطات التلفزية الى فضائيات اصبح الناس بالعالم اجمع يتابعون ما يريدون بكل الاوقات. والآن اتركي الافلام جانباً ماذا ستفعلين الآن ومتى ستعودين الى لندن؟
ليلى : انا ذاهبة الى مصر فقد اخبرت امي وابي انني قد تطلقت من زوجي وهم ينتظرونني بعد غد.
قيس : ليلى انا اريد ان اعيش معك مدى الحياة. هل تقبلين بي زوجاً؟
ليلى : إذا كنت تريد الاقتران بي حقاً فانا انصحك ان تأتي الى مصر وتطلبني من والدي كي نتزوج هناك.
قيس : ساتزوجك واتزوج ابوك ايضاً.
ليلى : هاهاها انت خفيف الدم حبيبي.
وقف قيس بوسط المطعم وصار يصرخ باعلى صوته،
قيس : اسمعتم ما قالت يا ناس؟ قالت حبيبي، قالت حبيبي انا جداَ سعيد يا ليلى. احبك يا ليلى احبــــــــــــــك.
ليلى : وانا كذلك يا عمري. ولكن ارجوك اخفض من صوتك فضحتنا.
غير مكانه وجلس بجانبها ودنا منها قليلاً فدنت منه هي الاخرى وقبلها من شفتيها فتجاوبت معه حتى سمعا صوت النادلة تقول،
النادلة : هل تريدان تناول الحلوى سيدي؟
قيس : الحلوى؟ اجل الحلوى، اجلبي لنا كل الحلوى التي عندك بالمطعم، انا اليوم اريد ان احتفل. اليوم انا ولدت من جديد.
ليلى : تمهل حبيبي تمهل. الحلويات بهذا المطعم غالية الثمن، ثم اني لا اقوى على اي شيء اكثر من قطعة كيك صغيرة مع القهوة.
رفع قيس رأسه وتحدث مع النادلة قائلاً،
قيس : حسناً قطعتي كيك الجبنة مع فنجاني اكسبريسو لو سمحتى.
اخذت طلبهما ورحلت. فعاتبته ليلى بدلع،
ليلى : كيف تطلب اكسبريسو دون ان تسألني؟
قيس : انا اسف يا ليلى لم اقصد ذلك.
ليلى : لماذا تتاسف؟ فانا احب الاكسبريسو جداً يا حبيبي. كنت امازحك وحسب. ثم انك نسيت ما طلبنا عندما التقينا باول مرة؟ لقد كان الاكسبريسو كذلك.
قيس : إذاً ذوقنا واحد يا بسبوستي الحلوة.
ليلى : والآن اخبرني ماذا ستقول للباش مهندس طارق؟
قيس : ومن هو الباش مهندس طارق؟
ليلى : انه والدي يا قيس؟
قيس : ساقول له يا عمي، إذا رفضت ان تعطيني ابنتك ليلى فسانتحر انتحاراً شديداً جداً هنا واصبح قيس الذي مات بحب ليلى بالقرن الـ 21.
ليلى : بعيد الشر عليك حبيبي.
بعد ان فرغوا من تناول قهوتهما خرجا باتجاه موقف السيارات فسألها،
قيس : الى اين يا ليلى؟
ليلى : خذني الى بيتك. اريد ان ارى بيتي المستقبلي.
ركب الحبيبان السيارة وتوجها نحو بيت قيس، ولما وصلا هناك همت ليلى بالخروج لكنه قال "تمهلي". خرج من السيارة واستدار حول السيارة حتى صار امام باب ليلى ففتحها وقال، "تفضلي يا ليلتي". خرجت من السيارة مباشرة الى حضن حبيبها فقبلته وقالت، "هيا انا متشوقة لرؤية البيت". فتح باب البيت فدخلت هي اولاً فتبعها قيس وصار يستعرض عليها المنزل غرفةً تلو الاخرى حتى وصلا الى غرفة النوم بالطابق العلوي فتطلعت بوجهه وسألت،
ليلى : غرفة العمليات؟
قيس : اجل يا روحي هنا ستتم سعادتنا.
ليلى : بل هنا ستبدأ وستستمر حتى آخر يوم من عمرنا.
سحبها الى عنده وقبلها قبلة ملئى بالمشاعر العميقة فاستجابت له وصارت تقبله بطريقة لم يعهدها بزوجته خلال 5 سنوات من الزواج التعيس. قال لها،
قيس : دعينا ننزل الى الطابق السفلي لاعمل لك قهوة عربية رائعة.
ليلى : بل انا التي ساعملها لان هذه من واجباتي من الآن فصاعداً.
دخلت مطبخه فوجدته بحالة فوضى كبيرة. بدأت بحكم الغريزة النسائية تغسل الصحون وتضعها باماكنها ثم ترتب الاواني. كان واقفاً خلفها دون ان تشعر وكان يستمتع بالمنظر الذي امامه وهو يقول، "هذه هي سيدة المنزل الحقيقية انها ربة بيت مثالية". وبلحظة استدارت الى الخلف فانتبهت لوقوف قيس خلفها قالت،
ليلى : هل ستبقى هكذا ام انك ستأتي لمساعدتي؟
قيس : انا جاهز يا عمري، ماذا تريديني ان اعمل؟
ليلى : تعال وقبلني اولاً، فان وقودي قد نفذ منذ ان قبلتني في الطابق العلوي.
قيس : انا في خدمتك سيدتي.
دنا منها وقبلها قبلة طويلة وساخنة كادت تؤدي بهما الى الصعود الى الطابق العلوي الا انه قال "توقفي،. يجب ان ارى الباش مهندس طارق اولاً"
ليلى : انت لا تعرف مدى اعجابي بك وخصوصاً بعد ما قلته الآن، فانت ترجح العقل على الغريزة. انت انسان نبيل وانا احبك يا قيس.
قيس : وانا احبك يا ليلى.
وفجأة ارتفع مستوى القهوة الى السطح وصار ينسكب على النار فيحدث ازيزاً مرتفعاً فقالت،
ليلى : يا لهوي، يا لهوي القهوة.
اعجبته تلك الكلمات المصري التي كانت تخرج من شفتيها كالعسل. بينما قامت هي برفع دلة القهوة وبدأت تصبها في الفناجين ثم وضعت الفناجين في صينية وقالت،
ليلى : تعال يا سيدي دعنا نستمتع بالقهوة في الصالون.
جلسا على الاريكة وصارا يشربان القهوة ويتحدثان بخصوص ارتباطهما فقالت،
ليلى : متى ستأتي الى مصر؟
قيس : انت سترحلين بعد غد اليس كذلك؟
ليلى : اجل.
قيس : وانا يجب عليّ ان اطلب اجازة من المشفى الذي اهملته منذ فترة طويلة. ثم اقوم بحجز الطائرة كي الحق بك باقرب فرصة.
ليلى : حسناً لكننا بهذه الفترة سنكون على اتصال دائم اليس كذلك؟
قيس : طبعاً، الله يديم علينا الواتساب والڨايبر والسكايب.
ليلى : حسناً والآن هل توصلني الى الفندق.
قيس : اجل ولكن فقط لكي تحضري حقائبك كي تأتي وتقضي باقي المدة عندي بالبيت. فانا لا اريد ان اضيع ثانية واحدة بعيداً عنك.
ليلى : وماذا عن المشفى؟
قيس : ساتصل بالمدير لاخبره بكل التفاصيل.
ليلى : حسنا دعنا نخرج الآن ونعود على عجل لاني لا اريد ان اضيع ثانية واحدة الا ونحن سوية.
ذهب الحبيبان الى الفندق واخبرت الاستعلامات بانها ستترك الفندق. جلبت حقائبها من الغرفة وعادت مع قيس الى بيته فاخذها الى غرفة صغيرة وقال،
قيس : هذه الغرفة ستسكنين بها مؤقتاً.
ليلى : اجل وستصبح غرفة ابننا بالمستقبل إن شاء الله.
بعد مرور يومين ومباشرة بعد تناول وجبة الغداء ذهب الحبيبان الى المطار وكان الموقف حزيناً جداً لانه فراق الاحبة. هما يعلمان جيداً انه فراق مؤقت وانهما سيرتبطان برابطة ابدية بالمستقبل القريب ومع ذلك لم يتمكنا من النطق بكلمة واحدة طوال الرحلة الى المطار. ولما لاحت لهما يافطات تشير الى المطار صار قلب ليلى يخفق بسرعة كبيرة وكانها تريد ان تبقى بجانب حبيبها ولا ترحل. لكن الامر خرج من يديها. استمرت السيارة تسير ببطئ شديد حتى استدارت ودخلت مراب السيارت ثم استقرت تماماً فطلعا منها وصار قيس يخرج حقائبها من الصندوق الخلفي، قالت ليلى،
ليلى : قيس، حبيبي انا لا اريد الرحيل اليوم. لقد غيرت رأيي. اريد البقاء هنا.
قيس : كلا حياتي، يجب ان ترحلي كي الحق بك ونتزوج هناك بمصر ثم نعود الى بيتنا بلندن. هيا لا تترددي وتوكلي على الله.
ليلى : حسناً ولكن ارجوك ارجوك حبيبي لا تتأخر.
قيس : وعد في ذمة رجال الثورة. هاهاها اوعدك.
ليلى : ماذا قلت؟ ما علاقة الثورة؟
قيس : لا شيء. كنت اتذكر جملة كانوا يقولوها دائماً بالتلفزيون العراقي. لا عليكِ.
ليلى : حسناً ولكن اوعدني.
قيس : اعدك بكل مشاعري واحاسيسي وحبي.
قبلها قبلة ساخنة ثم سارا بمراب السيارات حتى وصلا الى المصعد فنزلا به ليجدا نفسيهما داخل صالة المغادرة. صاروا يتابعون اليافطات حتى وصلا الى شاشة المعلومات الكبيرة التي تحتوي على جميع الرحلات فتفحصاها كي يحاولا ايجاد معلومات عن الرحلة. وبعد وهلة صاحت ليلى،
ليلى : رحلتي ليست مدونة بالشاشة وهذا يعني ان الرحلة قد الغيت. دعنا نعود للبيت يا قيس.
قيس : بل انها مدونة، انظري ها هي.
اشار لها على الموقع الذي كتب فيه مصر للطيران رحلة رقم 778 الاقلاع 16.42
ليلى : هذا يعني انها ستقلع الساعة السادسة واثنان واربعون دقيقة اليس كذلك؟
قيس : كلا يا ليلى انه يعني انها تقلع الساعة الرابعة واثنان واربعون دقيقة.
ليلى : اجل اجل لك الحق.
وقفا في الطابور لوزن حقائبها وبقيا واقفين اكثر من نصف ساعة ثم بدأ الطابور بالسير البطيئ حتى وصلا الى موقع الوزن فوضع قيس حقائبها على الميزان واعطى تذكرتها للموظف فطلب منهما جواز السفر. قامت ليلى باخراجه من حقيبتها واعطته اياه. وما هي الا ثواني وقام الموظف بربط البطاقات على الحقائب ثم ارجع جوازها مع بطاقة صعود الطائرة. اخذت ليلى كل هذه الاوراق ووضعتها بحقيبتها وسارا سوية نحو بوابة المغادرة. وعندما وصلا اليها تفحصت عينيه فوجدتهما مغرورقتان فقبلته واحتظنته بشدة وكانت تبكي ملأ عينيها ثم نظرت اليه نظرة اخيرة وقالت،
ليلى : لا اله الا الله
قيس : محمداً رسول الله.
سارت باتجاه بوابة الخروج وتركت قيس محملاً بحزنه على فراق حبيبته ليلى.
يا ترى هل ستسافر ليلى الى مصر فعلاً ام تلغي رحلتها وتعود باحضان قيس؟ وان سافرت فهل سيلحق بها قيس ام يبقى بلندن وينسى تلك العلاقة العابرة؟ ستعرفون كل ذلك بالجزء الثاني من قصة قيس وليلى.
1774 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع