هل تفارق الروح الجسد أثناء النوم؟

                                                          

                           دكتور محمد السقا عيد
                       استشاري طب وجراحة العيون
                      عضو الجمعية الرمدية المصرية

هل تفارق الروح الجسد أثناء النوم؟

اعتبرت بعض الشعوب البدائية الأحلام أنها تجارب تمر بالروح حيث يظن أنها تترك البدن وتذهب إلى حيث يجرى الحلم. ولدى هؤلاء القوم يكون النوم مفارقة الروح للجسم بشكل مؤقت.

وهناك قاعدة شائعة عند سكان جزيرة فيجى أو ( جزر فيجى ) تقول أنه لا يجب أن نوقظ شخصا نائما إلا للضرورة القصوى ، إذ أن الروح تكون بعيدة وقد لا تتمكن من العودة فى الوقت المناسب للجسم، وإذا كان لابد من إيقاظه فلنفعل ذلك بالتدريج حتى نعطى الفرصة للروح للعودة إلى جسمها.
يقول القرآن الكريم قبل ذلك بعشرات المئات من السنين موضحا هذا الموضوع :
1- الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت و ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى. إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون  سورة الروم آيه 42.
2-إذ يغشيكم الناس  سورة الأنفال آيه11.
3- ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم  سورة آل

عمران آيه154.
إن آية النوم لآية عجيبة ففيها يتوفى الله الإنسان وفاة صغرى ( موتة صغرى) يستشعر فيها الإنسان بتبخر حواسه وخمود حركته وكأن الروح قد انفصلت عن الجسد وفاة صغرى مؤقتة.
وقد شبه كثير من الفلاسفة هذا الأمر وكأن الروح أثناء النوم تخرج من الجسد ولكن لا تنقطع عنه وتتصل به عبر حبل أثيرى أو أنبوب أثيرى سرعان ما تنساب خلاله أو عبره عائدة للجسم مرة أخرى عند اليقظة.
لذا فإن دعاء المسلم حينما يستيقظ هو : " الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور ".

يقول تعالي فى الآية الأولي:
 الله يتوفى الأنفس حين موتها ....
فجعل الحق تبارك وتعالى النوم كالموت ، أي أنه طرح روحي.... هذا الطرح يكون دائما حين الموت ومؤقتا فى النوم.
 وقد وصل العلماء لهذه الحقيقة مؤخرا ، واعتبروا ذلك نصرا عظيما، إذ أمكن بهذه الحقيقة تفسير الأحلام التى يراها الإنسان فى نومه فيتحقق منها بعد يقظته طالت المدة أو قصرت..... وأمكن من خلالها أيضا تقليل رؤية النائم لأمكنة أو أشخاص لم يسبق له رؤيتهم فإذا ما زار هذه الأمكنة أو التقى بهؤلاء الناس عرفهم فورا، وتعجب من دقة وتطابق الحالتين ، حالة الرؤيا فى النوم والمشاهدة فى اليقظة.
وقد قال هذا الدكتور ( هرسون تتل ) وأثبته فى كتابه "أسرار الروح" فقد قال بانسحاب الروح من الجسد أثناء النوم ، والدليل على ذلك ما تقوم به الروح من سياحات أثناء النوم فيراها النائم وكأنها حلم وذكر لذلك مثالا. أن سيدة ولدت عمياء استطاعت فى أحلامها أن ترى الأشياء بوضوح وأن تصفها بدقة ولما توفيت وشرحت جثتها عقب وقاتها ظهر من التشريح أن أعصاب البصر عندها كانت ميتة.
يقول الدكتور ( جورج لندسى جونسون ) انه أجرى عملية جراحية فى عيني فتاة فى التاسعة عشرة من عمرها ، ولم تكن قط رأت شيئا البتة ولكنها لما شفيت ورفعت الأربطة تبيت شكل كل فرد فى الحجرة وملبسه واستطاعت أن تميز بين الألوان المختلفة مما يؤكد أن روحها كانت تنطلق فى منامها فترى ما لم تستطيع أن تراه بعينها.

وقد أورد الأستاذ / عبد الرازق نوفل فى كتابه " القرآن والعلم الحديث " ما يلى : وقرر كثيرون أنهم قاموا بأروع أعمالهم عندما شاهدوها فى أحلامهم، مثل الموسيقار/ آرثر سيمور سوليفان... الذي ألف أغنيته المشهورة (النور الساطع) فى نومه ، " وجوثيب تارثينى " الذي يقول أنه سمع فى نومه كأن الشيطان يغنى فما أن صحا من نومه حتى كتب اللحن وسماه " أغنية الشيطان".
والرياضي " هنري بوانكاريه " رأى معادلات جبرية أدت إلى استكشافه قانونا هاما رياضيا ( أنظر كتاب القرآن والعلم الحديث ص97-98).

وإذا تدبرنا قوله تعالى " يغشيكم " فى الآية الثانية و" يغشى ". فى الآية الثالثة لعلمنا أن النوم من الغشاء (أى الغلالة الرقيقة) التى يرى من خلالها المرء ولكن رؤية خفيفة لدرجة الغشاوة. لذا نستشعر فى نومنا وكأن غشاوة من النايلون الرقيق الأبيض يلفنا لف ملاءة السرير بأجسامنا.
وتعبير "يغشيكم" يبين سر عظيم فى أمر النوم وهو أن النوم ينساب وكأنه موجات أو دوامات تخدير غير مرئية بحيث يتم التدرج من الوعي إلى اللاوعي بحيث يشعر النائم بغشاوة تغمره بانسيابية تدريجية عبر مراحل النوم مما يؤكد أن الروح وهى الحقيقية تُخلع عن الجسد كالجوارب من القدم أو كانخلاع الثوب من الجسد.
وقد تمكن العلماء من دراستهم لعلم وظائف الأعضاء فى الجهاز العصبي أن يحددوا الطرق المختلفة لعمل المخ فى أمر النوم. فالمخ يعمل بإيقاع مختلف تبعا لنشاط الإنسان. ففي اليقظة يعمل المخ بسرعة ( بيتا) 14 دورة فى الثانية ، وفى حالة أحلام اليقظة (وهى حالة الإنسان وهو يقظ ولكنه مغمض العينين) فإن المخ يعمل بسرعة (ألفا) من 5, إلى 13 دورة فى الثانية.
وأثناء النوم تبطأ حركة المخ ويتحول إلى موجات (بيتا) من 4 إلى 7 دورات فى الثانية ثم (ألفا) من 5, إلى 4 دورات فى الثانية أثناء النوم العميق. فسبحان الله حينما يضرب على الأذن ليتم النوم ، فإن المخ يتحول إلى مرحلة مغايرة تماماً لمرحلة اليقظة ، بما يؤكد أن ثمة علاقة فسيولوجية وثيقة بين الأذن والمخ والروح.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1232 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع