المحامي المستشار محي الدين محمد يونس
أحداث ساخنة في الصراع بين السلطة في العراق والحركة الكردية 1968 – 1975 الجزء التاسع
الفصل الثالث: اتفاقية الجزائر في 6 اذار 1975
قبل الخوض في الحديث عن الخطوات التمهيدية للتوقيع على اتفاقية الجزائر التي أبرمت من قبل شاه إيران (محمد رضا بهلوي) ونائب الرئيس العراقي (صـــدام حسين) فـــــي الجزائـــــر بتاريخ 6 اذار 1975 لابد من التطرق الى الوضع السياسي والعسكري للمنطقة بعد احداث ونتائج معركة عبور الجيش العراقي جبل كورك وسيطرته على مدينة راوندوز الذي كــان خالياً من سكانـــه فــي 22 آب 1974 وتداعيات هذه النتائج على قوات البيشمركة المتمركزة داخل مضيق كلي علي بك على سفح جبل نواخين وعارضة بافستيان،
حيث انسحبت القوة الاولى واستسلمت القوة الثانية للجيش العراقي وبذلك أصبح الطريق في مضيق كلي علي بك سالك وممهد لتقدم القوات التي كانت محتشدة فيه واجتيازها للمضيق بأمان ووصولها الى سهل راوندوز والتحامها بالقوات التي جاءت قادمة من جهة جبل كورك - راوندوز ومحاولة الجيش العراقي استثمار هذا الانتصار الذي حققه في جبهة كورك والمعنويات المرتفعة للقوات المتقدمة جراء الوضع الجديد في مواصلة القتال من اجل الاستيلاء علي جبلي هندرين وزوزك بوابتي النفوذ إلى منطقة كلالة و جومان مقر قيادة الحركة الكردية بهدف الاستيلاء عليه و السيطرة على طريق هاملتون وهو الطريق الوحيد الذي كانت تأتي منه المساعدات من الخارج عن طريق إيران(1).
شمل هذا الهجوم محور آخر باتجاه سيدكان حيث تقدم اللواء الثالث بقيادة العقيد الركن (حامد الدليمي) تسانده كتيبة دبابات وشن هجوماً على كرو عمر آغا وبعد معركة ضارية استمرت ثماني ساعات ابيد اللواء بكامله وتخلف في ساحة القتال 230 جثة ولا يعلم عدد الجرحى وحطمت اربعة دبابات بقذائف مدافع ضد الدبابات من عيار 1.6 وكانت فصيلة من البيشمركة الشبان تدربت عليها وحققوا مآثرهم هذه بجرأة وشجاعة(2).
استمر النشاط العسكري للجيش العراقي واستطاع في نهاية شهر تشرين الأول 1974 من احتلال جبلي زوزك وسرتيز إلا أنه لم يتمكن من احتلال جبل هندرين واستطاعت قوات البيشمركة من استعادة جبل سيرتيز من اللواء 29 الذي تكبد خسائر كبيرة الا انها لم تستطيع الاحتفاظ بالسيطرة على هذا الجبل والذي تحول الى أرض حرام بين الفريقين المتحاربين وكالعادة بحلول فصل الشتاء توقفت النشاطات العسكرية في المنطقة بسبب برودة الجو وسقوط الثلوج مع استمرار الطلعات الجوية للطائرات الحربية العراقية وقصفها لمواقع البيشمركة.
بوصولنا إلى هذه المرحلة من الحديث عن تفاصيل الخطوات السياسية والعسكرية بين النظام العراقي والحركة الكردية واقترابنا من أهم حدث جرى منذ اندلاع شرارة الثورة الكردية في 11 ايلول 1961 وأدى الى انهيار هذه الحركة بشكل لم يكن متوقعاً نتيجة اتفاق العراق وإيران في الجزائر على حل الخلافات بينهما لقاء مكسبين أساسيين وهما: -
إيقاف إيران الدعم السياسي والعسكري للحركة الكردية مقابل تنازل العراق عن نصف شط العرب وهنا لابد من الحديث عن: -
المبحث الأول: تقييم الاداء السياسي والعسكري للحركة الكردية.
المبحث الثاني: تداعيات اتفاقية الجزائر على الحركة الكردية وقيادتها ومن ثم عن القضية الكردية بشكل عام.
المبحث الأول:
تقييم الاداء السياسي والعسكري للحركة الكردية
أولاً/ تقييم الأداء السياسي:
المثل الدارج يقول (لا تضع بيضك كله في سلة واحدة) ولم يأتي جزافاً فالخطأ الكبير الذي وقعت فيه الحركة الكردية من خلال الاعتماد الكلي على شاه إيران (محمد رضا بهلوي) العدو اللدود للأكراد والذي كان همه الوحيد معالجة الاتفاق الذي كان والده قد وقعه عام 1937 مع الحكومة العراقية وبموجبه منح العراق السيطرة التامة على شط العرب وتمكن من خلال اتفاقية الجزائر من حل هذه المشكلة التي كانت تؤرقه(3)، والدعم الإيراني كان هدفه الوحيد هو حمل بغداد على التنازل لإيران عن نصف شط العرب ولم يكن ذلك خافياً عن النظام العراقي الذي كان قد أعد العدة وفقاً لحسابات اسوأ الاحتمالات وهو ما يفرضه النهج الواقعي الثوري وإعداد مستلزمات النصر(4) من خلال اتباع نظرية (الغاية تبرر الوسيلة) التي اتبعها النظام العراقي.. "فأننا على يقين راسخ أن هذه الزمرة الخائنة قد وضعت على طريق التصفية النهائية.."(5).
لقد أدرك (صدام حسين) أن إيران كشفت خلال الحرب الاخيرة من عام 1974 عن أنيابها اتجاهه أكثر مما فعلت خلال الحرب السابقة ولم يكن في حاجة للكثير من التفكير لكي يدرك أن العلاقات الاخيرة في التطور بينه وبين الاتحاد السوفيتي كانت في غير صالحه(6) لذلك يلجأ الى الخيار الذي هدد به (ادريس البارزاني) يوم 8 آذار 1975 في بغداد عندما قال" لو اضطرنا الى التنازل لإيران عن شط العرب كي لا يخرج العراق من يدنا فلن نتردد"(7).
لقد غامر (مصطفى البارزاني) بكل شيء بناءً على الدعم الموعود من الولايات المتحدة الامريكية وإيران، وفي هذا الصدد يذكر زعيم الحركة الكردية (مصطفى البارزاني) "لولا الوعود الأمريكية لما وقعنا في الفخ وتورطنا الى هذا الحد، لولا الوعود الأمريكية لما تصرفنا على هذا النحو"(8).
ويبدو وبالرغم من عدم ثقة (البارزاني) بالشاه إلا أنه اعتقد صدق الوعود الامريكية والاسرائيلية ودورهما في عدم السماح للنظام الإيراني في التخلي عن موقفه المؤازر للحركة الكردية الى نهاية المشوار متناسياً من أنه في السياسة لا توجد علاقات دائمة بل مصالح دائمة وفي هذا الصدد يقول زعيم الحركة الكردية (مصطفى البارزاني) "لقد هزمنا من قبل الاصدقاء وليس من قبل الاعداء"(9).
أما عن الموقف الأمريكي في هذه المرحلة الحرجة من تأريخ الحركة الكردية لابد ان نتطرق الى تقرير بعنوان ((استراتيجية كيسنجر في التمرد الكردي العراقي 1972-1975 بداية خاطئة ام أساس الشراكة الكردية الامريكية))(10).
من المهتمين بالتمرد الكردي العراقي في 1972-1975 وخلال الحرب الباردة انضمت الولايات المتحدة الى ايران وإسرائيل في تقديم المساعدات السرية للأكراد الذين يشنون تمرداً ضد العراق البعثي، وعندما حصل الشاه الإيراني (رضا بهلوي) على تنازل إقليمي من بغداد، قطع الدعم على الفور وترك الاكراد ليتم سحقهم، ان الدور الأميركي في هذه الحرب قد نسي الان الى حد كبير، كما هو الحال في الحرب نفسها، من زوايا عديدة، يظهر تمرد الاكراد من الفترة 1972-1975 كحادثة ثانوية طغت عليها الاحداث قبل وبعدها، ويرى (هنري كيسنجر) ان المساعدات المقدمة الى الاكراد كانت جزءاً صغيراً من العلاقات الاوسع نطاقاً بين الولايات المتحدة الامريكية وحليفتين رئيسيتين –ايران-إسرائيل والتي شكلت قلب سياستها في الشرق الأوسط وهذه السياسة بدورها تندرج في اطار استراتيجية أمريكا العالمية للحرب الباردة، وبالنسبة لمنتقدي (كيسنجر) الحمائم فان المناورة الكردية تتضاءل في العار بسبب قصف الهند الصينية والفضائح الباكستانية في بنغلادش وكقصة عن تدخل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في العالم الثالث، فان الدعم للأكراد يتضاءل بالمقارنة مع الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني (محمد مصدق) في 1953 والرئيس التشيلي (سلفادور الليندي) في 1973 ولقصة الصراع الإيراني العراقي، تتضاءل "الحرب السرية التي قام بها الشاه 1972-1975 ومناوشاته المتقطعة بسبب الحرب العراقية الإيرانية في 1980-1988 التي أودت بحياة مليون ونصف المليون شخص.
هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية السابق
لقد كان (مصطفى البارزاني) على صلة دائمة بــ(هنري كيسنجر) وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق وقد تبادلا سلسلة من الرسائل على امتداد فترة طويلة من الزمن وكانت هذه العلاقة من الأسباب التي أدخلت الاطمئنان والثقة لديه بان الولايات المتحدة ستقف بجانبه الى النهاية ولن تسمح كذلك لإيران بالتخلي الكلي عن دعمها للحركة الكردية، ويتأكد هذا الاعتقاد عندما نطلع على رسالة (هنري كيسنجر) التي كان قد بعثها الى (مصطفى البارزاني) رداً على رسالته في 22 شباط 1975 أي قبل انهيار الحركة الكردية بشهر واحد فقط، وندرج نص هذه الرسالة ليطلع القارئ الكريم عليها لأهميتها في الموقف الأمريكي الذي خذل هذه الحركة فيما بعد.
نص رسالة (هنري كيسنجر) الى (مصطفى البارزاني) في 22 شباط 1975(11)
"عزيزي الجنرال،
سرني سروراً بالغاً ان اتسلم رسالتكم المؤرخة في 22 كانون الثاني 1975 وانا اريد ان اطلع على رأيكم في تشجيعاتنا لكم ولأبناء شعبكم، وكذلك على المساعي والجهود الباسلة التي تبذلونها من جانبكم، لقد جابهتم صعوبات عظيمة وجسيمة، كما انني قد قرأت ببالغ التقدير تقييمكم للوضع العسكري والسياسي، وفي وسعكم ان تكونوا مطمئنين مطلق الاطمئنان بان رسائلكم التي نعيرها قدراً كبيراً من الاهتمام تحظى بأعلى درجة من العناية، وعلى أعلى المستويات في الولايات المتحدة، واذا رغبتم ففي وسعكم ارسال مبعوث موثوق به الى واشنطن ليقدم الى الحكومة الامريكية مزيداً من ادق المعلومات عن الأوضاع الراهنة، وسيشرفنا ويسعدنا ان نستقبله، وانني لعلى يقين من ان الكتمان كانت له أهمية كبرى في ادامة قدرتنا على القيام بما قمنا به، وفضلاً عن ذلك فان اهتمامنا بمسألة توفير الامن لشخصكم، هو الذي يجعلني متردداً بشأن الاقتراح الخاص بالالتقاء بكم هنا وفي انتظار وصول الاخبار منكم، تفضلوا بقبول تمنياتي لكم بالتوفيق مقرونة باحترامي.
التوقيع
المخلص هنري كيسنجر"
بعد انهيار الحركة الكردية ولم يمضِ على تاريخ هذه الرسالة اقل من شهرٍ واحد نتيجة الاتفاق الذي ابرم بين شاه إيران و(صدام حسين) في الجزائر بتاريخ 6 اذار 1975 ولا يعقل ان يكون وزير الخارجية للولايات المتحدة الامريكية غافلاً عن الخطوات التمهيدية لهذا الاتفاق وتوقيعه حيث كان من تداعياته الحاق الضرر البالغ بالحركة والشعب الكردي بشكل خاص وبالعراق بشكل عام والتي سببت اشتعال شرارة الحرب العراقية الإيرانية الطاحنة في ثمانينيات القرن الماضي وما الحقته من خسائر بشرية ومادية بالشعبين العراقي والإيراني.
وفي 9 شباط 1977 أرسل (مصطفى البارزاني) رسالة الى الرئيس الأمريكي حينذاك (جيمي كارتر) أشار فيها الى ما لحق بالشعب الكردي من ظلم وحيف حيث يقول في رسالته المطولة والتي نقتطف منها ما يلي(12):
"السيد الرئيس، لقد كان بوسعي الحيلولة دون وقوع الفوضى التي حلت بشعبي، لولا ايماني الراسخ بوعد أمريكا ولقد كان بالإمكان تحقيق ذلك بمجرد تأييد سياسة البعث وضم قواتنا إليهم متخذين بذلك موقفاً يتعارض مع المصالح والمبادئ الامريكية وخالقين المتاعب لجيران العراق، ان تطمينات كبار المسؤولين الأمريكيين جعلتني اتجاهل هذا البديل والتمسك عوضاً عن ذلك بإيماننا في اننا سنحقق بالتعاون مع إيران والولايات المتحدة اهدافنا".
أما النظام العراقي فقد عبر عن موقفه ونهجه تجاه تطورات الاحداث مع الحركة الكردية بالنسبة للمرحلة التي انقضت وتحضيراته ودخوله الحرب معها والبرنامج السياسي الشامل لهذه المرحلة والتوقعات المستقبلية على ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية والاستعداد لكل الاحتمالات والذي دونه على شكل مقالات افتتاحية في صحيفة الثورة (الناطقة باسم حزب البعث) بين 28 نيسان و8 أيار 1974 وضمه لاحقاً في كتاب تحت عنوان (المسألة الكردية .. الوضع الراهن .. وافاق المستقبل) حيث اخترنا منه المقال التالي الذي لخص مجمل هذه التوجهات(13):
"قبل اعلان قانون الحكم الذاتي لمنطقة كردستان في 11 اذار 1974 وبرغم ان دلائل كثيرة كانت تشير الى رفض زمرة (الملا) لمشروع الحكم الذاتي والى لجوئها الى العصيان فأن الثورة لم تتخذ اية إجراءات قسرية ضد اعوانه وبعد اعلان القانون اعطى مهلة خمسة عشر يوماً لاتخاذ موقف محدد منه واتخذت سلطة الثورة موقف ضبط النفس إزاء الاعمال الإرهابية والتخريبية الواسعة التي قامت بها زمرة (الملا) وبخاصة اجبار المواطنين الاكراد على الالتحاق بها بشتى وسائل الإرهاب والاحتيال ومنها أيهام الجماهير الكردية ان المسألة لن تطول، وان الحكومة ستضطر الى الرضوخ لشروط البارزاني كما ان أجهزة السلطة لم تعترض أي شخص ترك موقعه والتحق بالزمرة، بل ان أجهزة السلطة كانت تقدم التسهيلات للوزراء وكبار الموظفين من اتباع (الملا) عند مغادرتهم بغداد ومراكز المحافظات الى منطقة العصيان".
وللحديث عن هذه الفترة لابد من التطرق الى ما ورد في مذكرات (جلال الطالباني) (14) حيث يذكر (دعاني القذافي عندما كنت في ليبيا وقال "جلال لدي خبر سيء لك، فقد التقى سعدون حمادي بوزير خارجية إيران (خلعت بري) في إسطنبول وأصبح اتفاقهما وشيكاً،
جلال الطالباني
لم يكن رأي القذافي حول (الملا مصطفى) جيداً وكان يقول لا يعجبني منظره وهو يحمل خنجراً في صوره فهو لا يشبه رجال هذا العصر لو كان موجوداً في القرن التاسع عشر لقلنا الامر طبيعي، ولكن في هذا العصر فهو شيء غريب")
مصطفى البارزاني
وعندما سأل في ما إذا كانوا على علمٍ مسبق باتفاقية الجزائر وما يخطط ضد الاكراد ولماذا لم يطلب (البارزاني) مساعدة دولية واكتفى بإيران وامريكا حيث يجيب قائلاً "نعم علمنا بما يجري من خلف ظهورنا،
معمر القذافي
حتى ان القذافي سألني ماذا تعتقد يكون مصيركم إذا اتفق العراق مع إيران؟ قلت له سنواصل القتال طبعاً وسندافع عن أنفسنا، سألني هل انت متأكد؟ قلت نعم أنا متأكد ومطمئن، ولكننا قد نحتاج الى دعم سيادتك، عندها نستطيع ان نغير مسار الحركة، فبدل الخضوع لإيران، نستطيع عندها ان نتلقى الدعم من اصدقاءنا الليبيين والسوريين رد القذافي قائلاً (إذا تغير المسار بالشكل الذي تقول، سأكون مستعداً بتقديم كل ما تطلبونه من دعم ومساندة، سألته هل تقصد جميع أنواع المساعدات؟ قال نعم جلال كل أنواع المساعدات). ولغرض تسليط الضوء على الخطوات الخفية التي كانت تجري لتحقيق المصالحة بين النظامين العراقي والإيراني لابد ان نذكر بان هذه الخطوات بالرغم من انها كانت تجري في الخفاء الا ان هذا لا يعني عدم تسرب اخبارها هنا وهناك حيث يذكر (مسعود البارزاني)(15) من انه في صيف عام 1974 عندما احتدمت المعارك في كردستان وردت الى أجهزة استخباراتنا معلومات تفيد بان هناك مفاوضات سرية قائمة بين النظام العراقي وبين النظام الإيراني وان اتفاقاً وشيكاً سيعقد بين الطرفين ومن دلائل ذلك اجتماع تم بين وزيري خارجية الطرفين في إسطنبول وان المحادثات بقيت متواصلة بعد هذا الاجتماع وذكر ان لإسرائيل دوراً فيها، فقد اكدت الدوائر الإسرائيلية في حينه ان الشاه لن يخون الثورة الكردية.
على ان الثورة قامت بعدة محاولات للتعرف على هذا التقارب بين العراق وإيران فبعثنا رسالة الى الولايات المتحدة تتضمن المعلومات التي حصلنا عليها من هذه الجهة وطالبنا للوفاء بالعهد الذي قطعوه لنا بان لا يخذلوا ثورتنا.
نفت الإدارة الامريكية نفياً قاطعاً بان يكون هناك أي تقارب او طبخة سياسية من شأنها ان تلحق ضرراً بالنضال الكردي، وذكرت الإجابة بأنهم قاموا بدورهم بإرسال معلوماتنا الى الشاه فعمد الشاه بدوره الى ارسال رسالة تطمئن (البارزاني) قال فيها انه لن يتخلى عن الثورة ولن يوقف مساعداته عند حد وانه عند كلمته وبعث (البارزاني) بهذه المعلومات ايضاً لكل من الملك (حسين) والرئيس (أنور السادات) صحبة مندوب خاص.
اخيراً يذكر (مسعود البارزاني) من انه في الواقع كان الجميع شريكاً في هذه العملية فهؤلاء وغيرهم اتفقوا على ان الحل الوحيد هو الاعداد للقاء شخصي بين (صدام حسين) وبين الشاه (محمد رضا بهلوي) بمناسبة عقد مؤتمر الأوبك في الجزائر حيث تكون المساومة على حقوق الشعب الكردي ولأجل ادخال الطمأنينة في النفوس وربما للتغطية على النوايا المبيتة لقد لجأ شاه ايران الى أسلوب شيطاني في المخادعة حيث قام في الربع الأخير من عام 1974 بزيادة المساعدات في كل المجالات للحركة الكردية وخاصة في المجال العسكري حيث زود قوات البيشمركة بأسلحة نوعية متطورة وكانت غاية شاه ايران من ذلك هو زيادة ثقة الحركة الكردية وقائدها به لكي لا تتأثر بالأقاويل والاشاعات حول وجود مفاوضات بينه وبين النظام العراقي من جهة ولكي يحصل على شروط افضل عند الاتفاق مع هذا النظام.
الصحفي الأمريكي (جوناثان راندل) في كتابه امة في شقاق.. دروب كردستان كما سلكتها(16) يضم صوته مع الاكراد الذين ما زالوا يتساءلون عن الأسباب التي جعلت البارزاني) مأخوذاً كلياً بالولايات المتحدة الامريكية بل مبهوراً بها الى درجة دفعته الى اقناع نفسه وشعبه بان واشنطن تمثل ضمانة حقيقية لجدية مخططات الشاه على الرغم من تكاثر الأدلة المناقضة لهذه القناعة ويضيف قائلاً "اليوم يمكن القول بان البارزاني كان ضحية نقاط ضعفه على المستوى الشخصي فهو لم يتلقى تعليماً عالياً ولم تتجاوز مداركه حدود قناعاته البسيطة ومعرفته بطبيعة شعبه الامر الذي دفعه الى ربط مصير شعبه بسياسة دولة عظمى لا تبالي به وقررت بعد طول تفكير تقديم خدمة لاحد حلفائها الأساسيين على حساب الاكراد وبصرف النظر عن جميع خطايا البريطانيين والأتراك والعرب والإيرانيين وعيوبهم، الا ان (ملا مصطفى) تعلم مع الوقت كيفية التعامل مع هذه الأطراف التي لم تكن بفضاضة الأمريكيين الذين كون عنهم صورة مثالية على مر السنين".
على كل حال لا يمكن غض الطرف عن دور ايران السياسي والعسكري والاقتصادي على القضية الكردية في العراق في المرحلة التي نحن بصددها والمراحل السابقة واللاحقة بسبب موقعها الاستراتيجي وحدودها الجبلية المشتركة والعلاقات المتوترة بين الدولتين ايران والعراق على طول الخط، اللهم الا بعد سقوط نظام الرئيس العراقي (صدام حسين) في عام 2003 وبروز الصراع العرقي والمذهبي في هذا البلد، لاسيما بعد ان عززت الحركة الكردية علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية واعتبرت هذه العلاقة حلفاً استراتيجياً لا يمكن الاستغناء عنه ولا عن العلاقة مع النظام الإيراني والذي هو حليف أساسي في المنطقة لأمريكا ومن المفيد ان نقول بانه كان ثمة مصلحة متبادلة ظرفية ولدت التعاون بين الحكومة الإيرانية والحركة الكردية وكان يجب ان يدرك بان هذا الدعم مقدر له ان ينتهي بانتفاء تلك المصلحة، مصلحة الثورة الكردية من التعاون كانت ستنتهي بتحقيق أهدافها ومصلحة ايران كانت ستنتهي بتسوية نزاعها الإقليمي مع أي نظام عراقي مستعد للتسوية بالشكل الذي ترضى به، ولكن ما الذي أعدته القيادة الكردية لمواجهة هذا الاحتمال الذي ما كان بعيداً ولا محالاً(17) فبالرغم من الدعم الخارجي فقد استجدت أمور في ذلك الظرف لم تكن في مصلحة الحركة الكردية ومنها:
1- فقدان الدعم السوفييتي على إثر المعاهدة السوفييتية العراقية.
2- التركيز الدولي آنذاك كان منصباً على الصراع الإسرائيلي العربي.
3- ازمة النفط عقب حرب تشرين الأول 1973.
4- كانت إسرائيل منشغلة بقضاياها الداخلية(18).
وما دمنا نتحدث عن الدول التي كانت تدعم الحركة الكردية سياسياً وعسكرياً وهي الولايات المتحدة الامريكية وايران وإسرائيل فلا بد من التطرق الى شكل العلاقة مع الأخيرة أي إسرائيل حيث كانت الحركة الكردية تعمل جاهدة على إبقاء هذه العلاقة طي الكتمان والسرية من اجل عدم اثارة حفيظة الدول العربية والإسلامية ورغم كل المحاولات في هذا الجانب الا انه في عام 1980 ظهر تصريح(19) دامغ وقاطع فضح التعاون بين الطرفين بطريقة لا تقبل الجدل حيث ورد على لسان رئيس وزراء إسرائيل آنذاك (مناحيم بيكن) حيث قال "ان إسرائيل نفذت عملية امداد الثوار الاكراد بالمال والسلاح والمتدربين لفترة قاربت العشر سنوات من خريف 1965 وحتى اذار 1975 ثم كشف في تصريحه ان (الملا مصطفى) زار الكيان الصهيوني نتيجة العلاقات الطيبة بين الطرفين" واليوم لا بد ان نتطرق الى مسألة المتاجرة بهذه القضية (فلسطين) من قبل الدول العربية وبعض الدول الإسلامية منذ تأسيس الدولة العبرية في عام 1948 وما رافق ذلك من حروب ومذابح وانتهاكات فظيعة لحقوق الانسان و الخسائر المادية التي لا يمكن تقديرها من جراء الرفض القاطع لحل هذه المشكلة عن طريق الحوار والتفاهم واليوم نرى هذا التراجع عن هذه السياسة والتهافت على التفاهم و تطبيع العلاقات مع دولة اسرائيل من قبل بعض الدول العربية مثل الامارات والبحرين والسودان وبشكل رسمي وعلني على الرغم من عدم إمكانية استبعاد العلاقات السرية بين هذه الدولة و بعض الدول العربية على مر الزمن منذ قيام دولة اسرائيل ومما يؤكد ذلك هذا الاستقبال الحار من قبل المسؤولين البحرينيين في مطار المنامة للوفد الإسرائيلي الذي زار دولة البحرين في يوم 18/10/2020 وهم متعطشون لهذا اللقاء العلني البروتوكولي، ويجب ان لا ننسى موقف الدول العربية من مصر ورئيسها ( محمد انور السادات ) عند زيارته التاريخية في 19 تشرين الثاني 1977 عندما حطت طائرته في مطار بن غوريون وزار الكنيست والقى خطاباً فيه معترفاً بالدولة العبرية كواقع لا يمكن إنكاره وطالباً الحوار والتفاهم من أجل السلام و تداعيات هذه الخطوة الجريئة على مصر حيث قامت جميع الدول العربية بقطع علاقاتها بشكل كامل معها وعلقت عضويتها في الجامعة العربية وقيام زمرة من العسكريين الاسلاميين بقيادة (خالد الاسلامبولي) بأطلاق النار عليه في 6 اكتوبر 1981 اثناء العرض العسكري واغتياله واعلان الحكومات العربية ارتياحها من نهاية هذا الرجل بهذه الصورة جزاءً بما اقترفه من تصرف هم مقبلون عليه في الوقت الحاضر.
الحديث عن الرئيس المصري السابق (محمد أنور السادات) يجرنا للحديث عن دوره في التقريب بين النظامين الايراني والعراقي على حساب القضية الكردية في العراق مستغلاً صفاء النية لرئيس الوفد الكردي (محمد محمود عبد الرحمن) عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي قام بزيارة الرئيس المصري في شباط من العام 1975 يرافقه كل من فؤاد معصوم ممثل الحركة الكردية في القاهرة و(محسن دزئي) من الشخصيات المقربة من (مصطفى البارزاني) بناء على قرار الحزب في التقارب مع الدول العربية.
احتكر (محمد محمود عبد الرحمن) معظم الحديث بعد كلمة الرئيس المصري الترحيبية والتي اتسمت باللطف والحرارة افقدت موفد الثورة ولا شك أن كثيراً من الحذر وسلبته التحفظ فانطلق في الكلام على رسله دون ضابط وقد سبق للسادات أن تلقى رسالة خاصة من (أحمد حسن البكر) يرجوه فيها استخدام صداقته الشخصية مع الشاه الذي سيكون في طريقه الى الجزائر بعد شهر أو نحوه سعياً لإبرام اتفاق ونتيجة المفاوضات السرية التي كانت تجري هناك بتوسط (هواري يومدين) استهل الموفد الكردي كلامه مشيداً بالعلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الكردي والعربي والعطف الذي لقيته الثورة الكردية من قادة ثورة يوليو وفي مقدمتهم (جمال عبد الناصر) ويسأل من قبل السادات او هو يتطوع بالحديث عن علاقة الثورة بإيران والولايات المتحدة الأمريكية فبادر بالقول إن الثورة مضطرة الى طلب العون من الشاه رغم انها لا تثق به ولا تطمئن إلى نواياه وأن السبب في هذه الصلة يعود الى مواقف الدول العربية من القضية التحررية الكردية وأن الشاه في الواقع لا يريد بالثورة الكردية خيراً لكن من مصلحته ان يرى دم الشعبين ينزف لأن ذلك من شأنه إشغال الحكام العراقيين عن مطالبهم في عربستان (خوزستان) و هو وسيلة للضغط عليهم بقبول تسوية الحدود.
كل ذلك كان حقيقياً وصحيحاً بطبيعة الحال، لكن أكان من الكياسة وحسن السياسة أن يقال لصديق الشاه وفضلاً عن ذلك فقد كان جهاز الاستخبارات في الثورة الكردية (الباراستن) قد علم قبل أشهر بوجود محاولات جدية سرية لتقريب وجهات النظر بين العراق وإيران تختم بالاتفاق ويحسم نزاع الحدود نهائياً ولم يعبأ أحد في القيادة بهذه المعلومات ولم يقيموا لها وزناً وكانوا متأكدين بان الشاه لا يدير ظهره للثورة مطلقاً.
في منتصف كانون الاول 1974(20) حل الشاه ضيفاً على (أنور السادات) في القاهرة وهو في طريقه الى الجزائر ونوه (السادات) لزائره باستعداد العراق لقبول شروطه وعلاقة ذلك بالمساعدات التي يخصصها للثوار الكرد واشار بان لديه تأكيدات بان الاتفاق مع جاره لن تقف امامه عراقيل أخرى غير هذه، فأجابه الشاه إن ما يتلقاه الكرد هو مساعدات إنسانية بحتة لا تتعدى العناية بجرحاهم وسد حاجة ملحة إلى أسباب عيش وفتح الحدود بوجه اللاجئين من القصف الجوي(21).
يبدو أن الرئيس المصري (محمد أنور السادات) لم يتمكن من إيصال ضيفه الى القناعة الكاملة بوجوب التقارب مع النظام العراقي وحل مشاكلهم العالقة وقطع علاقاته ومعوناته عن الحركة الكردية اذ ذاك لعب لعبته الخبيثة ونادى السادات وزيره أشرف مروان قائلاً " اشرف هات الشريط" كان السادات قد سجل وقائع المقابلة التي تمت بينه و بين الوفد الكردي وهي العادة المتبعة في المقابلات الرسمية وقيل ان الشاه سمع الشريط صامتاً واخذه معه(22) كما ان بعض المصادر التي تذكر هذا الحدث بشكل اخر الا ان القصد والنتيجة واحدة حيث في شباط 1975 طلب السادات من (ملا مصطفى) ارسال (سامي عبد الرحمن) وهو نفسه (محمد محمود عبد الرحمن) إلى القاهرة لعقد تسوية مع العراق ومن دون علم المبعوث الكردي سجل كلام (سامي) بالموافقة وأرسل الشريط الى شاه ايران الذي استبد به الغضب(23).
ونحن نأتي على نهاية الحديث عن تقييم الأداء السياسي للحركة الكردية في تلك المرحلة بعد ان تطرقنا الى كافة الأفكار والآراء التي قيلت في هذا الصدد سواء الإيجابية منها او السلبية في تقييم أداء الحركة الكردية وقيادتها وفي هذا الصدد لا بد من التطرق الى حديث (ايريك رولد)(24) السفير الفرنسي السابق والمحرر لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة لوموند الفرنسية أثناء زيارته لشمال العراق رجاحة رأيه حيث يقول ان شاه ايران (محمد رضا بهلوي) ادلى بتصريح اثناء زيارته الى باريس من انه يستطيع ان يقضى عليهم (الاكراد) بكبسة زر متى ما يشاء ولذلك كان على الاكراد كما يروي أن يدركوا مغزى هذا التهديد وأن يعتبروه انذاراً ويضيف رولد (عندما فشلت معلوماتي هذه في دفعهم الى فتح أعينهم على قضية ما يجري حولهم اعتبرت أن السبب يعود الى ضعف خبرتهم في السياسة الدولية).
هل أخطأ (البارزاني) في التعويل على الدور الإيراني؟ ام ان قادة الأكراد عام 1974-1975 اصيبوا بالعمى السياسي وفقدوا القدرة على تحليل تحذير (صدام حسين) باستخدام الاحتياطي المضموم ام انهم بالغوا بالاعتماد على الاصدقاء في تل أبيب وواشنطن؟! لا هذا ولا ذاك انما سحقت الحركة الكردية لأن الوقت حان لتلميع صورة (صدام حسين) في المنطقة وتزييت الطريق امامه ورفع العوائق عن درب نجاحاته السياسية للصعود الى القمة في العراق، كانت التضحية بالثورة الكردية قراراً امريكياً -اسرائيلياً -ايرانياً تم لصالح الحرب المقبلة بين العراق وإيران الخميني الذي استبدل بالشاه.
نستطيع القول بان الاداء السياسي للحركة الكردية في تلك المرحلة كان يتماشى مع متطلبات الوضع السياسي الدولي والاقليمي والداخلي وضمن الأفق المسموح به والذي يمكن من خلاله التصرف بحكمة ودراية بالاستناد على الوقائع وتخمين مستجدات وآفاق المستقبل وضمن القدرة والامكانيات المتاحة بالنسبة لحركة سياسية شعبية في خضم الدول المعنية بهذه القضية وما تمتلكه من أجهزة ومؤسسات مختلفة مقتدرة في الجوانب السياسية والعسكرية والاستخباراتية والقابلة للتحول من موقف الى اخر وحسب مصالحها وبرامجها على ضوء ما يطرأ من مستجدات على الرؤية السياسية على الساحة الدولية وهذا لا يعني عصمة قيادة الحركة الكردية من الأخطاء في هذا المجال وربما كانت البعض منها قاتلة.
ونستنتج ذلك حينما نطلع على ما دار في اجتماع عقده القياديون الكرد مع (مصطفى البارزاني) عندما تساءلوا عن إمكانية تفاهم إيران مع العراق والتخلي عن الثورة الكردية بعد المناقشة ختم (مصطفى البارزاني) الاجتماع بقوله: " إذا كان الامر متروك لإيران فإنها ستتفق، ولكن هناك من هو أكبر منها فلم يكن البارزاني يأمن الشاه في أي وقت من الأوقات وكان يتوقع في كل لحظة خيانته، وكان هناك قياديون في الاجتماع اعتبروا اتفاق إيران مع العراق في عداد المستحيل(25).
هوامش الفصل الثالث / المبحث الاول
1- مسعود البارزاني/ البارزاني والحركة التحررية الكردية/ ص336
2- مسعود البارزاني/ المصدر السابق/ ص337
3- شلومو نكديمون/ الموساد في العراق ودول الجوار/ ص296
4- منشورات الثورة/ المسألة الكردية.. الوضع الراهن.. وافاق المستقبل/ ص42
5- منشورات الثورة/ المصدر السابق/ ص42
6- شلومو نكديمون/ المصدر السابق/ ص296
7- مسعود البارزاني/ المصدر السابق/ 343
8- ديفيد مكدول/ تاريخ الاكراد الحديث/ ص505
9- شلومو نكديمون/ المصدر السابق/ ص296
10- Kissinger ’s Strategy in the Iraqi Kurdish Rebellion of 1972-75: False Start or Foundation of American Kurdish Partnership?
11- د. فاضل البراك/ مصطفى البارزاني-الأسطورة والحقيقة/ ص248
12- د. فاضل البراك/ المصدر السابق/ ص249
13- منشورات الثورة/ المصدر السابق/ ص35
14- صلاح رشيد/ مذكرات الرئيس جلال الطالباني/ ص300
15- مسعود البارزاني/ المصدر السابق/ 344
16- جوناثان راندل/ امة في شقاق دروب كردستان كما سلكتها/ ص204
17- جرجيس فتح الله/ زيارة الى الماضي القريب/ ص97
18- عمار علي السمر/ شمال العراق 1958-1975 دراسة سياسية/ ص403
19- د. سعد ناجي جواد/ العراق والمسألة الكردية 1958-1970/ ص187
20- على الأرجح كانت زيارة الشاه للرئيس المصري في بداية شهر اذار 1975 وهو في طريقه الى الجزائر.
21- جرجيس فتح الله/ المصدر السابق/ ص86
22- جرجيس فتح الله/ المصدر السابق/ ص87
23- صلاح الخرسان/ التيارات السياسية في كردستان العراق/ ص226
24- شامل عبد القادر/اتفاقية الجزائر والاسرار الكاملة لانهيار الحركة الكردية المسلحة في اذار 1975/ ص105
25- د. عبد الخالق ناصر العامري/ البارزاني مصطفى والقضية الكردية في العراق 1931-1975/ ص328
للراغبين الأطلاع على الجزء الثامن:
https://algardenia.com/maqalat/46105-2020-09-21-18-29-18.html
4741 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع