السيد هادي حسين عليوي ما هكذا تورد الإبل

                                                                                                  

                             مراقب سياسي

السيد هادي حسين عليوي ما هكذا تورد الإبل

في مقال نشره السيد د. هادي حسين علوي حول وزارة الخارجية العراقية في موقع كتابات الموقر، خلط فيه السم بالعسل، فقد تناول موضوعا بعيدا عن تخصصه ومجال عمله، فمعلوماته عن وزارة الخارجية في العهد السابق فيها خلل كبير، فقد ذكر مثلا عن الوزارة" التأريخ يعيد نفسه، سابقا الغالبية (يقصد في الوزارة) من أقرباء صدام وابناء مسؤوليه والحبايب"، وهذا كلام غير صحيح مطلقا، فمن اقارب صدام الذين عملوا في وزارة الخارجية كانوا(فاضل صلفيج رئيس الدائرة السياسية الثالثة) و(برزان التكريتي ممثل العراق الدائم في جنيف) و(عدي صدام حسين سكرتير أول في جنيف) والأخيرة أبعده الرئيس صدام عن العراق وعمل لفترة قصيرة وعاد بعدها الى العراق، ولو تركنا هؤلاء على جنب سنجد ان الوزارة خلت من ابناء المسؤولين الا نادرا، ما عدا الدورة الأخيرة في معهد الخدمة الدبلوماسية، والتي لم تتخرج بسبب الحرب عام 2003، فقد كان فيها ابن أحمد حسين، وعدد من ابناء السفراء(منهم ابناء السفير الكردي محمد أمين) وهما ابنه سعد وفاطمة وآخرون من ابناء المسؤولين. وكان جميع طلاب معهد الخدمة الخارجية يخضعون الى نفس الضوابط التي تطبق على أقرانهم، ولم يقبل من خارج الوزارة الا قلة لا تتجاوز اصابع اليدين احدهما كان مدير ناحية قدم طلبا للرئيس صدام للإنتقال الى وزارة الخارجية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، فوافق الرئيس على أن يخضع لضوابط وشروط الوزارة الصارمة، والثاني (مصعب عبد الجبار) ابن السكرتير الصحفي للرئيس صدام حسين، وكان خريج هندسة طيران، وعندما فشل في إمتحان اللغة، طلب النقل الى خارج الوزارة وفق إختصاصه، من تلقاء نفسه (عمل فترة قليلة في دائرة المنظمات)، ربما وجد مصعب انه من الصعب ان يكون موظفا إداريا في الوزارة.

فأين أقارب وأحباب صدام يا عليوي؟
علما ان برزان وعدي كانوا من أقارب صدام ولكنهما كان لهما مشاكل عائلية مع الرئيس، انهم أقارب وليسوا إلا، علما ان برزان تغيير بشكل كبير خلال عمله في جنيف، وكان يرسل توصيات مهمة الى الوزاة حول ضرورة تحسين علاقة السلطة مع الشعب وكانت توصياته تنقل مباشرة الى الرئيس صدام، مثلا حول تعزيز الحريات الأساسية، سيما حرية الصحافة وتعزيز حقوق الإنسان والتعددية الحزبية وغيرها من المسائل التي عاينها في جنيف ورغب بتطبيقها في العراق.
ومن جاء الى الوزارة خارج الضوابط حسبما اتذكر(السيد حميد عبد عون) من القيادة القومية، جاء بدرجة سكرتير ثاني، والسيد (طالب ابو مشتاق/ كلية التربية الرياضية) من المخابرات، والأخير فشل في امتحانات معهد الخدمة الخارجية، ورجع الى دائرته، والسيد حميد عبد عون بقي على درجته الوظيفية عدة سنوات لعدم استطاعته إجتياز إمتحان اللغة الأنكليزية (المعدل لا يقل عن 80%)، ومنهم (محمد الحميميدي) وجاء الى الوزارة بدرجة سكرتير أول وكان مسؤولا معروفا في محافظة ميسان، وسلم اسماء جميع الشيوعيين وملفات الحزب الى قيادة حزب البعث، وقُبل على أثرها في الوزارة، وكان على مستوى جيد من اللغة العربية والأنكليزية وفي غاية الأدب والثقافة، ونقل الى واشنطن، وبعد صدور أمر نقله الى المركز طلب حق اللجوء السياسي وبقي في الولايات المتحدة، وعاد الى الوزارة بعد الغزو بدرجة سفير. وكان معه ايضا احد رجال المخابرات بدرجة سكرتير أول ونقل ايضا الى واشنطن، وطلب حق اللجوء ولم يعد الى العراق بعد الغزو. كما نقلت خدمات بعض عناصر المخابرات الى الوزارة، وكانت درجاتهم الوظيفية لا تتعدى (سكرتير ثالث) في عهد الوزير محمد سعيد الصحاف، ولكن في زمن الوزير ناجي الحديثي تغيرت الأمور فقد فسح المجال لرجال المخابرات بالتغول في الوزارة وبدرجات كادر متقدم (من سكرتير أول الى وزير مفوض) ومنهم السيد محمد الدوري معاون رئيس الدائرة الإدارية التي كان يرأسها السفير محمد أمين. وهذا ما يقال عن العمل في السفارات، فقد حول ناجي الحديثي الوزارة الى ثكنة عسكرية ملغومة بعناصر المخابرات. وفي الوقت الذي كان يشكو من تعامل الوزارة ـ عندما كان سفيرا في فيينا ـ من شدة تعامل الوزارة مع السفراء، فقد قلب ظهر المجن، وجعل رؤساء الوحدات الإدارية ( الحسابات والتدقيق) يتجاوزون على السفراء بحق وبدون حق.
لم يكن في الوزارة الا ثلاثة سفراء من الجنسيات العربية (أسعد الغوثاني/ فلسطيني مسؤول عن الشؤون الفلسطينية) و(زهير البيرقدار/ سوري مسؤول رئيس الدائرة السياسية الثانية وبعدها الثالثة) و(عبدو الديري، سوري معارض لنظام حافظ الأسد) مع سكرتير ثالث (... الحناوي)، وبعد تعريق الوزارة أحيل هؤلاء على التقاعد. فقد حُصرت الوزارة على العراقيين فقط، ومن هم بدرجة لا تقل عن نصير في حزب البعث، ومن الطبيعي ان تكون الوزاة ممثلة أو واجهة للحزب الذي يقود البلد، فمن غير المنطق ان يكون فيها من هم أعداء الحزب ويخالفون توجيهاته، علما ان الكثير من قادة الوزارة كانوا مستقلين مثل وكيلا الوزارة وسام الزهاوي ورياض القيسي، وروساء الدوائر مثل السادة سعيد الموسوي وغسان محسن واكرم الوتري وفاروق زيادة ومحمد العاملي وقصي مهدي وبسام كبة ووهبي القره غلي ووداد عجام وغيرهم فلم يكونوا من البعثيين، ولم يتم إبعادهم من الوزارة، بل شغلوا مناصبا قيادية مهمة.
واود ان أبين للسيد الكاتب ان القبول في معهد الخدمة كان يتم وفق ضوابط صارمة جدا، فمعدل النجاح في اللغتين العربية والأنكليزية 80% ومن يفشل فيهما يحال الى السلك الإداري، بل ان الدبلوماسين من درجة ملحق الى سكرتير ثاني إذا فشلوا في إمتحات الترقية (أي الى درجة أعلى) يحولوا الى إداريين، ولا يعودوا الى السلك الدبلوماسي إلا إذا اجتازا امتحان اللغة ولمحاولتين فقط. وكانت الترقيات تتم وفق جداول زمنية ما بين 3 ـ 4 سنوات واكثر. ومن سكرتير اول الى مستشار يقتصر الترقية على تقديم بحث، يكون بمستوى أقل من الماجستير حيث يناقش من قبل لجنة وزارية مع كادر مختص بالبحث من خارج الوزارة (استاذ جامعي).
اما القبول في معهد الخدمة الخارجية، ربما لا تعرف ضوابطه سيد هادي عليوي، وهاك هذا المثال، في معهد الخدمة الخارجية الدورة (13) تم ترشيح الأوائل من الكليات العراقية (الاقتصاد، السياسة، القانون، اللغات الاجنبية) للعام 1979 ـ 1980ـ 1981 وكان عدد المرشحين (300) من ضمنهم حملة شهادة الماجستير، وبعد التصفية الأولى من خلال إمتحان اولي، لم يتجاوز الناجحون سوى (30) طالبا للقبول في المعهد، وكان منهم (5) من حملة الماجستير الذين رفضوا الإستمرار بالدورة، لأن درجتهم الدبلوماسية ستكون نفس درجة حملة البكالوريوس، المهم بقي في الدورة الطلاب الآتية اسمائهم من مجموع اوائل الكليات العراقية مع ثلاثة موظفين اداريين قدامى في الوزارة، اثنان منهم شيعة (لؤي حقي وشخص اسمه يكنى ابو ايهاب) والأخر من أهل السنة (اسماعيل المشهداني).
1. السيد فارس شاكر. مسيحي من البصرة.
2. غالب فاضل. شيعي من اهالي بغداد.
3. السيد يونس سرحان. شيعي من أهالي بغداد.
4. السيد مجيد عريبي شيعي من أهل الناصرية.
5. السيد علي سعود. شيعي من اهالي بغداد.
6. السيد حسين عبد باقر. شيعي من أهالي ميسان.استشهد في تفجير الوزارة.
7. الآنسة انتصار عباس. شيعية من أهالي بغداد.
8. السيد مظفر زيدان المالكي. شيعي من اهالي الكوت.
9. السيد احمد خليل العاني. سني من اهالي بغداد.
10. السيد رعد غثوان. سني من اهل بغداد الأطراف.
11. السيد شاكر العزاوي. سني من اهالي بغداد.
12. السيد وجيه ذاكر. سني من أهالي الفلوجة. استشهد في تفجير الوزارة.
13. السيد ابراهيم الجبوري. سني من أهل صلاح الدين.
هل هؤلاء الدبلوماسيون من أحباب واقارب الرئيس صدام حسين أو أي مسؤول عراقي؟
انظر سيد عليوي الى توزيعهم الديني والمذهبي والمناطقي، وطريقة قبولهم في وزارة الخارجية، لقد كانوا من اوائل خريجي الكليات ذات العلاقة بالعمل الدبلوماسي، وليس خريجو الطب البيطري والبايوبوجي والصيدلة وطب الأسنان ومهن أخرى كحارس كراج وصانع مخللات مع احترامنا للمهن كافة، وممن تفضلت بذكرهم في مقالك. وهذا ما يقال عن الدورات اللاحقة، كان فيهم قلة من ابناء المسؤولين مثل اسيل سمير عزيز النجم، ومحمد الدوري (اخو صابر الدوري) وجميعهم على درجة عالية من الخلق والتواضع والكفائة وإتقان لغات أجنبية، والبقية من شرائح المجتمع العراقي فيهم اكراد مثل السيدة جوان توفيق وشيعة وسنة ومسيحين وهكذا وجميعهم متميزون في كفائتهم الوظيفية وإتقان اللغات الأجنبية.
كان مدة الدراسة في معهد الخدمة الخارجية لا تقل عن سنتين دراسيتين بتفرغ تام، لكن عندما تولى الوزير هوشيار الزيباري المسؤولية كانت مدة الدورة في معهد الخدمة الخارجية شهرين فقط، منح خلالها درجة سكرتير ثالث لبعضهم، اي شهرين دراسة في وزارة الزيباري تعادل ما يقارب الست سنوات دراسة وخدمة وظيفية في عهد وزراء النظام السابق، ناهيك عن توزيع الدرجات الدبلوماسية العالية على من هب ودب، ومنهم متهمات بقضايا أخلاقية. وجاء الجعفري لينحر الوزارة من الوريد الى الوريد فطبق فيها نظام المحاصصة الطائفية وبعد تقاعد الموظفين القدامى، اليوم الوزارة محصورة بين الكرد والشيعة، وليس للسنة سوى فتات لا قيمة له.
هناك طرائف حول أهلية بعض الطلاب الذين قبلوا في دورة التأهيل الدبلوماسي خلال وزارة هوشيار الزيباري ، كانت (سيدة اجنبية) تدرسهم اللغة الانكليزية،و كان احد طلاب المعهد خلال شهرين يدعوها (مستر وليس مسز)، وآخر بدرجة سكرتير ثالث اشتكى للوزير زيباري بأن بعض اقرانه منحوا درجة ملحق وغبنوه بدرجة سكرتير ثالث، فهو لا يعرف ان درجته أعلى من الملحق!!!
وقد كتب عن هذه المفارقات احد الدبلوماسيين في مقال مهم بعنوان (حَمِل دبلوماسي خارج رحم وزارة الخارجية) يمكن الرجوع اليه. لقد استكردت الوزارة في عهد هوشيار، بحيث قام سفيره الكردي في السويد برفع خارطة العراق، ووضع خارطة كردستان على جدار السفارة!! وقام سفير العراق في رومانيا بعزاء حسيني تخلله لطم وقراءات باسم الكربلائي في بيت سكن السفير، وأرسل السفير العراقي في اليونان القنصل ممثلا عنه لحضور مراسيم عاشوراء باكستانية في أثينا فيها لطم وضرب زناجير واهداهم مبلغ من نثرية السفارة ولوحة غالية الثمن لتزيين القاعة!! علاوة على عمليات تهريب خمور وسكاير من قبل دبلوماسيين سبق ان أشار اليها الزميل رياض السندي، وتحرشات واعتداءات جنسية نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي. واعتداء ابناء سفراء على مواطنيين محليين وغيرها من الموبقات.
والكلام كثير وربما نتحدث عنه مستقبلا بتفصيل اكثر، علما ان المعلومات الواردة قدمها لنا دبلوماسي عراقي من كوادر الوزارة العليا. وتأكدنا من مصداقيتها من قبل دبلوماسيين أحيلوا على التقاعد مؤخرا.
وهذا الحديث موجه ايضا لمن يصف النظام السابق بأنه طائفي، نسأل اين الطائفية في أهم وزارة سيادية؟
وماذا تسمون حالة الوزارة الحالية الرثة، هل الوزارة نزيهة وتعج بالكفاءات وخارج المحاصصة الطائفية ام انها طائفية وعنصرية لحد النخاع ومليئة بالواسطات وعدم الكفاءات؟ حكم عقلك وأجب!
مراقب سياسي

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1361 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع